بوابة الحركات الاسلامية : أفغانستان تسقط رهينة الإمارة.. كيف كان عام طالبان الأول في الحكم؟ (طباعة)
أفغانستان تسقط رهينة الإمارة.. كيف كان عام طالبان الأول في الحكم؟
آخر تحديث: الثلاثاء 16/08/2022 01:04 م علي رجب
أفغانستان تسقط رهينة
كشفت تقارير دولية عن تدهور الأوضاع في أفغانستان على مستوى الوضع المعيشي، وانتهاك الحريات وتجمد الوضع السياسي وتدهور الوضع الاقتصادي ، وسط تصاعد نشاطتنظيم داعش الارهابي ، بعد عام من سيطرة حركة طالبان على السلطة في 15 أغسطس 2021، و وفشل في الحصول على الاعتراف الدولي.
المشهد السياسي 
وعلى مستوى الوضع السياسي، قال الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي، جميع إنجازات العام الماضي كانت سلبية وضد إرادة الشعب الأفغاني. 
وأضاف كرزاي في مقابلة مع صحيفة "إنديا توداي" إن سقوط الحكومة الأفغانية السابقة كان كارثة والاقتصاد الآن في وضع سيء للغاية، لافتا إلى أن أفغانستان شهدت هجرة المثقفين والعقول بما يشكل خسارة فادحة للبلاد.   
كما أصدر بعثات الدبلوماسية والسفارات الأفغانية  بيانا بمنسابة مرور عام على حكم طالبان، قائله إن أفغانستان واجهت في العام الماضي أزمات مختلفة، من بينها أزمة سياسية وإنسانية واقتصادية وأزمة حقوقية وأمنية عميقة، مشددة على طالبان يجب أن تفي بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي وشعب أفغانستان.
وشدد رئيس البعثة الدائمة لأفغانستان لدى الأمم المتحدة ناصر أحمد فائق، أن طالبان يجب أن تفي بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي وشعب أفغانستان. 
وكشفت تعيينات حركة طالبان ، عن عدم وفائها بالالتزامات بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعيين اعضاء الحركة في المناصب الوزارية وكذلك في مناصب حكامالاقاليم،  وسيطرة المكون البشتوني على الوظائف والتعيينات ، واستبعاد للطاجيك والتركمان والبشتون والهزارة، وتهميش مكونات الشعب الأفغاني والأقليات في المناصب الإدراية والعسكرية والامنية داخل المقاطعات الافغانية.
الوضع الاقتصادي 
وعلى المستوى الاقتصادي يعانى الاقتصاد الأفغاني من أزمة كبيرة، مع هروب رأس المال، وتراجع المساعدات الدولية لكابل وتجميد أموال أفغانستان وإحجام البنوك الأجنبية عن التعامل مع حكومة طالبان. 
وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الأفغاني خلال عام من حكم طالبان تقلص بنسبة 20٪ إلى 30٪، وفقد عدد كبير من الناس وظائفهم وسبل عيشهم ، وتفاقم الفقر والجوع وكذلك الأزمة الإنسانية إلى حد كبير ، وغادر مئات الآلاف من الأشخاص. 
إلا أن إدارة طالبان نجحت في تخفيض الواردات ورفع معدل الصادرات أدى إلى انتعش سعر صرف العملة الأفغانية، لكن لا يزال التضخم مرتفعاً ولكنه الآن نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية. 
وتشير التقديرات إلى أن 70٪ من الشعب الأفغاني وفقًا لمسح أجراه البنك الدولي - غير قادرين على تحمل تكاليف الغذاء والضروريات الأخرى، وهو "توازن المجاعة" حيث سيتضور الكثير من الناس جوعاً في غياب المساعدة الإنسانية. 
كما قال برنامج الغذاء العالمي إنه يحتاج إلى 960 مليون دولار لإطعام الجياع في أفغانستان بحلول نهاية هذا العام.
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي ، يعيش ما يقرب من 19 مليون شخص في أفغانستان في حالة انعدام الأمن الغذائي ، من بينهم 6 ملايين شخص على شفا المجاعة.
وعقب مقتل زعيم تنظيمالقاعدة الإرهابي أيمن الظواهري في كابل أوقفت واشنطن مباحثاتها مع طالبان للإفراجن عن الأموال المجمدة  والتي تقدر بحوالي 7 مليار دولار، وهي قيمة المساعدات التنموية 7 مليارات دولار سنويًا .
 ويبلغ إجمالي الاحتياجات السنوية 8.4 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية والتنموية. منذ 15 أغسطس ، تلقى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان 2.2 مليار دولار ، تم تحويل 950 مليون دولار.
وتقول الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت لـ"بوابة الحركات الإسلامية" إن الوضع الاقتصادی ضبابي مع فرض الحركة قیود علی الموظفین و الموظفات، وتجميد المساعدات الدولية نتيجة لسياسة الحركة، كان له انعاكسه السلبي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. 
الأمن والإرهاب
كما شهدت البلاد  استمرار هجمات ولاية داعش خراسان، واستهدافها إدارة طالبان والاقليات في البلاد، بعد عام واحد من سقوط كابول في أيدي طالبان.
ومنذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان شهدت البلاد نحو  26 هجوماً إرهابياً ، أعلن تنظيم داعش خراسان مسؤوليته عنها ، استهدفت الشعب الأفغاني في العاصمة كابول والأقليات في البالد وعلى رأسها الأقلية الهزارة الشيعة.
ووفقا لتقرير الأمم المتحدة عن تهديدات داعش، ارتفعت عمليات التنظيم الإرهابي ، "منذ سيطرة طالبان العام الماضي،" واتسع وجود الجماعة في شمال شرق وشرق البلاد.
يقول الخبراء إنه في غضون 12 شهرًا منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وتولي طالبان السيطرة على الدولة الواقعة في جنوب آسيا ، لا تزال ولاية خراسان الإسلامية ، الفرع الإقليمي للتنظيم الإرهابي ، عنصرًا مسلحًا هائلاً.
وأوضحت الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت أن عمليات التنظيم الإرهابي ارتفعت بشكل كبير في البلاد منذ سيطرة حركة طالبان، وتوسعت التنظيم الارهابي في الشرق وشمال شرق البلاد، في دلالى على محاولة التنظيم البحث عن قاعدة له للتمركز والانتشار في أفغانستان والدول المجاورة.
وأضافت أن ارتفاع عمليات التنظيم الارهابي يكشف عن الصراع بين داعش وطالبان على النفوذ، مع وصف الأخيرة لولاية خراسان لداعشية بأنهم خوارج.
وتقول "حكمت" إن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري مؤخرًا في كابول في هجوم أمريكي بطائرة بدون طيار قد أعطى فرصة أخرى لتنظيم داعش  لتجنيد المزيد من المقاتلين، و خلال العام الماضي ، استمر تنظيم  داعش بجذب دوائر رفض طالبان الرئيسية في أفغانستان وباكستان ، فضلاً عن الجماعات المسلحة الأخرى في أفغانستان التي تخشى أن تتخلى عنها طالبان بسبب للضغط الدولي.
ولفت إن ان طالبان فشلت في تأمين الحدود الأفغانية مع دول الجوار، قائله إن داعش ينشط على حدود باكستان وطاجيكستان وأوزبكستان قد جذب انتباه حكومات البلدان الثلاثة بطرق مختلفة، وهوما أثار تساؤلات حول قدرة طالبان على التعامل مع الجماعة وعمق المخاوف من سيناريوهات تفكك طالبان.
وأشار تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في منتصف يوليو الماضي إلى أن الجماعة الإرهابية تنظر إلى أفغانستان كقاعدة للتوسع في المنطقة الأوسع لتحقيق مشروع "الخلافة الكبرى".
 وقال التقرير إنه على أساس دفع رواتب شهرية أعلى ، قام داعش بتجنيد حوالي 50 عضوًا من الحزب الإسلامي التركستاني (TIP) ، وهي جماعة متشددة من الأويغور تلقيها الصين  باللوم على الاضطرابات في مقاطعة شينجيانغ الغربية، وكذلك يضم داعش مقاتلين من دول آسيا الوسطى.
ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، فإن "العلاقة بين طالبان والقاعدة لا تزال وثيقة" و "تتمتع القاعدة بملاذ آمن تحت حكم طالبان وتزيد من حرية التصرف".
و توفر الملاذات والملاذات الآمنة للجماعات الإرهابية فرصة لزيادة قدراته، بما في ذلك القدرة على إعادة بناء شبكة خارجية لتخطيط العمليات وتشير تقدير رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي، إلى أنه تقع في مكان ما بين 12 و 36 شهرًا.
و صرح قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا أن الولايات المتحدة تمتلك معلومات استخباراتية عن الجماعات الإرهابية يقومون ببناء معسكرات تدريب داخل أفغانستان - على الرغم من أن هذا التطور كان دائمًا حتمية بالنسبة لأي شخص حتى ولو قدرًا ضئيلًا من الاهتمام. 
من جانبها رصدت اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان تقريرًا لها عن أوضاع حقوق الإنسان والضحايا المدنيين في البلاد هلال عام من حكم طالبان أنه قتل وجرح ما لا يقل عن 2626 مدنيا في الفترة من 15 أغسطس / آب 2021 إلى 15 أغسطس / آب من العام الجاري. 
ووصفت اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان طالبان بلا خطة وتعتبرهم مسؤولين عن الجوع والفقر وقتل الناس. 
ولفت التقرير الأممي أن استخبارات طالبان متورطة في العديد من حالات انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص المحتجزين ، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون والتعذيب وسوء المعاملة والاعتقالات التعسفية.
وأوضح تقرير البعثة الأممية أن حركة طالبان الحاكمة قتلت 160 شخصًا دون محاكمة ، واعتقلت 178 شخصًا وسجلت 56 حالة مضايقة وسوء معاملة لقوات الأمن والمسؤولين الحكوميين السابقين.
حقوق المرأة  والحريات
بدورها قالت سيما بحوث، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إنه في العام الماضي، واجهت النساء الأفغانيات عدم احترام متزايد لحقهن في العيش بحرية وعلى قدم المساواة، لافته إلى أن الفتيات حرمت من الذهاب إلى المدرسة، وتتعرض لأنواع مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي. 
وفي بيان إدارة شؤون المرأة في الأمم المتحدة ، قيل أيضًا إن عقودًا من التقدم في المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة في أفغانستان قد ضاعت في غضون بضعة أشهر.
في أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا) قال إن طالبان قد حدت من حياة النساء والفتيات الأفغانيات للبقاء في المنزل، مضيفا  أن نهج طالبان ووجهة نظرها هما نفس القاعدة السابقة للجماعة في التسعينيات ولم تتغير بشكل جذري.
وأضاف  أن حركة طالبان تستبعد النساء بشكل منهجي من الحياة العامة والسياسية ، وأن وصولهن إلى التعليم والمساعدات الإنسانية والتوظيف والعدالة والخدمات الصحية محدود.
وتتحدث "أوشا "عن القمع المنهجي للنساء الأفغانيات من قبل طالبان ضد الاحتجاجات النسائية في الشوارع تحت اسم "الخبز والعمل والحرية" في كابول.
ويُظهر تحليل صندوق الأمم المتحدة للطفولة أنه خلال العام الماضي ، تضرر الاقتصاد الأفغاني بما لا يقل عن 500 مليون دولار بسبب حرمان الفتيات من التعليم، وتبلغ نسبة الأمية في أفغانستان 70٪.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة" اليونيسف" إنه بعد مرور عام على تولي طالبان زمام الأمور ، تعيش أفغانستان أزمة أكثر من ذي قبل ومستقبل أطفال البلاد في خطر، معربة عن عن قلقها إزاء إغلاق مدارس الفتيات ، وقال إن 13 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة عاجلة.
وتضيف الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت، إن طالبان فشلت في الالتزام بتعهداتها باحترام حرية المرأة وحقوق الإنسان، بل مارست انتهاكات ضد المرأة والاقليات الدينية والمكونات الأخرى من الشعب الأفغاني خاصة الطاجيك في إقليم بنجشير لأنهم من مراکز المقاومة ضد سلطة الحركة.
وقالت إنه مع هيمنة حركة طالبان، ازداد مستوى الفقر والبطالة ، وفي الوقت نفسه، أصبحت القيود المفروضة على حياة المواطنين ، وخاصة النساء ، أكثر شدة.
كذلك لفت تقرير مكتب الأمم المتحدة إلى أنه من 15 أغسطس 2021 حتى يونيو 2022 تعرض حوالي 173 صحفيًا وصحفيًا للعنف في البلاد، واعتقال122 شخصًا، وقتل ستة صحفيين في أفغانستان خلال الأشهر العشرة الماضية.
كما تم  انتهاك حقوق الإنسان لما لا يقل عن 65 من نشطاء حقوق الإنسان، من بينها 47 حالة اعتقال تعسفي و 17 حالة اعتقال دون اتصال و 10 حالات سوء معاملة و 17 حالة تهديد وترهيب.
وسجلت خلال الأشهر العشرة الماضية 2106 خسائر مدنية (700 قتيل و 1406 جرحى) في أفغانستان معظمها نُسب إلى تنظيم داعش وهجماته ضد الأقليات العرقية والدينية.

عنف ممنهج ضدالاقليات
كذلك ذكرت تقارير أفغانية أن حركة طالبان بدأت سياسة التضييق على الحريات الدينية في البلاد، فقد  أوقفت طالبان تدريس الفقه الجعفري "الشيعة الجعفرية" في جامعة باميان وسط البلاد، كما عطلت طالبان اجتماعات علماء الدين الشيعة في كابول وغزنة عدة مرات.
أيضا غادر الأفغان من أقليات الهندوس والسيخإلى خارج البلاد وخاصة الى الهند، ومؤخرا ذكرت تقارير هندية أن 21 أفغانيًا من السيخ وصولوا نيودلهي قادمين من كابل، ولم يبق 130 مواطنًا أفغانيًا من الهندوس والسيخ في أفغانستان، وهم ينتظرون الحصول على تأشيرات لدخول الهند.
وتقول الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت لبوابة الحركات الاسلامية إن حركة طالبان لا تعترف ولا تحترم بالحقوق والحريات الأساسية للشعب الافغاني،  متخذا سياسة الحاكمية المطلقة و الاستبدادية تجاه الشعب الأفغاني بأسره. 
وأضافت أن التمتع بحرية الرأي والتعبير وحرية الانتقال والعمل من الحقوق المنصوصة  في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا أن حركة طالبان تناقض جميع المواثيق الدولية بخصوص حقوق الانسان بشكل يومي في افغانستان. 
وأوضحت أن الحركة تستخدم سلطتها في تقييد الإعلام وتقييد الحريات، لإخفاء جرائمها بحق الشعب الأفغاني.
وحذرت الباحثة الأفغانية من تصاعد مستوى العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل حركة طالبان مع سيطرة التيار الأكثر تشددا داخل الحركة وتيار "الملا يعقوب – سراج الدين حقاني"  الملا يعقوب وزير دفاع طالبان ونجل مؤسس الحركة الملا عمر)، وسراج الدين حقاني وزير داخلية طالبان زعيم شبكة حقاني الإرهابية.
وأوضحت "حكمت" أن الحركة تحكم أفغانستان بقضبة الحديد والنار، وأي تحرك أو انتقاد للحركة يحاكم باسم الشريعة الإسلامية، فالطالبان لا ترى إلى ايديولوجيتها الحاكم في أفغانستان وأي رأي أو حركة مخالفة لها سوف تواجه بعنف.
الاعتراف الدولي
لا يوجد اعتراف دولي بطالبان ، رغم العلاقات الجيدة للحركة بدول الجوار وخاصة الصين وروسيا، إلا أن الحركة لم تنجح حتى الأن في الحصول على الاعتراف الدولي ، وشرعية طالبان في السلطة. 
وكان وزير داخلية طالبان ، سراج الدين حقاني ، قد أعرب عن إحباطه من عدم الاعتراف بحكومة طالبان. 
وترى الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت أن فشل طالبان بالحصول علی الإعتراف الدولی، انعكس بتحول أفغانستان دولة معزولة، ولكن الاعتراف الدولي سوف يغير من الأوضاع في البلاد.