بوابة الحركات الاسلامية : طالبان وداعش الحرب المستعرة في أفغانستان والضحية الشعب (طباعة)
طالبان وداعش الحرب المستعرة في أفغانستان والضحية الشعب
آخر تحديث: السبت 30/04/2022 05:01 ص حسام الحداد
طالبان وداعش الحرب
مجددا تتناثر جثث المصلين في مساجد كابول، هؤلاء الذين لا دخل لهم بالصراع الدائر بين فصيلين تكفيريين، كل منهما يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة، ليس صراعا مذهبيا بينما هو صراع سني سني والضحايا أيضا من السنة، وهذا ما يؤكد على تهافت أيديولوجيا الإسلام السياسي سواء التي يتبناها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش خراسان"، أم حركة طالبان، فكلاهما أجرم في حق الشعب الأفغاني كما أجرم في حق الإسلام الذي ينتمي إليه.
الحادث:
شهر رمضان الذي أنزل فيه الرصاص والإرهاب والقتل في سلسلة من الهجمات التي تبنتها داعش على المواطن الأفغاني طوال الشهر، كان أخرها انفجار وقع أثناء حلقة ذكر عقب صلاة الجمعة 29 ابريل 2022، في مسجد للسنة في العاصمة الأفغانية كابول، والذي قتل وجرح عشرات المصلين من أبنائه، وقال إمام مسجد في العاصمة الأفغانية إن انفجارا قويا وقع بعد صلاة الجمعة أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا، وسط سلسلة من الهجمات على أهداف مدنية في أفغانستان خلال شهر رمضان.
فيما قال متحدث باسم وزارة داخلية طالبان إن ما لا يقل عن 20 شخصا قتلوا أو أصيبوا في انفجار بالعاصمة الأفغانية كابول. وقال بسم الله حبيب، نائب المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن الانفجار استهدف مسجد خليفة صاحب غرب كابول بعد ظهر اليوم. وجاء الهجوم في الوقت الذي تجمع فيه المصلون في المسجد الذي يرتاده السنة بعد صلاة الجمعة اليوم (29 أبريل 2022) من أجل حلقة ذكر. وهي عادة يمارسها بعض المسلمين لكن تعتبرها بعض الجماعات السنية بدعة.
وقال سيد فاضل آغا، إمام المسجد، إن شخصا يعتقد أنه مهاجم انتحاري انضم إليهم في الطقوس وفجر عبوات ناسفة. وأضاف لرويترز "تصاعد الدخان الأسود وانتشر في كل مكان وكانت الجثث (أيضا) في كل مكان"، موضحا أن أبناء أخيه من بين القتلى. ومضى قائلا "لقد نجوت لكنني فقدت أحبائي".
وذكر أحد سكان المنطقة ويدعى محمد صابر أنه رأى أشخاصا يتم نقلهم في سيارات إسعاف. وأضاف "الانفجار كان مدويا للغاية ظننت أني فقدت السمع". وقال مستشفى الطوارئ بوسط كابول إنه يعالج 21 مصابا وإن اثنين توفيا لدى وصولهما.
وقال ممرض في مستشفى آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه استقبل عدة مصابين في حالة حرجة. وذكر مصدر بقطاع الصحة أن المستشفيات استقبلت حتى الآن ما لا يقل عن 30 جثة.
موضوعات ذات صلة
رد الفعل:
أدانت الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة في أفغانستان الهجوم. وقالت الأمم المتحدة إن الانفجار جاء في إطار تصعيد للعنف استهدف في الأسابيع الماضية أقليات أفغانية، مضيفة أن اثنين على الأقل من العاملين في الأمم المتحدة وأسرتيهما كانوا في المسجد وقت الهجوم.
ومن جانبها، قالت مته كنودسين نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان "لا توجد كلمات قوية بما يكفي لإدانة هذا العمل الخسيس".
وقُتل عشرات المدنيين الأفغان في الأسابيع الماضية في انفجارات أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن بعضها. ووقع أحدث هجوم في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان قبل عطلة عيد الفطر الأسبوع المقبل.
وتقول طالبان إنها قامت بتأمين البلاد منذ توليها السلطة في أغسطس وقضت إلى حد كبير على الفرع المحلي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، لكن مسؤولين دوليين ومحللين يقولون إن خطر تجدد العنف لا يزال قائما. واستهدفت الكثير من الهجمات الأقلية الشيعية لكن مساجد للسنة تعرضت لهجمات أيضا.
وانفجرت قنبلتان في سيارتي ركاب تقلان شيعة في مزار الشريف أول أمس الخميس مما أسفر عن مقتل تسعة على الأقل. ويوم الجمعة الماضي، وقع انفجار في مسجد للسنة خلال صلاة الجمعة في مدينة قندوز مما أسفر عن مقتل 33 شخصا.
خبراء:
يقول الخبراء إن تنظيم داعش خراسان، مسؤول عن معظم الهجمات إن لم يكن كلها، ويبدو أن الهجمات جزء من محاولة داعش لتقويض قبضة طالبان الهشة على السلطة.
تركت سلسلة الهجمات الإرهابية المميتة الأخيرة في جميع أنحاء أفغانستان البلاد تترنح، متحدية بذلك حكم طالبان المتوتر بالفعل بعد ثمانية أشهر فقط من انسحاب الولايات المتحدة.
إنها الأحدث في سلسلة من الهجمات هذا الشهر التي استهدفت مساجد ومدارس وحافلات، مما أسفر عن مقتل العشرات ومئات الجرحى. ولم تقتصر الهجمات على كابول كما لقي أشخاص حتفهم في مدينتي مزار الشريف وقندوز الشماليتين.
وأعلن تنظيم داعش خراسان، المعروف أيضًا باسم الدولة الإسلامية ولاية خراسان، مسؤوليته عن بعض المجزرة رسميًا، وهو الفرع التابع للتنظيم الإرهابي في أفغانستان.
لكن مايكل كوجلمان، الخبير في المنطقة في مركز ويلسون، وهو مركز أبحاث مقره العاصمة، قال لـ Insider إنه يعتقد أن معظم الهجمات إن لم يكن كلها نفذتها داعش.
والسبب وراء تصاعد العنف أن داعش خراسان، وهو منافس لطالبان، يبحث بشكل أساسي عن طرق لجعل طالبان تبدو سيئة وتقويض شرعيتها.
وقال كوجلمان إن تنظيم داعش خراسان يريد أيضًا "صد" رواية طالبان بأنها أعادت السلام والاستقرار في جميع أنحاء البلاد في أعقاب رحيل الولايات المتحدة.
وقال كوجلمان: "إذا كان الأفغان يرون الأشياء تتفجر إلى اليسار واليمين، فمن الواضح أن ذلك يتعارض مع رواية طالبان تلك".
وأضاف كوجلمان لـ Insider إن تنظيم داعش خراسان قد تعزز من خلال استيلاء طالبان على أفغانستان والانسحاب الأمريكي بما في ذلك إطلاق سراح الآلاف من سجناء داعش بعد سقوط الحكومة الأفغانية في أغسطس الماضي.
وأضاف إن انهيار الجيش الأفغاني ورحيل قوات الناتو يعني أيضًا التخلي عن الأسلحة جاهزة للاستخدام، وترك مقاتلي داعش خراسان دون الحاجة إلى القلق بشأن الضربات الجوية كوسيلة لمكافحة الإرهاب.
إن الأزمة الاقتصادية والإنسانية المعوقة في أفغانستان وفرت أيضًا بيئة للأفراد المتطرفين ليتم تجنيدهم من قبل داعش.
ويمكن ارجاع عدم قدرة حركة طالبان على مواجهة “داعش” في الوقت الراهن إلى مجموعة من الأسباب أهمها، أن الحركة لا تمتلك منظومة أمنية قوية ومتناغمة من جيش وشرطة واستخبارات وغيرها، يمكنها تتبع تحركات التنظيم، والحيلولة دون تنفيذ هجماته قبل وقوعها.   كما أن طالبان ليست مُتفرغه حالياً لمواجهة التحديات الأمنية فقط؛ فثمة تحديات أخرى تُؤرق الحركة وتضع حكومتها أمام اختبار حقيقي حول قدرتها على إدارة الدولة الأفغانية، أبرزها: مواجهة الانهيار الاقتصادي، ومحاولة كسب ثقة الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي والحيلولة دون سقوط البلاد في براثن حرب أهلية. وأخيرا أن الحركة لا تمتلك حتى الآن استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن افتقارها للموارد المادية اللازمة لإنشاء منظومة أمنية متكاملة. وقد أشرنا من قبل في مقالة بعنوان “عقبات قائمة .. ماهي التحديات التي تواجه حكومة طالبان الجديدة؟” إلى أن ما تمتلكه طالبان من موارد مادية يكفي فقط لبقائها كحركة مسلحة على الساحة الأفغانية، لكنها لا تكفي بالتأكيد لتمويل إنشاء جيش وأجهزة امنية نظامية قادرة على إرساء الأمن والاستقرار في البلاد.
لكن في الوقت الذي تكافح فيه حركة طالبان لحكم أفغانستان في فترتها الثانية، فإن لديها قدرة أقل على القضاء على التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، و في الوقت الذي تعاني فيه أفغانستان بشكل لا يصدق من هذه الأزمة الاقتصادية الرهيبة، فإن مشكلة الإرهاب ستستمر في التفاقم. ومن الواضح أن الشعب الأفغاني هو أكثر من يعاني من كل هذا.