بوابة الحركات الاسلامية : حرب العصابات.. توجيهات داعش الجديدة لتعويض خسائره (طباعة)
حرب العصابات.. توجيهات داعش الجديدة لتعويض خسائره
آخر تحديث: السبت 25/05/2019 02:38 م أميرة الشريف
حرب العصابات.. توجيهات
ما زال التنظيم الإرهابي "داعش" يبتكر يوما بعد يوم العديد من الأفكار الدموية التي تهدف إلي بث الرعب في قلب العالم، وفي أحدث ابتكارات التنظيم، شرع الأخير إلى تكتيك جديد وهو تحول إجرامه إلى حرب العصابات، ومع السقوط الذريع والخسائر الفادحة المتتالية التي لحقت بالتنظيم الإرهابي في الفترة الماضية، بدأ الأخير يلفظ أنفاسه مثل "الطائر المذبوح"، وبالأخص بعد أن خسر معظم الأراضي الذي سيطر عليها منذ عام 2014 في العراق وسوريا، وبدأ يلجأ مقاتلو التنظيم إلى حرب العصابات وفق التوجيهات التي تلقاها من الصحيفة الخاصة بالتنظيم.
وقامت صحيفة النبأ الإلكترونية التابعة للتنظيم بتشجيع عناصره على اتباع أساليب حرب العصابات ونشرت تعليمات تفصيلية عن كيفية تنفيذ عمليات الكر والفر، حيث يستخدم التنظيم هذه الأساليب في أماكن يتطلع إليها للتوسع خارج العراق وسوريا. 
وفي مارس 2019 ، خسر داعش آخر جزء مهم من الأرض كان خاضعا له، قرية الباغوز السورية، واضطر للعودة إلى جذوره بممارسة نوع من القتال يتجنب المواجهة المباشرة ويضعف العدو من خلال الاستنزاف وكسب الدعم الشعبي.
ووفق تقارير إعلامية، يري محللون أن هذه المحاولة لإنعاش التنظيم المتشدد تحقق نجاحا حتى الآن، فقد نفذ الكثير من الهجمات في أجزاء مختلفة من العالم في الأسابيع القليلة الماضية بما في ذلك أماكن لم يستهدفها من قبل قط.
ووفق وكالة رويترز، قالت ريتا كاتز المديرة التنفيذية لمجموعة سايت التي تتابع مواقع المتشددين على الإنترنت "الواقع الأليم هو أن تنظيم داعش لا يزال خطيرا جدا... لديه الأدوات والدعائم التي يحتاجها لبناء حركات مسلحة في مختلف أنحاء العالم.
وبثت شبكة الفرقان التابعة للتنظيم في أبريل الماضي مقطع فيديو،  شجع فيه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي أتباعه على مواصلة القتال وإضعاف العدو من خلال الاستنزاف مؤكدا أن شن حرب أهم من الانتصار.
وكان حديثه أكثر تشاؤما من مقطع الفيديو الوحيد الآخر الذي ظهر فيه من على منبر جامع النوري الكبير في الموصل عام 2014 حين اتشح بالسواد ووضع ساعة يد فاخرة.
وجاء في مقطع فيديو أخر، حين جلس البغدادي على حشية وتحدث إلى ثلاثة من مساعديه، وأسندت بندقية كلاشنيكوف إلى الحائط خلفه وهو نفس نوع البنادق الذي ظهر في مقاطع مصورة لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وسلف البغدادي أبو مصعب الزرقاوي اللذين استخدما أسلوب حرب العصابات.
وقالت كاتز "بدا كقائد لمجاهدين أشداء، لجماعة تمرد وليس الزعيم المدلل لدولة خلافة أحوالها ميسورة، مضيفة أن ظهوره حشد مؤيدي داعش بقوة في كل أنحاء العالم.
من جانبه، قال حسن أبو هنية الخبير الأردني في شؤون الإسلاميين إن التنظيم يستخدم أساليب حرب العصابات للسيطرة على بلدات مؤقتا حتى يجتذب اهتماما إعلاميا لكن هذا أيضا جزء من استراتيجية جديدة، مضيفًا، مثل هذه الحروب تحولت إلى استراتيجية للتنظيم. وهم يستخدمونها في هذه المرحلة كحروب استنزاف مثلما قال البغدادي في خطابه الأخير".
وأعلن داعش في أبريل الماضي، أنه هاجم بلدة الفقهاء في ليبيا وقتل مسؤولا محليا وأشعل النار في مقر الحرس البلدي. وقال التنظيم في بيان إعلان المسؤولية "اقتحم جنود الخلافة البلدة وتمكنوا من السيطرة عليها لساعات قبل الانسحاب من البلدة نحو مواقعهم الآمنة".
وفي الأسابيع القليلة الماضية نشرت صحيفة النبأ، وهي واحدة من أهم منابر التنظيم الإعلامية، سلسلة من أربعة أجزاء تحت عنوان "إسقاط المدن مؤقتا كأسلوب عمل للمجاهدين".
ودعا التنظيم في هذه السلسلة من المقالات، المقاتلين إلى تجنب الاشتباكات المباشرة مع العدو وهو الأمر الذي كان داعش يشجعه من قبل.
وشرحت السلسلة كيف يستطيع المقاتلون من خلال حرب العصابات إضعاف العدو دون تكبد خسائر، ودعت الجهاديين أيضا إلى الاستيلاء على أسلحة الضحايا وأخذ متعلقاتهم الثمينة أو إحراقها.
وقالت إن من بين أهداف هجمات الكر والفر احتجاز الرهائن وتحرير الأسرى والاستيلاء على أموال العدو.
وجاء في إحدى المقالات أن من الأهداف الأخرى "أخذ أموال الكفار بالفيء والغنيمة، وتأمين احتياجات المجاهدين من السلاح والعتاد والوقود والآليات والغذاء والدواء والأموال، وغيرها، وخاصة
في حال صعوبة تأمين هذه الاحتياجات بسبب ضعف ذات يدهم".
وتري كاتز إن سلسلة المقالات التي توجه المقاتلين إلى حرب العصابات هي الأكثر تفصيلا التي ينشرها داعش حتى الآن، مضيفة أن اللغة تشبه تلك التي استخدمت في إرشادات أصدرها تنظيم القاعدة قبل سنوات في السعودية من خلال مجلته الإلكترونية "البتار" والتي حملت تعليمات عسكرية لأنصاره وخلاياه في مختلف أنحاء العالم.
وقالت إن توجيهات داعش الجديدة تظهر أنه يعاني من نقص في المقاتلين والتمويل، وعندما فقد التنظيم أراضيه خسر أيضا مصدرا مهما للدخل، هو الضرائب وإيرادات النفط بالأساس.
ويعاني التنظيم الإرهابي ضعفا شديدا من النواحي المالية والعسكرية وفيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي".
وفي العديد من العمليات الإرهابية كان داعش الإرهابي يعلن مسؤوليته عنها، فقد أعلن عن عمليات في دول مختلفة.
في 18 أبريل أعلن التنظيم عن أول هجوم له في جمهورية الكونجو الديمقراطية وإنشاء "ولاية وسط أفريقيا" بدولة "الخلافة". ومنذ ذلك الحين أعلن التنظيم عن عدة هجمات أخرى في الكونجو.
وفي 10 من مايو أعلن تنظيم داعشإنشاء ولاية في الهند. وقال إنه أوقع خسائر في صفوف الجنود الهنود بإقليم كشمير.
وفي نفس اليوم اقتحم مسلحون على دراجات نارية بلدة بشمال شرق نيجيريا وفتحوا النار على السكان والجنود في هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه لاحقا.
كما أعلن مسؤوليته عن مزيد من العمليات في نيجيريا وعشرات الهجمات المماثلة في الأسابيع القليلة الماضية في أفغانستان والنيجر والصومال ومصر وباكستان والشيشان وسريلانكا وغيرها. وفي عدة حالات نشر التنظيم صور أعيرة نارية وبنادق وأسلحة أخرى قال إنه استولى عليها من الجنود.
وتعتبر حرب العصابات وسيلة أقل تكلفة لإلحاق الضرر والتنظيم يستخدم هذا الأسلوب حيثما أراد التوسع مثل شرق أفغانستان وشمال شرق نيجيريا والصومال وشمال أفريقيا وشبه القارة الهندية ووسط أفريقيا.
ووفق مراقبون، فإن لجوء التنظيم الإرهابي لحرب العصابات ليس مفاجئاً، بل أمر متوقع، فالتنظيم لن يسلم الراية البيضاء بسهولة، خاصة أن لديه الإمكانيات لخوض هذه الحرب مستغلاً حالة التذمر التي تبديها بعض الأطراف السياسية حيال قضايا داخلية كثيرة.