بوابة الحركات الاسلامية : من طالبان إلى حزب الله .. تقرير يرصد سوق تجارة المخدرات لتمويل الجماعات الارهابية (طباعة)
من طالبان إلى حزب الله .. تقرير يرصد سوق تجارة المخدرات لتمويل الجماعات الارهابية
آخر تحديث: السبت 15/01/2022 05:22 م علي رجب
من  طالبان إلى حزب

كشف تقرير أن المخدارت تعد أبرز مصادر تمويل الجماعات الارهابية، وهي ترتبط بعلاقات وثيقة مع  عصابات الجريمة المنظمة ومهربي المخدراتـ، لافتا إلى أن هذه العمليات أكثر انتشارًا في مناطق؛ مثل أفغانستان وشبه القارة الهندية، فأحيانًا ما يبالغ في تقديرها في إفريقيا، ويستهان فيها بشكل خاطئ في أمريكا اللاتينية.

وأوضح تقرير "عين على التطرف" أن التجارة الدولية في المخدرات تشكّل سوقًا ضخمة ومصدرًا كبيرًا للدخل للجماعات الإرهابية نظرًا لعائداتها التي لا يمكن تعقبها. لذا، تبرم الجماعات الجهادية اتفاقات مع الميليشيات الإجرامية المنظمة. ومن بين المجالات التي تجد فيها هذه الاتفاقات أرضية خصبة أفغانستان وميانمار وسوريا ولبنان والعراق وليبيا ونيجيريا والمغرب وفنزويلا وفرونتيرا (منطقة الحدود الثلاثية)، حيث تتقاطع حدود باراجواي والبرازيل والأرجنتين.

ولفت إلى أن الارهابيون في مناطق عدة -إفريقيا على وجه الخصوص- التسامح مع بعضهم بعضًا (من الناحية الدينية، حيث ترفض جماعات جهادية عدة تجار المخدرات أو تعاديهم)، كونهم يدركون أن الصدام بينهم لن يكون في مصالحهم. علاوة على ذلك، فقد عزَّزت الحرب على الإرهاب التقارب بين بعض الجماعات الجهادية والمتاجرين، وفي العديد من المناطق.

وأوضح التقرير أن إنتاج الأفيون في أفغانستان -الذي سيتأثر بسقوط حكومة كابول في أيدي طالبان، ويمكن أن يغيّر العمليات والإدارة المتصلة بإنتاج الأفيون والاتجار به-  نما على سبيل المثال، إلى قرابة 93% من الإنتاج العالمي بحلول عام 2020 (أي مع سيطرة طالبان على نحو 40% من الدولة)، وفقًا للتقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة. ومع ذلك، تقلصت المناطق المعروفة باسم الهلال الذهبي (أفغانستان، وإيران، وباكستان) والمثلث الذهبي (ميانمار، ولاوس، وتايلاند)، التي تضم 240 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بخشخاش الأفيون، للعام الثاني على التوالي في عام 2019، مع حدوث تراجع في أفغانستان وميانمار.

تجدر الإشارة إلى أن المساحة المزروعة بالخشخاش في أفغانستان تصل إلى آلاف الهكتارات من الأراضي. وقد شجعت الربحية والسهولة النسبية لإنتاج الخشخاش المزيدَ من المزارعين الأفغان على تفضيل زراعة الخشخاش. وفي الواقع، ارتفعت نسبة زراعة الخشخاش بنسبة 36% في السنوات الاثنتي عشرة الماضية.

وتفرض طالبان ضريبة على المزارعين تبلغ 10% من مجموع عائدات الأفيون المنتج، بالإضافة إلى ضريبة قدرها 30% على المحصول. كما تفرض ضرائب على المختبرات التي تحوّل الأفيون إلى هيروين، ومن التجار الذين يهربون المخدرات غير المشروعة. وتتراوح تقديرات العائدات السنوية لطالبان من اقتصاد المخدرات غير المشروعة بين 100 و400 مليون دولار، أي ما يناهز 60% من الدخل السنوي لطالبان.

وفي أول مؤتمر صحفي له بعد السيطرة على كابول في أغسطس 2021، دعا المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إلى توفير “مساعدة دولية” لإمداد المزارعين بمحاصيل بديلة للخشخاش، ووعد بأن الحكومة الجديدة لن تحوّل أفغانستان إلى دولة مخدرات. ويبدو أن هذه الوعود مجرد حِيلة من جانب قادة طالبان الجدد لكي يبدوا أكثر اعتدالًا أمام العالم بهدف تأمين الدعم والاعتراف الدوليين.

الماريجوانا مخدر آخر تستغله الجماعات الإرهابية لتمويل نفسها من خلال الضرائب. والطريق الرئيس لتجارتها هو من أفغانستان وباكستان إلى ألبانيا وهولندا، حيث يتم توجيه المخدرات إلى المدن الأوروبية الكبرى. تدير حركة طالبان هذه العملية في أفغانستان، فيما تتولى عسكر طيبة وجيش محمد هذه العملية في باكستان. عسكر طيبة أو “جيش الخير”، هي واحدة من أكبر التنظيمات الإرهابية وأكثرها نشاطًا في جنوب آسيا. وتنشط حاليًا بالقرب من لاهور، باكستان، وفي معسكرات تدريب عسكرية عدة في كشمير.

بالانتقال إلى إفريقيا، تسهل جماعة بوكو حرام وداعش والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة عبور شحنات أمراء الحرب والاتجار بالمخدرات مقابل دفع الضرائب والأسلحة، خاصة فيما يتعلق بالاتجار بالحشيش والكوكايين والقنب والمخدرات الاصطناعية (الترامادول على وجه الخصوص). هذه الضرائب المفروضة على الاتجار بالمخدرات مكّنت تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وحركة الشباب من جمع ملايين عدة من اليورو لتمويل أنشطتها وعملياتها. وتغطي طرق تهريب المخدرات دول كثيرة، مثل المغرب وتونس والجزائر وليبيا ومصر ومالي والنيجر وغينيا وبنين في غرب ووسط إفريقيا.

بالتحول إلى الشرق الأوسط، يلاحظ أنه إلى جانب الهيروين والحشيش والماريجوانا، شهد الطلب على المخدرات الاصطناعية نموًا هائلًا في السنوات الأخيرة، لا سيما في سوريا ولبنان والعراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. يتجاوز استهلاك المخدرات الاصطناعية القيود المفروضة على الكحول والمخدرات الطبيعية.

كذلك  يدير حزب الله اللبناني سوق المخدرات الاصطناعية في الشرق الأوسط إلى حد كبير ، الذي ينتج الميثامفيتامين والكبتاجون في مختبراته، التي توجد في معقله في وادي البقاع، ثم ينقلها إلى دول الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، يدعم داعش ويشجع تجارة المخدرات الاصطناعية في شمال إفريقيا، ومنطقة الساحل، والمنطقة الحدودية الأفغانية-الباكستانية، وذلك مقابل فرض الضرائب على المنتجين والمتجرين. في أوروبا، بالإضافة إلى ما سبق، تنقل المخدرات الاصطناعية عبر الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم إلى ليبيا، ثم تباع إلى منظمات إجرامية إيطالية مثل كالابريا ندرانغيتا وكامورا نابولي.

وأوضح التقرير أن دور الجماعات الجهادية   في الاتجار بالمخدرات ليس يرتبط بإنتاج المخدرات فحسب، بل بالتمويل الذي تحصل عليه من خلال فرض ضرائب على المنتجين في بعض المناطق، والمتجرين في جميع المناطق تقريبًا. وتحصل التنظيمات الجهادية على التمويل من قطاعاتٍ مختلفة من تجارة المخدرات تتراوح من توفير الحماية، إلى الدعم في النقل، إلى الوساطة.

 واقترح التقرير ثلاث طرق مختلفة: العسكرية، والتشريعية، والاقتصادية.أولًا وقبل كل شيء، يجب ألا يقتصر الأمر على مكافحة غسل الأموال فحسب، بل يشمل التصدي إلى العصابات الإجرامية المنظمة أيضًا التي تتعاون مع الجماعات الجهادية، من خلال محاولة تفكيك النماذج الإجرامية التي يمكن للإرهابيين تكرارها بغض النظر عن منطقة عملياتهم الجغرافية. ويجب أيضًا تدعيم الأنشطة والأدوات اللازمة للتحقيق في تمويل الإرهاب المباشر وغير المباشر وتعقبه. ومن الضروري تعزيز الأدوات التكنولوجية في الموانئ والمطارات والجمارك.

فيما يتعلق بمنطقتي الساحل والصحراء، يجب أن تسعى دول المنطقة والجهات الفاعلة الدولية الموجودة هناك لتعزيز الاستخبارات المحلية، وأنشطة الرقابة المالية، ومكافحة الفساد، وأجهزة إنفاذ القانون، والقوات الخاصة، بهدف التصدي، باستمرار وفعالية، للجماعات الجهادية الكثيرة التي تنشط في المنطقة، ومنع عمليات الاتجار غير المشروع المذكورة آنفًا كافة.

في حالة أفغانستان والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية تحديدًا، يمكن اتخاذ إجراءاتٍ اقتصادية لدعم سياسات الرعاية الاجتماعية للمزارعين أو لتمويل سياسة زراعية مختلفة، حتى لا يجبروا على زراعة المواد الخام التي تستمد منها المخدرات من أجل البقاء. ويلزم أيضًا التدخل لمكافحة الفاسدين الذين يفضلون نقل المخدرات إلى خارج دولهم.