بوابة الحركات الاسلامية : 20 عامًا على أحداث سبتمبر.. ماذا تغير فى الموقف الأمريكي ؟ (طباعة)
20 عامًا على أحداث سبتمبر.. ماذا تغير فى الموقف الأمريكي ؟
آخر تحديث: الثلاثاء 14/09/2021 01:17 ص أميرة الشريف
20 عامًا على أحداث
20 عاما مرت على أحداث هجمات 11 سبتمبر، والتى وقعت يوم الثلاثاء عام 2001 حيث استولى انتحاريون على طائرات ركاب أمريكية وصدموا بها ناطحتي سحاب في نيويورك استهدفت برج التجارة العالمى بمنهاتن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وسقط ضحيتها حوالى 2973 ضحية إضافة إلى 24 مفقودا، فضلا عن آلاف الجرحى والمصابين ، وهو الأمر الذى ترتب عليه حدوث تغييرات عديدة على الساحة الدولية وعلاقات دول العالم على المستوى السياسى والاجتماعى والاقتصادى.
وبدأت الأحداث في 11 سبتمبر 2001، حيث قامت مجموعات من الخاطفين بالاستيلاء على أربع طائرات كانت تحلق فوق شرقي الولايات المتحدة، واستخدمتها لضرب مبان بارزة في نيويورك وواشنطن، ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بينما دمرت الطائرة الثالثة الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في واشنطن.
وتحطمت الطائرة الرابعة في حقل في ولاية بنسلفانيا، يُعتقد أن الخاطفين كانوا يعتزمون استخدامها في مهاجمة مبنى الكابيتول (مقر مجلسي النواب والشيوخ) في واشنطن العاصمة.
وما زال الهجوم أحد أكثر الأحداث درامية ورعباً في القرن الحادي والعشرين ليس فقط بالنسبة للأمريكيين ولكن بالنسبة للعالم برمته، واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية ، أن حادث هجمات 11 سبتمبر، عملا إرهابيا، حيث غير الحدث الجلل وجه التاريخ، فقد شنت الولايات المتحدة بعده حربها الطويلة ضد الإرهاب على أفغانستان والعراق.
وباعتبار أن التخطيط والتوجيه لتنفيذ هجمات11 سبتمبر المدمرة كان من مقر القاعدة في أفغانستان، بدأت حرب الولايات المتحدة على الإرهاب من هذا البلد، فبعد أقل من شهر على الهجمات، أعلن الرئيس الأمريكي حينها جورج دبليو بوش، عملية غزو أفغانستان بدعم من تحالف دولي، للقضاء على تنظيم "القاعدة" وإلقاء القبض على بن لادن.
   وتنبأ الرئيس بوش بأن الولايات المتحدة سوف تنتصر في النهاية، وصوّر الحرب على الإرهاب بصور مألوفة للسياسة الخارجية الأمريكية، مثل تصويرها على أنها كفاح بين قوى الخير وقوى الشر. 
   واتخذت الإدارة الأمريكية لمواجهة هذه الأخطار المحتملة على المستوى الفيدرالي مجموعة خطوات وإجراءات، فقد تم تخصيص ما يزيد على عشرة مليارات دولاراً من الميزانية التكميلية لسنة 2002 لهذا الغرض. 
وعقب فترة قصيرة من هجمات سبتمبر، أمر الرئيس بوش بإنشاء مكتب للأمن الداخلي لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة. وقد تم تعيين توم ريدج Tom Ridge لتولي إدارة هذا المكتب. وتم منح ريدج تفويضاً واسعاً لتحسين وتقوية الإجراءات المشتركة بين الوكالات والأجهزة الحكومية لحماية الأمريكيين من الإرهاب، والتي يبلغ عددها 46 وكالة فيدرالية.
وشنت الولايات المتحدة هجوماً على أفغانستان بغرض إزالة حكم طالبان فيها تنفيذاً لسياسة تغيير نظم الحكم وقتل قيادة تنظيم القاعدة وكوادره التي تتخذ قاعدتها في ذلك البلد، وتدمير البنية التحتية للقاعدة، كذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بأفعال كثيرة دبلوماسية ومصرفية ومالية ومخابراتية في محاولة دولية لإزالة شبكة الاتصالات العالمية لتنظيم القاعدة والمنظمات الحليفة له. وفي هذا السياق، صاغت القيادة السياسية الأمريكية الشعار السياسي (إما أنك معنا أو أنك مع الإرهابيين).
وبعد عشرين عاما من الوجود العسكري في أفغانستان، اختار الرئيس الأمريكي جو بايدن تاريخ الهجمات نفسه (11 سبتمبر) موعدا رمزيا للانسحاب الكامل.
وما أن بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب، حتى بدأ تمدد حركة طالبان، التي سرعان ما سيطرت على مناطق واسعة من البلاد، إلى أن وصلت العاصمة كابل في 15 أغسطس.
ووفق تقارير إعلامية فإن تفجيرات كابل التي أودت بحياة ستين شخصا على الأقل، من بينهم ثلاثة عشر من الجنود الأمريكيين 26 أغسطس الماضي، لا تثير تحديات جديدة بالنسبة للرئيس بايدن فحسب، بل وتعيد أيضا السؤال القائم منذ عشرين عاما إلى الواجهة: ما هي الحصيلة النهائية لنسق "الحرب على الإرهاب"، الذي أعلنه الرئيس بوش الابن في تعقب تنظيم "القاعدة"، واعتماد مكافحة الإرهاب ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية؟ وهل هناك استراتيجية يمكن التنبؤ بفعاليتها في ضبط الأمور في أفغانستان؟.
ووفق الـ "بي بي سي" يري الدكتور محمد الشرقاوي، أستاذ الصراعات الدولية في جامعة جورج ميسون في واشنطن، والعضو السابق في لجنة الخبراء في الأمم المتحدة، أن "الإرهاب يظل أكثر أصناف العنف السياسي تعقيدا وتوالدا، بفعل دوامة العداء والقتال بأدوات مختلفة، ومعضلة الباب الدوار بين 2001 و 2021. 
الشرقاوي يقول إن تفجيرات كابل وتوعّد الرئيس بايدن بتعقب تنظيم داعش ولاية خراسان، بمثابة استنساخ اللحظة ذاتها، التي تعهد الرئيس بوش فيها بملاحقة تنظيم القاعدة حتى أبواب جهنم، في ردّه على هجمات 11 سبتمبر. 
وخلال عقدين، عايش نسق مكافحة الإرهاب ثنائية المد والجزر، بشكل متكرر في أفغانستان والعراق والرقة بسوريا، وحتى في لندن وباريس ومدن أخرى. 
لكنّ المعضلة تظلّ قائمة بسبب التركيز على المنطلق الأمني أساسا، دون مراعاة الاعتبارات النفسية والدينية والمعيشية والمجتمعية".
ولم تتمكن الولايات المتحدة من معرفة مكان بن لادن إلا بعد مرور عشرة أعوام على الهجمات، حيث نجحت القوات الأمريكية في تحديد موقعه وقتله في باكستان المجاورة.
وعندما يقول الرئيس بايدن إن التدخل الأمريكي في أفغانستان لم يهدف إلى تأسيس دولة، وإن من العبث مواصلة الحروب المفتوحة، فإنه يقدم ما يعتبره تبريرا منطقيا للانسحاب الأمريكي. 
وتشير تقييمات الخبراء ومراكز الدراسات، وأبرزها المركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب، إلى نمو وازدياد التنظيمات المتطرفة، ويضيف أبو هنية "إذا نظرنا إلى كل تلك التقييمات نرى أنها تشير إلى أن القاعدة وما انبثق عنها من تنظيمات والتي استهدفتها الحرب على الإرهاب، قد تضاعفت أكثر من أربع مرات، وبدون أدنى شك فإن القاعدة وأخواتها أصبحت أكثر تمددا وخطرا".
وتوقع تقرير لجامعة براون الأمريكية أن تصل كلفة "الحرب على الإرهاب" التي بدأت قبل عقدين إلى 6.7 تريليون دولار بحلول عام 2023، إذا أوقفت الإدارة الأمريكية كافة عملياتها العسكرية قبل هذا التاريخ، كما يُقدر عدد الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا بأكثر من 7 آلاف جندي.
ويقول الباحث والخبير في الجماعات المتشددة حسن أبو هنية "أُنفق على الحرب على الإرهاب ما يقرب من 5.5 تريليون دولار أمريكي، أو إذا اعتمدنا الرقم المبالغ به للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي قال إنها بلغت 7 تريليونات، فضلا عن الخسائر البشرية إذ تشير التقديرات إلى مقتل 7700 جندي أمريكي حول العالم في الجبهات الرئيسية لتلك الحرب، فهذا يعني بالتأكيد أن الولايات المتحدة قد دفعت تكلفة باهظة".
ويرى خبراء أن الولايات المتحدة قد حققت في حربها على الإرهاب بعض النجاح التكتيكي، فقد قتلت بعض القادة واعتقلت بعضهم، وطردت تنظيم الدولة من مناطق سيطرته، لكنها لم تتمكن من القضاء على أي من التنظيمات المتشددة.
ويقول أبو هنية: "لم تحقق الولايات المتحدة نجاحا استراتيجيا، إذ لا يوجد استدامة، بل ركزت الاستراتيجية على الجوانب العسكرية والأمنية، وأهملت الجوانب المتعلقة بالحكامة والسياسة والاستبداد، أو بالأحرى أهملت الأسباب الجذرية للإرهاب".
وفي كتاب سياسة الأمن القومي الأمريكي لثائر خليل حمد ، يشير  إلي أن المنظمات الإرهابية شهدت تغييرا كبيرا بعد تلك الأحداث فبعد أن كان تنظيم القاعدة و طالبان هما المسيطران على مشهد العمليات الإرهابية فى العالم، أصبح تنظيم داعش الإرهابي هو الأكثر ظهورا، ومع هذا التحول اختلف أسلوب الجماعات الإرهابية فى تنفيذ هجماتها، فتنظيم القاعدة على سبيل المثال كان يعتمد على أسلوب العمل الجماعى  وهو ما ظهر فى تفجير 11 سبتمر الذى  أعلن التنظيم مسئوليته عنه بمشاركة 19 من أعضاءه ، فأصبح الآن "مصطلح" الذئاب المنفردة هو الأكثر ظهورا فى أسلوب العمليات الإرهابية و الذى تتبناه داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية الحالية، ويظهر ذلك فى تبنى المنتمين لها حوادث كالدهس و الطعن فى العديد من الحوادث الإرهابية العالمية.
وقد نجحت الإدارة الأمريكية إلى حد كبير في وضع مسألة الحرب على الإرهاب في مقدمة قضايا التعاون مع كافة الدول العربية، حيث إن جميع الدول تعاونت بدرجة أو بأخرى مع الولايات المتحدة في المجالات الأمنية سواء في التنسيق الأمني أم في تبادل المعلومات الاستخباراتية، بما فيها الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة دولاً مارقة مثل سوريا والسودان وليبيا، مما يكشف عن حجم الاهتمام الأمريكي بهذا الشأن في علاقاتها السياسية بالدول العربية.
 وتقوم الإستراتيجية الأمريكية في مواجهة الإرهاب على التركيز على استهداف الجماعات الإرهابية في مواطنها الأصلية، قبل أن تسعى هذه الجماعات إلى استهداف الولايات المتحدة.