بوابة الحركات الاسلامية : انقسامات الإخوان وخطورتها.. قراءة تحليلية (طباعة)
انقسامات الإخوان وخطورتها.. قراءة تحليلية
آخر تحديث: الأربعاء 16/09/2020 02:12 ص
حسام الحداد حسام الحداد
بعد القبض على القائم بأعمال مرشد الإخوان محمود عزت 28 أغسطس 2020، وإلى الأن يرتفع الحديث حول انقسام الجماعة من العاملين في حقل الإسلام السياسي والمتابعين لجماعة الإخوان، وتظهر على السطح عدد من التسريبات لبعض قيادات الجماعة أو جيل الوسط يقدمون اتهامات للجيل الأكبر خصوصا مكتب لندن الذي يمتلك مقاليد الثروة ومفتاح التمويلات الاستراتيجية، والمؤسسة الاقتصادية الكبرى التابعة للتنظيم الدولي للجماعة.
وفي هذا السياق وصف الزميل كامل كامل المسئول عن ملف الحركات الإرهابية بصحيفة "اليوم السابع"، الانقسامات التى تشهدها جماعة الإخوان، بالموجة الأكبر فى تاريخ الجماعة منذ تأسيسها عام 1928.
وقال "كامل" خلال مداخلة هاتفية لقناة اكسترا نيوز 15 سبتمبر 2020: " هناك موجة جديدة من الانقسامات داخل تنظيم الإخوان الإرهابى تعد الأكبر فى تاريخ الجماعة الإرهابية، إذ أقبل عدد كبير من قواعد الجماعة على عزل محمود حسين الأمين العام للجماعة، الهارب خارج البلاد والمسيطر الأكبر على أموال الجماعة وجميع التمويلات".
وقد تداول عدد من شباب التنظيم مجموعة من القرارات والإجراءات التى تم اتخاذها مؤخرها داخل التنظيم الإرهابى، ممثلة فى إلغاء منصب الأمين العام الذى يشغله محمود حسين المتهم الرئيسى فى تخريب الجماعة، واختيار حلمى الجزار لاختيار لجنة لمواجهة الانشقاقات التى تضرب التنظيم.
 إلا أن الواقع يقول أن هذا القرار وهذا الانقسام الذي يتحدث عنه الزميل في اليوم السابع قديم جدا يعود إلى حالة التصعيد بين الحمائم والصقور داخل الجماعة ويرجع تاريخه إلى نهاية أبريل 2015، إذ شهدت الجماعة انقساما حقيقيا ومكتبين للإرشاد بعد ما ادعاه شباب الجماعة بتنظيم انتخابات في فبراير 2014، طالت محمود حسين والقيادات التاريخية، إلا أن هذا الانقسام تم احتوائه كغيره من الانقسامات او الخلافات التي تمر بها الجماعة.
ورغم أن هذا القرار الخاص بمحمود حسين قد اتخذته جبهة الشباب منذ فترة ورفضت مجموعة لندن قرارات الشباب، إلا أنه هناك أصوات حاليا تقول أن التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية يؤيد حاليا بقوة قرار عزل محمود حسين، ويتبنى هذا الموقف إبراهيم منير، بينما يرفض تنفيذه محمود حسين ويتمرد عليه.
وبدوره توقع طارق البشبيشى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، أن تتزايد الانقسامات والانشقاقات داخل التنظيم، مشيرا إلى أن عزل محمود حسين ضربة موجعة للجماعة، وتكشف حجم الأزمات التى تواجه الجماعة الإرهابية، مؤكدا أن فشل المنظومة الإعلامية وتزايد الانقسامات وراء عزل "حسين".
وكما أن أهل مكة أدرى بشعابها فكنا نعتقد أن طارق البشبيشي سوف يقدم لنا تحليلا أكثر جرأة من المتداول في الصحف وقنوات التوك شو، حيث الجميع يؤكد على انقسام الجماعة وربما تحللها وان هذا الانقسام بعد القبض على محمود عزت يعد ضربة قاضية على الجماعة ومع الاحترام الكامل لكل الخبراء المتحدثين في هذا الشأن هناك ملامح او نقاط أساسية لابد من الانتباه لها:
1- بعد وفاة قيادي من إخوان الدم أو القبض عليه ترتفع الأصوات عالية بوجود انشقاق وانقسام داخل جماعة الاخوان، هذا حدث مع وفاة محمد مرسي، القبض على بديع، والقبض على محمود عزت.. إلخ وتتناسى هذه الأصوات دائما أنه في أي تنظيم اجتماعي سياسيا كان أو دينيا هناك أطماع في القيادة، خصوصا لو كان تنظيما يمتلك رؤوس أموال عابرة للقارات ويتلقى تمويلات من اجهزة استخبارات عالمية، فلابد ان يحدث صراع حول من يتولى قيادة هذا التنظيم، وأن هذا الصراع يؤكد على صحة التنظيم وليس مرضه، فالحالة التي ينتهى فيها الصراع حول القيادة في تنظيم بهذا الحجم تأكد من وفاته.
2- منذ يونيو 2013، وحتى الأن يؤكد خبراء الجماعات الإسلامية وفاة جماعة الإخوان الاكلينيكي، مستندين على حالة السكون الأخيرة بداية من 2017، وحتى الأن متناسين أن الجماعة قد مرت بفترة سكون أطول من هذه من 1964 إلى 1974، حينما أخرجهم السادات من السجون وسمح لهم بالعمل السياسي، وهنا لابد من وقفة وهي أن الجماعة لابد أن تعمل تحت غطاء حكومي، ربما تكون معرضة لبعض آليات هذه الحكومة أو تلك ولكنها لا تستطيع العمل دون هذا الغطاء وهذا ما ثبت عمليا في عام حكمهم، فلم يستطيعوا قيادة الدولة أو تقديم ولو بعض المؤشرات على قدرتهم للقيادة، وهذا ان دل انما يدل على تميز الإخوان في أن يكونوا الصف الثاني تابعين للنظام في الإطار العام ومعارضين لبعض تفاصيله، وأنهم فاشلين جدا في القيادة.
3- أن الخلاف او ما يسميه البعض انقسام الجماعة هو موجود بالفعل ليس الأن ولا بداية من 2013، بل هو يعود إلى ما قبل 1965، وهو الخلاف الأكبر أو الانشقاق الأكبر في قلب الجماعة بين القطبيين (أتباع سيد قطب) ومنهم مكتب الإرشاد الحالي، والبنائين (أتباع حسن البنا)، الصقور والحمائم، وأن هذا الخلاف يظهر دائما وقت الأزمات وبمجرد أن يحتوي الخلاف من يملكون رؤوس الأموال وفاتيح التمويلات هذا الخلاف تسير الجماعة في الخط المتفق عليه.
4- لن تسمح أجهزة الاستخبارات العالمية التي تعمل الجماعة تحت مظلتها بحدوث انقسامات تضرب الجماعة من الأساس أو تؤدي لوفاتها، لأنها تعدها لاعب أساسي في تحريك شعوب المنطقة ضد حكوماتهم.
5- هناك عدد كبير من القواعد الإخوانية والخلايا النائمة في المصالح الحكومية وغيرها بين عامة الشعب المصري لا يتأثرون كثيرا بهذا الخلاف أو الانقسام وسوف يظلون في حالة الثبات هذه إلى أن تصدرلهم الأوامر بالتحرك وساعتها لابد أن تكون الدولة مستعدة إن لم تستطع تغيير مواقف هذه الخلايا أو قواعد الجماعة، أو على أقل تقدير تحييدها.
6- يتناسى عدد كبير من الباحثين أن كل خلاف يحدث بين الشباب وقيادات الجماعة التاريخية تقوم الجماعة بتكوين مكاتب نوعية لهذه المجموعات من الشباب تكون مسئولية هذه المكاتب تنفيذ العمليات الإرهابية، تلك المكاتب التي كان مسؤول عنها محمد كمال والذي قتل في اكتوبر 2016، وتولى محمود عزت المقبوض عليه الأن قيادتها، والسؤال هنا بعدما تستفز القيادات التاريخية الشباب لاظهار سخطهم على الجماعة والدولة من الذي سوف يقوم بتنظيمهم في مكاتب نوعية؟ 
7- هذا هو السؤال الأهم، لأن محمود حسين باق في موقعه هو وابراهيم منير ومكتب لندن، على الباحثين إذا والمؤسسة الأمنية النظر للأمام ومعرفة او على الأقل وضع مجموعة من الاحتمالات عن الشخصية التي سوف يسند إليها ادارة المكاتب النوعية، وشروط هذه الشخصية على النحو التالي:
- أن تكون هذه الشخصية من جيل الوسط
- أن تكون من أهل الثقة لمكتب الإرشاد ومجلس شورى الإخوان الحالي
- أن تكون منتمية لمنهج سيد قطب ومؤمنة بالتغيير بالقوة 
- أن تكون بعيدة عن المؤسسة الأمنية أو مجهولة لها 
وعند الإجابة عن هذا السؤال لابد من التحرك جديا سواء من الباحثين أو من المؤسسة الأمنية لعرقلة تكوين مثل هذه المكاتب النوعية التي عادة ما تتكون من خلايا نائمة ليس لها ملفات أمنية وغير معروفة لأجهزة الأمن.
أما عن انقسام الجماعة فلو حدث فعلا سوف نجد عدد لا بأس به من الحركات الإرهابية المنتشرة جغرافيا في معظم أنحاء البلاد لأن هذا الانقسام ان حدث سيكون بمثابة حرق الأرض للجماعة التي تتكون في الأساس على مبدء السيطرة على الحكم، وأخيرا هذه أهم النقاط حول ما يتردد من انقسام جماعة الإخوان، والتي نتمنى أن لا تكون صحيحة في مجملها أو بعض منها.