بوابة الحركات الاسلامية : تقرير يطالب امريكا باستغلال تراخي القبضة الحديدية لـ «حزب الله» في لبنان (طباعة)
تقرير يطالب امريكا باستغلال تراخي القبضة الحديدية لـ «حزب الله» في لبنان
آخر تحديث: الإثنين 27/09/2021 12:23 م روبير الفارس
تقرير يطالب امريكا
إن «حزب الله»، المصنف من قبل الولايات المتحدة على أنه منظمة إرهابية منذ فترة طويلة، يدير لبنان بشكل فعال منذ سنوات. ويحافظ الحزب على زواج المصالح مع الطبقة السياسية في البلاد: فكلا الجانبين يستفيدان من الوضع الراهن الذي يتم فيه حماية النخب السياسية، وبإمكان «حزب الله» مواصلة الحرب في المنطقة نيابة عن إيران، بينما يعاني اللبنانيون العاديون من حياة قاسية للغاية . من هنا طالبت الكاتبة حنين غدار مديرة تحرير سابقة للنسخة الانجليزية لموقع NOW الإخباري في لبنان.في تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني  الولايات المتحدة في العمل مع مجتمع الأعمال اللبناني، الذين يتوق أعضاؤه إلى فصل أنفسهم عن «حزب الله».
حيث اكدت حنين في تقريرها أن القبضة الحديدية لـ «حزب الله» على السياسة والاقتصاد في لبنان بدأت تتراخى - الأمر الذي يمنح إدارة بايدن فرصة لتغيير مقاربة فشلت منذ فترة طويلة. وحتى مع بقاء قادة البلاد مدينين بالفضل لـ «حزب الله»، إلا أنه لم يعد يتمتع بالدعم الذي كان يحظى به من قَبِل في أوساط الشيعة. وعلى نحو خاص، يهتم العديد من رجال الأعمال بتأمين الوظائف أكثر من صراعات المقاومة التي يشنها الحزب، بينما نشأ شباب اليوم بعد الحرب الأهلية اللبنانية وفترة الهيمنة السورية اللاحقة التي ساعدت في وصول «حزب الله» إلى السلطة.
تقول حنين  وللأسف، لم تتغير السياسة في لبنان كثيراً على مدار العقد أو العقدين الماضيين - كما لا يوجد للولايات المتحدة دليل لمعالجة الأزمات المتقطعة في البلاد. ومع ذلك، أمام إدارة بايدن حالياً فرصة للاستفادة من ضعف «حزب الله» ودعم البديل السياسي القابل للتطبيق لحكم الحزب الذي طالما كانت واشنطن تأمل فيه. ومن خلال التخلي عن تركيزها التقليدي على المؤسسات الفاشلة في لبنان، والاستثمار بدلاً من ذلك في قادة الأعمال والناشطين والشباب الذين يتنامى سخطهم إزاء «حزب الله»، يمكن للولايات المتحدة تمكين جيل جديد من الشيعة اللبنانيين الراغبين في التغيير فعلياً - وقد يكون لديهم أخيراً القدرة على القيام بذلك في النهاية.  
ومنذ قيامه، يصوّر «حزب الله» نفسه لأتباعه الشيعة على أنه الحامي والمعيل. وقد استند دعمه الشعبي على ثلاث ركائز: تقديم الخدمات الاجتماعية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، وصياغة هوية شيعية مشتركة. واليوم، تقلّصت شبكة الخدمات الاجتماعية لـ «حزب الله»  بسبب المشاكل المالية الناجمة جزئياً عن العقوبات الأمريكية. كما فقدت فكرة المقاومة قوتها منذ تدخل «حزب الله» في الحرب السورية ولم تعد الهوية الشيعية تربط الكثير من اللبنانيين بـ «حزب الله» بنفس القوة، حيث بدأ المجتمع يشعر بعزلة أكبر عن المنطقة.وفي عام 2019، نزل اللبنانيون من كافة الطوائف إلى الشوارع احتجاجاً على الفساد والصعوبات الاقتصادية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت البدائل السياسية لـ «حزب الله» في أوساط المجتمع الشيعي أكثر قوة. وبدأت مجموعات ناشئة في التعبير عن معارضة شديدة لـ «حزب الله»، وتشمل شبكات الأعمال، والطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات (التي عارضها «حزب الله»، بالعنف الجسدي في بعض الحالات)، وناشطين أذكياء على مواقع التواصل الاجتماعي وأخصائيين من الشباب لا يتذكرون سنوات ما بعد الحرب الأهلية التي ساهمت في جلب «حزب الله» إلى الساحة السياسية. إن الاهتمامات الأساسية لهذه المجموعات هي اقتصادية واجتماعية وليست سياسية أو أيديولوجية.وفي غضون ذلك، ينهار الاقتصاد الموازي لـ «حزب الله». فقد أدت العقوبات الأمريكية على إيران إلى شل تدفق الأموال من الجمهورية الإسلامية إلى «حزب الله»، كما أدى تدخل الحزب في العمليات العسكرية في المنطقة - وبشكل رئيسي في سوريا - إلى استنزاف خزائنه. وقد أثر ذلك على قدرته على تقديم الخدمات الاجتماعية والمساعدات وتوفير فرص العمل غير العسكرية. 
واكد تقرير معهد واشنطن  أن هناك بوادر خلاف بين «حزب الله» ومؤيديه التقليديين. فالحزب في صراع متزايد مع حركة «أمل»، الحزب السياسي المتحالف منذ فترة طويلة مع «حزب الله». وعاقبت الولايات المتحدة حلفاء آخرين وفقدوا شعبيتهم، خاصة بعد أن لفتت احتجاجات 2019 الانتباه إلى فسادهم. ووفقاً لاستطلاع أُجري في وقت سابق من هذا العام، يحظى "التيار الوطني الحر"، الحليف المسيحي الرئيسي لـ «حزب الله»، بدعم 15 في المائة فقط من المسيحيين في لبنان. وضمن صفوف «حزب الله» نفسه، تؤدي الصعوبات المالية إلى توسيع الفجوة بين العناصر العسكرية وغير العسكرية. وما زال «حزب الله» يدفع لجنوده بالدولارات بينما يتقاضى الباقون مدفوعاتهم بالليرة اللبنانية التي فقدت نحو 90 بالمئة من قيمتها.وفي ضوء هذا التراجع، تبرز مجموعات جديدة يمكن أن تكون حجر أساس في كسر هذه الحلقة المفرغة في لبنان. فالشيعة، الذين يشكّلون أكثر من 30 في المئة من سكان لبنان، هم أهم قاعدة لبناء تحالف مناهض لـ «حزب الله» لأنهم يشكلون الجزء الأكبر من دعم الحزب. ومن المرجح أن تدعم المجموعات الأخرى في لبنان - ولا سيما السنة والمسيحيون والدروز - بديلاً شيعياً قوياً عن «حزب الله»، ويعزى ذلك جزئياً إلى أنهم يشاركون بشكل متزايد في الاستياء من السياسة المتزعزعة في البلاد.
وفي هذا الصدد- تقول حنين - أَجرَيْتُ مقابلات مع العديد من رجال الأعمال الشيعة في لبنان وأفريقيا والخليج الذين أعربوا عن استعدادهم للعمل مع المجتمع الدولي - وخارج مدار «حزب الله» - لتوفير الوظائف والقروض. وهم يقدمون الدعم السياسي والمالي للناشطين وجماعات المجتمع المدني في البلدات والمدن الشيعية. إن دافعهم هو ترسيخ جذورهم في مجتمعاتهم، ولكن أيضاً لتجنيب أنفسهم العقوبات أو العزلة المالية عن طريق النأي بأنفسهم عن «حزب الله». [فعلى سبيل المثال]، قبل اغتياله في وقت سابق من هذا العام، كان الناشط السياسي الشيعي ورجل الفكر لقمان سليم منخرطاً بشكل وثيق مع هذه المجموعة غير الرسمية للمجتمع المدني وقادة الأعمال.ويشير هذا الحماس إلى وجود مسار سياسي مختلف للبنان وفرصة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتغيير تركيزهما. فبدلاً من مواصلة العمل مع مؤسسات الدولة اللبنانية الضعيفة والفاسدة والخاضعة لسيطرة «حزب الله»، على الولايات المتحدة تحويل تركيزها بعيداً عن الاستثمار في هذه المجموعة غير الرسمية بل المؤثرة بشكل متزايد. وسيكون الهدف النهائي إنشاء منظمة مجتمع مدني أكثر تنظيماً تتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة وأوروبا والمؤسسات الدولية وتركز على خلق الفرص الاقتصادية وتمكين الأصوات السياسية الجديدة وتقديم بديل حقيقي لـ «حزب الله» للشيعة اللبنانيين المحبطين.  يجب أن تضم المجموعة قادة الأعمال وممثلي المجتمع المدني وأعضاء الشتات اللبناني والناشطين وغيرهم من الشيعة المؤثرين. ويمكن للدول المانحة بما فيها الولايات المتحدة، والمؤسسات الدولية مثل "البنك الدولي" و"صندوق النقد الدولي" العمل مع مجتمع الأعمال اللبناني لوضع هيكلية المنظمة وتطويرها وتمويلها وإدارتها. والأمر الحاسم أن يحدث ذلك خارج مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية اللبنانية. وهذا لا يعني أن على الولايات المتحدة وقف سياساتها القائمة منذ فترة الطويلة والمتمثلة بتوفير المساعدات إلى الجيش اللبناني - لا سيما بالنظر إلى المخاوف الأمنية المتزايدة - والمساعدات الإنسانية