بوابة الحركات الاسلامية : ماذا حدث في قلب العاصمة التركية.. ومن المسؤول عن التفجير؟ (طباعة)
ماذا حدث في قلب العاصمة التركية.. ومن المسؤول عن التفجير؟
آخر تحديث: الإثنين 14/11/2022 02:34 ص حسام الحداد
ماذا حدث في قلب العاصمة
ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف شارع الاستقلال في ميدان تقسيم قلب العاصمة التركية، فسلسلة الهجمات التي وقعت بين عامي 2015 و2016 شاهدة على ذلك، ولكن هذه المرة تختلف كثيرا فلن تعلن أي جهة حتى الأن تبنيها الهجوم مثلما حدث في السابق، لتزيد الاحتمالات، التي تقوم بحصر الاتهام بين تنظيم الدولة "داعش"، و الـ"بي كي كي" الذي تلقى ضربات قاصمة من الجيش التركي خارج الحدود فيحاول نقل المعركة الى الداخل ام هي رسائل سياسية لاردوغان قبيل حضوره قمة العشرين،  أم هي محاولة للتشويش على الانتخابات الرئاسية المقبلة ومدى تأثير هذه الهجمات على الاقتصاد الذي يعاني ويحاول التعافي عن طريق السياحة، كل هذه الاحتمالات ناقشها عدد كبير من الساسة والخبراء في الشأن التركي خلال الساعات الماضية.

وصف العملية:
هز الانفجار قلب واحدة من أكثر المناطق شعبية في اسطنبول، على بعد مسافة قصيرة من ميدان تقسيم، تاركا المارة الملطخة بالدماء متناثرة حول الرصيف، مما أدى إلى اندفاع الزائرين من المنطقة. وبحلول مساء الأحد، قدر المسؤولون الأتراك عدد الجرحى بـ 81، بينهم اثنان في حالة حرجة.
وقع الانفجار أمام  متجر لبيع الملابس في شارع الاستقلال، وهو شارع واسع للمشاة تصطف على جانبيه مبانٍ ومتاجر ومطاعم تاريخية ويمر عبره ترام باللونين الأحمر والأبيض. المنطقة مزدحمة ليلًا ونهارًا بالأتراك والسياح من جميع أنحاء العالم الذين يتجولون ويتسوقون ويشاهدون موسيقيي الشوارع.
كان الشارع مزدحمًا أكثر من المعتاد يوم الأحد لأنه كان من المقرر أن يلعب أحد فرق كرة القدم الأولى في تركيا في مكان قريب في المساء، مما يجذب المشجعين إلى الحي.
مثل أجزاء كثيرة من تركيا حيث يعتمد الاقتصاد على السياحة، عانت المنطقة المحيطة بالاستقلال في السنوات الأخيرة حيث أدى حظر السفر والمخاوف من الإصابة بفيروس كورونا إلى إبعاد العديد من السياح. لكن المنطقة انتعشت هذا الصيف مع تضاؤل الوباء وضعف الليرة التركية جعل تركيا وجهة سياحية جذابة.
في حوالي الساعة 4:20 مساءً يوم الأحد، هز انفجار كبير الشارع وارتفعت كرة نارية في السماء، وفقًا لمقاطع فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهرعت سيارات الاسعاف التي تطلق صفارات الانذار الى المنطقة فيما طوقت قوات الامن موقع الانفجار. حلقت مروحية تابعة للشرطة في سماء المنطقة.
وقال وزير العدل بكير بوزداغ في وقت لاحق في مقابلة تلفزيونية إن حقيبة انفجرت بالقرب من مقعد بعد أن جلست امرأة هناك لأكثر من 40 دقيقة. قال إن هناك احتمالين: إما أن أحدهم فجر القنبلة بعد مغادرة المرأة، أو انفجرت من تلقاء نفسها. ويعتقد بوزداغ أن القنبلة كانت تحتوي على مسامير لزيادة تأثير الانفجار.
بعد حوالي ساعة من وقوع الانفجار، أصدرت محكمة اسطنبول الجنائية حظرًا على البث لجميع الأخبار المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بالحادث. يُسمح فقط بالمقابلات مع المسؤولين الحكوميين. ثم توقفت سي إن إن تورك و TRT عن الإبلاغ عن الحادث. انخفضت سرعات الإنترنت في جميع أنحاء تركيا والوصول إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل Twitter بشكل كبير منذ الحدث. 

رد فعل الرئيس:
وقد توعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مساء يوم الأحد 13 نوفمبر 2022، الكشف عن منفذي الهجوم الذي وقع وسط مدينة إسطنبول، قائلا إن الإرهاب لن يصل إلى مبتغاه.
وكشف أردوغان، حصيلة التفجير الذي وقع في جانب من شارع الاستقلال المكتظ بالسياح، قائلا إنها وصلت إلى ستة قتلى و53 جريحا.
وقال الرئيس التركي: "تشير المعلومات الأولية إلى اعتداء إرهابي"، لافتًا إلى أن "امرأة قد تكون متورطة"، بدون أن يضيف أي تفاصيل.
وأضاف أردوغان "سيتم كشف هوية مرتكبي هذا الهجوم الدنيء. ليتأكد شعبنا أننا سنعاقب المنفذين".
وتابع "إن محاولات محاصرة تركيا والأمة التركية بالإرهاب لن تتمكن من تحقيق هدفها لا اليوم ولا غدا".
 في غضون ذلك، أظهرت كاميرا أمنية مثبتة في شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم وسط إسطنبول لحظة الانفجار.
ويظهر في مقطع الفيديو، أن الانفجار وقع في جانب من الشارع، بينما يسير المارة على الرصيف التجاري في المنطقة المليئة بالمطاعم والمحال التجارية.

توقعات:
وبالعودة إلى أكتوبر 2015، حيث هز انفجاران قلب العاصمة التركية أنقرة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص تجمعوا في مسيرة سلام، فيما وصفه المسؤولون بأنه الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخ تركيا الحديث. ووقعت الانفجارات بالقرب من محطة القطار الرئيسية في أنقرة بينما كان الأكراد واليساريون يستعدون للتظاهر احتجاجا على استئناف الصراع المسلح بين الدولة التركية والمسلحين الأكراد.
وصولا إلى يوم رأس السنة الجديدة 2017، حيث قُتل ما لا يقل عن 39 شخصًا وأصيب العشرات بجروح عندما هاجم مسلح ملهى ليلي مزدحم في اسطنبول. وجاء هذا الهجوم بعد أسابيع قليلة من مقتل 38 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 100 في انفجارين أحدهما خارج ملعب لكرة القدم.
وأن الدولة التركية في حالة حرب منذ عقود مع المسلحين الأكراد المتمركزين في جنوب شرق البلاد. والذين شنوا هجمات مميتة على المدنيين وقوات الأمن. وكذلك الارهابيون الذين ينتمون إلى تنظيم الدولة "داعش"، الذي حكم ما يسمى بالخلافة في سوريا والعراق حتى أوائل عام 2019، أو استلهموا أفكارهم منه، غالبًا ما هاجموا الأماكن العامة في تركيا، مما أسفر عن مقتل المدنيين.
نتيجة هذه العمليات السابقة تكثر التوقعات والاحتمالات للجهة المسؤولة عن هذا الهجوم والتي يحصرها عدد من المحللين الأتراك في حزب العمال الكردستاني حيث قال مصطفى أوزجان الكاتب والباحث السياسي في تصريحاته لبرنامج ستديو الآن "أعتقد أن هناك جبهات داخلية قد تكون مسؤولة عن انفجار تقسيم الذي وقع في العاصمة التركية إسطنبول"، وأضاف "من الوارد أيضاً أن يكون حزب العمال الكردستاني هو أيضاً منفذ تلك الهجمات، خاصة وأن هناك معارك طاحنة بين الجيش التركي وبين حزب العمال الكردستاني وبالتالي لديهم مصالح تتعارض مع مصالح تركيا".
وأوضح أيضاً أن هذا التفسير هو الأكثر عقلانية من فرضيات أخرى والتي تقول أن داعش هو وراء انفجار تقسيم.
وقال أيضاً "هذا التفجير غايته خلق بلبلة سياسية بين الأحزاب مع قرب الانتخابات".
وفي الإطار نفسه قال محمد سالم الكاتب والباحث السياسي "العمليات الإرهابية في تركيا تأتي رداً على ما يقوم به الجيش التركي في سوريا".
وأضاف أن هناك نشاط كبير للطائرات المسيرة التركية في استهداف قيادات قوات سوريا الديمقراطية".
كما أوضح "من الوراد أن يكون هناك مخطط كبير لزعزعة الأمن في تركيا لكن استبعد قدرة المخططين على ذلك".
فيما قال أيضاً "حزب العمال الكردستاني وأحزاب يسارية أكثر من يستخدم النساء في التفجيرات".

ادانات دولية:
وأثار هذا الاعتداء الذي يأتي قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية إدانات عدة من باكستان إلى الهند ومن إيطاليا الى ألمانيا حيث تقيم جالية تركية كبيرة، وكذلك من مصر والامارات والسعودية وقطر والكويت والبحرين والأردن.
كما نددت الولايات المتحدة بالتفجير، حيث قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار "نقف في وجه الإرهاب جنباً إلى جنب مع تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تغريدة باللغة التركية "الألم الذي يصيب الشعب التركي الصديق هو ألمنا".
وخاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأتراك "نشاطركم ما تشعرون به من ألم. نقف إلى جانبكم في مكافحة الإرهاب".
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "كل أفكارنا مع شعب تركيا في هذه اللحظات الصعبة"، فيما أعرب الامين العام لحلف شمال الاطلسي عن "التضامن مع حليفنا". وصدر الموقف نفسه من السويد المرشحة لعضوية الحلف.
وغرد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ باللغتين التركية والإنجليزية قائلاً "بعد أن شعرت بالصدمة من أنباء التفجير الدنيء في إسطنبول الذي استهدف المدنيين الأبرياء (...) يجب على العالم كله أن يقف بشكل حازم وموحد ضد الإرهاب".
فيما عبرت أثينا عن "تعازيها الحارة للحكومة والشعب التركيين" رغم علاقاتها المتوترة مع أنقرة. أدانت دولة الإمارات بشدة التفجير الإرهابي في إسطنبول، مشددة على رفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية.
وزارة الخارجية السعودية تعرب عن إدانتها للتفجير بـ"أشد العبارات"، مؤكدة وقوف المملكة مع تركيا ضد "العمل الجبان".
وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن إدانتها هجوم اسطنبول بـ"أشد العبارات"، وقال المتحدث باسم الوزارة، السفير أحمد أبوزيد، إن القاهرة تشدد على موقفها الثابت في رفض كافة أشكال العنف والإرهاب.
 كما أعربت وزارة الخارجية الأردنية، يوم الأحد، عن تعازيها لتركيا، في ضحايا "العمل الإرهابي الجبان" الذي أوقع ضحايا أبرياء. و أكد المتحدث باسم الوزارة، السفير سنان المجالي، "تضامن الأردن المطلق مع الأشقاء في تركيا"، وشدد على أن "الإرهاب عدوٌّ مشتركٌ تدينه المملكة بكل أشكاله".
وأدانت وزارة الخارجية البحرينية "التفجير الإرهابي"، معربة عن التعازي لأسر وذوي الضحايا وللحكومة والشعب التركي.
عبرت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها واستنكارها الشديدين للـ"تفجير الإرهابي" الذي وقع في إسطنبول.
وتوجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، بالتعازي لأسر الضحايا وللحكومة التركية، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
كما أدانت وزارة خارجية أذربيجان، الهجوم الذي وقع في منطقة مكتظة بالسياح في اسطنبول، معربة عن التعازي لأهالي الضحايا.