بوابة الحركات الاسلامية : دعاة عصر السادات .. البحث عن جذور التشدد (طباعة)
دعاة عصر السادات .. البحث عن جذور التشدد
آخر تحديث: الخميس 31/12/2020 05:12 ص روبير الفارس
دعاة عصر السادات
صدر مؤخرا للكاتب الصحفي والباحث وائل لطفي كتابا جديدا بعنوان " دعاة عصر السادات" وكان وائل قد سبق وحلل ظاهرة الدعاة الجدد في كتاب صار وثيقة دق خلاله جرس انذار مبكر  .ليعود في كتابة الجديد ويقدم جذور هولاء الدعاة في فترة السبعينات ويقول وائل لطفي في مقدمة كتابه 
ماذا كان يمكن ان يكون شكل الحياة في مصر لو لم يتخذ الرئيس السادات قراره بإعادة احياء جماعة الاخوان المسلمين ؟وما هو تأثير الدعاة الشعبيين المنتمين لأفكار الجماعة في نشر افكارها لدي المواطن العادي ؟ محاولة الاجابة علي هذين السؤالين هي محور هذا الكتاب الذي رحلت فيه الي السبعينات محاولا تفهم ورصد الظروف التي اتخذ فيها الرئيس السادات قراره بإحياء جماعة الاخوان المسلمين وتأسيس الجماعات الدينية في جامعات مصر المختلفة وتأثير ذلك علي المشهد الديني والسياسي في نهاية السبعينات والتي انتهت بالنهاية المأسوية للرئيس السادات ،حين تم اغتياله علي يد منتمين للحركة الإسلامية التي كان هو من اطلقها ورعاها ...،بعد هذا الفصل التأسيسي ينطلق الكتاب ليدرس دعاة السبعينات الذين أعادوا صياغة وعي الشعب المصري تجاه مختلف القضايا ،وامتد تأثيرهم حتي اللحظة الراهنة ،لقد كان هؤلاء هم الرعيل الاول للدعاة الجماهيريين الذين عرفتهم مصر في الألفية الثانية وعرفوا باسم (الدعاة الجدد )..لقد كانت كلمة السر التي حولتهم الي دعاة مؤثرين هي وسائل الاعلام الحديثة ،فلولا التلفزيون لما كان للشيخ محمد متولي الشعراوي كل هذا الذيوع والتأثير ،ولولا اختراع الكاسيت لما أمكن لخطب الشيخ الساخر عبد الحميد كشك ان تطوف الوطن العربي كله من المحيط الي
. الخليج وان تبقي حية حتي اليوم
يقارن الكتاب بين ظهور الشيخ الشعراوي وبين ظهور الواعظ الامريكي الشهير (بيلي جراهام )ويرصد الدور الذي لعبه الاعلام في مساندة كليهما ،كما يرصد دور كلا منهما في محاربة الافكار الشيوعية في بلده ..كما يدرس مواقف الشيخ المختلفة وتقاطعاته مع افكار الاخوان المسلمين ...يرصد الكتاب أيضا الدور الذي لعبة الدعاة المنتمون لجماعة الاخوان المسلمين مثل محمد الغزالي والسيد سابق في دعم انتشار الاخوان في السبعينات ..،وكيف عاد الغزالي مرة اخري الي احضان الجماعة بعد ان فارقها في بداية الخمسينات منحازا لثورة يوليو وممثلا لجناحها الديني ...يرصد الكتاب أيضا حياة تتسم بالغموض للداعية ابراهيم عزت ..الذي خرج من الاخوان المسلمين ليؤسس جماعة التبليغ والدعوة في مصر ويتماس مع تنظيم الجهاد الذي اغتال أعضاءه الرئيس السادات ..مما يؤدي في النهاية لمنعه من الخطابة ثم وفاته بصورة مفاجئة وغامضة ..يدرس الكتاب أيضا تاثير شيخ الازهر عبد الحليم محمود الذي لعب دورا سياسيا مباشرا في احياء التيار الاسلامي والتصدي للشيوعية وتقاطع مع جماعة الاخوان في الكثير من المواقف ..ولا يفوتني في النهاية ان أتوقف امام الشيخ المحلاوي ..الداعية الذي دخل التاريخ عندما فقد الرئيس السادات أعصابه ووصفه ب(الكلب )في خطاب رسمي القاه فيل اغتياله بشهر واحد ..متسائلا عن القوة التي كان يحظى ي بها المحلاوي والتي دفعته لتحدي الرئيس السادات والقرارات الرسمية بإيقافه اكثر من مرة ..مما دفع الأجهزة الرسمية في النهاية لاتخاذ قرار باعتقاله ..ولعل الأهم من نلك التفاصيل المتعلقة بكل داعية من دعاة عصر السادات ذلك التأثير الذي تركه كل منهم في وعي المصريين ، حيث  كانوا بداية عملية متصلة من التديين للمجتمع المصري أدت في النهاية لوصول جماعة الاخوان الي قمة السلطة في مصر ،ثم إزاحتها من خلال ثورة ٣٠يونيو التي يمكن القول انها بدأت مرحلة جديدة من السياسات الدينية لم تتضح كامل ملامحها بعد ..(دعاة عصر السادات )..هو رحلة مثيرة للبحث في الجذور ..تحاول الاجابة علي السؤال ..كيف ولماذا وصلنا الي ما وصلنا اليه
ومن أجواء الكتاب حول الشيخ الشعراوي كتب  وائل لطفي يقول 
كان الشيخ الشعراوي هو أول الدعاة الجدد الذين عرفتهم مصر،  كان إخوانيًا باعترافه هو شخصيا منذ أن كان عمره 19 عاما ، حيث يسهر يوميا مع الشيخ حسن البنا، ويكتب بيان التأسيس الثاني للجماعة بعد انتقالها لمصر عام 1937..
طبعًا بعد ذلك قال أنه اختلف مع البنا، وذلك  عندما حدث خلاف بينه ومصطفى النحاس باشا، لذلك يمكننا أن نقول أن الشعراوي كان "وفدى إخواني"، وذلك لأن الإخوان في البداية لم تكن تقدم نفسها كفصيل سياسي منفصل وإنما كفكر يستطيع اعتناقه صاحب أي انتماء حزبي،  لذلك اختار الشعراوي الوفد، لكنه ظل مثأثرًا بالفكر الإخواني، وقال: "الإخوان واحة وأن سيد قطب شجرة وارفة الظلال".
لكن ليس لدينا أي دليل على أن الشعراوي كان عضوًا تنظيميًا في جماعة الإخوان
كل الدعاة لم يكونوا أعضاء تنظيمين، ولكنهم معتنقين للفكر ونقلوا إحساس للمجتمع أن الحياة التي يحياها ليست الحياة القويمة التي يريدها الله.. لذلك يمكننا القول أنه كان متفق مع أهداف الجماعة ومختلف على طريقة تنفيذها فقط..
وعلى الورق كان الشعراوي أشعري لأنه أزهري، وليس سلفي مثل  ياسر برهامي، ولكن لا شك أنه أقرب الأزهريين للفكر السلفي المحافظ، وكان يمتلك خلطة خاصة به ولا يمكن أن نختلف على أنه كان موهوب في طريقة عرضه لأفكاره بزيه البسيط وطاقيته المختلفة وأسلوبه الذي يعتمد على مشاركة الناس، وهي أشياء اكتسبها من الصوفية والفكر الريفي المحافظ والسلفي، إضافة لتأثره بسنين طويلة قضاها في السعودية، وهذا سر تأثيره في المصريين، حتى أن عدد كبير من مريديه يعتقد في كراماته وقدرة على اكتشاف ما في نفوسهم.
وماذا عن دوره السياسي في صفقة الإسلاميين مع الدولة؟ 
بحكم تكوينه السياسي والثقافي كان الشعراوي  خير من يحمل راية العداء للستينيات ولثورة يوليو وللارتباط بالاتحاد السوفيتي.. ولم تكن السياسات المتبعة في السبعينيات تحتاج لأكثر من هذا..
لو افترضنا أنه كان هناك بحث عن داعية يشوه كل ما جرى في الخمسينات والستينات ويؤهل المصريين إلى انتقال آخر فهو " الشعراوى" بلا نقاش.. كما أن سيرته تؤكد كرهه الشديد لعبد الناصر، رغم أنه رثاه كنوع من أنواع المجاملة الاجتماعية.
وبالرجوع لانتمائه السياسي الذي وصفته بـ "الوفدي الإخواني" فهما أكثر تيارين كرهوا عبدالناصر وفترته،  كما أنه كان رئيس اتحاد الطلاب في المعهد الأزهري بطنطا وتم اعتقاله  لمدة شهر بتهمة العيب في الذات الملكية، أو هكذا تقول أسرته.
وهو شخصيًا يروي كيف كان أول إحباطاته حين تخيل أن الثورة سوف تعيد النحاس باشا لكرسي رئاسة الوزراء، وذهابه لاستقباله في المطار بعد عودته من سويسرا عقب قيام الثورة مع وفد من زعماء الطلاب، ليصارحه السياسي المحنك بحقيقة أن الوفد لن يعود للسلطة مرة أخرى، ما جعله يشعر بالإحباط وقرر ترك مصر ، وبالفعل رحل عن مصر عام 52 وهو مستاء جدا من الوضع السياسي الذي تسببت فيه الثورة.
أطلقت علي سفر  الشعراوي إلى السعودية الـ"هروب من نظام عبدالناصر".. بينما ينظر آخرين إلى الأمر على أنه مجرد بعثة طبيعية حتى لو أنه كان مستاء مما  حدث..
يروي الشعراوي لرجب البنا أن الله أرسل له فرصة عمل في البعثة الأزهرية للسعودية لمدة عشر سنوات كاملة من ١٩٥٢ حتى ١٩٦٢، وعندما عادت البعثة لظروف سياسية، لم يستطع الشيخ الشعراوي أن يبقى في مصر كثيرا فسافر مع بعثة الأزهر للجزائر عام ١٩٦٣..
 وعندما توفي الرئيس عبد الناصر الذي كان قد أصدر أوامره للبعثة الأزهرية بالعودة من السعودية، عقب خلاف سياسي، لم يصبح هناك ما يمنع من أن يعود الشيخ الشعراوي إلى البلاد التي يحبها مرة أخرى ليعمل في السعودية حتى عودته إلى مصر، كما أنه أشار إلى المغزى من غربته الطويلة بعد قيام ثورة يوليو قائلا: "ربنا رحمني من القرف".
وعاد للسعودية مرة أخرى إلى مصر  عام 74 وتم اكتشافه من قبل أحمد فراج ، وبالمناسبة لم يكن (فرج) مذيع عادى فهو خريج سياسة واقتصاد وضمن شلة من الشخصيات الهامة في الدولة المصرية منها على الدين هلال ومصطفى الفقي، وكان إخوانيا من ضمن العناصر التي تعمل في الدولة المصرية ويتم تقديمه كنجم.