عودة الى الموقع عودة رئيسية الملف
افتتاحية
بوابة الحركات الاسلامية
الصومال بين الهوية الإسلامية الرجعية ومحاولات التقدم القومية، تياران لا يتفقان أو يتقابلان في الفكر الصومالي الموجود، الصومال المنقسم بين التيارات السلفية التكفيرية، ومحاولات الرئيس الحالي من خلق جو تقدمي لانتشال الصومال من النزاعات الدموية، وتنميتها لتكون في ركب الحضارة الإنسانية.
مقديشيو العاصمة شهدت في الأسابيع القليلة الماضية سلسلة من الهجمات الانتحارية التي نفذتها حركة الشباب التي طردت من المدينة في منتصف 2011.
ولكن محاولتها الأخيرة التي أقدمت عليها حركة شباب المجاهدين بالصومال، واغتيال الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود مطلع هذا الأسبوع، والذي أسفر عن مصرع تسعة مهاجمين قتلوا بنيران قوات الأمن، وخمسة مسؤولين صوماليين من بينهم جنود، بعد اقتحام المجهولين – يرتدون الزى الرسمي الذى يرتديه رجال الحرس الرئاسي في حين كان يرتدى آخرون سترات ناسفة – خلال الهجوم على بوابة قصر الرئاسة، بسيارة ملغومة واشتبكوا في معركة شرسة بالأسلحة مع قوات حفظ السلام الأفريقية، لا تنبأ بأجواء مصالحة من قريب أو بعيد، ولكنها تفتح البحث عن شكل الإسلام في الصومال، والتي ظلت على مدار ثلاثة عقود مستنزفة باسم الحرب الجهادية وتطبيق الشريعة!! 
الحركات الإسلامية الموجودة حاليا في الصومال تزيد من زعزعة استقرار البلاد، وقراءة مشهد هذه الحركات، لا يعكس إلا مضمون الدم والدمار، على الرغم من أن الشعب الصومالي يعتنق الدين الإسلامي بنسبة 100% متبعا المذهب السني والطريقة الشافعية، إلا أن المذهب الوهابي المتطرف استطاع التوغل في جميع أرجاء الصومال، بمدارسها وجامعاتها، واللذان فرخا ثلاثة أجيال متعاقبة من الإسلاميين المتطرفين.

التقسيم الجغرافي ودوره في خلق بيئة إسلامية متطرفة
بوابة الحركات الاسلامية
لم تشهد الصومال عبر أكثر من قرن استقرار بالمفهوم المقوم والأساسي لأي بلد، الأمر الذي جعل منها مرتعا وبيئة خصبة لنشأة الأفكار المتطرفة، وذلك لأنها منذ مؤتمر برلين عام 1884، الذي اقتسم فيه الاستعمار الأوربي الأراضي الصومالية، وما قامت به بريطانيا لاحقًا من تنازل عن أراض صومالية لصالح كل من إثيوبيا عامي 1948 و1954، ثم تخصيص جزءا آخر إلى كينيا عام 1963، وفي عام 1977 نشبت الحرب الصومالية – الإثيوبية فيما عرف بحرب "أوغادين"، والتي نشبت بسبب النزاع على تبعية إقليم اوغادين الذي تقطنه أغلبية صومالية وبدأت فيها القوات الصومالية الهجوم بعد فشل الحلول السياسية، ومنيت فيها القوات الصومالية بهزيمة ساحقة بعد التدخل السوفيتي العسكري لصالح إثيوبيا، في حين رفض المعسكر الغربي تقديم أية مساعدات للصومال آنذاك في حربها مع إثيوبيا، لتنتهي الحرب لصالح الأخيرة عام 1978.
عقب الحرب الإثيوبية وقعت الصومال في مستنقع الحرب الأهلية، الذي وقع بين عامي 1989و1990، بين كل من الحكومة والحركة الوطنية الصومالية في شمال غرب البلاد، كما شهدت الصومال نزاعا بين الحكومة والقوات التحريرية العشائرية، لتستمر الحرب الأهلية على مدار عقدين كاملين من الفترة 1988 حتى 2006 غابت فيهما الدولة المركزية، انقسمت فيها الصومال لتشهد الكثير من إعلانات استقلال العديد من الكيانات الذاتية الحكم منها استقلال "بونت لاند"، التي أعلنت استقلال مؤقتا من جانب واحد عام 1998 مع الإعلان بأنها سوف تشارك في أي مصالحة تؤدي إلى إعادة تكوين حكومة مركزية صومالية، كما أعلنت دولة جوبالاند في الجنوب استقلالها عام 1998، أيضا كان هناك حركة استقلال ثالثة من جانب واحد كان بطلها جيش راحانوين للمقاومة عام 1999، والتي تقع على حدود "بونت لاند"، والذي أعلن استقلالا ذاتيا في مناطق "باي" و"باكوول" في جنوب وقلب الصومال، كما تم أعادة إعلان انفصالها المؤقت عام 2002، ليستقل جزء من أقاليم الصومال الجنوبية الغربية، وهناك استقلال ذاتي رابع في "جالمودج" أعن في عام 2006، كرد على التنامي المستمر لقوة اتحاد المحاكم الإسلامية، بالإضافة إلى جمهورية أرض الصومال التي تحاول أن تخطو خطوات جادة للانفصال النهائي، وفي 2004، وبعد محاولات مضنية تكونت الحكومة الفيدرالية الانتقالية، والتي هي في حقيقة الأمر لم يكن لها أي قوة على أرض الواقع، في ظل سيطرة وهيمنة أمراء الحروب والصراعات القبلية في الصومال.
لتشهد الصومال على مدار أكثر من ثلاثة عقود موجات من الجفاف والمجاعات، والحرمان من التعليم والرعاية الصحية اللازمة، والتخلف كليًّا عن ركب الحياة، وفي ظل هيمنة الخطاب التكفيري للتيار السلفي المنتشر وبقوة والذي ينصب على العداء لدول الجوار وحلفائها الغربيين، وغياب الخطاب الإسلامي الوسطي أو الوطني، أصبح الخطاب الجهادي هو الخيار الوحيد المتوفر للصوماليين، والمؤثر على مجريات الأحداث.

نشأة حركات الإسلام السياسي في الصومال
بوابة الحركات الاسلامية
من الوصاية الإيطالية 1949 حتى اتحاد المحاكم الصومالية 2006

في نظرة سريعة لتاريخ حركة الإسلام السياسي في الصومال نجد أنه تم استخدم الإسلام كعامل لتوحيد الصوماليين في مواجهة الاحتلال الغربي، في فترة الاستقلال الوطني، بعد إعلان الوصاية الإيطالية على الصومال عام 1949، وازدياد أنشطة المنظمات التبشيرية المسيحية، فظهرت الرابطة الإسلامية الصومالية كأول منظمة إسلامية فاعلة عام 1952 وكانت هذه الرابطة تتلقي دعما من حزب رابطة الشباب الصومالي الذي تأسس عام 1943 كرابطة اجتماعية ثقافية، ثم تحول إلي حزب سياسي عام 1947 وكان يهدف إلي تحرير الصومال من الاحتلال.
وقامت الرابطة بتشجيع الصوماليين للتعلم باللغة العربية لمواجهة التعليم باللغات الأجنبية الوافدة، وطلبت الرابطة من الحكومة المصرية فتح مدارس عربية لتنافس نظم التعليم الإيطالية والتبشيرية، لتخلق تلك المدارس نخبة صومالية جديدة متشبعة بالثقافة العربية والإسلامية.
وفي الستينيات، كان قد تخرج عدد قليل من الطلبة من الجامعات العربية المختلفة، ليدخلوا أفكار المنظمات الإسلامية المعاصرة إلى الصومال. ليكونوا تدريجيا حركات مشابهة لها، منها حركة الإصلاح المنتمية للإخوان المسلمين (1978)، والسلفية المرتبطة بحركة الاتحاد المنتمية للفكر الوهابي عام 1980، المنظمتان الأكثر شهرة في ذلك الوقت.
وفي هذه الأثناء، برز نشاط دعوي ملحوظ لجماعة الدعوة والتبليغ التي تنتمي جذورها إلي شبه القارة الهندية، واتسمت هذه المرحلة بتزايد اهتمام علماء المسلمين في الصومال بنشاطات الإخوان المسلمين في مصر والحركة السلفية في السعودية.
بوابة الحركات الاسلامية
تعد فترة السبعينيات بداية غزو الفكر الوهابي القادم من المملكة السعودية مع الطفرة النفطية التي شهدتها آنذاك، لتنتشر المدارس الدينية الإسلامية في المدن الحضارية الرئيسية، واستضافت المملكة الآلاف من الشباب الصومالي في الجامعات السعودية مثل المدينة وأم القري للتعلم والعمل بالدعوة الإسلامية، كما كانت المملكة في ذلك الوقت ملجأً للعديد من العلماء المسلمين مثلها مثل السودان ومصر، والذين هربوا نتيجة لاضطهاد نظام سياد بري لهم، والذي تبنى الفكر الاشتراكي كأيديولوجية لحكمه، رافضا أي تواجد إسلامي ليقوم بإعدام عشرة من العلماء المسلمين المشهورين في عام 1975.
وتميزت الحركات الإسلامية الصومالية في السبعينيات بأنها كانت حركات ذات ارتباط غير ناضج وعاطفي بالوعي الإسلامي وذات قدرة تنظيمية ضعيفة، وموارد اقتصادية قليلة ومنهج غير عملي تجاه الواقع الاجتماعي والسياسي. علاوة علي ذلك، كانت جميع هذه المنظمات في مراحل تكوينها الأولي وتعمل في السر، حيث كانت جميع طرق المشاركة الاجتماعية والسياسية قد أغلقت بإحكام من قبل النظام العسكري.
ولأن التطرف لا يخلق إلا تطرفا مضادا، فإن تطرف نظام سياد بري للحركة الإسلامية، وفي ظل عدم نضوج الوعي الإسلامي لذلك الجيل، ساهم في تحول تلك الحركات من الاعتدال إلى التشدد، ولتصبح الأفكار الوهابية مع بداية 1980، أقوي التوجهات الإسلامية في الصومال، والتي دعم صعود أفرادها هزيمة النموذج العلماني في حرب "أوغادين" مع أثيوبيا والتي هزم فيها الجيش الوطني الصومالي في عام 1977-1978 ، الأمر الذي أدي إلي اهتزاز ثقة الشعب في نماذج العلمانية والحداثة والتقدم، ليمهد الطريق إلي بروز المشروع الإسلامي، وظهر جيل من الإسلاميين الصوماليين الذين هاجروا إلي بعض الدول الإسلامية، خاصة السعودية، المتأثرين بمبادئ الفكر الوهابي السلفي، وبعد انقسام الذي أصاب الحركة الإسلامية في الفترة من 1976 إلي 1980 بين هؤلاء المهاجرين والنشطاء الإسلاميين في داخل الصومال، أصبح هناك بيئة ومناخا مجتمعيا مواتيا للفكر المتطرف في الصومال، مثل السلفية الجهادية والتكفير (جماعة المسلمين)، بالإضافة إلى أفكار حركة الإخوان المسلمين.
البداية كانت سلفية والتي أسسها بعض المنتمين للتيار السلفي لينشئوا "الجماعة الإسلامية" عام 1980، على الرغم من انها شهدت تحولات عدة في تاريخها، إلا إنها تمثل العمود الفقري للحركات المعارضة المسلحة في الصومال حتى يومنا هذا، ففي عام 1982 اتحدت مع منظمة وحدة الشباب الإسلامية، وتغير اسمها إلى "الاتحاد الإسلامي"، وفي عام 1990، تغير مرة أخري إلى "الاعتصام بالكتاب والسنة"، ولكن هذا التغيير كان شكليًّا حيث ظلت  العقيدة الجهادية التي ترسخت في أذهان شباب الحركة ثابتة لم تتغير، وفي أعقاب هزيمة المحاكم الإسلامية التي أنزلها قوات الصومالية والإثيوبية عام 2008، تغير اسمها ليصبح "جماعة الوفاق الإسلامي".

بداية ظهور الميليشيات المسلحة
بوابة الحركات الاسلامية
في ثمانينيات القرن الماضي اعتقلت حكومة زياد بري عددًا من علماء وقيادات العمل الإسلامي في الصومال، وكان من بين هؤلاء المعتقلين الشيخ حسن طاهر أويس القيادي الجهادي، والمنظر الرئيسي للحركات الجهادية في الصومال حتى الآن، والذي كان آنذاك عقيدًا في الجيش الصومالي وزميله الراحل الشيخ عبدالعزيز فارح من قيادات حركة الاتحاد الإسلامي، في تلك الفترة عبر أويس عن خوفه من انهيار الحكومة وأن يتورط أعضاء الصحوة الإسلامية، وبالتحديد التيار السلفي الذي ينتمي إليه الرجلان، بحمل السلاح، وكان مصدر هذا القلق يرجع إلى التوجهات المتصارعة داخل التيار السلفي بين توجه جهادي متشدد يدعو إلى حمل السلاح، وأخر معتدل يعارض الفكرة.
وما توقعه أويس كان صحيحا لتنهار الحكومة الاشتراكية آنذاك ويبدأ أعضاء الاتحاد الإسلامي في حمل السلاح، وقاموا بتأسيس معسكرات تدريب في أنحاء الصومال، وأيضا في الإقليم الصومالي في إثيوبيا، وخاض عدة معارك مع القوات الإثيوبية ومع زعماء الحرب في الصومال، ولقي الشيخ عبدالعزيز فارح حتفه في عام 1992م في إحدى معارك الاتحاد الإسلامي ضد زعيم الحرب، والذي أصبح فيما بعد رئيسًا للصومال، العقيد عبد الله يوسف أحمد بعد محاولة الأخير انتزاع سيطرة ميناء بوصاصو في شمال شرق الصومال من مقاتلي الاتحاد الإسلامي. وبعد ربع قرن من هذا القلق لا يزال الشيخ حسن طاهر أويس يحمل السلاح ويراه حلاًّ لمشكلة الصومال.
وفي 1996، قرر قادة جماعة الاتحاد الإسلامي التخلي عن السلاح، الأمر الذي استاء منه العديد من الأعضاء الشباب والمتمسكين بالفكر الجهادي، وكان هناك أكثر من معسكر قرر مواصلة العمل العسكري وعدم الانقياد لأوامر الجماعة، حتى وإن استمروا في البقاء تحت عباءتها، وإن لم تكن هناك أية روابط مباشرة تجمعهم سوى الالتزام بحمل السلاح، كان من أبرز هذه المجموعات التي تشكلت ما يُعرف حاليًا بحركة الشباب المجاهدين.
بوابة الحركات الاسلامية
كانت قيادات جماعة الاعتصام صارمة في قرارها القاضي بالتخلي عن السلاح، وبدأت ممارسة ضغوط على أعضاء التيار الجهادي بداخلها من أجل التخلص نهائيًّا من حركة الاتحاد الإسلامي المسلحة، حتى وإن أدى ذلك إلى فصل شريحة كبيرة من الجماعة، الأمر الذي رفضه الجهاديين بالجماعة فما كان منهم إلا الانسحاب، والعمل على تأسيس كيان جهادي لا يمت إلى الاعتصام بصلة، وفي اجتماع مقديشو سنة 1997 قرر عدد من قيادات السلفية الجهادية الاستعداد للمرحلة القادمة من خلال التسلح وابتعاث عشرات الشباب إلى أفغانستان لتلقي التدريبات العسكرية اللازمة.
لاقى المشروع الإسلامي صدى واسعا بين العامة، خاصة بعد سقوط نظام "سياد بري" العسكري عام 1991، ولكن في ظل عدم ارتكاز الحركات الإسلامية علي أسس عشائرية كالتي تستند إليها معظم الحركات السياسية، اندلعت الحرب الأهلية في الصومال والتي استمرت قرابة 14 عاما، كما أصبح الإسلاميون الصوماليون نموذجا سياسيا مقبولا في العالم الإسلامي، ولعبت الحركات الإسلامية وتحديدا "الاتحاد الإسلامي" دورا مهما في محاربة قوات التدخل الدولي والأمريكي في الفترة ما بين عامي 1992و1994، بالتعاون مع الجنرال فارح عيديد.
في عام 2006 ظهر ما يسمى "اتحاد المحاكم الإسلامية" برئاسة شيخ شريف شيخ أحمد، وهو نظام القضاء في الصومال، نشأ لمواجهة أمراء الحرب، ونما دورها تدريجيا بسبب الحرب ليقدم الاتحاد الخدمات الحكومية، مثل التعليم والرعاية الصحية، كما قام بدور الشرطة لسد الفراغ الأمني والقانوني، ودفع نجاح تجربة المحاكم إلى انتشارها في مقديشو ثم اتحدت بالتحالف ما بين رجال الدين وطبقة التجار، وتكونت من 14 محكمة تجمع أطرافا محلية، يسيطر فيها التيار المعتدل على 11 محكمة، أما المتشددون فلهم ثلاثة محاكم، وترتبط 10 محاكم بقبيلة واحدة هي قبيلة الهاوية التي تسيطر على مقديشو، ويعد شيخ شريف شيخ أحمد ممثلا للتيار المعتدل داخل الاتحاد، في مقابل الشيخ طاهر عويس الذي يقود واحدة من المجموعتين المسلحتين داخل الاتحاد والذي تم اختياره رئيسا لمجلس شورى المحاكم، وتهدف المحاكم الإسلامية إلى بسط القانون والنظام والعمل على غلبة العامل الديني الإسلامي على الولاء القبلي.
استطاع الاتحاد عام 2006، من بسط سيطرته على المدن الصومالية، وتحقيق استقرار دام لأكثر من ستة أشهر خلال النصف الثاني من نفس العام، ليزيد من شعبية المشروع الإسلامي، إلا أن التدخل العسكري الإثيوبي في أواخر 2006، وتمكنه من إسقاط المحاكم الاسلامية قضي علي فترة كان يمكن خلالها إقامة مشروع إسلامي تقوده عناصر معتدلة في الصومال، ومع الاحتلال الإثيوبي انشقت حركة "شباب المجاهدين" عن اتحاد المحاكم لمقاومة الاحتلال الإثيوبي الذي غزا الصومال في نهاية عام 2006، لينتشر اسم الحركة في عام 2007، واحتلت مكان الصدارة في الأخبار التي تتناول تطورات الحرب الأهلية في الصومال، فعرفها الجميع علي أنها حركة " مقاومة".
الكوادر الشبابية الجهادية الموجودة في الصومال حاليا لم تكن وليدة رحم الاتحاد الإسلامي فقط، وإنما لها أصول تمتد نحو الجهاد الإسلامي في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، وأبرز القيادات الحالية لحركة الشباب المجاهدين وصل إلى باكستان وأفغانستان بصفة أو أخرى وتواصلوا مع قيادات الجهاد الأفغاني ومؤسسي تنظيم القاعدة.

الانقسامات الفكرية بين التيارات والأحزاب الإسلامية المختلفة
بوابة الحركات الاسلامية
علي الرغم من وجود اتجاهات إسلامية مختلفة في الصومال، فإن هناك تيارين رئيسيين يسيطران على الحركة الفكرية الدينية، هما: التيار السلفي، الذي يرى أن من واجبه نشر العقيدة الصحيحة من وجهة نظرهم، خاصة بعد أن تربى عليها ثلاثة أجيال متعاقبة، وينتمي إلى هذا التيار حركة الشباب والحزب الإسلامي، أما التيار الثاني هو الصوفي التقليدي، ويضم معظم الحركات الصوفية الموجودة في الصومال.
ثمة صراع فكري دائم بين التيارين خاصة وأن التيار السلفي يعتبر الصوفي خطرا كبيرا على الأمة الإسلامية، ولذلك يناصبونه العداء، ولذلك من الصعب اعتبار التيار السلفي القائم في الصومال الآن تيار معتدلا بقدر ما هو تيارا متطرفا ومتجمدا فكريا.
ارتبط قبول المجتمع الصومالي للجماعات الإسلامية، بالاعتقاد أن هذه الجماعات قادرة على القضاء على الانقسامات التي يعانيها المجتمع الصومالي، إلا أن هذه الجماعات انقسمت عبر خطوط أيديولوجية وعشائرية طويلة حتي داخل التيار الواحد. 
ففي الوقت الذي يحافظ فيه أهل السنة والجماعة الصوفية علي وحدتها الأيديولوجية، إلا أنها منقسمة عبر خطوط عشائرية طويلة أيضا، أما التيار السلفي والمسيطر على الحركة الفكرية في الصومال فيشهد انقسامات جذرية بين الجماعات المنتمية إليه، فمثلا على الرغم من أن حركة الشباب والحزب الإسلامي يشتركان في الرؤية نفسها وأسلوب تطبيق الشريعة الاسلامية، فإنهما ينقسمان حول قضيتين هما القومية الصومالية والأداة السياسية العشائرية. 
أما الحزب الإسلامي فيشهد من حين لآخر انقسامات داخلية كالتي حدثت في مايو 2010، حيث انشقت جماعة رأس كمبوني – إحدى الجماعات الأربع المكونة للحزب الإسلامي - وأعلنت انشقاقها لرفضها لأسلوب حركة الشباب والحزب الإسلامي في التعامل مع سكان المدن التي تخضع لسيطرتها، حيث تتبني حركة الشباب والحزب الإسلامي أفكارا "تكفيرية" تتسم بالتشدد وتبعد عن المنهج السلفي الصحيح، وتطبق حركة الشباب والحزب الإسلامي الشريعة الاسلامية في المدن التي تسيطر عليها، خاصة فيما يتعلق بالأحكام والعقوبات كعقوبة الإعدام التي يتولى رجال دين في الحركة تنفيذها، دون أن يعلنوا عن أدلة الاتهام أو يسمحوا للمتهمين باستقدام محامين للدفاع عنهم، هذا فضلا عن بعض الممارسات التي منعتها الحركة مثل سماع الموسيقي، وإلغاء أجراس المدارس، ومنع تدريس اللغة الإنجليزي، حيث تعتبرها لغة الجواسيس. بل إن الحركة تقوم بتجنيد الأطفال، وتمنع منظمات الإغاثة الإنسانية من القيام بأعمالها في الصومال.
وقد حاول زعماء التيار السلفي تحويل أفكارهم كقوة ثورية لتعبئة الصوماليين والتأثير في التحول السياسي والاجتماعي، إلا أن ممارساتهم المتشددة أدت إلي فقدانهم لثقة المجتمع الصومالي والانتقاص من شعبيتهم.
حركة شباب المجاهدين النشأة والتأسيس
بوابة الحركات الاسلامية
تم تأسيس حركة الشباب المجاهدين كوسيلة للحماية الذاتية بسبب الشعور بالاستياء من المنظمات الجهادية القائمة، والمنشقة عن اتحاد المحاكم الإسلامية، حيث كانت الذراع العسكري له، بعد رفضها انضمام الاتحاد إلى ما يعرف بـ"تحالف إعادة تحرير الصومال"، بعد هزيمة الأخيرة أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة، واعتبرت الحركة أن التحالف انحراف عن المنهج الإسلامي الصحيح، لأنه يضم بين صفوفه علمانيين، كما أنه لا يتفق مع مبادئ حركة الشباب، التي تؤكد عدم التفاوض مع المحتل الإثيوبي، بالإضافة إلى رفضها التعامل مع الحكومة الانتقالية، واصفة لها بالعمالة والانضواء تحت الأهداف والرغبات الغربية والإقليمية. 
ليكون أول ظهور علني لاسم حركة الشباب المجاهدين عام 2006، عقب سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو، ومعظم مناطق وسط وجنوب الصومال، وكان للشباب المجاهدين نفوذ قوي في المحاكم الإسلامية، حيث كان معظم الميليشيات المسلحة التابعة لتلك المحاكم، تحت قيادات عسكرية من شباب المجاهدين، وكان أمير حركة الشباب الشيخ مختار أبي زبير والمعروف أيضا بأحمد عبدي جودان، يشغل آنذاك منصب الأمين العام للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم الإسلامية، وكان في العاصمة معسكر لتجنيد وتدريب المقاتلين الجدد.
ضمت الشبكة مع بداية تأسيسها أعضاء حاليين وسابقين من تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا، وحظي المحاربون القدامى من أفغانستان بامتيازات داخل الحركة بناء على علاقاتهم الواضحة بينهم وبين تنظيم القاعدة، لتكون هذه هي بداية العلاقة بين الحركة والتنظيم.
بحلول عام 2005، كانت شبكة حركة الشباب المجاهدين قد قويت كتنظيم وشاركت في حملات للسيطرة على مقديشيو في ذلك الوقت، والذي عرف بـ"شبح الحرب في مقديشو"، وقامت الحركة بدعم المحاكم الشرعية ضد القادة العسكريين. 
بوابة الحركات الاسلامية
نجحت حركة الشباب المجاهدين في تعزيز موقعها ونفوذها ضمن نظام المحاكم الشرعية الإسلامية، وشغلت منصب نيابة القيادة في جيش المحاكم الشرعية، وقامت بجمع تبرعات بين الشتات الصومالي، وتسلمت مسؤوليات في أنشطة الصحة وعمل الشبيبة ضمن التحالف، ولكن مع دخول القوات الإثيوبية نهاية عام 2006، ودحرها لسلطة المحاكم في مقديشو أعطت حركة الشباب المجاهدين فرصة قوية لإثبات وجودها ومبررات لفرض أجندتها الجهادية، حيث توفر لهم المبرر الكافي لحمل السلاح واستخدامه في وجه العدوان الإثيوبي.
وبحلول منتصف 2007، انفصلت الحركة عن باقي المحاكم الشرعية، مصِّرحة عبر وسائل الاعلام أنها "لم تعد تحارب كمقاومة، بل إنها تخوض جهادا مسلحا ضد ما سمته "العدوان الإثيوبي"، الأمر الذي يتعارض مع التحالفات التي كانت المحاكم الشرعية قد قامت بها مع العلمانيين والمسيحيين، ومع مشاركة نساء متزوجات من رجال غير مسلمين في المعارضة، وتزامن في ذلك الوقت تولى أحمد عبدي جودان قيادة الحركة.
استطاعت الحركة على الصعيد الميداني تحقيق مكاسب على الأرض، وأسست ولايات إسلامية في معظم مناطق وسط وجنوب الصومال، وخضع لسيطرتها ثلثا مساحة أحياء العاصمة مقديشو من 2009 وحتى أواخر عام 2011، ومن أهم زعماء الحركة التي تولى قيادتها عدن هاشي فرح عيرو ، ومختار مورو وأحمد عبدي جودان 

علاقة الحركة بتنظيم القاعدة
بوابة الحركات الاسلامية
ترتبط الحركة ارتباطا وثيقا بتنظيم القاعدة، فهي رسميا فرع التنظيم في الصومال، حيث أعلنت الحركة انضمامها رسميا لتنظيم القاعدة في عام 2009، وبعد مقتل بن لادن في 2011، قام أبو الزبير بمبايعة أيمن الظواهري وتجديد الولاء لرئيس التنظيم الجديد.
منذ ذلك التاريخ، لم تسع الحركة إلا إلى القيام بعمليات تؤكد انتماءها إلي تنظيم القاعدة، حتي أقدمت الحركة علي تنفيذ عملية إرهابية مزدوجة استهدفت مشجعين لكرة القدم في العاصمة الأوغندية كمبالا، وأسفرت عن مقتل 76 شخصا.
شهد عام 2011 انحسارا للصعود العسكري والميداني للحركة، وذلك لأسباب سياسية وعسكرية واقتصادية؛ منها غياب حكومة الصومال في تفعيل دورها، ولكن خلال عام 2013، انقلبت موازين الصراع بين القوات الكينية والحركة، التي انسحبت من مدن ومواقع مهمة واستراتيجية بالنسبة للصراع في الصومال، وكان آخر هذه المناطق مدينة كيسمايو الساحلية في جنوب الصومال بعد استيلاء القوات الكينية والميليشيات الصومالية التي تم تدريبها في كينيا، مما أفقد الحركة آخر مواردها الاقتصادية وهو ميناء كيسمايو.
هيمنة حركة شباب المجاهدين على المشهد الصومالي، والساحة القتالية، ومحاولة الاغتيال الفاشلة التي نفذتها يطرح سؤالا هاما هل يستطيع الرئيس الصومالي الحالي من تجديد دعوته لعقد مفاوضات بين كافة الفصائل الصومالية بما فيها حركة شباب المجاهدين وبين الحكومة والتي تعتبر الحركة من ألد أعدائها؟، وهل يستطيع الصومال التيار التقدمي عقد هدنة وعمل مصالحة مع التيار السلفي الجهادي والمسيطر على الصومال على مدار ثلاثة عقود كاملة، لتبدأ نهضة الصومال من تلمس خطواتها وتلحق بالركب الحضاري؟ وهل هناك أي بادرة أمل من وجود مفاوضات في ظل قيادة أحمد عبدي جودان الدموي للحركة؟!!!

للمزيد حول حركة شباب المجاهدين أضغط هنااااااا