بوابة الحركات الاسلامية : حرب الممرات التجارية.. ما وراء أزمة إيران وأذربيجان؟ (طباعة)
حرب الممرات التجارية.. ما وراء أزمة إيران وأذربيجان؟
آخر تحديث: الإثنين 11/10/2021 03:34 م علي رجب
حرب الممرات التجارية..

 

تصاعدت حدة التوترات الكلامية بين إيران وأذربيجان، في ظل مخاوف من تحول الحرب الكلامية إلى حرب اقليمية جديدة في المنطقة مع وجود مناورات عسكرية على الحدود بين البلدين.

ويرى مراقبون أن التصعيد الكلامي والمناورات العسكرية بين إيران وآذربيجان، هو صراع خفي على الممرات الاقتصادية في منطقة وسط أسيا والقوقاز،  هذه الممرات تشكل ثقل استراتيجي لهذه الدول.

وهدد المرشد الإيراني علي خامنئي في حفل تخرج طلاب جامعات ضباط القوات المسلحة، دون ذكر أذربيجان أو الرئيس إلهام علييف، الأحد، "، بـ "الصفع"، واصفا توفير الأمن بالاعتماد على قوات دولة أجنبية بأنه "مجرد وهم" لديهم هذا الوهم. سيتم صفعهم قريبا ".

 

وقال خامنئي أنه "يجب ألا تسمح جيوش المنطقة للجيوش الأجنبية بالتدخل أو أن يكون لها وجود عسكري من أجل حماية مصالحها".

 

حرب الممرات

تصريحات خامنئي جاءت ردا على اتهامات رئيس أذربيجان إلهام علييف، إيران بعدم احترام سيادة بلاده، وذلك على خلفية دخول شاحنات ايرانية إلى منطقة ناغورنو كاراباك "قره باغ" والذي تسيطر عليه باكو في 27 سبتمبر 2020 بعد معارك مع دولة أرمينيا استمرت 44 يوماً.

وقال "علييف" لوكالة الأناضول التركية، الاثنين، في الفترة من 11 أغسطس إلى 11 سبتمبر ، دخلت حوالي 60 شاحنة إيرانية أراضي ناغورنو كاراباك دون إذن.

وقال إنه طلب مرارا من إيران عبر قنوات مختلفة منع الشاحنات من دخول أراضي " ناغورنو كاراباك"، لكن هذا الاتجاه استمر، منتقدا مناورة الحرس الثوري العسكرية ووصفها بأنها غير مسبوقة.

تصاعدت التوترات بين طهران وباكو قبل شهر بعد أن احتجزت أذربيجان سائقي شاحنات مسافرين من إيران إلى أرمينيا.

واستدعت الخارجية الأذربيجانية، 11 أغسطس الماضي، السفير الإيراني في باكو، عباس موسوي، وسلّمته مذكرة احتجاج على دخول شاحنات ايرانية إقليم قره باغ دون الحصول على إذن من باكو.

وفقًا لمسؤولين حكوميين إيرانيين، تم احتجاز السائقين لأنهم كانوا يسافرون على طريق ناخيتشيفان (منطقة تتمتع بحكم ذاتي تقع بين أرمينيا وإيران وتركيا على الهضبة الواقعة جنوب منطقة القوقاز) ، الذي يخضع جزء منه الآن للسيطرة الأذربيجانية.

 

لماذا تصاعدت التوترات؟

ويقول الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، محمد المذحجي، إن ما يحصل بين ايران واذربيجان هو السيطرة على الممر الاقتصادي الاستراتيجي الذي يمر عبر القوقاز ثم البحر الأسود وأوروبا، وهو طريق تجاري مهم لإيصال أسواق شرق آسيا إلى أوروبا عبر إيران.

 

وأضاف "المذحجي" في تصريحات خاصة:" الأن صراع تركيا وايران حول هذا الطريق، حيث تعزيز الممر يضعف مكانة وتأثير أنقرة، وتركيا تريد أن تكون بوابة أسواق شرق آسيا باتجاه أوروبا، وليس الطرق الأخرى "طريق الحرير"، حسب الوصف الصيني".

 

وتابع الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، أن هناك تعاون روسي في هذا الملف لأن موسكو لا تريد وجود طريق بين أسواق شرق أسيا الى أوروبا لأنه سوف يضيق الخناق على الاقتصاد الروسي ويحرم موسكو من إيرادات وأسواق التي تسيطر عليها لاحقا الصين، لذلك سيكون هناك توافق بين أذربيجان وأرمينيا  لإنهاء الصراع وتقاسم الاراضي، حيث سوف اعطاء باكو جزء من الاراضي التي تسيطر عليها لـ" يريفان" وتتنازل أذربيجان عن أراضي في " قره باغ" لأرمينيا.

 

بالتزامن مع تصاعد التوترات من المقرر أن يسافر نائب وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني خیرالله خادمی إلى أرمينيا. وأفادت وكالة أنباء العمل الحكومية الإيرانية (إيلنا) أن الغرض من الرحلة هو مشاركة إيران في استكمال طريق" تاتو" ، الذي سيحل محل طريق "جوريس-كابان" وتعتقد طهران ان هذا  طريق"تاتو" الذي لا يبعد سوى أقل من 15 كم من الحدود الايرانية الأرمينية، دون الحاجة إلى أذربيجان.

 

 

وكتبت وسائل الإعلام الإخبارية في إيران أنه مع استكمال محور كابان في أرمينيا ، ستتمكن إيران من الوصول إلى روسيا دون الحاجة إلى أذربيجان.

 

المعارض والباحث في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن اتفق مع "المحجي"، أن التصعيد بين طهران وباكو جاء بعد سيطرة آذربيجان على أراضي "قره باغ" وهو ما أدى الى سيطرة باكو على الحدود مع إيران بعدما كانت تسير عليه دولة آرمينيا، والسيطرة على الحدود هو ما أدى لسيطرة باكو على طريق الشرياني الأهم لإيران في قره باغ، بعدما كانت طهران تمر عبر هذا الطريق دون أي عوائق،  فقد طالبت حكومة آذربيجان برسوم مقابل مرور عبور الشاحنات الإيرانية التي تمر بهذا الطريق، وهو ما يشكل أزمة استراتيجية لطهران.

 

بدأت إيران في الأيام الأخيرة مناورات عسكرية بالقرب من الحدود مع أذربيجان. ووصفت وسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري المناورة بأنها "استعراض للسلطة" لحلفاء إسرائيل.

انفصاليو أتراك إيران

أيضا يرى محمد المذحجي، أن طهران قلقة من دعم تركي أذربيجاني للجماعات الانفصالية في آذربيجان الجنوبية "أتراك إيران" بعدما فقد النظام الإيراني ورقته الاستراتيجية بالضغط على أنقرة وباكو، حيث كانت قبل سيطرة أذربيجان على "قره باغ" تمر التجارة بين البلدين عبر الأراضي الإيرانية.

 

وقال "عبد الرحمن" :"أكثر أهمية لإيران هو الحراك الأذربيجاني "أتراك إيران" وهم لديهم نزعة انفصالية في إيران ، لذلك كانت تضغط على باكو وأنقرة لعدم الحركات الانفصالية لأن إيران كانت تتمسك بخيوط التجارة بين تركيا وآذربيجان، ولكت هذه الورقة انتهت تمام مع سيطرة باكو على "قره باغ" وجود طرق مباشر بين باكو وأنقرة دون المرور عبر الأراضي الإيرانية".

 

أذربيجان الغربية والشرقية، أو ما يسمها الآذريون بـ"آذربيجان الجنوبية" واحدة من الأقاليم المشتعلة في ايران ويدين الأذريون بالمذهب الشيعي، ويشكلون من 25 إلى 30% من السكان في إيران، وتشترك طهران وباكو في حدود مباشرة لأكثر من 760 كيلومترًا، إضافة إلى إطلالتها على بحر قزوين الذي يعتبر مخزنًا غنيًا بالنفط والغاز.

 

النظام الإيراني يخشى من مساعي الفصائل الأذرية وابرزها الجبهة الشعبية لتحرير أذربيجان الجنوبية مقرها في العاصمة الآذرية "باكو"وحركة الصحوة الوطنية في أذربيجان الجنوبية  من زعزعة وحدة الاراضي الايرانية، حيث عقد "الجبهة الشعبية" في 2013 مؤتمرا لتحرير أذربيجان الجنوبية واستقلالها من إيران؛ ما أثار غضب المسؤولين الإيرانيين.

 

 

مستقبل المناوشات

وحول مستقبل الحرب الكلامية،  قال "المذحجي" إن الوضع الاقتصادي الإيراني، لا يحتمل دخول طهران في حرب إقليمية قد يطول أمدها في المستقبل، وتهدد أيضا وحدة الأراضي الإيرانية.

وأضاف "عبد الرحمن" في الوقت الحاضر من الصعب اندلاع حرب نظرا للوضع الاقتصادي الإيراني المتدهور، كذلك لعدم امتلاك إيران سلاح قوي في مواجهة حرب مع أذربيجان المدعومة من تركيا والتي لديها قدرة تسليح عالية.

 

لكن الباحث الايراني، لم يستبعد وقوع مناوشات على الحدود الايرانية الاذرية مستقبلا.