بوابة الحركات الاسلامية : مقتل زعيم «داعش» بعملية أمريكية في سوريا/دعوات الاحتجاج تفاقم مخاوف التونسيين من انهيار الوضع الأمني/«بيعة المرشد»... فصل جديد في صراع «إخوان الخارج» (طباعة)
مقتل زعيم «داعش» بعملية أمريكية في سوريا/دعوات الاحتجاج تفاقم مخاوف التونسيين من انهيار الوضع الأمني/«بيعة المرشد»... فصل جديد في صراع «إخوان الخارج»
آخر تحديث: الجمعة 04/02/2022 08:50 ص إعداد: فاطمة عبدالغني
مقتل زعيم «داعش»
تقدم بوابة الحركات الإسلامية، أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات)  اليوم 4 فبراير 2022.

الخليج: حفتر يعود لقيادة الجيش الليبي بعد تعثر الانتخابات

عاد المشير خليفة حفتر لممارسة مهامه قائداً عاماً للجيش الوطني الليبي، وهو المنصب الذي تركه مؤقتاً من أجل خوض انتخابات الرئاسة التي تعذر إجراؤها، فيما جددت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة موقفها بعدم تخليها عن السلطة حتى إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في البلاد.

غموض المواعيد

وكان حفتر تنحى مؤقتاً عن منصبه كقائد عام للقوات المسلحة في 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وما زال موعد إجرائها غير محسوم حتى الآن.

وينص قانون الانتخابات على أن أي مواطن ليبي يرغب في الترشح «سواء كان مدنياً أو عسكرياً، يتوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم ينتخب فإنه يعود لسابق عمله وتصرف له مستحقاته». وتعذر إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد ضمن خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد إعلان مفوضية الانتخابات حالة القوة القاهرة.

كما تعذر إجراء الانتخابات الليبية للسبب ذاته في الموعد الثاني المقترح 24 يناير/كانون الثاني 2022، ولا يبدو أنه سيتم إجراؤها في موعد قريب.

الناطوري رئيسا للاركان

وأكدت مصادر في القيادة العامة للجيش الوطني الليبي عودة المشير حفتر لممارسة مهام القائد العام للقوات المسلحة من مقرها في الرجمة جنوبي بنغازي شرقي البلاد. واضافت المصادر أن حفتر أنهى تكليف الفريق أول عبد الرازق الناظوري كقائد عام وأعاده الى منصبه السابق رئيساً لأركان القوات المسلحة.

وعاد أغلبية المرشحين الرئاسيين السابقين إلى أعمالهم السابقة، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس حكومة تصريف الأعمال عبد الحميد الدبيبة ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، بعد تعذر إجراء الانتخابات.

تشدد الرئاسي

من جانب آخر، كررت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة موقفها السابق مشددة على عدم تخليها عن السلطة حتى إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في البلاد. وأكد الدبيبة بتغريدة على حسابه على تويتر ليل الأربعاء الخميس، أن حكومته مستمرة في أداء مهامها. كما شدد على أنه لن يعترف بأي حكومة تغيير أو مؤقتة، ما يشي بمستقبل قاتم قد يعود للتخييم على المشهد الليبي، إذا ما أصر البرلمان في جلساته المقبلة على المضي في تشكيل حكومة جديدة.

يجيء ذلك في وقت جددت الولايات المتحدة تأكيدها أن الانتخابات هي أفضل طريق لتحقيق الاستقرار في ليبيا، فيما عبرت عن قلقها من عودة النشاط الارهابي في الجنوب. وقالت السفارة الأمريكية، إن السفير ريتشارد نورلاند بحث مع النائبة رحمة أبو بكر علي، التطورات الأخيرة في الجنوب خاصة بعد عودة نشاط تنظيم «داعش» وخطورته على المنطقة.

ليبيا.. وسراب الانتخابات

الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أصبحت بالنسبة إلى الليبيين شيئاً أشبه بالسراب في الصحراء، كلما اقتربوا منه ابتعد. وابتعد معه تأسيس شرعية جديدة حقيقية تستند إلى إرادة الشعب، كما يتم التعبير عنها في صناديق الاقتراع، وتستطيع إعادة بناء وتوحيد الدولة على أساسي ديمقراطي.

كان الفشل في إجراء الانتخابات الرئاسية، في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إعلاناً عن فشل ذريع ل«خارطة الطريق» التي جرى إعدادها بقيادة الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز، (القائمة بأعمال المبعوث الأممي وقتها)، وتم على أساسها تشكيل حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، لفترة انتقالية كان مقرراً أن تنتهي بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأن يتم خلال هذه الفترة الانتقالية توحيد القوات المسلحة في شرقي البلاد وغربيها، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة، وحل الميليشيات الإرهابية والقبلية والمناطقية، ونزع سلاحها، وتوحيد وتغيير قيادات المؤسسات السيادية الأكثر أهمية كالمصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، وهيئات الرقابة المالية، والنيابة العامة.. وهو ما لم يحدث، وأدى في النهاية إلى الفشل في إجراء الانتخابات، حتى من دون الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، الذين كان أهمهم محل جدل شديد.

التدخلات الخارجية وفوضى الميليشيات

والحقيقة أن التخبطات القانونية والدستورية لم تكن غير انعكاس لأسباب أهم بكثير لا بد من مواجهتها إذا كانت هناك إرادة جدية لإجراء الانتخابات، وأبرز هذه الأسباب هو التدخلات الخارجية الدولية والإقليمية في الشأن الليبي، وانعكاسها على الأوضاع الداخلية في البلاد، والدعم الخارجي لقوى داخلية بعينها، وتحديد لقوى «الإسلام السياسي» بقيادة جماعة «الإخوان» والميليشيات التابعة لها والمتحالفة معها، ما أدى إلى خلق مناخ من الصراعات السياسية والضغوط المتبادلة، والفوضى الأمنية، التي يستحيل في ظلها إجراء انتخابات نزيهة، علماً بأن القوى المشار إليها كلها لديها امتدادات خارجية، دولية وإقليمية، أو تمثل امتداداً لمصالح وضغوط خارجية.

كما أن حكومة الدبيبة، المتحالفة مع القوى المذكورة، عملت بوضوح تام على إعاقة تنفيذ خارطة الطريق، بما في ذلك عرقلة جهود لجنة (5+5) لتوحيد المؤسسة العسكرية، وإصرار الدبيبة على الاحتفاظ لنفسه بوزارة الدفاع، والتأخير المتكرر في دفع رواتب الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، وعدم اتخاذ خطوة واحدة في اتجاه حل الميليشيات الإرهابية والقبلية والمناطقية، بل والقيام بدفع رواتب لهذه الميليشيات وقوات المرتزقة، واستناداً إلى علاقة الدبيبة بمحافظ المصرف المركزي الذي كانت خارطة الطريق تقضي بتغييره، فقد ظل في منصبه، ورفض إخضاع الموازنة العامة لرقابة البرلمان، إضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية على أوسع نطاق، وإنفاق المال العام لأغراض انتخابية تخص الدبيبة الذي ترشح الانتخابات الرئاسية في انتهاك لقانون الانتخابات، ولتعهده أمام (ملتقى الحوار) بعدم ترشح نفسه.. ثم إعلانه أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة «على أساس توافقي»، بما يعني إعطاء «فيتو» لقوى «الإسلام السياسي» في الغرب الليبي بقيادة الزعيم الإخواني خالد المشري على أية عملية انتخابية لا تستجيب لشروطها، أو على نتائج أية انتخابات لا ترضيها.

واللافت للنظر أن حكومات الدول الغربية الخمس الكبرى المتصلة بالوضع الليبي «أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا»، لم تكتف بعدم الضغوط على حكومة الدبيبة لتنفيذ «خارطة الطريق» بل أعلنت تأييدها لاستمرار حكومة الدبيبة في السلطة بعد انتهاء فترة حكمها، في (24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي) وفقا لما تقضي به «الخارطة» العتيدة.

الانتخابات تبتعد

وإزاء الفشل في إجراء الانتخابات اضطر البرلمان (السلطة الشرعية والوحيدة المنتخبة في البلاد) للخضوع لأهم شروط خالد المشري والسياسيين في طرابلس بالموافقة على وضع الدستور والاستفتاء عليه قبل إجراء الانتخابات، (بدلاً من القاعدة الدستورية المتمثلة في قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية)، وعلى أن يتم ذلك بالمشاركة مع ما يسمى «المجلس الأعلى للدولة» بقيادة المشري، وهو مجلس غير منتخب من مخلفات «اتفاق الصخيرات» المنتهي أجله، ومع «لجنة الدستور»، وكلاهما هيئة يهمين عليها «الإخوان»، وبتمثيل متساو للأطراف الثلاثة، الأمر الذي يعني الوصول في جدل طويل ومفتوح حول كل مادة. وتقدر «خارطة الطريق» البرلمانية الوقت المطلوب لهذه العملية نحو (12 شهراً) أي سنة كاملة لإجراء الانتخابات. أما القيود الأخرى شديدة الأهمية، بل الحاسمة، في تهيئة المناخ للانتخابات وفي مقدمتها خروج القوات الأجنبية والمرتزقة وحل الميليشيات، وتوحيد القوات المسلحة، والمؤسسات السيادية، فيلفّها صمت مريب، بالرغم من أنه من دونها يستحيل ضمان الحد الأدنى من نزاهة أية انتخابات.

الحكومة الجديدة

الأمر الأساسي الذي يصرّ عليه البرلمان بأغلبية أعضائه، هو إقالة حكومة الدبيبة، وتشكيل حكومة جديدة، وأبرز المرشحين لرئاستها هو فتحي الباشاغا، وزير الداخلية السابق في حكومة السراج، وزعيم ميليشيات «مصراتة»، والمرشح الرئاسي، والمنافس للدبيبة على الزعامة في الغرب. وهناك أيضاً احمد معتيق النائب السابق لرئيس «المجلس الأعلى للدولة»، وهو أيضاً من زعماء مصراتة، إلا أن حظوظ «الباشاغا» أقوى من حظوظ معتيق لأنه يتمتع بنفوذ سياسي وعسكري أقوى.

ومعروف أن الباشاغا كان زار بنغازي قبل الموعد المقرر للانتخابات، ثم عاد والتقى به وبعقيلة صالح «رئيس البرلمان»، وهو يبدو أقدر من أي سياسي آخر على مواجهة الدبيبة والمشري والميليشيات المرتبطة بهما، خاصة مع دعم الجيش الوطني له، غير أن الدبيبة أعلن أنه غير مهتم بما يقرره البرلمان ورئيسه.. وأنه مستمر في السلطة.

واللافت للنظر أن مستشارة أمين الأمم المتحدة،ستيفاني ويليامز، أعلنت أن البرلمان يجب أن يهتم بإجراء الانتخابات وليس بتغيير الحكومة، خوفاً من دخول البلاد في وضع انقسام، من دون أن توضح كيف يمكن إجراء الانتخابات في ظل حكومة الدبيبة، وسيطرة ميليشيات الإخوان.. بل ذهبت إلى القول إن خروج المرتزقة ليس شرطاً لإجراء الانتخابات، من دون أن تتحدث عن الميليشيات المسلحة، ولا عن القوات الأجنبية، ما يشير إلى عدم جديتها في مسألة إجراء الانتخابات، لا هي ولا الدول الخمس الكبرى المؤيدة لاستمرار الدبيبة في الحكم.. ويشير ذلك كله إلى عودة وضع ازدواجية الحكم أيام السراج.. وإلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى مع بقاء القوات الأجنبية والمرتزقة. وهذا يعني أن مأساة الشعب الليبي مستمرة، وأن الحديث عن الانتخابات مجرد لغو.. وأن الأمل فيها يبتعد كسراب في الصحراء.

البيان: مقتل زعيم «داعش» بعملية أمريكية في سوريا

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ بلاده «أزالت تهديداً إرهابياً كبيراً» بمقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو ابراهيم الهاشمي القرشي الذي فجّر نفسه خلال عملية إنزال نفّذتها وحدة «كوماندوس» أمريكية فجر أمس على منزل في سوريا كان يقيم فيه مع عائلته.

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إنه عند بدء العملية «فجّر الهدف الإرهابي قنبلة قتلته وأفراد عائلته، وبينهم نساء وأطفال» داخل منزله الواقع في بلدة أطمة بمحافظة إدلب، وهي المنطقة ذاتها التي نفذت فيها واشنطن عملية مماثلة أسفرت في 27 أكتوبر 2019 عن مقتل زعيم التنظيم السابق أبوبكر البغدادي.

وقال بايدن في أول تعليق على العملية إن الجيش الأمريكي «أزال من ساحة المعركة» زعيم التنظيم، مؤكداً عودة جميع الجنود الأمريكيين سالمين من المهمة.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أعلنت صباحاً أن «القوات الأمريكية الخاصة بإمرة القيادة المركزية الأمريكية نفّذت مهمة لمكافحة الإرهاب في شمال غربي سوريا»، وقالت إنّ «المهمة كانت ناجحة ولم تسجل خسائر» في صفوفها.

منذ تسلمه مهامه خلفاً للبغدادي في نهاية أكتوبر 2019، لم يظهر القرشي علناً أو في أي من إصدارات التنظيم المتطرف، ولا يعرف الكثير عنه أو عن تنقلاته، ولم يعنِ اسمه حينها شيئاً للكثير من الخبراء بشؤون الجماعات المتطرفة، حتى أنّ بعضهم طرح إمكانية أن يكون شخصية وهمية، وقال عنه مسؤول أمريكي رفيع المستوى حينها إنه «مجهول تماماً».

10 ملايين دولار

وبعد تقارير استخبارية كشفت اسمه الحقيقي، وهو أمير محمد عبدالرحمن المولى الصلبي، تبيّن أن الولايات المتحدة كانت قد رصدت في أغسطس 2019 مكافأة مالية تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار مقابل أي معلومة تقودها إلى المولى، الذي لم يزل في حينه قيادياً في التنظيم المتشدد، لكنه مع ذلك كان «خلفاً محتملاً» للبغدادي.

وضاعفت المكافأة في يونيو 2020 إلى عشرة ملايين دولار، بعد أسابيع من وضعه على لائحتها السوداء «للإرهابيين الدوليين».

وبحسب موقع «المكافآت من أجل العدالة» التابع للحكومة الأمريكية فإن الصلبي، الذي «يعرف أيضاً باسم حجي عبدالله» كان «باحثاً دينياً في المنظمة السابقة لـ«داعش»، وهي منظمة القاعدة في العراق، وارتفع بثبات في الصفوف ليتولى دوراً قيادياً كبيراً» في التنظيم.

واستهدفت العملية الأمريكية مبنى من طبقتين في أرض محاطة بأشجار الزيتون. وتضرّر الطابق العلوي منه بشدة وغطى الدخان الأسود سقفه الذي انهار جزء منه. وتبعثرت محتويات المنزل الذي انتشرت بقع دماء في أنحائه.

وجاء القضاء على التنظيم بعد أيام من إعلان قوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، إعادة سيطرتها على سجن الصناعة في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، حيث خاض التنظيم هجوماً منسقاً على السجن، شارك فيه مقاتلون من الخارج وسجناء من الداخل.

الشرق الأوسط: البغدادي والقرشي... تشابه المسارات والنهايات

في ظل مؤشرات إلى نشاط متزايد لخلايا تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، وجّهت الولايات المتحدة، أمس، ضربة قوية جديدة إلى هذا التنظيم بقتلها زعيمه أبو إبراهيم القرشي، في عملية نفّذتها قوة كوماندوس في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
قُتل القرشي، واسمه الحقيقي أمير عبد الرحمن المولى، عندما فجّر نفسه، كما يقول الأميركيون، في منطقة قريبة من بلدة أطمة على مشارف الحدود مع تركيا. طلب منه الجنود الأميركيون الذين وصلوا إلى مخبئه بعد إنزالٍ بمروحيات، أن يسلّم نفسه. فردّ بتفجير نفسه مع أفراد من عائلته. سلفه، أبو بكر البغدادي، كان قد قُتل بدوره قبل عامين ونيّف في منطقة أخرى من إدلب بجوار الحدود مع تركيا أيضاً. هو أيضاً، كما يقول الأميركيون، فجّر نفسه عندما حاصرت مخبأه قوة كوماندوس. تشابهت طريقة تنفيذ العمليتين وتشابه مصير مَن استهدفتهما.
التشابه لا ينتهي هنا. البغدادي تولى قيادة «داعش» عام 2010، وكان التنظيم آنذاك ما زال يُعرف بـ«الدولة الإسلامية في العراق»، بعدما مقتل سلفه أبو عمر البغدادي. كان التنظيم آنذاك يعاني هزالاً كبيراً عقب ضربات قوية تعرض لها في السنوات الماضية على أيدي القوات الأميركية والعراقية وفصائل سنيّة مسلحة ثارت ضده نتيجة ممارساته الفظيعة ضد العراقيين الذين يخالفونه الرأي. لكنّ أبو بكر البغدادي سرعان ما تمكن من إحياء نشاط تنظيمه، مستفيداً إلى حد كبير من الفوضى التي حلّت بسوريا عقب الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في عام 2011. نجح البغدادي بسرعة في إحباط «الدولة الإسلامية في العراق» وسيطر خلال سنوات قليلة على سلسلة من المدن السنية الكبرى في العراق، قبل أن يتوسع في سوريا المجاورة ويعلن في عام 2014 قيام «دولة» تمتد عبر مساحات شاسعة من أراضي هاتين الدولتين.
أشرف البغدادي على صعود نجم «داعش»، وأخذ يتوسع عالمياً عبر افتتاح «وكالات» أو فروع في دول عدة، منافساً حلفاءه السابقين في تنظيم «القاعدة». لكن البغدادي كان شاهداً أيضاً ليس فقط على صعود نجم «داعش»، بل على أفوله أيضاً. فقد انهارت «دولته» في العراق عام 2017. ثم قُضي عليها في سوريا عام 2019، قبل أن يقضي عليه الأميركيون بعملية كوماندوس في إدلب في أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام.
القرشي، خليفة البغدادي، ورث عن سلفه أيضاً تنظيماً منهاراً، لكنه لم يتمكن، كما يبدو، من إعادة إحيائه، رغم مؤشرات عديدة في الأيام الماضية أوحت بأن خلايا التنظيم باتت أكثر جرأة في تنفيذ هجماتها، كما حصل في ديالى بالعراق، وكما حصل في الحسكة، شمال شرقي سوريا (محاولة تحرير مئات من أسرى التنظيم في سجن غويران)، وأيضاً في سلسلة هجمات كرّ وفرّ في البادية السورية. وليس واضحاً في الحقيقة ما إذا كان القرشي نفسه لعب دوراً رئيسياً في الإشراف على هذا النشاط لخلايا تنظيمه، أم أن الإجراءات الأمنية التي أحاط نفسه بها منعته من التواصل المباشر مع قياديي تنظيمه في سوريا والعراق. ومهما كان الجواب، فإن «قطع رأس» التنظيم الآن سيعني أن الزعيم الجديد لـ«داعش» سيكون أمام مهمة أصعب في إعادة بناء خلايا تنظيمه، والتأكد من عدم وجود اختراق في صفوفه أدى إلى الوشاية بمخبأ القرشي.
وثمة تشابه آخر بين البغدادي والقرشي يتمثل في أن كلاً منهما كان «ضيفاً» في سجون الأميركيين خلال احتلالهم للعراق. فالبغدادي، الذي يتحدر من سامراء، كان نزيلاً في سجن «بوكا» الأميركي في البصرة بعد اعتقاله قرب الفلوجة عام 2004. القرشي، المتحدر من الموصل، اعتقله الأميركيون عام 2008 في هذه المدينة شمال العراق، ثم سلّموه إلى الأجهزة الأمنية العراقية التي احتجزته لفترة قبل الإفراج عنه لاحقاً.
ويمثل مقتل القرشي نصراً من نوع ما للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن الذي يعاني من تراجع في شعبيته نتيجة أسباب عدة بينها الانسحاب الفوضوي للأميركيين من أفغانستان. لكنّ «نصره» هذا لا يقارَن بنصر سلفه دونالد ترمب الذي نجح في قتل البغدادي قبل أكثر من عامين. فعلى الرغم من أن القتيلين يرأسان نفس التنظيم (داعش) فإن البغدادي ارتبط في أذهان الأميركيين على مدى سنوات بعمليات قطع الرؤوس والتفجيرات وعمليات السبي، في حين أن القرشي، وهو أصلاً من المقلّين من الكلام، لم يسمع به ربما سوى قلة من المعنيين بشؤون هذا التنظيم.
ويبقى أمر آخر لا بد من الإشارة إليه أيضاً في هذا المجال وهو أن مقتل القرشي، وقبله البغدادي، في محافظة إدلب السورية سيعني تسليط الأضواء من جديد على هذه المحافظة السورية التي يبدو أنها ما زالت تحتضن مجموعة من المتشددين سواءً من قادة «داعش» أو جماعات أخرى مرتبطة بتنظيم «القاعدة» على غرار جماعة «حراس +الدين». واللافت هنا أن الأميركيين، رغم علاقتهم الوثيقة بتركيا، قرروا كما يبدو أن ينفّذوا هم أنفسهم عملية قتل القرشي، وقبله البغدادي، من دون الطلب من تركيا تنفيذ مهمة اعتقالهما، علماً بأن المفترض أن هذه المنطقة تقع ضمن نفوذها المباشر في شمال غربي سوريا. وإذا كانت أميركا قد استفادت من إزاحة القرشي اليوم، فإن هذه الاستفادة ستمتد، على الأرجح، إلى جماعة هيئة تحرير الشام المعادية لـ«داعش» والتي تعد إدلب معقلاً لها.

دعوات الاحتجاج تفاقم مخاوف التونسيين من انهيار الوضع الأمني

بعد ساعات قليلة من إعلان «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)» ما سماه «أسبوع الاغتيال»، ودعوته إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأحد، بمعية مجموعة واسعة من الأحزاب التونسية اليسارية والقومية والمنظمات الوطنية، دعت من جانبها «حركة النهضة»؛ المعارضة توجه الرئيس التونسي قيس سعيد، رفقة بعض الأحزاب المؤيدة لها؛ في مقدمتها «حزب ائتلاف الكرامة»، و«حزب قلب تونس»، و«حراك مواطنون ضد الانقلاب»، إلى تنظيم مظاهرات احتجاجية في اليوم نفسه، وهو ما فجر مخاوف حقيقية من إمكانية انفلات الوضع الأمني والاجتماعي في حال إصرار هذه الأحزاب والمنظمات على تنظيم وقفتين احتجاجيتين متعارضتين خلال اليوم نفسه، وفي الفضاء العام نفسه، وما قد يترتب على ذلك من تصادم بين الطرفين المتعارضين.

ففي حين تطالب قيادات حزب «الوطد» اليساري، الذي أسسه القيادي اليساري شكري بلعيد، بفتح ملف الاغتيالات السياسية التي تتهم فيها «حركة النهضة» وجهازها الأمني السري، وبمحاسبة كل الأطراف التي ساهمت في الاغتيالات السياسية وعرقلت المرفق القضائي، وجعلت المذنبين يفلتون من العقاب، على حد تعبير زياد الأخضر رئيس حزب «الوطد»، تطالب قيادات «حركة النهضة» ومؤيدوها، في المقابل، بالتضامن مع نور الدين البحيري، الذي يخضع للإقامة الإجبارية منذ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بقرار من وزير الداخلية، وتتمسك بضرورة الإفراج الفوري عنه، مؤكدة أنها ستنزل إلى الشارع للمطالبة أيضاً بإطلاق سراح كل المحتجزين قسراً، ورفض الانتهاكات التي طالت الحقوق والحريات، خصوصاً خلال المظاهرات الاحتجاجية التي نظمت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، بمناسبة إحياء الذكرى الـ11 لإسقاط النظام السابق؛ على حد تعبيرها.

وحسب مراقبين؛ فإن «حركة النهضة» تخلط بين «الملف الحقوقي والملف الاجتماعي، في محاولة للجمع بين السياسي والاجتماعي؛ إذ إنها حملت رئيس الجمهورية وحكومة نجلاء بودن المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع المعيشية، واتهمتها باللامبالاة في مواجهة موجة الزيادات في الأسعار، والنقص الكبير في أهم المواد الأساسية، وتأخر صرف رواتب الموظفين».

كما استنكرت الحركة بشدة «محاولات السلطة التنصل من المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتعميق الأزمة السياسية»، قائلة إنها «تبحث عن شماعة تعلق عليها عجزها في إدارة البلاد، وفشلها في تحقيق الوعود بالإنقاذ، رغم إلغاء البرلمان وتعليق الدستور، وتجميع كافة السلط»؛ على حد قولها.

في السياق ذاته، دعا حراك «مواطنون ضد الانقلاب»، الذي يتزعمه جوهر بن مبارك؛ المعارض خيارات للرئيس سعيد، إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأحد وسط العاصمة، رفضاً لما وصفها بـ«الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات، وتصدياً للاحتجاز القسري، الذي تعرض له النائب والوزير الأسبق والقيادي في (حركة النهضة) نور الدين البحيري».

ويؤكد ممثلو «الحراك» أيضاً على تمسكهم بضرورة «الكشف عن حقيقة كل الجرائم الإرهابية، التي مثلت (حسبهم) استهدافاً واضحاً للثورة ومسار البناء الديمقراطي»، منددين بـ«الانقلاب وبالملاحقات الأمنية، والتوقيفات التي تستهدف النشطاء والمدونين، وكذلك دعماً للمجلس الأعلى للقضاء، وتنديداً بالتضييق على القضاء ومحاولة تركيعه واستهداف مسار استقلاليته».

في غضون ذلك، أكدت مصادر نقابية تونسية أن عدد المترشحين لـ«المؤتمر الانتخابي»، المنتظر عقده منتصف هذا الشهر، بلغ أكثر من 40 مترشحاً، سيتنافسون على 15 مقعداً في «المكتب التنفيذي لنقابة العمال»، وذلك في ظل دعوات لإبطال هذا المؤتمر، بعد اتهام القيادات النقابية بانتهاك القانون الأساسي للاتحاد، وإقرار العمل بالفصل «20» الذي يمنع الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين. ومن المنتظر أن يحسم القضاء هذه القضية في 7 فبراير (شباط) الحالي؛ أي قبل عقد المؤتمر أواسط الشهر الحالي.

«بيعة المرشد»... فصل جديد في صراع «إخوان الخارج»

فيما عده مراقبون بأنه «فصل جديد في صراع قيادات تنظيم (الإخوان) في الخارج»، فاقمت أزمة «بيعة مرشد التنظيم» الانقسامات المتسعة بين جبهتي لندن بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، وإسطنبول بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم. وقال خبراء ومتخصصون في الشأن الأصولي بمصر إن «الخلافات بين الجبهتين لن تهدأ، وسوف تتزايد الانقسامات، والتلويح المتكرر بورقة (بيعة المرشد) لكسب أرضية، وجذب عناصر، ولتأكيد أمر (شرعية) كل جبهة». وكانت خلافات جبهتي «إسطنبول ولندن» قد شهدت «تصعيداً لافتاً» عقب قيام «مجلس الشورى العام لـ(الإخوان)» بتشكيل «لجنة» باسم «اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام» لتقوم بمهام المرشد العام بقيادة مصطفى طلبة، وعزل إبراهيم منير من منصبه.
أزمة «بيعة المرشد» الجديدة انطلقت تداعياتها عقب عزل «جبهة لندن» لمصطفى طلبة، فيما رفضت «مجموعة إسطنبول» قرار عزل طلبة، مجددة البيعة لمحمد بديع مرشد التنظيم (القابع داخل السجون المصرية والصادر بحقه أحكام بالإعدام والسجن المؤبد)». وقال المتخصص في الشأن الأصولي بمصر، خالد الزعفراني، إن «خلافات (قيادات الخارج) تتعمق من وقت لآخر بشأن (مبايعة المرشد) أو من يقوم بأعماله». حيث وصفها الزعفراني بـ«(البيعات غير الشرعية)»، مؤكداً أن «مسألة البيعة عند (الإخوان) ليس لها أي مسوغ (شرعي)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التلويح المتكرر بورقة (بيعة المرشد) لكسب أرضية، وعناصر جديدة داعمة، ولتأكيد أمر (شرعية) كل جبهة من الجبهتين».
الخلافات بين جبهتي «إسطنبول ولندن» قد تفاقمت قبل أشهر، عقب إعلان منير حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، لتتصاعد الأزمة بإعلان «مجموعة حسين» أكثر من مرة عزل منير من منصبه.
وعزلت «جبهة لندن» قبل أيام مصطفى طلبة، معلنة «عدم اعترافها بقرارات (جبهة إسطنبول) أو ما يسمى بـ(مجلس الشورى العام)»، مؤكدة أن «(شرعية) التنظيم يمثلها نائب المرشد العام إبراهيم منير فقط، وأن أي تنصيب لطلبة، لهو شق للصف يستوجب المحاسبة»، معلنة «بطلان ما يسمى بـ(اللجنة القائمة بعمل المرشد) التي يمثلها طلبة».
في المقابل، ردت «جبهة إسطنبول» على «مجموعة لندن» بتمسكها بـ«قرارات مجلس (الشورى العام) للتنظيم، وأنه هو المرجعية الأعلى»، مطالبة «جميع عناصرها بالالتزام بقرارات المؤسسات الشورية»، مشددة على «بقاء مصطفى طلبة في منصبه، ورفضها لقرار منير بعزله»، مجددة في الوقت نفسه البيعة لمحمد بديع... وكانت «جبهة إسطنبول» قد أعلنت في وقت سابق تجديد البيعة لبديع.
من جهته، أكد الزعفراني أن «الخلافات حول من يقود التنظيم مستمرة منذ توقيف بديع، فبعد بديع، أعلن تولى محمود عزت مهام القائم بأعمال المرشد (محبوس في مصر ويحاكم في قضايا عنف وقتل)، ثم أعلن تولي إبراهيم منير، لحين جاءت (مجموعة حسين) وعينت طلبة، ثم عادت من جديد لتردد أن المرشد الفعلي هو بديع»، لافتاً إلى أن «جميع هذه الأمور بما فيها تعيين طلبة، وتجديد البيعة لبديع تتم من قبل (مجموعة حسين) لمحاولة السيطرة على المشهد، والاحتفاظ بالعناصر الموالية له؛ لكن في الحقيقة، أتصور أنه ليس هناك أي تواصل بين بديع و(مجموعة إسطنبول)». وكانت ما تسمى بـ«لجنة علماء (الإخوان)»، وعدد من قيادات التنظيم، قد دعموا من قبل «منير كقائم بأعمال المرشد».
وحول سيناريوهات الخلاف بين الجبهتين، يشرح الزعفراني فيقول إن «الخلافات لن تهدأ بين الجبهتين، وسوف تحدث انقسامات أكثر وأكثر، وهذا هو طبيعة الحال داخل جميع التنظيمات، يحدث لها انقسامات على مدار تاريخها، وتتشظى إلى مجموعات صغيرة».
وهو ما أكد عليه أيضاً الخبير في الشأن الأصولي بمصر، أحمد بان، بأن «تنظيم (الإخوان) تشظى، ومعركة جبهتي (لندن وإسطنبول) سوف تعمق الانقسامات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «كل جبهة متصارعة لـ(الإخوان) تحاول تأكيد أنها تمثل القيادة، والواقع يشير إلى أنه لا يمكن التأكد من (شرعية) أي من الجبهتين لقيادة التنظيم».