بوابة الحركات الاسلامية : باهر عادل :"الاقباط والحداثة "محاولة لتخليص وعينا من الأصولية الدينية (طباعة)
باهر عادل :"الاقباط والحداثة "محاولة لتخليص وعينا من الأصولية الدينية
آخر تحديث: الثلاثاء 16/08/2022 01:10 م روبير الفارس
باهر عادل :الاقباط

للكاتب الشاب باهر عادل صدر عن دار روافد للنشر مؤخرا كتاب بعنوان  "الأقباط والحداثة " يناقش  خلاله عدد من القضايا المتشعبة بداية من تعريفات سريعة ومختصرة عن التنوير والحداثة والعلمانية والأصولية وماهي دلالات أصولية الأقباط كجزء من مجتمع أصولي عام، نتيجة لتخلف اجتماعي عام، كما يركز على موضوعات شائكة مثل الدراسات النقدية للكتاب المقدس واللاهوت النسوي، ولاهوت التحرير.

 ويبحث الكاتب كيفية تحقيق  حياة  جوهر الإيمان في العصر الحالي  دون وجود صدام مفتعل بين ثنائيات العصر الوسيط (الروح والجسد) أو (العقل والإيمان) أو(الدين والعلم) ويقول ان هذه الصراعات اصطناعية ولا طائل منها سوى تمزق الإنسان النفسي، ولكننا مع توحيد وانجماع شتات الإنسان، حتى يُبدع ويتمتع بالحياة لا أن يعيش مأزوماً متذبذبًا خائفًا تائهًا في وسط أمواج الحياة! وحول كتابه كان هذا الحوار..

 

 

ما هي الأهداف التى دفعتك لكتابة الأقباط والحداثة؟

منذ الصغر كنت مهتم بعالم الأفكار ومهتم بقضايا الدين/ اللاهوت والفلسفة والتاريخ، وبقضايا الوطن أيضا! فأولاً أكتب لاشباع رغبة ذاتية لدي والتعبير عن نفسي و آرائي، ثانياً لأنني غير راضي عن الواقع، لأنه مختطف من قوى يمينية متخلفة لا تريد لنا التقدم، وأنني أُنشد واقع أفضل لنا جميعاً نحن المصريون، ثالثاً الدين مكون أساسي في تاريخ البشرية عموما، ويمثل أهمية لدي الشعوب وبالتالي يمكننا قياس مدى تطور أو تخلف أي شعب من خلال نظرته إلى الدين وللأسف الدين المصري تم اختطافه من قبل الأصوليات الدينية نتيجة لعوامل سياسية واقتصادية! وهذه محاولة مني لتخليص وعينا من الأصولية الدينية عموما !

رابعاً: مصر مرت بعصور عصيبة و ضحى المصريون بدماء شهداء غالية منذ فجر التاريخ حتى كتابة هذه السطور في سبيل أن نحيا حياة كريمة، وأنني من المؤمنين بأن الشعب المصري يستحق أفضل مما نحن فيه على كل المستويات وفي ظني أن للمثقف دور طليعي في نهضة أمته، خامساً هذه محاولة أن أقوم بدوري كمثقف، في دفع عجلة التنوير في بلادنا المحروسة! والدفاع عن مدنية الدولة المصرية، واستكمال نضال من سبقونا والتصدي لكل قوى الظلام من الأصوليين ! باختصار هدفي الأساسي هو تحرير الإنسان المصري من سطوة الأصولية و الاستبداد! لكل هذه الأسباب تحمست للكتابة والنشر.

 

ما هي المحاور الرئيسية في الكتاب ؟

البداية مقدمة بعنوان الدين للشعب، المحور الأول: الأقباط والحداثة والعلمانية، المحور الثاني : أزمة الكنيسة القبطية، المحور الثالث: في نقد التخلف والخرافة، المحور الرابع: الشخصية القبطية الأزمة والحل، المحور الخامس: لاهوت التحرير ثم ختمت الكتاب بحوار قد نشر لي في الحوار المتمدن  وملحق صغير ساخر لفتاوي ساخرة كنت قد قمت بنشرها على صفحتى الشخصية على الفيس بوك! وكلها محاور تهدف إلى تدعيم تنوير وتحرير عقل الإنسان المصري المُكبل بمحددات متيافزيقيا قروأوسطية، وتدعيم "الروح الناقدة" وهي روح العصر الحديث عصر الحداثة! والتركيز على مفاهيم "العقلانية" و "الإنسانية"! وبالتالي الدفع في حالة     "تثويرالوعي" وانتزاع حقوق الشعب المنهوبة والمسلوبة!

 

كيف تستقبل الكنيسة الأفكار الاصلاحية التي ينادي به العلمانيين ؟

تستقبل الكنيسة هذه الأفكار الإصلاحية بالتجاهل أولاً، ثم وصم المُصلح بالهرطقة والخروج عن ما يظنوه الإيمان القويم، ثم إنكار وجود مشكلات ، ثم استخدام أساليب الأجهزة البوليسية واتهام المصلح أنه قابض أو مهرطق أو بروتستانتي أو ملحد (المهم أنه يطلع "وحش" والسلام)! وبالتالي عدم التعامل بجدية مع الطرح الناقد لأنه يقدم كلاما جديدا على آذانهم! ونطمئن على ما تربينا عليه ونركن إليه فرحين!

وهل يشعر القبطي  ان هناك بالفعل حاجه الي إصلاح؟

للأسف لا يشعر القبطي أن هناك حاجة للإصلاح، بل ينظر للدين نظرة عجائبية ، فهو يرى أن الكنيسة القبطية هي الكنيسة الوحيدة في العالم التى حافظت على الإيمان القويم ! وإنها كمؤسسة لا تخطأ أبدا، وإننا كاملين الزين كله! وبالتالي يرفض سماع أي نقد لما لقن به وهو طفل!


طالبت بأنصاف المرأة والزواج المدني وهي طالبات مرفوضة في قطاع قبطي كبير بل هناك سيدات يدافعن عن النظرة الدونية لهن وقت الحيض، فما الحل في نظرك ؟

نعم أطالب بزواج مدني موحد لكل المصريين في أطار دعمنا للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وأطالب بأنصاف المرأة، واعلم جيدا أن هذا سيواجه بموجة عاتية من العداء غير المبرر ولكنه مفهوم بالنسبة لي!  فالفكر الجديد يخالف ما استقر عليه المجتمع يقابل بهذا العداء، ولكننا نعلم جيدا من دراستنا للتاريخ أننا سننتصر لا محالة! شاء من شاء وأبي من أبي! فنحن منتصرون لأننا مع العدل والمساواة .. منتصرون لأننا ندافع عن مستقبلنا! وأعلم أن المرأة تتواطى على نفسها في مجتمعاتنا والسبب انها تربت على هذا الفكر القديم العقيم، لدرجة يرى البعض من النساء المصريات أن الحرمان من الحقوق الطبيعة هو قمة التكريم! نتيجة "الأدلجة الدينية"، وتلقينهم محفوظات بإن دينهم –ويقصدون رجال الدين أو الفكر الديني الرسمي السائد- كرم المرأة! وترديد هذه الأناشيد وتكررها حتى لو تُخالف الواقع وتجافي الحقيقة، والحل عندي هو فيما نفعله الآن، أي نشر الثقافة والكتابة ونقد الوضع القائم المزرى ونشر المفاهيم التى نراها صحيحة ونؤمن بها وهي مفاهيم الحداثة والعصرنة، وإذا كنا محظوظين و تم بث هذه المفاهيم في مناهج التعليم سيخرج جيل مختلف تماما!

فالمشكلة هي المدخلات المعرفية التى تُنتج لنا مثل هذه التشوهات الفكرية! فحين يتم تغير المدخلات بمفاهيم مختلفة حداثية سيكون الناتج حداثي أيضاً!

طالبت في كتابك بتطبيق ادوات الحداثة فكرا وممارسة تناسب العصر، في حين ان المخاطب هو الكنيسة الأرثوذكسيّة والتي تقوم علي التقليد والاصولية فكيف يمكن التوفيق بين المحورين مختلفي الاتجاه؟

الكنيسة الارثوذكسية تعتمد على التقليد وهذا صحيح وهذا ليس عيباً في حد ذاته، بل ربما يكون هذا تأكيداً على الأصالة العقائدية، ولكن يجب علينا أن نُعيد تعريف التقليد، وشرحه بمفهومه الصحيح وأنه ليس محاكاة الماضي وتقليد السلف تقليدا أعمى، بل هو "روح وحياة، وليس حرف جامد لأن الحرف يقتل".

 و ثانيا التفريق بين الإيمان والعقيدة وشرح العقيدة والتفسير والطقس والرأي، ثالثا التفريق بين الإيمان وجوهر العقيدة من ناحية، وبين البنية الاجتماعية والثقافية للزمن التى انتجت فيها العقيدة !

 باختصار نحن لا يغضبنا التمسك بالتقليد ولكن لابد أن نعي جوهر التقليد ثم نتفاعل مع العصر وقيم الحداثة من (اعمال العقل والحرية و النقد وحق المرأة ومساواتها في الحقوق)، وأنني أرى أن هذه القيم لا تناقض الإيمان أو جوهر التقليد!

ولدينا نماذج لكنائس تقليدية استطاعت أن تتفهم طبيعة العصر وتتفاعل مع معطيات الحداثة، فالكنيسة الكاثوليكية كنيسة تقليدية ولكنها استطاعت –في الغرب- ومن خلال المجمع الفاتيكاني الثاني (اختتمت أعماله 8 ديسمبر1965م) أن تتفهم وتتفاعل وتنتج مفاهيم روحية تتماشى مع عصر الحداثة وما بعدها! وليس معنى الكلام أن تتخلى الكنيسة عن جوهرها العقدي فهذا ليس هو المقصود بل ومرفوض أيضاً، ولكن عليها أن تفرق بين جوهر التقليد وتتمسك به و البنية الثقافية المتغيرة وتتفاعل معها وهذا هو لب التقليد إذا أمعنا النظر!