بوابة الحركات الاسلامية : أبو بكر البغداي "بن لادن" العراق (طباعة)
أبو بكر البغداي "بن لادن" العراق
آخر تحديث: الأحد 27/10/2019 01:55 م حسام الحداد
ابوبكر البغدادي
ابوبكر البغدادي
أكدت وسائل إعلام أمريكية نقلا عن مسؤول عسكري أمريكي أن أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، قتل في غارة شنها الجيش الأمريكي مساء السبت 26 أكتوبر 2019 في قرية باريشا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا
"أبو بكر البغدادي" والذي كانت القاعدة تعتبره بمثابة وريث "بن لادن" في العراق، لما حققه من إنجازات للتنظيم منذ توليه قاعدة العراق، ولكن بعد أن اتخذ العديد من القرارات الأحادية الجانب، منها تدخله في أراضي الجماعات الثورية السورية الأخرى الأمر الذي تسبب في انقسامات بين جبهة النصرة وبين تنظيم القاعدة الأم، كما تبني العديد من العمليات الإرهابية التي خرجت عن مسارها عن تنظيم القاعدة، الأمر الذي جعل الأخيرة تعلن في مطلع العام الجاري 2014 فصل أبي بكر البغدادي عنها باعتباره "منشقا" عن القاعدة، ويعد البغدادي حقا "الرجل الزئبقي" في العراق وسوريا، وذلك بسبب صعوبة التعرف على مكان محدد له، وهو واحدا من أكثر عشرة إرهابيين خطورة في العالم، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تعرض مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لقاء المعلومات التي تؤدي إلى القبض عليه حيا أو ميتا.

أبو بكر البغدادي النشأة والدراسة:

هو أبو دعاء بن إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري الرضوي الحسيني السامرائي، والمعروف دوليا باسم (أبو بكر البغدادي)، قائد تنظيم القاعدة في العراق والملقب بأمير دولة العراق الإسلامية، ليس معروف له تاريخ ميلاد محدد ولكن الاستخبارات الأمريكية حددت أنه ولد عام 1971، أي أنه يبلغ من العمر حوالي الثالثة والأربعين، ولد في مدينة سامراء والتي تقع على بعد 95 كيلومترا شمالي بغداد، وينحدر من عشائر الأشراف البدريين – والمسماة بـ"البوبدري" – الرضوية  الحسينية الهاشمية القرشية النزارية العدنانية، عمل كأستاذ ومدرس تربوي سابق، تخرج من جامعة بغداد حيث حصل على شهادة الدكتوراة منها في الشريعة الإسلامية، ثم عمل بعد تخرجه بالدعوة، كما درس في علوم التاريخ والأنساب الشريفة.
في نظرة سريعة عن أسرة البغدادي نجد أن والده إبراهيم عواد كان واحدا من أبرز أقطاب السلفية الجهادية في العراق، وأبرز منظريها في ديالى ومدينة سامراء من خلال عمله بجامع الإمام أحمد بن حنبل، وعرف عن أسرته التدين والالتزام في كل المدينة، حتى أخوته وأعمامه فمنهم من عمل بالدعوة ومنهم من اشتغل في تدريس اللغة العربية والبلاغة والمنطق، وعقيدتهم سلفية، فوالدة الشيخ عواد من وجهاء عشيرة البوبدري، والعائلة من أنصار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما عرف عن جده ابراهيم علي البدري بمداومة صلاة الجماعة، وصلة الرحم، والحرص على حاجات العوائل المتعففة، وقد توفي والده من عدة سنوات وكان في منتصف التسعينات من العمر.

البغدادي من التدريس إلى الجهاد

ابو مصعب الزرقاي
ابو مصعب الزرقاي
وفقا للحوار الذي أجرته جريدة القدس العربي في ديسمبر من العام الماضي 2013، مع أحد الجهاديين أبو عبد الرحمن حمد، وهو مقاتل من داعش في حمص، يقول حمد إنه التقى بأبي بكر في ديالا عام 2004، أثناء سفرهم مع مجموعة من المتطوعين السوريين لمواجهة الأمريكيين، ويقول حمد: "كان أبو بكر قليل الكلام وإن تكلم أقنع وبهدوء، حتى وإن كان وسط قصف وهجمات، وكان يخطط ويشارك في المعارك ويأخذ بعين الاعتبار خطط التراجع، بدأ يخفي نفسه ويغطي وجهه بشكل جعله غامضا ورواغ من كان يحاول استهدافه، وقد ساعدته قدرته على التحدث بأكثر من لهجة على المرور دون أن يثير أي شبهة. 
بدأ البغدادي عمله الجهادي مع عدد من رفاق دربه، وقاموا بإنشاء جماعة "جيش أهل السنة والجماعة" التي نشطت بالأخص في محافظات ديالى وسامراء وبغداد، حيث تولى البغدادي الهيئة الشرعية بالجماعة، وعمل كأمير القسم الشرعي لهم، وبعد أسبوع من تأسيس الجماعة قامت بمبايعة مجلس شورى المجاهدين والانضمام له، وعمل خلال تلك الفترة مع أبي مصعب الزرقاوي، والذي يعد واحدا من أشهر الجهاديين في العراق، ومنه انتقل البغدادي إلى الهيئات الشرعية في المجلس كعضو في مجلس الشورى، ساعد نفوذ وشهرة البغدادي بين قبيلته وتوسع علاقاته وتأثيره الواضح على أفراد عشيرته في ديالى وسامراء، إلى أن يتخذ البغدادي خطوات واسعة في الجماعة، وكان له دورا بارزا ومؤثرا في انضمام جزء من عشائر سامراء لمبايعة البغدادي الأول، حتى أعلنوا وبكامل إرادتهم ويقينهم التام بيعتهم لدولة العراق الإسلامية منذ إعلان قيامها وإعلانها رسميا في 2006، والتي عرفت فيما بعد بـ"داعش"، بعدها تسلم أبو دعاء مهمة المشرف العام على الهيئات الشرعية للولايات وعضويتها في مجلس شورى داعش .
برز البغدادي كظهير للحركة السلفية الجهادية، التي تدعو إلى "الجهاد" من أجل تطبيق نسخة متشددة من الشريعة الإسلامية في سامراء ومحافظة ديالي المجاورة، وكان مسجد الإمام أحمد بن حنبل في سامراء مركزا لدعوته، الذي كان وفقا لأحد السكان، تحدث بشرط كتمان هويته خشية أن يتعرض للعقاب، كما كام أيضا مركزا رئيسيا لصناعة القرار داخل القاعدة في 2005 و2006.

قاعدة العراق في عهد أبي بكر البغدادي

جو بايدن
جو بايدن
تولى البغدادي قيادة فرع القاعدة في العراق في أعقاب مقتل أبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري، واللذان يعدان من كبار قادة التنظيم، خلال تنفيذ عملية أمريكية – عراقية مشتركة في أبريل عام 2010، بالقرب من تكريت، بعدها أعلن نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أنهم وجهوا "ضربة مدمرة" لتنظيم القاعدة في العراق، ولكن بعد تولي أبو بكر قيادة التنظيم في 16 مايو من نفس العام، أثبت أن قاعدة العراق أكثر مرونة، بل وأصبحت أكثر قوة مما كانت عليه قبل توليه المنصب، حيث قام بعمل توسعات داخل التنظيم لضم متطوعين جدد إلى جماعته، وتزامنت قيادة البغدادي للقاعدة في العراق مع العام والنصف عام الأخيرين للوجود العسكري الأمريكي في العراق، وخلف الانسحاب الأمريكي في ديسمبر 2011 فراغا أمنيا عارضا استطاع البغدادي استثماره.
استطاع البغدادي من توسيع أنشطة قاعدة العراق بعد توليه فرع التنظيم، فقام المقاتلون بالسيطرة على مدينة الرقة في 15 مارس 2013، والتي تمثل صورة من حلم البغدادي في بناء دولة، حيث أقام فيها محاكم وسيطر على توزيع المساعدات الإنسانية، كما تحكم بآبار النفط، ومصافيه حيث وزعت حصصه على المواطنين واستخدمه لإبقاء التيار الكهربائي بالمدينة.
تطور أداء البغدادي القتالي منذ عام 2006 حتى الآن بشكل كبير جدا وملحوظ وذلك بعد أن اشترك في تنفيذ العديد من العمليات العسكرية في العراق، ويرى العديد من الخبراء الأمنيين في الولايات المتحدة، أن قاعدة العراق ليست نفس العدو الذي قاتلوه من قبل، والذي اعتمد على التفجيرات الضخمة، بل لقد تطورت أدائها كثيرا.

أهم العمليات التي نفذها البغدادي

بن لادن
بن لادن
ظل أبو بكر البغدادي لفترة طويلة، وبالتحديد حتى نهاية 2013، المسؤول عن كافة النشاطات العسكرية لتنظيم القاعدة في العراق، حيث أدار مجموعة كبيرة من العمليات الإرهابية، وخلال شهري مارس وأبريل أعلن التنظيم عن مسؤوليته في تنفيذ 23 عملية إرهابية في جنوب بغداد بناءً على أوامر أبوبكر، أما بعد مقتل زعيم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في 2 مايو 2011، هدد أبوبكر بالانتقام العنيف، وتعهد بتنفيذ 100 عملية انتحارية انتقاما لمقتل بن لادن، وفي 5 مايو أعلن البغدادي عن مسؤوليته الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة والذي نتج عنه مقتل 24 عسكري وإصابة 72 آخرين، كما قام بتنفيذ مجموعة من العمليات الانتحارية في 15 أغسطس من نفس العام، أدارها أبوبكر في مدينة الموصل نتج عنها وفاة 70 شخص، كما تبنى في 28 أغسطس 2011 على جامع أم القرى الذي أدى لمقتل 6 أشخاص من بينهم خالد الفهداوي.
في 22 ديسمبر 2011 وقعت سلسلة انفجارات بالعبوات الناسفة والسيارات الملغمة ضربت كثير من أحياء بغداد نتج عنها مقتل 63 شخص وإصابة 180 آخرين. وجاء الهجوم بعد أيام قليلة من انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة.

سجن بوغريب
سجن بوغريب
في عام 2013 أعلن البغدادي ببدء حملة "كسر الجدران"، حيث داهم واقتحم فيها أكثر من ثمانية سجون، منها سجن بغداد المركزي (أبو غريب سابقا)، واستطاع أن يهرب مئات من معتقلي القاعدة لإرسالهم مجددا إلى سوريا، العمليات التي عززت كثيرا من صفوف الجماعة وزادتها هيبة بين المتعاطفين مع الجهاديين. ولم يتعاظم سوء سمعة البغدادي إلا حين سيطر مقاتلوه على مدينة الفلوجة وأجزاء من محافظة الأنبار المترامية الأطراف غرب البلاد في النصف الثاني من عام 2013، وأكسبه توغله في سوريا عددا كبيرا من المتطوعين الأجانب، وساعدته في ذلك "آلة دعاية مؤثرة ماهرة، امتلكت امتدادا عالميا حقيقيا.

البغدادي وجبهة النصرة والقاعدة الأم

ايمن الظواهري
ايمن الظواهري
لدى البغدادي طموحا جامحا خاصة فيما يتعلق بمفهوم دولة الخلافة الإسلامية، الأمر الذي دفعه أن يضيف كلمة "والشام" إلى نهاية اسم جماعته " دولة العراق الإسلامية" لتصبح "دولة العراق الإسلامية والشام"، غير أن تدخله في أراضي الجماعات الثورية السورية الأخرى تسبب في انقسامات بين صفوف المتشددين، فاتخذت جبهة النصرة، وهي جماعة مسلحة مرتبطة بالقاعدة في سوريا، موقفا معاديا للإعلان الأحادي الجانب من الدولة الإسلامية في العراق والشام، واعتبرته بمثابة استيلاء عدائي، الأمر الذي انتقده بعض الجهاديين وانتقاد دور داعش في سوريا، معتبرين أن مقاتلي داعش قد "ضللوا" ويخوضون حربا غير مقدسة، خاصة بعدما تبنت داعش العديد من الأعمال الوحشية مثل قطع رؤوس مقاتلي الحكومة، وتركيزها على إقامة خلافة إسلامية، الأمر الذي دفع بالظواهري زعيم تنظيم القاعدة إعلان عدم صلة القاعدة بداعش، خاصة بعدما حاول دون جدوى إنهاء الاقتتال الداخلي الذي اندلع بين مقاتلي داعش وجماعات المعارضة السورية، والذي تحول إلى حرب مفتوحة في الآونة الأخيرة، والذي نتج عنه مقتل أكثر من 1700 شخص في الاشتباكات بين داعش وجماعات المعارضة السورية الأخرى منذ الثالث من يناير، وذلك وفقا للتقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويرى تشارلز ليستر محلل في مركز بروكنغز بالدوحة، إن البغدادي حقق تعافيا ونموا جديدا بشكل ملحوظ في العراق وتوسعا في سوريا، وقيامه بذلك جعله شخصية شهيرة نوعا ما داخل المجتمع الجهادي العالمي". وصعدت الجماعة الضغط على الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة في بغداد بموجات منسقة متكررة من تفجيرات السيارات الملغومة والهجمات الانتحارية، لترتفع حصيلة قتلى العنف في البلاد خلال العام الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ 2007، حين بدأ أسوأ اقتتال طائفي في العراق في الانحسار.