بوابة الحركات الاسلامية : كيف ترى داعش الإخوان، هل هناك فرق بينهما؟ (طباعة)
كيف ترى داعش الإخوان، هل هناك فرق بينهما؟
آخر تحديث: الثلاثاء 27/07/2021 05:10 م حسام الحداد
كيف ترى داعش الإخوان،
 تحت عنوان "تفكيك مصانع انتاج الإخوان" لماذا نحارب الإرهابيين ولا نحارب الإرهاب؟ يقدم لنا الكاتب الصحفي سعيد شعيب كتابه الجديد الذي يكمل به مسيرة طويلة في مواجهة الفكر المتطرف على مدار عقود طويلة من العمل الصحفي والذي يعد مدرسة حقيقية في اثارة المسكوت عنه لمواجهة هذا الفكر الظلامي والمتطرف ليس باللغة العربية وحدها بل أيضا بالإنجليزية ولأهمية الكتاب سوف نقوم بتقديم بعض من فصوله دون تدخل منا لاتاحة الفرصة للقرار للاشتباك معه ومناقشته هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لاستفادة القارئ والمامه بمواضيع الكتاب ليس نقلا عن، او تحليلا لنص بل الاستفادة من النص نفسه

تتهم داعش في مجلتها دابق الإخوان بأنهم منذ عام 1928 تغلغلوا في المجتمعات المسلمة في كل انحاء العالم، لينشروا ديناً اخر غير الإسلام.  هذا السرطان ( يقصد الإخوان ) تحالفوا مع الطواغيت والصليبيين في أفغانستان، والعراق، والجزائر، والفلبين، والصومال، واليمن، وتونس، وليبيا، وباكستان، وبنغلاديش، وأندونيسيا، وماليزيا، ومصر، وغيرها(1).   
 فلماذا هذا الإتهام الضخم للإخوان، لماذا تراهم داعش خارج الإسلام؟ وهل هو سبب ديني أم سياسي، هل هو خلاف علي الأهداف أم انه خلاف علي وسائل تحقيق الأهداف المشتركة؟ 
 الإتهام بتأييد  الخميني والشيعة 
 تؤمن داعش  أن الطائفـة الشيعية  تأسست على يد يهودي هو ابـن سـبأ، ومن وقتها وهي تحارب الإسلام. حتى أنهـا تحـالفت عدة مـرات مـع الـوثنيين والصـليبيين ضـد المسلمين. انهم طائفة  تعبد القبور وتكفر خيار المسلمين.  مع ذلك، حسب رأي داعش، فقد حرص حسن البنا على توحيد كلمة المسلمين .. وجمع الفرق الإسلامية.. ويحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد وديننا واحد ورسولنا(ص) واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا الغرض فضيلة الشيخ محمد القمّي أحد كبار علماء الشيعة وزعمائهم في المركز العام للجماعة (2). 
 كما ترى داعش ان تأييد الإخوان للخميني بعد الثورة الإيرانية جريمة. والسبب هو أن هذه ثورة رافضية (أي شيعية) وليست اسلامية، وهي " نفس الثورة التي تخوض حربًا على أبناء الأمة في سوريا، ولبنان، واليمن، وشبه الجزيرة العربية (3). 
فهل صحيح ان الإخوان يوالون الشيعة؟ 
 الإخوان برجماتيون يتحركون بانتهازية حسب المصلحة وتتغير تحالفاتهم، فهم مثلاً استقبلوا الرئىس الإيراني الأسبق احمدي نجادي بحفاوة شديدة اثناء حكمهم لمصر، ومع زلك قرروا خوض الحرب ضد ايران في سوريا.  وعلي موقعهم الرسمي يرون أن مشروع حزب الله السياسي  يتبع الحكم الشيعي في ايران، ويحمل مخاطر شديدة على الشيعة وعلى لبنان... لأنه "تذويب" كل الشيعة في "ولاية الفقيه"، والارتباط بالمحور السوري ـ الإيراني.             
 يضيف الموقع: ثمة خطر آخر يحمله مشروع "حزب الله" يتمثل بحرب مدمرة قد يجرها على لبنان ، لأن اللبنانيين لم يفوّضوا "حزب الله" ـ وهو حالة سياسية خاصة وسلاحه ذو طبيعة مذهبية ـ أن يقرر باسمهم ويأخذهم إلى الحرب ساعة أن يرى ذلك مناسباً. 
حزب الله في رأي الإخوان يمثل ايضاً خطراً علي شيعة العالم المنثورين في بحر سني كبير، إذا استُنسخت الفتنة المذهبية في العراق؟ وكيف عندها يمكن التمييز بين سلاح المقاومة وسلاح الفتنة وسلاح الطائفة وسلاح الإرهاب؟!(4).  
 الإخوان يقفون بالطبع ضد تحالف حزب الله مع بشار الأسد، ويحاربون ضدهم وضد حليفتهم ايران. فقد اطلق يوسف القرضاوي على الموقع الرسمي للإخوان  تحذيراته من خطر التمدد الشيعي بالمجتمعات السنية، باعتباره يمثل خطرا محدقا بهوية البلدان السنية، منتقداً بشدة تسارع الخطوات الإيرانية لتصدير ثورتها لبلدان المنطقة, مطالبا بالتصدي لهذا الخطر.
   ويفسر موقع الإخوان الرسمي سبب تأييدهم لثورة خوميني قائلاً: لقد أيدنا الثورة الإيرانية ضد الجبروت والاستبداد، غير أننا صدمنا عندما كشفت الثورة عن وجهها الطائفي ومساعيها للتمدد خارج الأراضي الإيرانية، والعمل علي تشييع السنة في البلدان المجاورة، مطـالبا إيران بالكف عن هذه المخططات إذا كانت تنشد علاقات طبيعية مع الدول العربية (5). 
 عندما حكم الإخوان مصر، شن الرئيس الأسبق محمد مرسي هجوماً عنيفاً ضد حزب الله، وقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد واغلق السفارة في القاهرة وفتح باب التطوع للمصريين ليسافروا للجهاد لإسقاط نظام بشار (6).
موالاة اليهود والنصاري: 
 تقول داعش : قال الله تعالى*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]. هذا هو حكمه تعالى على المسلمين الذين يتخذون اليهود والنصارى أولياء. كيف والحال أسوأ لمن يتخذ المرتدين أولياء، والمعلوم أنّ كفر المرتدين أشدّ من كفر اليهود والنصارى، كما أجمع السلف، وهذا موضّح في مسائل الجزية والزواج، ومسائل أخرى (7). 
 تنتقد داعش قول حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان: خصومتنا لليهود ليست دينية لأن القرآن الكريم حضّ على مصافاتهم ومصادقتهم، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقًا ... وحينما أراد القرآن أن يتناول مسألة اليهود تناولها من الوجهة الاقتصادية(8).  
 فهل ما يدعيه البنا صحيح: هل صحيح أن الإخوان يوالون اليهود واسرائيل؟
 غير صحيح، بالمرة، فعندما احتل بعضاً من اليهود فلسطين، اشترك الإخوان وغيرهم من القوى السياسية المصرية في الحرب ضدهم. الإخوان هم الوحيدين الذين ارتكبوا اعمالاً ارهابية ضد يهود مصريين، في  28 / 7 / 1948، تفجير محل داود عدس بشارع عماد الدين و سط القاهرة، ثم بنزايون ثم شركة اراضي الدلتا المصريه ثم محلات جاتنيو في حارة اليهود، فحارة اليهود ثانياً، شيكوريل.شركة الاعلانات الشرقية (9). أي انهم يخوضون حرباً ليس ضد اليهود الذين احتلوا فلسطين، ولكن ضد اليهود في كل زمان ومان. وصف الدكتور محمد مرسي الرئيس الأسبق لمصر وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، اليهود (لاحظ عموم اليهود) انهم احفاد القردة والخنازير (10). وذلك استنادا الى تفسيره لقول الله عز وجل في القرآن: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (المائدة – 60).  فهو يؤمن بأن اليهود كل اليهود الحاليين احفاد هؤلاء القردة والخنازير.    
 علي الموقع الرسمي للإخوان كتب د.عبد العزيز الرنتيسي احد مؤسسي حركة حماس الإخوانية يهاجم جهاز الموساد (المخابرات) باعتباره يهودي، ويؤكد أن اليهود ( ويسعون في الأرض فساداً )، وأنهم قتلوا الأنبياء وكذبوهم ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون).
 يضيف: وأعلم أنهم كذبوا على الله (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)، وأعلم أنهم قد حرفوا كلام الله (يحرفون الكلم عن مواضعه )، وأعلم أنهم ملعونون لأنهم عصاة ومعتدون (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)، فلا غرابة أن يقوموا بهذا الأسلوب الحقير ابتغاء تحقيق أهداف رخيصة(11). (بين الأقواس آيات قرآنية)
 اذن فالعداء ليس ضد الموساد ولا حتى ضد اسرائيل اليهودية، لكنه ضد عموم اليهود في أي مكان وأي زمان، منذ خاض سيدنا النبي محمد ( ص)  صراعاً سياسياً ضد بعض اليهود في الجزيرة العربية  منذ اكثر من 1400 عاماً.  
 علي موقع الإخوان ايضاً : عمل اليهود بوصفهم مستشرقين أوربيين، وبذلك كسبوا مرتين: كسبوا أولا فرض أنفسهم على الحركة الإستشراقية كلها، وكسبوا ثانية تحقيق أهدافهم من النيل من الإسلام وهي أهداف تلتقي مع أهداف غالبية النصارى “(12).   
 تحت عنوان "صراعنا مع اليهود" ( لاحظ اليهود كل اليهود)، يقول الكاتب:  قال الله في القرآن الكريم: "ولن ترضي عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم، مالك من الله من ولي ولا نصير" (البقرة:120)، ويقول سبحانه"وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب، إن ربك لسريع العقاب، وإنه لغفور رحيم" (الأعراف:167).
 ويضيف الكاتب: هذا هو قدرنا، وهذا هو قدرهم أن يستمر الصراع بيننا وبينهم حتى يأذن الله لنا بالنصر، هذا هو قدرنا أن جعلنا الله رأس الحرب في قلوب أبناء الأفاعي، وأن نسلط عليهم ونذيقهم سوء العذاب إلي يوم القيامة، وأن تكون أرضنا أرض فلسطين أرضا للرباط والجهاد في سبيل الله عز وجل، ومسرحا للشهادة والاستشهاد (13). 
 اذن فالصراع ليس ضد بعضاً من اليهود احتلوا فلسطين، لكنه ضد كل اليهود في كل مكان وفي كل الأزمان، إنه صراع ديني ازلي. عندما سألت محمد مهدي عاكف مرشد الإخوان الأسبق: ما هو موقفكم لو احتل فلسطين مسلمين؟ 
 انتفض غاضباً: ليس هناك مسلم يحتل بلاد مسلمين، هذا ليس احتلالاً. لذلك لا يمكنك وصف حكم العثمانين لمصر باعتباره احتلالاً .. هذا كلام الجهلاء(14).    
 فما معنى هذا؟ 
 معناه ان المشكلة هي ان من "يحتلون " فلسطين بعضاً من اليهود. ومعناه أنه لا توجد مشكلة لدى الإخوان عندما تحتل تركيا جزءً من سوريا هو لواء الأسكندرونه وتضمه اليها. ولا لديهم مشكلة عندما تحتل ايران جزر اماراتية، او تحتل منطقة عرب الأهواز، فهؤلاء مسلمين.    
 هل الإخوان يوالون المسيحيين؟ 
 تنتقد داعش حسن البنا عندما يقول : الإسلام الحنيف لا يُعارض ديانة ولا يهدم عقيدة... أقباط مصر هم "إخواننا المسيحيين". تكمل داعش في مجلتها: الإخوان لا يريدون أن يعادوا أي دين، يريدون معاملة الكفار على حد سواء مع المسلمين. هم بذلك يُنكرون فريضة الجهاد على اليهود والنصارى، قال تعالى*قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. [التوبة: 29 (15). 
فهل هذا صحيح؟ 
 حسن البنا مثل الإخوان يتلون موقفه حسب الظروف، وهو هنا لا يعني ابداً مساواة باقى الأديان الإبراهيمية بالإسلام، ولا يقصد ابداً مساواة المسلم باليهودي والمسيحي. فعلى الموقع الرسمي للإخوان يقول: لأن الحرية المكفولة هي حرية العقيدة وحرية العبادة والشعائر والأحوال الشخصية، أما الشئون الاجتماعية فهي حق الأمة ومظهر سيادتها، فهم فيها تبع للأكثرية فإذا ارتضت أكثرية الأمة قانونًا في هذه الشئون الاجتماعية يصرف النظر عن مصدره، فهو قانونٌ للجميع (16). 
 أي يقصد أنهم يعيشون تحت سلطة "الإسلام" الذي يراه، كما عاشوا 1400 عام في ظل حكم الخلافة، كما يسميها البنا وهي في الحقيقة امبراطورية استعمارية. أي أن البنا لا يختلف موقفه عن موقف داعش، يعيش المسيحيين تحت راية الإسلام مواطنين من الدرجة الثانية. فالأغلبية (المسلمين) من حقها أن تفرض ما تشاء على غير المسلم، ولابد أن يقبلها، فهذا ليس اختياراً في دولة الإخوان. 
 الإخوان اعلنوا ايضاً على لسان مرشدهم الأسبق مصطفي مشهور رفض دخول المسيحيين الجيش لأنه مشكوك فى ولائهم للوطن  وعليهم أن يدفعوا الجزية(17).   قال المرشد الأسبق للإخوان محمد مهدي عاكف أنه يرحب بأن يحكم مصر أي مسلم من أي بلد ( حتى لو من ماليزيا). ويرفض أن يحكمها مسيحي مصري(18).   فهم يؤمنون بأن المسيحي لا يجب ان يتولى المناصب مثل الرئاسة، القضاء .. الخ. فهم مواطنون من الدرجة الثانية.    
 يؤمن الإخوان بتطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين، ما عدا الأحوال الشخصية، أي الزواج والطلاق مثلا. ويرفض الإخوان بناء كنائس جديدة والموجودة لا يتم ترميمها لو تهدمت والأصل ألا توجد كنائس في دار الإسلام (19)  
  في التطبيق العملي خاض الإخوان في السودان حرباً دينية ضد جنوب السودان المسيحي والملحد ورفضوا رفضاً قاطعاً عدم تطبيق الشريعة عليهم، حتى انتهى الأمر بانفصال الجنوب ( مزيداً من التفاصيل ستجدها في الفصل الخاص بالسودان).  
هل يرفض الإخوان تطبيق شرع الله؟  
 تنتقد داعش موقف الإخوان الرافض لإغلاق الحانات ولا التضييق علي الحريات الشخصية، ولا يطالبون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (20). لكن الحقيقة أن حسن البنا لم يرفض ذلك ولكن طالب  أن يكون ذلك من اختصاص الحكومة فهي تحل محل الإمام، فهي المسئولة عن تحريم المنكرات، فإن لم تفعل وجب على نواب الأمة أن يسحبوا ثقتهم منها، فإذا لم يؤد النواب واجبهم أصبح لِزامًا على الأمة ألا تمنحهم ثقتها، وتنتخب غيرهم فإذا اجتمع تحت قبة البرلمان نواب مسلمون، أمكن القضاء على كل منكر بقوة القانون وحكم النظام (21). 
 اذن فالإخوان لا يرفضون المبدأ، لكنهم فقط يختارون ادوات اقل صدامية واقل فوضى، لكنها تحقق الهدف، ذلك عبر البرلمان، وعندما يؤسسون دولتهم الدينية الإستبدادية، سيكونون اكثر قدرة على أن يغلقوا الحانات ويحرموا تماماً "المنكرات"، وقد طبقوا الشريعة فعلا في السودان عندما حكموها.   
 كما انهم سمحوا في الدستور الذي كتبوه في اعقاب توليهم السلطة في مصر بأن من حق المجتمع أن يراقب بنفسه  تطبيق القواعد والأخلاق. أي أنه يحق لأي مواطن أن يفعل ذلك بنفسه. وانتشرت في عهدهم جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل وقتلت شاب كان يسير مع فتاة في الشارع، وقتلت شقيقان يمارسان الغناء، وتحججوا وقتها بأنهم تساعد الشرطة. واعلنت هذه الجماعات عن نفسها علانية وقالوا انهم سينفذون شرع الله بالقوة(22)، كما أن هذا ما فعله نظام البشير الإخواني الآن في السودان كما سأوضح لاحقاً في هذا الكتاب.  
هل الإخوان ديمقراطيون؟  
 داعش تتهم الإخوان بأنهم يجعلون الديمُقراطية دينٌ يُعطي سلطة التشريع للشعب بدلّا عن رب العالمين .. فإذا قرّرت الأغلبية أن اللواط فعل قانوني، تمّت إباحته على الرغم من أنّه يخالف شرع الله... أي أن السلطة المشرّعة المستمدّة من البشر، تتجاوز سلطة رب العالمين! .. قال تعالى *مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. [يوسف: 40](23). 
 فهل هذا صحيح؟ 
 حسن البنا مؤسس الجماعة لا يعترف بالديمقراطية فهو يقول:" وأما عن احترام رأى الأمة ووجوب تمثيلها واشتراكها في الحكم اشتراكا صحيحا فإن الإسلام لم يشترط استبانة رأى أفرادها جميعا في كل نازلة، وهو المعبر عنه في الاصطلاح الحديث بالاستفتاء العام، ولكنه اكتفى في الأحوال العادية بأهل الحل والعقد. ولم يعينهم بأسمائهم ولا بأشخاصهم، والظاهر من أقوال الفقهاء ووصفهم إياهم أن هذا الوصف ينطبق على ثلاث فئات هم:
1-الفقهاء المجتهدون الذين يعتمد على أقوالهم في الفتاوى واستنباط الأحكام.
2-أهل الخبرة في الشئون العامة.
3-من لهم نوع قيادة أو رئاسة في الناس كزعماء البيوت والأسر وشيوخ القبائل ورؤساء المجموعات.
فهؤلاء جميعا يصح أن تشملهم عبارة : أهل الحل والعقد "(24). 
 كما أن البنا يكره الأحزاب " لا خلاف بين الأحزاب المصرية إلا في مسائل شكلية وشئون شخصية لا يهتم لها الإخوان المسلمون ، لذلك هم ينظرون الى هذه الأحزاب نظرة واحدة ، ويرفعون دعوتهم وهي ميراث رسول الله ( ص) فوق هذا المستوى الحزبي كله "(25). 
  لا يقبل مفتي الجماعة الشيخ محمد عبد الله الخطيب أن تكون هناك جماعات اسلامية اخرى مختلفة مع الإخوان: "عليكم بالجماعة فان الشيطان مع الواحد، وهو من الإثنين ابعد .. من اراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " رواه الترمذي. ويقصد بالطبع جماعة الإخوان دون غيرها(26). 
  قبل الإخوان مع مرور الزمن فكرة وجود احزاب وبرلمان وانتخابات، ولكن بشرط أن يكون مرجعية كل ذلك  الإسلام مثلما فعلوا  بعد ثورة يناير في مصر. أي محرم أن تكون هناك احزاب ترفض المرجعية الإسلامية،  وللدقة مرجعية الإخوان  الإسلامية. لذلك كفروا الخصوم  بعد أن وصلوا الى الحكم في مصر. وسعوا بعدها لعمل دستور يستند الى الشريعة الإسلامية (27). 
 فالحكومة الإسلامية في رأي الإخوان مهمتها الإولى هو تطبيق شريعة الله بجميع نواحيها . والهدف تعبيد الناس لربهم وطاعتهم له واخراجهم من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. والولاية ، أي اختيار الحاكم  بيعة واختيار من اهل الحل والعقد .. وهذا هو الإسلام (29). 
 كما أنهم عندما يصلون الى الحكم سواءً بانتخابات أو عبر انقلاب عسكري، أو بالسلاح، وعندما ويسيطرون على مؤسسات الدولة يطبقون مشروعهم الديني مثلما حدث في السودان، كما سيتضح لاحقاً في هذا الكتاب. 

  هل الإخوان يحترمون حقوق الإنسان؟  
 ترفض داعش بالقطع "حقوق الإنسان"، وتعتبرها جُزء من دين الديمُقراطية الوثنية.. ما يطلقون عليه  اسم "حقوق الإنسان"، مُتضمنًا "الحق" في الرِّدة، وعبادة الشيطان، واللواط، والزنا. على الرغم من مناقضة هذه "الحقوق" للإسلام، إلّا أنّ الإخوان لا يكتفون من الترويج لها(30). 
 صحيح  أن الإخوان يؤكدون أنهم في طليعة الدعاة إلى احترام حقوق الإنسان، وضمان هذه الحقوق لجميع الناس، وتسهيل مسارات ممارسة الحرية. لكن بشرط  ينفي كل ذلك، حسب قول داعش نفسها عنهم، وهو " في إطار من القواعد الأخلاقية والقانونية”(31). 
 هذه القواعد التي يسميها الإخوان أخلاقية وقانونية لابد أن تكون مستندة بالطبع الى اسلام الإخوان، ومن ثم فهم ينسفون حقوق الإنسان التي استقرت عليها الإنسانية.  
 من المهم أن نضيف موقف الإخوان من الأقليات الدينية، فهم يبيحون قتل المرتد استناداً الى الحديث المنسوب الى سيدنا النبي  " من بدل دينه فاقتلوه " . أما المواطنين من غير اصحاب الديانات الإبراهيمية فلا يتحدثون عنهم، ولا يرفضون الآيات القرآنية التي تجيز قتلهم اذا نزعتها من سيافها " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (32). أو الحديث المنسوب الى سيدنا النبي عن ابن عباس وأنس بن مالك وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها". 
المرأة :  
 الإخوان يرون أن المرأة مجرد تابع لا حقوق له. هي مصدر الإغواء الشيطاني للرجل، مصيرها غالبا ًهو جهنم. تبرجها من عمل اعداء الإسلام.  ومن الأعمال المخزية التي تؤدي الى المروق من الإسلام (33). حجابها وختانها  فرض ديني . البيت هو مستقرها وعملها استثناء نادر وبشروط شرعية قاسية. ممنوع  تقلدها أي مناصب ، قال رسول الله " لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة "(34). من حق زوجها أن يتزوج اربعة نساء وأن يمنعها من زيارة اهلها(35). 
هل صحيح أن الإخوان ضد الجهاد ومع السلمية؟
 تتهم داعش الإخوان بأنهم بدلًا من دعوة المسلمين إلى الجهاد، طوال تاريخهم يدعون إلى السلميّة ويستنكرون "الإرهاب"، بينما بثّ الرُّعب في الكفار جزءٌ من الإسلام، والذين يُنكرون هذا، كفّار. قال تعالى*وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}. [الأنفال: 60 . حسب داعش فالإخوان اعلنوا عشرات المرات خلال السنوات الماضية أنهم يخوضون الحياة السياسية ملتزمين بالوسائل الشرعية والأساليب السلمية وحدها..  في ظل الدستور والقانون، وهم لذلك يجددون الإعلان عن رفضهم لأساليب العنف والقسر لجميع صور العمل الانقلابي الذى يمزق وحدة الأمة، والذى قد يتيح لأصحابه فرصة القفز على الحقائق السياسية والمجتمعية، ولكنه لا يتيح لهم أبداً فرصة التوافق مع الإرادة الحرة لجماهير الأمة(36). 
 فهل هذا صحيح؟ 
نبدأ بالشعار، داعش ترفع العلم الذي  يقولون أن النبي محمد (ص)  كان يرفعه في معاركه الحربية. الإخوان شعارهم سيف وتحته القرآن وآية من القرآن " واعدوا لهم. واستكمالها "  ما استطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" . شعار يتضمن دعوة للحرب وليس السلام. الإخوان يرددون في مظاهراتهم واحتفالاتهم "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".  وهي نفسها الشعارات التي ترفعها داعش.  
 الإخوان تقول " إن المسلم لا مفر له من الإستعداد للجهاد، وسلعة الله غالية، ومن تعلم الرمي ثم تركه فليس منا، ومن مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية، هكذا حدثنا الصادق المصدوق(37). ايضاً الحديث المنسوب الي سيدنا  النبي  (ص) أنه  قال: بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف امري ومن تشبه بقوم فهو منهم "(38).