بوابة الحركات الاسلامية : فتوى أزهرية بتكفير الشخص اليساري (طباعة)
فتوى أزهرية بتكفير الشخص اليساري
آخر تحديث: الثلاثاء 23/12/2014 11:15 م
فتوى أزهرية بتكفير
جاء في كتاب "الدرر الناضرة في الفتاوى المعاصرة"، للدكتور صبري بن محمد عبد المجيد، دار المؤيد، الطبعة الأولى 2005، ص468. فتوى من لجنة الفتوى بالأزهر تقول:
السؤال: تقدم لأختي شاب يساري، ونحن أسرة مسلمة متدينة- فما رأي الدين في هذا الزواج وهي متمسكة به رغم أنها تعلم باتجاهه، وحجتها في ذلك فصل دينه وعقيدته عن تصرفاته كإنسان يمكن أن يحافظ عليها! فما رأيكم إذا صممت على الارتباط به؟ وما علاقتي بها عند ذلك؟
الجواب: الاتجاه اليساري لشخص مسلم أنه لا يؤمن بوجود الله، وبالتالي لا يؤمن بكتب الله ولا برسله ولا باليوم الآخر. فإذا ثبت ذلك لشخص مسلم فهو مرتد عن دينه في نظر الإسلام، ولو كان يقرأ القرآن وجميع الكتب السماوية. وحكم المرتد أنه لا يجوز أن يتزوج بمسلمة، وإذا كان متزوجا تطلق منه زوجته ولا تحل له، ولا يرث ولا يورث. ويكون ما كسبه من مال سابق لورثته المسلمين، وما كسبه من أموال بعد الردة يكون ملكا للدولة. واتجاه هذا الشخص وأمثاله يكون عقيدة ودينا وليس سياسيا فقط. فأما عن علاقتك بها فلا تقطعها، فلعل الله أن يردها عن غيها.

لجنة الأزهر\ ربيع الأول 1408هـ

لجنة الأزهر\ ربيع
اللافت للانتباه أن هذه الفتوى صادرة عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وأن بها من التعميم ما لا يليق بهيئة علمية من المفترض أن تهتم بأدق التفاصيل قبل إصدار الفتوى أو التعرض لها، فإن الفتوى من الأمور الخطيرة والتي لها منزلة عظيمة في الدين ، قال تعالى: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن...). [النساء: 127] وقال تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة...) [النساء: 176] ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى هذا الأمر في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته، وكلفه ربه بذلك قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)[النحل:44]. والمفتي خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء وظيفة البيان - نسأل الله العون والصفح عن الزلل - والمفتي موقع عن الله تعالى ، قال ابن المنكدر : "العالم موقع بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يدخل بينهم" . والذي يجب على الناظر في الفتاوى أن يختار ما شهد له الكتاب والسنة والإجماع، وكان جارياً على قياس أهل العلم، وإن كان ثمة تعارض فإنه لا يأخذ إلا بالراجح في المسألة وهو الأقوى دليلاً والأسلم تعليلاً، وليس المفتي بالخيار يأخذ ما يشاء ويترك ما يشاء، وقد قال الإمام النووي رحمه الله: "ليس للمفتي والعامل في مسألة القولين أن يعمل بما شاء منهما بغير نظر ، بل عليه العمل بأرجحهما".اهـ.
ولا شك أن الفتوى قد تختلف من مُفتٍ إلى آخر حسب الحظ من العلم والبلوغ فيه، ولكن لا يجوز له أن يتتبع رُخَص المذاهب وسقطات أهل العلم، حيث عد بعض أهل العلم- منهم أبو إسحاق المروزي وابن القيم - من يفعل ذلك فاسقاً، وقد خطّأ العلماء من يسلك هذا الطريق وهو: تتبع الرُخَص والسقطات، لأن الراجح في نظر المفتي هو ظنه حكم الله تعالى، فتركه والأخذ بغيره لمجرد اليسر والسهولة استهانة بالدين.
أما خروج اليساري من الدين أو الملة، فهذا ما لم يقل به أحد من العلماء حيث إن الاتجاه اليساري اتجاه سياسي واقتصادي وليس دينيًا.
فتوى أزهرية بتكفير
اليسار عبارة عن مصطلح يمثل تيارًا فكريًا وسياسيًا يسعى لتغيير المجتمع إلى حالة أكثر مساواة بين أفراده. ويرجع أصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب التغيير الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول إلى النظام الجمهوري والعلمانية. ولا يزال ترتيب الجلوس نفسه متبعا في البرلمان الفرنسي.
بمرور الوقت تغير وتشعب استعمال مصطلح اليسارية بحيث أصبح يغطي طيفا واسعا من الآراء لوصف التيارات المختلفة المتجمعة تحت مظلة اليسارية، فاليسارية في الغرب تشير إلى الاشتراكية أو الديمقراطية الاشتراكية أو الليبرالية الاجتماعية في أوروبا والولايات المتحدة، من جهة اُخرى تدخل تحت المصطلح العام لليسارية حركة يطلق عليها اللاسلطوية والتي يمكن اعتبارها بأقصى اليسار أو اليسارية الراديكالية.
ونتيجة لهذا التنوع في استخدام المصطلح هناك اختلاف بين اليساريين انفسهم حول من يشمله اللفظ فمثلا يؤكد الليبراليون الاجتماعيون على الحريات والديمقراطيون الاشتراكيون على التزامهم بالديمقراطية ورفض الثورية التي يتبناها الشيوعيون الذين يرون الاشتراكية الثورية التي ترفض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الممثل الحقيقي لليسار. كلما وجدت شرط صدمت به حين تتذكر حركة أو حزبا يساريا يضرب بها عرض الحائط ليس تطبيقا فقط وإنما تنظيرا.
فاليسار كما أوضحنا ليس فصيلا واحدا وفي العموم ليس عقيدة أو دينا يعتقده الشخص أو يؤمن به، وليس له علاقة بالخروج عن الإسلام أو الردة كما تبين الفتوى القاصرة من هذه اللجنة التي نعتقد بسبب هذه الفتوى عدم علميتها، وهناك من الأدلة الكثير، فقد توافق أكثر المتشددين دينيا مع اليسار، حيث كتب سيد قطب كتاب عن "العدالة الاجتماعية في الإسلام" متقاربًا به مع الأفكار الاشتراكية التي سادت عصره، وكذلك كتب مصطفى السباعي "مراقب عام الإخوان في سوريا في ستينيات القرن الماضي" كتابا عن اشتراكية الإسلام. ليس هذا فقط بل هناك أزهريون كُثْر ورجال دين إسلامي على امتداد العالم العربي في أحزاب يسارية ويقيمون الصلاة ويؤدون واجبات دينهم، هل هؤلاء أيضا مرتدون وتجب إقامة الحد عليهم وتطليقهم من زوجاتهم؟
ألم يلتفت الأزهر لهذه الفتاوى التي تهدد السلم الاجتماعي وتهدم الأسر ليس في مصر فقط بل في وطننا العربي والعالم الإسلامي، بحكم ما يتمتع به من مكانة في نفوس الشعوب الاسلامية؟!