بوابة الحركات الاسلامية : سيكولوجية الخيانة عند جماعة الإخوان (طباعة)
سيكولوجية الخيانة عند جماعة الإخوان
آخر تحديث: الأربعاء 28/07/2021 11:48 م حسام الحداد
سيكولوجية الخيانة
في العدد الجديد من مجلة المصور المصرية  تم نشر فصل من الكتاب المرتقب للباحث محمد محمود حبيب وهو باحث بالمركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية، والباحث في علم النفس، ومؤلف أول موسوعة نفسية في القضايا الفكرية (تطرف، إرهاب، إلحاد، خطاب ديني، وعي) ويعد الكتاب الجزء الخامس من الموسوعة النفسية في القضايا المجتمعية "علم نفس الوعي الفكري وسيكولوجية الحشد السياسي باستخدام الدين - جماعة الإخوان نموذجًا-"
سيكولوجية الخيانة عند جماعات الحشد السياسي باستخدام الدين - جماعة الإخوان نموذجًا -  
 أساس ومنهجية الدراسة:
عند تحليل سيكولوجية أو نفسية أعضاء إحدى الجماعات أو الفئات كجماعة الإخوان الإرهابية يجب أولًا الاعتماد على منهجية علمية تحدد لنا طبيعة وصفات أعضائها بدقة، وهذه المنهجية يرشدنا إليها علم النفس الذي يضع لنا آليات ومنهج لوصف وتفسير سلوكها الاجتماعي وأهمها أدوات للبحث عن صفاتها واكتشافها ومنها إقرار الشخص الخائن ذاته ببعض الصفات والتصرفات والسلوكيات التي تفيد بطبيعة سلوكه الخائن، وهناك طريقة المقابلة والحوار معه ويتم استنباط مشاعره وأحاسيسه تجاه الخيانة، وأيضًا توجد طريقة الملاحظة لسلوكه، وكذلك تقدير بعض الخصال السلوكية والشخصية له فضلًا عن سجلات الأرشيف أو المذكرات أو الاعترافات (سواء من أعضاء الجماعة التائبين أو المنشقين) لما حدث أو تم فعله في المناسبات والظروف التي شهدت الخيانة من هؤلاء، والأساليب السوسيومترية والتي تقدم لنا انطباعات الخائن تجاه غيره (سواء من نفس جماعته أو غيرها) من خلال تقدير التجاذب والتنافر.
وكل هذه الأدوات الخاصة بالبحث والدراسة أثبتت لنا بما لا يدع مجالًا للشك بأن هؤلاء الإخوان يتصفون بالخيانة لدينهم ولدولتهم فضلًا عن كل من تعامل معهم من عهد الرئيس عبد الناصر إلى يومنا هذا.
 تحليل علم النفس لخيانة الوطن:
هناك أنواع متفرقة من الخيانة منها الخيانة الزوجية وخيانة العهد والأمانة، وهناك وهو أخطرها خيانة الوطن وهو ما أقدمت عليه جماعة الإخوان الإرهابية، وقد أشار علم النفس إلى عدة نظريات تفسر الخيانة منها نظرية التنافر المعرفي لعالم النفس الاجتماعي الأمريكي ليون فستنجر في خمسينيات القرن الماضي وتعد النظرية من أهم نظريات علم النفس الاجتماعي والتي أثبتت أن البشر يتجهون لعقلنة اللامعقول وغير المنطقي ليشعروا بالرضا والارتياح عند حدوث تنافر وتعارض بين المعتقد والسلوك.
وكذلك من النظريات التي تفسر الخيانة نظرية المنفعة والتي يضطر فيها الخائن للتنازل عن مبادئه لتحقيق منفعة أو مكسب بزيادة مدخلاته على مخرجاته أو بمعنى زيادة ما يحصل عليه دون أن يقدم المقابل المناسب، وهناك أيضًا عقلية الضحية أو ما يُعرف بالمظلومية وهي سمة مكتسبة (متعلمة) تميل فيها الشخصية الخائنة إلى النظر لنفسها كضحية لتصرفات سلبية تصدر عن الآخرين.
سيكولوجية الخيانة عند جماعة الإخوان 
عند الاطلاع على تاريخ الإخوان ومن خلال أدوات علم النفس نجد أن شخصية الإخواني «الخائن»، تجمع في طياتها صفات شخصيات مضطربة كثيرة: كالشخصية المحبطة، والنرجسية، والعدوانية، والشكاكة وغير ذلك؛ فيأخذ الإخواني الخائن من الشخصية المحبطة: عدم الانخراط في المجتمع، وعدم الطموح أو القدرة على الإنتاج.
وكذلك يأخذ الإخواني الخائن من الشخصية النرجسية: الاعتقاد بوصوله لمرحلة الكمال، والغضب من نقد الآخرين له، وعدم الاعتراف بنجاح غيره، وأنه على حق وأن الآخرين على باطل، ويتصف بالسلوك المتعالي، والشعور بالعظمة، وأنه يستحق الصدارة والأفضلية على الآخرين.
وكذلك يأخذ الإخواني الخائن من الشخصية الشكاكة: عدم الثقة في الآخرين، المبالغة في التحليل الدائم لكلام الآخرين، وكذلك تتصف الشخصية الإخوانية الخائنة بالانتهازية وهي القدرة على اللعب على كل الحبال والأوتار؛ فنجدهم في التحالفات يتفقون مع كل الأطراف؛ كل طرف على حده لضمان كسب الطرف المنتصر، وهو أمر مُشاهد منذ عهد الرئيس عبد الناصر وحتى يومنا هذا.
وأيضًا يأخذ الإخواني الخائن من الشخصية العدوانية: الصوت المرتفع بدون مبرر وخاصة مع العلماء الرسميين أو القامات المخالفين لفكره، ويثأر لنفسه بشدة، ولا يكترث بشعور من حوله، وكذلك يأخذ الإخواني الخائن من الشخصية المراوغة: المبالغة في التبرير، واستخدام المنهج الجدلي السوفسطائي.
وهناك صفات سيئة أخرى يشعر بها الشخص الإخواني الخائن وهي البارانويا (عقدة الاضطهاد)، فيكون مستعدًا للقتال من أجل حقوقه، ولديه نزعة لحمل الضغينة والانتقام وعدم التسامح، بسبب الشعور بالمظلومية أو الشعور باضهطاد الآخرين له.
ويفتقر تفكير الإخواني الخائن إلى المرونة والتبصّر، وسيطرة الأفكار الانتقامية عنده، كما تتميز الشخصية الإخوانية الخائنة بعدم الشعور بالندم أو بالذنب عند إيذاء الآخرين، كما يحدث بعد عمليات الانتقام من المخالف.
وقد يصل الأمر بالإخواني الخائن إلى الانتحار نتيجة عدم قدرته على استيعاب مزيد من العنف والوحشية، الذي لا يؤدي في النهاية إلى تحقيق ما يبحثون عنه من إيجاد القيمة الذاتية أو إشباع الحاجة إلى تأكيد الذات، فيكونون بذلك هم العدو الأول لأنفسهم، ثم للآخرين من حولهم، ولكن الانتحار يأخذ شكل الاستشهاد من وجهة نظرهم لأن الانتحار بمعناه التقليدي محرّم في اعتقاداته الدينية وذلك في الإرهاب على خلفية دينية.
ولا مانع عند الشخصية الإخوانية الخائنة من الاختفاء وراء الأقنعة اعتقادًا منها أنها في حرب مع الآخرين والحرب خدعة، كما يعتقد الإخواني الخائن أن فرض رأيه بالقوة في صالح الضحية لأنه ينقذه من التمادي في الضلال من وجهة نظره.
ويعد السلوك الخائن هو نتاج للفشل في التوازن بين "الهو" وبين "الأنا" وبالتالي ينحرف السلوك فيصبح شاذًا أو إجراميًا في اتجاهاته، كما أن دوافع الشخصية الإخوانية الخائنة مكبوتة في اللاشعور تعمل بطريقة بعيدة عن وعي الفرد وإدراكه ويتم توجيهه بشكل منحرف، وهذا يكون حصيلة صراعات لا شعورية يتعرض لها الفرد خلال فترة طفولته المبكرة وتبقى في اللاوعي.
والشخصية الإخوانية الخائنة تشعر بالضآلة: وهو الشعور بالنقص ويرتبط هذا الشعور بنوعين من السلوك الانفعالي ويتمثلان في كراهية الحياة واليأس منها من ناحية، والشعور بالغضب الدفين الذي يجعله ينتقم من الحياة ممثلة في الانتقام من الدولة أو الأفراد وممتلكاتهم.
كما أن الشخصية الإخوانية الخائنة تتميز بالغرور مع كبت جميع الأفكار التي توحي بالخوف أو الفشل أو الإصابة بأي ضرر، ويفكر في المهمة التي يقوم بها، ولا يهتم بما يصيب الآخرين من أضرار.
ويجب التفرقة بين الإخواني الخائن كقائد، والإخواني الخائن كتابع، في الصفات والدوافع، فالخائن القائد يرى أن يتبعه الجميع كقطيع، والخائن التابع يرى أن التبعية فرض عليه ويسعى لطلب الأمان، كما أن الإخواني الخائن يقسّم الناس لقسمين: مؤمنين وكفار، أو أخيار وأشرار.
كما أن حدوث وتبلور الشخصية الإخوانية الخائنة لا يحدث فجأة أو مجرد استيقاظ الفرد باكرًا يقرر  أن يصبح خائنًا، بل أن هناك أدوارًا وطرقًا متعددة وأساليب مهمة تساعد في تبلور مثل هذه الشخصيات، تأتي في مقدمتها العوامل النفسية والتي لها دور كبير في نشوء الانحراف الخائن؛ فالاضطراب النفسي والقلق والصراع والإحباط وشعور الفرد بأنه مضطهد قد يكون بعضها أو كلها سببًا في ظهور هذا المرض، وأهم من ذلك أسلوب التنشئة الاجتماعية الذي تتبعه الأسرة في تربيتها لأطفالها والقائم على الإفراط في اللين والرعاية والحماية، أو  على العكس الإفراط في القسوة والعقاب والتفرقة في المعاملة واللامبالاة والإهمال، مما يولد لديه الرغبة عندما يكبر  في الانضمام والانتماء لمجموعة تكسبه نوعًا من احترام الذات والهوية، والرغبة في الثورة على نظام المجتمع.
ومن علامات وبوادر ظهور الخيانة على أساس ديني مغلوط على الشباب الكلام السيئ والبذيء عن الوطن وأن موطن الإنسان هو الكون كله ولا يحده حدودًا، والتأفف والضيق من أي مناسبة وطنية وأن هذا منكر أو شيء بل فائدة يجب عدم المشاركة فيه ومن الضروري إنكاره بأي وسيلة كانت.
والشخصية الإخوانية الخائنة عادة ما تمتلك قدرة على الإقناع عن طريق شرح خاطْئ لمعتقدات دينية أو فكرية أو سياسية واستثارة الغرائز والمشاعر العاطفية والعدوانية، والتركيز على فكرة الثواب الذي ينتظر الشخص الذي سيقوم بتلك الأعمال (والتي هي في حقيقتها إرهابية).