وفقا لتقرير منظمات حقوقية وأمنية وإعلامية قامت المليشيات الشيعة وفي مقدمتها منظمة بدر بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في العراق ضد المواطنين وخاصة أهل السنة، وهو ما يعتبر تطهيرًا طائفيًا من قبل هذه المليشيات.
وما أن أعلن الحاكم المدني الأمريكي "بول بريمر" حل الجيش والشرطة العراقييْن، حتى حدث فراغ أمني، استغلته عناصر "فيلق بدر"، للتحرك بحرية حركة واسعة في مناطق كثيرة من العراق، وتمكنت من احتلال مباني كبيرة، بعضها من مقرات حزب البعث في كربلاء والنجف، لاستخدامها كمكاتب لهم. وردت القوات الأمريكية على ذلك بتكثيف من أنشطتها في المنطقة المتاخمة لإيران، من أجل مراقبة عناصر “فيلق بدر”، إذ كانت تشك بأنه يعمل على زرع الفوضى في المنطقة.
في ذلك الوقت كان "فيلق بدر" يضع النواة الأولى لتنفيذ مخططه الانتقامي من العراقيين السنة عبر تشكيله "فرق موت"، وزعت عليها قوائم جماعية بأسماء المستهدفين، لقتل من ورد اسمه فيها، وقام وقتذاك بعمليات اغتيال للعشرات من ضباط الجيش السابق، وتصفية العشرات من وجهاء السُنّة من شيوخ عشائر، وأئمة مساجد، ومثقفين وتجار وأطباء، في حوادث قتل وصفت بـ "الغامضة"، قامت بها فرق مدربة على الاغتيالات.
وعاد "باقر الحكيم"، من منفاه بإيران بعد 23 عامًا قضاها هناك، غير أنه قتل مع أكثر من 80 آخرين في انفجار ضخم وقع بمدينة "النجف"، عقب صلاة يوم الجمعة 29 آب 2003م.
فمنذ دخول فيلق بدر توزّعت قواته على عدة تشكيلات، فكان منها قوة المختار التي تتولى اغتيال البعثيين، خاصة في المدن الجنوبية وجميعهم من البعثيين الشيعة. وكان هناك أيضاً قوة الثأر والانتقام وتقوم باغتيال المسئولين السابقين في جهاز المخابرات والجيش والأمن، وكان هناك كذلك المتطوعون في الشرطة العراقية من أعضاء فيلق بدر ومهمتهم اغتيال السنّة.
ومن تشكيلات فيلق بدر أيضاً المتطوعون في الجيش العراقي، ومهمتهم مساعدة القوات الأمريكية في عملياتها العسكرية في مدن السنّة.
وقد اشترك فيلق بدر في العديد من العمليات مع القوات الأمريكية في مناطق متعددة في العراق في مدن السنّة، مثل الموصل وبعقوبة وتلعفر والفلوجة والرمادي والقائم واللطيفية.
لقد عمدت مليشيات الشيعة، وعلى رأسها فيلق بدر، إلى أساليب الاغتيال والتهديد والتهجير والإرهاب التي طالت أئمة المساجد والعلماء والأطباء والأساتذة والطيارين، وكل قوى الشعب العراقي الرافضة للغزو، وقد تم تهديد وتهجير مئات العوائل السنية من مساكنهم في محافظات الجنوب.
واستولت هذه المليشيات على تشكيلات وزارة الداخلية التي تولاها بيان جبر صولاغ، وشرعت في تنفيذ حرب طائفية قذِرة ضد أهل السنّة ورواد المساجد.
إن وزارة الداخلية العراقية ضالعة في الإرهاب والتعذيب وقتل الأبرياء في ظل أجهزة صولاغ، ومليشيات العامري، وفي ظل حكومة الجعفري المتستر على فضائح السجون السرية في ملجأ الجادرية وفي أرجاء العراق، وهو المسئول الأول عن الجرائم التي طالت أئمة المساجد والعلماء، من تعذيب وتمثيل وتثقيب للرءوس بالمثقب الكهربائي بأساليب لم تشهد لها البشرية مثيلاً.
كل الخبراء العرب والأجانب يؤكدون سيطرة ميليشيا فيلق بدر على وزارة الداخلية ابتداءً من 12 مايو2005م، وهو اليوم الذي تسلّم فيه صولاغ مهام وزارة الداخلية، حيث قام بإصدار أوامر بضم منظمة بدر الشيعية إلى الوزارة، حتى تكون جرائمها تحت ستار ومظلة القانون، في الوقت الذي أبعد فيه الضباط والقادة السنّة عن وزارة الداخلية.
ولعل أبشع الفضائح التي واجهت وزير الداخلية الشيعي المتعصب بيان جبر صولاغ هي جرائم التعذيب الوحشية التي ارتكِبت ضد 176 معتقلاً في مركز اعتقال تابع لوزارة الداخلية العراقية بضاحية الجادرية جنوبي بغداد.
كما كانت هناك قائمة اتهامات موجهة لـ "فيلق بدر" بالوقوف وراء عمليات عنف دموية، واغتيالات غامضة، تتسم بتنوع مصادرها وأطرافها، من جهات حكومية وأخرى أهلية.
ومن ذلك ما قاله مدير جهاز المخابرات العراقية “محمد الشهواني”، في أكتوبر 2004م، حول تورط "فيلق بدر" في اغتيال 18 من عناصر جهاز المخابرات العراقية خلال أقل من شهر، والعثور على وثائق تربط بين إيران، وقتل عناصر من الجهاز بواسطة المنظمة الشيعية.
كما سبق وأن اتهم حازم الشعلان وزير الدفاع في حكومة "إياد علاوي"، ستة من عناصر منظمة بدر في يناير 2005م، باختطاف ثلاثة شيوخ كانوا مكلفين من قِبَل الوزارة، بجمع متطوعين للجيش العراقي من محافظات البصرة والعمارة والناصرية، مؤكدًا أنه ومن خلال التحقيقات مع المتهمين، أقروا بأنهم من عناصر الميليشيا الشيعية، واعترفوا كذلك بعلاقتهم بالاستخبارات الإيرانية.
فقد عثر على مئات الجثث ملقاة في عدة أماكن بالعراق، بعد خطف الرجال من الأحياء السُنية أو المشتركة، وكثيرًا ما تم العثور على جثث لمواطنين عراقيين، بدت آثار التعذيب على أجساهم، أو قطعت رؤوسهم، وهي حوادث أكد الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق "جون بيس"، أنها تحمل بصمات قوات "فيلق بدر".
فقد أشار إلى مسئولية "فيلق بدر" عن هذه الإعدامات بالدرجة الأولى، قائلاً في مقابلة مع وكالة "الاسوشيتد برس": إنه "تسبب في دمار وفوضى"، وإن عناصره يفعلون ما يتراءى لهم، يقبضون على الناس ويعذبونهم ويعدمونهم، ويحتجزونهم ويتقاوضون الفدية ويفعلون ذلك بحصانة.
ورغم أن التحقيقات الرسمية لم تنته إلى نتيجة بخصوص فضيحة التعذيب التي جرت وقائعها في زنزانة تحت الأرض في مبنى متاخم لمجمع وزارة الداخلية العراقية، كشف النقاب عنها بمحض الصدفة، في تشرين الأول 2005م، إلا أن جميع الشواهد عكست تورط عناصر هذه الميلشيا المنخرطة في الأجهزة الأمنية بالضلوع في الجريمة.
كما كان المحامي "سعدون الجنابي"، الذي كان يترافع عن "عواد أحمد البندر" ـ أحد معاوني الرئيس السابق صدام حسين ـ في 20 أكتوبر 2005م، أحد ضحايا جرائم تلك الميليشيا، وفق ما أكدت أسرته.
و في عام 2006 أكد تقرير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن مئات العراقيين عذبوا وقتلوا في وزارة الداخلية التي يسطر عليها المجلس الأعلى، كما نقلت جريدة «الإندبندت» البريطانية عن جون بيس الذي أعد تقرير الأمم المتحدة حول الصراع الطائفي في العراق. ويقول التقرير إن وزارة الداخلية كانت تسيطر على نحو 10000 بين شرطة ومخابرات وأجهزة أمنية وشكلت كتائب عديدة لمواجهة الهجمات التي كانت تشنها «القاعدة»، مثل لواء النمر ولواء العقرب ولواء الذئب وقوات المغاوير التي أنشأها الجيش الأمريكي.
وتتحرك عناصر فيلق بدر بأزياء خاكي مموهة ويسوقون سيارات بيك آب حاملين اسلحتهم، وكلما مروا في حي من أحياء السنة ينشرون الرعب، وغالبا ما تجد من يعتقلونهم مقتولين بعد أيام وعلامات التعذيب بادية على أجسامهم. لقد شكل الفيلق كتائب الموت عام 2006 وكانت علامات التعذيب والإعدام بطلقات في الرأس على ثلاثة أرباع القتلى كما جاء في تقرير جون بيس.
ومع تطورات الأحداث الأخيرة وسقوط مدينة الموصل ومناطق في محافظات عدّة، وصدور فتوى "الجهاد الكفائي" من المرجع الشيعي علي السيستاني والتي دعا فيها لحمل السلاح إلى جانب القوات الحكومية ضد أبناء تلك المناطق "السنّية" كانت ميليشيا "بدر" في مقدّمة المشاركين فيها، وكانت محافظة ديالى منطقة انتشارهم، بقيادة زعيمها هادي العامري – وزير النقل الحالي -، ومسئول الميليشيا في محافظة ميسان "كریم علیوي جاھوش المحمداوي (أبو كوثر) ” والنائب قاسم الاعرجي.
واتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية، مؤخرا، ميليشا شيعية عراقية مدعومة من قبل الحكومة بمهاجمة مسجد للسنة شمال شرق بغداد و"ارتكاب مذبحة" ضد المصلين، وقالت إن هذه الجرائم خلقت جاذبية لتنظيم "داعش" في المناطق السنية واكدت ضلوع مليشيات "عصائب أهل الحق" وألوية منظمة بدر وكتائب حزب الله بعمليات اعدام ميداني واختطاف في محافظات بغداد وديالى وبابل.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الانسان في تقرير لها نوفمبر 2014، إن "المذبحة" التي ارتكبت في المسجد السني قد تمت على أيدي "مليشيات عراقية" موالية للحكومة وكذلك لقوات الأمن التي تعرف افرادها المعتدين بأسمائهم .. وطالبت الحكومة العراقية بالإسراع في نشر أي تحقيقات تجريها في الهجوم على مسجد مصعب بن عمير يوم 22 آب (أغسطس) الماضي، والذي تسبب في مقتل 34 شخصاً، وتقديم المسئولين عنه إلى العدالة.
وأشارت المنظمة إلى أنه بحسب أقوال خمسة شهود، وبينهم أحد الناجين من الهجوم، فقد قام مسلحون، بعضهم بثياب مدنية وآخرون بزي الشرطة، بمهاجمة المسجد عند الظهر في قرية إمام ويس في حمرين بمحافظة ديالي، على بعد 50 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من مدينة بعقوبة، عاصمة المحافظة، وأطلق المعتدون النار فأردوا 32 رجلاً، وسيدة واحدة، وصبياً واحداً في السابعة عشرة، وكانوا جميعاً بحسب أقوال الشهود من المدنيين الذين يؤدون صلاة الجمعة عند مقتلهم، بأسلحة آلية من طراز "بي كيه" و"إيه كيه 47" روسية الصنع، كما قال الشهود الذين اجمعوا على أنهم تعرفوا على المعتدين، وكانوا يعرفونهم بالاسم.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش، "إن المليشيات الموالية للحكومة تزداد جرأة وتتزايد جرائمهم فظاعة، وقد اشتركت السلطات العراقية وحلفاء العراق على السواء في تجاهل هذا الهجوم المروع، وبعد ذلك يتساءلون لماذا اكتسب تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد تلك الجاذبية وسط التجمعات السنية".
ونقلت المنظمة عن الشهود، الذين طلبوا جميعًا حجب هوياتهم حماية لهم، إن إطلاق النار بدأ في نحو الساعة 12:10 ظهراً، فيما كان الإمام يلقي خطبة الجمعة. وقال أحد الناجين، وكان داخل المسجد السني إنه شاهد رجلاً يدخل وهو يرتدي قميصًا داكن الخضرة، وسروالاً وعصابة الرأس التي عادة ما يرتديها أفراد المليشيات المنتسبة إلى عصائب أهل الحق، الموالية للحكومة وكان يحمل سلاحاً آليًا من طراز "بي كيه".