بوابة الحركات الاسلامية : الخلايا التكفيرية النائمة في ربوع الثقافة المصرية (1) (طباعة)
الخلايا التكفيرية النائمة في ربوع الثقافة المصرية (1)
آخر تحديث: الأحد 22/11/2020 03:39 م حسام الحداد
الخلايا التكفيرية
بداية لا بد من الاعتراف بأن جماعة الإخوان تم كشفهم في معظم مفاصل الدولة، وكشف مخططهم للتمكين، إلا أنه هناك بعض الخلايا النائمة التي لم يتم كشفها حتى الأن خصوصا في مؤسستين من أهم مؤسسات الدولة أولهما التعليم بشقيه الديني والمدني، وثانيهما الثقافة بتفرعاتها سواء كان مؤسسية أو تابعة للمجتمع المدني.
ومن بين المؤسسات التي تحتوي بين جنباتها خلايا نائمة معادية لفكرة الدولة والوطن رغم استخدامهم منهج "التقية"، ويهاجمون الجماعات الإرهابية والمتطرفة على اعتبار أنهم مع الدولة المصرية ومواطنيها، إلا أن كتاباتهم تفضحهم وتكشف تهافت ادعائهم.
نجد هؤلاء منتشرون ولهم فضائيات وبالتالي تمولهم جماعات ودول، حيث أنهم لا يملكون كأشخاص ما يبثون به قناة لمدة 24 ساعة والتي تتكلف على الأقل في الشهر الملايين، ولو كان الأمر سهلا لامتلك كل رجل أعمال قناة خاصة به.
من بين هؤلاء محمد جاد الزغبي دائم الحضور على قناة "الصفا" السلفية ومن بعدها قناة "الأئمة"، مع الإعلامي محمد صابر، الذي هو دائم الهجوم على الرموز الإعلامية والصحفية، وبرامجه التي لا تستند بحال لميثاق الشرف الإعلامي.
صدر لمحمد جاد الزغبي كتاب "شرح تلبيس إبليس لابن الجوزي" الجزء الأول "المعتزلة والشيعة" في 2010، عن وكالة العز للدعاية والإعلان، ذلك الكتاب الذي سوف نتناوله في أكثر من مقالة لكشف ما فيه من دعاية وتحريض ضد مفهوم الدولة والمواطنة وعدم اعتراف بالدولة المصرية وتكفير مواطنيها.
يقول محمد جاد الزغبي في ص 53: "وتركز دور العصرانيين العرب في ترديد نغمات المعتزلة التي اهتزت أوتارها قديما بتلك المبادئ ومنها:
* إعادة التشكيك في تراث الأمة لا سيما الأحاديث النبوية قطعية الثبوت والدلالة والتفاسير المأثورة الثابتة سندا عن الصحابة والتابعين في آيات المحكم والمتشابه، وهم بذلك ضربوا في أغلى ما امتلكته الأمة من علوم حيث أن الحضارة الإسلامية تفردت بين سائر الأمم السابقة بعلم الإسناد والتحقيق ونقد المتون على نحو أوصل إلينا التراث وليس فيه شبهة.
وتعليقا بسيطا هنا حيث يعتبر "مناقشة التراث" تشكيكا، وسؤاله نقضا له وليس نقدا، وأن الأحاديث "قطعية الدلالة والثبوت" رغم أن أصغر طالب في أي معهد أزهري يعلم جيدا أن الأحاديث ظنية الدلالة والثبوت، والقرآن وحده قطعي الثبوت، وأنه بذلك يمهد الرأي العام لحالة من العداء مع من يحاول مجرد محاولة لمناقشة أو مسائلة هذا التراث.
ويستمر الزغبي قائلا: "الدعوة لإعادة النظر في التراث الفقهي وٕانكار الأحكام التي عليها مدار الإجماع بين علماء الأمة في شتى العصور تحت زعم فتح باب الاجتهاد والتجديد، ومن ذلك النداء بإنكار الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية في المعاملات والعقوبات ، وٕانكار الحدود والدعوة لاستيراد النظم الوضعية الغربية كاملة بما فيها أحقية الأمة في التشريع ولو خلافا لما أنزل الله !"
يؤكد هنا أنه ضد أي دعوة لإعادة النظر في التراث الفقهي، رغم أن هذا التراث منتج بشري باعتراف المؤسسة الدينية ومن حقنا مناقشته ومراجعته، لكنه هنا لا يعترف بتلك المؤسسة الدينية ويتبنى موقف جماعات الإسلام السياسي بأن هذا التراث الفقهي كله مقدس ولا يجوز المساس به مع عدم النظر إلى تاريخية وسياقية هذا التراث، فالأزهر الشريف مثلا لا يعتمد كثيرا من كتب التراث ولنا في كتابات ابن تيمية مثال، أما النقطة الثانية في هذا الاقتباس الدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية وخاصة الحدود وعدم الاعتراف بالقانون الوضعي الذي تلتزم به أكبر مؤسسة دينية سنية في العالم "الأزهر الشريف"، فهو لا يعترف بأحقية الأمة في التشريع مطالبا بمبدأ الحاكمية تأكيدا لمقولة سيد قطب المرجع الرئيس لمعظم الجماعات الإرهابية في العالم، ومن قبله أبو الأعلى المودودي.
ويستطرد الزغبي في كتابه قائلا: "الدعوة المألوفة لتحرير العقل وتحرير المرأة ومطابقة المشروعات العلمانية في هذا الجانب وتعمد الإقلال والاستهانة بثوابت الفقه والشريعة في تلك الأحكام"، فلا نعرف حقيقة أي استهانة بثوابت الفقه والشريعة في الدعوة لحرية العقل أو حرية المرأة، أليس هذا الشرع هو نفسه الذي يستند على القرآن الكريم الذي به من الآيات الكثيرة التي تدعو للتفكر والتدبر واعمال العقل وحريته، وقيد أحكامه على العاقل الواعي الرشيد، وهل القرآن الكريم وقف حائلا ضد حرية المرأة وتكريمها وقد ساوى الله عز وجل في كتابه وأحكامه في الحقوق والواجبات والتكليفات بين الرجل والمرأة، ألم يقل الله عز وجل في محكم كتابه "كل نفس بما كسبت رهينة" أليست هذه قمة العدل والمساواة، أم أن الأستاذ الزغبي نزل عليه قرآن جديد غير الذي في صدورنا وأيدينا؟