بوابة الحركات الاسلامية : 17الف افغاني ضحايا طالبان منذ 2009 (طباعة)
17الف افغاني ضحايا طالبان منذ 2009
آخر تحديث: الإثنين 23/03/2020 10:31 ص روبير الفارس
17الف افغاني ضحايا
بين الامريكان وطلبان وقعت العديد من جرائم الحرب فى أفغانستان  وهذه الجرائم  اصبحت أمام الجنائية الدولية لأول مرة وفي عددها الاخير نشرت مجلة المصور تقريرا كتبته
 يمنى الحديدى  جاء فيه

تعد أفغانستان مسرحا كبيرا للكثير من العمليات الإرهابية، بالإضافة للحرب الدائرة هناك ضد قوى الإرهاب المتمثلة فى جماعة طالبان وتنظيم القاعدة والتى تشارك فيها العديد من الدول الأجنبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، هذا المشهد المعقد تسبب وخلف العديد من الضحايا والجرائم التى ترتقى إلى «جرائم الحرب»، وللمرة الأولى وافقت المحكمة الجنائية الدولية على فتح التحقيق فى هذه الجرائم.

يأتى هذا القرار فى إطار الاستئناف على قرار المحكمة الأول، والذى رفض الاعتراف بهذه الجرائم، وبناء على القرار الجديد ستنظر المحكمة الجنائية الدولية فى الأفعال التى ارتكبتها كل من القوات الأمريكية والحكومة الأفغانية وطالبان، وربما تصل التحقيقات إلى القوات البريطانية.

من جانبه هاجم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، هيئة الحكم، ووصف الحكم «بالمتهور»، وقال إنه سيحدد إجراءات فى الأسابيع المقبلة لمنع مثول مواطنى الولايات المتحدة أمام المحكمة، وقال إن هذا القرار خارج من مؤسسة سياسية على شكل هيئة قضائية.

وأضاف أن تهور هذا القرار يكمن فى توقيته الذى جاء بعد أيام من توقيع الولايات المتحدة اتفاقية السلام مع أفغانستان، والذى بحسب بوميو أفضل فرصة للسلام فى هذا الجيل.

على الجانب الآخر أمرت المحكمة بأن تشمل التحقيقات “المواقع السوداء» الخاصة بالمخابرات الأمريكية، والتى يتم احتجاز المعتقلين فيها فى كل من بولندا، ليتوانيا، ورومانيا.

يذكر أن المحكمة كانت قد رفضت العام الماضى التحقيق فى هذه القضية معللة ذلك بأن الولايات المتحدة وحكومة أفغانستان وحركة طالبان لن يتعاونوا فى التحقيقات.

وكانت واشنطن وقتها بالفعل تبطل أو ترفض أى تأشيرة خاصة بطاقم عمل المحكمة المنوط به التحقيق فى جرائم الولايات المتحدة، سواء فى أفغانستان أو فى أى مكان آخر، وكانت نائبة رئيس المحكمة فاتو بنسودا، أكدت بالفعل أنه تم إلغاء تأشرة الولايات المتحدة الخاصة بها.

لكن دائرة الاستئناف أكدت أن هناك قواعد تم تجاهلها المرة الماضية، لكن هذه المرة سيتم التأكد من سير التحقيقات. جميل داكاوار رئيس الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية فى برنامج حقوق الإنسان، قال إن هذا القرار يعزز دور القانون، ويعطى الفرصة لآلاف الضحايا الذين ضاعت حقوقهم بين السلطات والمحاكم المحلية.

ورغم أن الطريق إلى المحاكمة طويل جدا، إلا أن هذه الخطوة تعد اللبنة الأولى لذلك، كما أنها تعزز استقلال المحكمة الجنائية الدولية فى وجه سياسات ترامب العدائية.

حيث أكدت المحكمة أن هناك معلومات تؤكد تورط عسكريين أمريكيين فى قضايا تعذيب وانتهاك كرامة والاعتداء والاغتصاب ضد محتجزين فى أفغانستان والبلدان المحاورة منذ السنوات الأولى لبدء الصراع فى ٢٠٠١.

أما طالبان والجماعات الإرهابية الأخرى فتوجه إليها تهم بقتل حوالى ١٧ ألف أفغانى منذ ٢٠٠٩، بينما القوات الحكومية متهمة بتعذيب المسجونين فى مراكز الاعتقال الحكومية.

وتعد هذه المرة الأولى التى تمثل فيها الولايات المتحدة أمام الجنائية الدولية، وبحسب البعض فقد مارست العديد من الضغوطات لغلق هذه التحقيقات، لكن يبدو أن المحكمة أصرت على الثأر للضحايا.

من بين هؤلاء الضحايا أحمد ربانى سائق تاكسى باكستاني، تم تسليمه إلى باكستان وتم تعذيبه هناك لمدة ٥٤٠ يوما على يد أفراد من الجيش الأمريكي، كما تم احتجازه فى سجون جوانتانامو منذ ٢٠٠٤ بدون تهمة أو محاكمة، لذلك يؤيد ربانى الآن قرار المحكمة بقوة.

وقال ربانى إنه سيصبح سعيدا إذا تمت محاكمة من فعلوا معه ذلك، ويجب عليهم الاعتذار له، وأضاف أن تعويضا حتى بمليون دولار عن كل عام أمضاه فى السجن لن يكفى لتعويضه عما رآه هناك، فمازال يعانى حتى الآن من آثار التعذيب النفسى والجسدى التى رآها هناك.

ربانى وأحمد الأسعد وشرقاوى الحاج وغيرهم الآلاف تعرضوا لأذى نفسى وجسدى وحتى عقلى كبير، ومازالوا يحاولون محو هذه الآثار حتى الآن، فى حين يتمتع من فعل ذلك بالرفاهية والحصانة.

لذا قرار المحكمة السابق سبب غضبا كبيرا بين أوساط ومنظمات حقوق الإنسان التى طالبت بضرورة فتح التحقيق والثأر لهؤلاء الأشخاص، فجاء القرار الحالى ليثبت أنه لا أحد فوق القانون.

لكن التغيرات الأخيرة فى أفغانستان قد تعمل على تعقيد الوضع قليلا فقد تم عقد اتفاق سلام بين الأطراف المتهمة فى هذه القضية، وهى طالبان والولايات المتحدة، الأمر الذى يثير مخاوف بأن تتعاون هذه الأطراف فى طمس الحقائق وإخفاء الدلائل.

الاتفاق الذى عقد فى الدوحة السبت الماضى بين مبعوث السلام الأمريكى زلماى خليل زاد، وبين زعيم حركة طالبان مله عبدالله غاتى بارادار، والذى سينتج عنها انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

لكن على الجانب الآخر صرح المتحدث الرسمى باسم طالبان ظبى الله مجاهد بأن الاتفاق لا يعنى إنهاء الجهاد فى أفغانستان، وكل الذين أيدوا الغزاة مازالوا معتدين، مما يثير شكوكا بالفعل حول انتهاء الأزمة الحقيقية فى أفغانستان، وأن كل ما حدث هو مجرد خروج بشكل لائق للقوات الأمريكية من أفغانستان.

وتعانى أفغانستان من التدخل الخارجى منذ عام ١٩٧٩، منذ الغزو السوفيتى لها، ومن ثم التدخل الأمريكى عقب إعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب عام ٢٠٠١، تلك الحرب التى راح ضحيتها آلاف الضحايا، وخلفت وراءها ملايين اللاجئين، مما جعل أفغانستان واحدة من أكبر الدول فى تصدير اللاجئين حول العالم، وحتى بعد الانسحاب الأمريكى سيظل الوضع فى أفغانستان مرتبكا حتى إشعار آخر.