بوابة الحركات الاسلامية : الباحث عصام الزهيري: العمليات الإرهابية تنتهي عندما تنتهي قطر وتركيا من تمويل الإرهابيين (طباعة)
الباحث عصام الزهيري: العمليات الإرهابية تنتهي عندما تنتهي قطر وتركيا من تمويل الإرهابيين
آخر تحديث: الثلاثاء 19/05/2020 08:42 ص روبير الفارس
الباحث عصام الزهيري:
يمتلك الكاتب والباحث عصام الزهيري رؤية شاملة في حركات الإسلام السياسي  ومن خلال قيامه بالعديد من الدراسات والبحوث  في الشأن الاسلامي استطاع أن يفكك الكثير من الخرافات المتداولة بهذه الجماعات مستخدما منهج عقلاني واضح في قراءة طرقهم وكشف اكاذيبهم كما  يتضح في هذا الحوار  الزهيري أيضا عضو عامل  اتحاد كتاب مصر.  كما صدر له في مجال الأدب اربع مجموعات قصصية منشورة وله  عشرات المقالات  والدراسات في تاريخ العقائد والفقه والتاريخ الإسلامي.ويشغل منصب مدير تحرير مجلة الكرمة التي يصدرها إقليم شمال الصعيد الثقافي  والي نص الحوار 
في البداية
ماهي الطريقة الأفضل للتعامل مع الفقه الإسلامي ؟
ليس من الحكمة ولا من قبيل قواعد البحث العلمي الصحيح ان نتعامل مع الفقه الإسلامي بالتجزئة او بالقطاعي. رغم ان هذا التعامل مريح تماما لأصحابه ويمكنهم من القفز فوق كثير من الحقائق الشائكة وإن كان تجاوز تراثنا وحاضرنا مرهون بمواجهة هذه الحقائق. وهذا التعامل مع الفقه والفتوى ومبدأ التكفير فيهما بالتجزئة والقطاعي هو ديدن من يطلبون منا ان نتعامل مع فتاوى التكفير التي اطلقها فقيه متشدد مثل ابن تيمية في سياق ظروف عصره كانه لا يوجد مبدأ تكفيري مشترك جامع ممتد وضارب الجذور في الفقه الإسلامي كله منذ نشأته، وأن علينا ان نتعامل بالنقد الموضوعي مع هذا المبدأ الجامع لكل فتاوى التكفير الفقهية ليس منذ ابن تيمية فقط ولكن من قبله وصولا إلى ابي بكر البغدادي. هذا المبدأ الذي ينتج فتاوى التكفير قائم بكل تأكيد على تاويل وتفسير نصوص الإسلام المؤسسة وفي مقدمتها القرآن، ثم ناشب بجذوره في عشرات النصوص التي فبركتها الفرق المذهبية والفقهية ونسبتها للنبي، وصولا إلى لحظة اكتمال التأسيس الفقهي على يد الشافعي الذي حصر بمبداي القياس والاجماع العقل الفقهي داخل هذا النمط التكفيري الموروث. إذا لم نستقي نقد هذه الجذور من فتاوى ابن تيمية فلا فائدة من نقد عقائد سيد قطب التكفيرية مثلا. وإذا قلنا ان فتاوى ابن تيمية بنت سياقها وزمانها فهذا يعني أن فتاوى داعش هي بدورها بنت سياقها وزمانها. وليس هذا غير ضرب من التزييف الفادح الفاضح. ففتاوى ابن تيمية، مثل أفكار سيد قطب التكفيرية، مثل فتاوى داعش الارهابية، كلها كانت قبل ان تكون بنت سياقها التاريخي بنت المبدأ الفقهي التكفيري القديم الفاعل في الذهنية الإسلامية. لا يشترط لتكفر احدا ان تقول انه كافر، يمكنك ان تقول انه كاره للإسلام او يضمر الحقد على العقيدة او يكيد لشرع الله او او او. وكل هذه التنويعات التكفيرية تعكس فعل واثر المبدأ الفقهي التكفيري. نفس التنويعات التي ادت إلى المذابح والغزوات الإسلامية المختلفة منذ صدر الإسلام إلى اليوم تعكس حضور هذا المبدا القاتل. نفس التنويعات الفقهية من ابن تيمية إلى سيد قطب والبغدادي تعكسه. القول بأن فتاوى ابن تيمية بنت عصرها وسياقها التاريخي وكفى هو في حد ذاته حرص على استمرار فعالية المبدأ التكفيري ولفت الأنظار بعيدا عنه والتمويه على خطره الفاحش المستمر والفعال العابر لكل الازمنة والسياقات
من اين تبدأ أزمة المتدين..؟ 
هكذا أجد نفسي ميالا دائما للتفكير في نقطة بداية افتراضية يبدأ من عندها المتدين انحرافه، ما يعتبره غيره انحرافا طبعا. ويجب ان تسلم مبدئيا ان للتدين مثل كل نشاط او مجال بشري آخر ازماته المتنوعة، بعضها يمكن ان ينبع من بنية التدين ذاته او بعض عقائده. بعضها يمكن ان ينبع من اساليبه وطقوسه ومظاهره، بعضها يمكن ان ياتي نتيجة تفاعله بطرق معينة مع البيئة المحيطة التي تستخدم التدين او تدفع المتدين لاستخدام تدينه بطرق قد تثير الازمات للآخرين. هذه التقسيمة الثلاثية العامة يمكن ان تستغرق تقريبا مشكلات او ازمات او كوارث التدين بحسب درجة استفحالها. وجود نقطة بداية او نقطة انحراف تبدأ عندها ازمة المتدين هو نفسه افتراض نظري تخيلي نادرا ما يوجد في الواقع بالطريقة الدرامية التي يوحي اللفظ من خلالها بحدوث تحول ظاهر. وهو افتراض يقوم على تصور لامتداد خطي طبيعي للتدين تبدأ الازمات عند وصول المتدين لنقطة معينة فيه او بعده. ومن الواضح انها فرضية لتسهيل الفهم فقط لأن أزمة المتدين أيا كانت طبيعتها تكمن في واقعه النفسي او الذهني او بيئة التدين المحيطة به وتتفاعل غالبا منذ اللحظة الاولى او النقطة الاولى في امتداد التدين الخطي المفترض ولا تتخذ في الواقع مثل هذا التصور الهندسي المبسط. الفائدة الوحيدة لتصور نقطة بداية لأزمة التدين يكمن في إلقائه الضوء على لحظات معينة او مشكلات معينة يجب لفت النظر إليها. يعني على سبيل المثال افترض ان ازمة مهمة من ازمات التدين تكمن في "الرسالية"، اي اعتقاد المتدين انه بتدينه اصبح صاحب رسالة ومسئولية وصائية تجاه الآخرين، هذه النقطة التي يتحول عندها التدين من علاقة بالله إلى علاقة بالبشر، ليس في سياق التعامل الوقتي معهم ولكن في سياق صياغة العلاقة بهم او صياغتهم هم انفسهم وصولا إلى سبكهم جميعا باستخدام كل الحيل والوسائل ولو بالقسر لادخالهم في قوالب او انماط دينية محددة. افترض على سبيل المثال أيضا ان ازمة مهمة من ازمات التدين تكمن في"الاطلاقية" بتحول ذهنية المتدين إلى رؤى حدية واستقطابية تقسم العالم والأشياء طبقا لمعيارية الابيض والأسود، الخير والشر، الإيمان والكفر، مهملة عن غفلة او تعمد كل الدرجات اللونية والأخلاقية الطيفية الكامنة بشكل لا متناه بين كل استقطابين او حدين. افترض كذلك على سبيل المثال ان ازمة مهمة من ازمات التدين تكمن في "الأخروية" التي تسبب قلقا مستمرا للمتدين الذي تنقسم افعاله غالبا وتتوتر بين حدين يتوهم انهما متباينان: الدنيا والآخرة، رغم ان النزعة الاخروية ذاتها تتخذ عند غالبية المتدينيين طابعا دنيويا صريحا، وهو ما يصنع حالة من الشحوب تزيد التوتر ومن ثم التأزم وحدة ما قد يسببه ذلك في العلاقة بالآخرين من ازمات. 
والمهم اني اعود دائما بعد كل استغراق في الموضوع للتساؤل من جديد: من اين تبدأ حقا ازمة المتدين؟!
ماهو الموقف الحقيقي   لحركات الاسلام السياسي من الديمقراطية؟
يستحيل ان يكون الإسلامي ديموقراطيا. فدين الإسلامي الحقيقي ليس الإسلام وإنما السلطة التي تمكنه من إقامة دولة الإسلام. دولة الإسلام هي دولة الإسلامي النابعة من تأويله الحرفي السلطوي للعقائد الإسلامية والاختلاف مع تأويلات الإسلامي للإسلام هي كالاختلاف مع الإسلام بل مع الله نفسه، كما انها نابعة أيضا من تصوراته الخرافية المزيفة اللاتاريخية عن تاريخ المسلمين الذي لا يعد في نظره تاريخا بشريا مثلما ان لكل بشر تاريخ وإنما تاريخ مقدس لبشر مقدسين لا يجوز المساس به أو بهم أو نقده أو نقدهم إلا لو كنت كارها للإسلام . ديموقراطية الإسلامي أيضا لا تتسع لحقوق وحريات الفرد في الدول الحديثة والتي تاتي في مقدمتها حريات التعبير والتفكير والاعتقاد، ومن ثم فكل حديث للإسلامي عن الحريات ليست غير حديث عن حرياته هو في تكفير الٱخرين، بينما التكفير لابد أن يكون في عرف اي قانون مدني جريمة يحاسب عليها بسبب ما تتضمنه من ترويع للمختلفين. ميزة الديموقراطية عند الإسلامي أنها بديل موفر وأقل تكلفة من السلاح من أجل الوصول للسلطة. إنما لا تتضمن ميزات الديموقراطية عنده إزاحته هو من السلطة لأن إزاحة الإسلامي تساوي في نظره إزاحة لدولة الإسلام. وبكل تأكيد لا تتضمن ديموقراطية الإسلامي حقوق تفكير وتعبير واعتقاد خارج الدائرة الإسلامية أي الدائرة التي يحددها الإسلامي بنفسه بخطوطها الحمراء التي يصعب إحصاء كثرتها. وبالطبع يستحيل أن تتضمن ديموقراطية الإسلامي دولة علمانية محايدة تجاه كل المعتقدات والأفكار والطبقات والاديان والاعراق أو دستور علماني يجعل كل المواطنين افرادا لا طوائف متساوين مساواة تامة كمواطنين لا كمسلمين وغير مسلمين في الحقوق والواجبات. في الواقع ليس حديث الإسلاميين عن الديموقراطية غير مهزلة. ومواجهة سلاحهم افضل الف مرة من مواجهة عواقب ديموقراطيتهم الوخيمة.
هل تري أن السجون هي سبب انتاج الإرهابيين؟ 
كان سيد قطب معززا مكرما يعالج في مستشفى السجن ويستقبل الزوار لكنه انتج خلال سجنه المرفه منتجاته الفكرية التكفيرية الدموية. وقبل ان يسجن حرض سيد قطب بكل حرارة على شنق عمال كفر الدوار بتهمة الشيوعية. الشيوعيون الذين تعرضوا للاضطهاد والتعذيب الحقيقي في سجون عبدالناصر وسقط منهم شهيدان تحت التعذيب اللإنساني لم يخرج من بينهم إرهابي واحد. بالعكس خرجوا من السجون كتابا وسياسيين وفنانيين ومثقفين اكثر حبا للحرية وكراهية للعنف. لذلك ليست السجون ولا التعذيب ولا الاضطهاد سبب إرهاب الإسلاميين. سبب ارهاب الإسلاميين هو انهم إسلاميون فقط.

لم يكن الاخوان على عهد فاروق الاول في السجون والمعتقلات عندما خاطبهم حسن البنا في مؤتمرهم السنوي قائلا انه لو تكونت منهم اربعون كتيبة كل كتيبة 300 جهادي معد دبنيا وبدنيا فإنه سيناطح بهم جبابرة الارض لأن حديثا منسوبا للنبي يقول:  لا يهزم اثنا عشر الفا من قلة!!. ولم يكن الإخوان في السجون والمعتقلات عندما قاموا باول موجة إرهابية خطيرة في التاريخ المصري فجروا خلالها عشرات المنشآت واغتالوا خلالها رئيس وزراء مصر وحكمدار العاصمة والقاضي الخازندار. ليست السجون والمعتقلات هي سبب ارهاب الإخوان وإنما السبب انهم اتباع معلم الارهاب الإخواني الاول مؤسس الجماعة حسن البنا.

كيف تجد الاذرع الإعلامية للإرهابيين؟
يعمل الجناح الإعلامي الداعم للارهاب في المنطقة العربية وجماعاته على تعظيم الاستفادة من عمليات جناحه العسكري الإرهابية ضد جيوش ودول ومجتمعات المنطقة مع تحجيم الاثار الجانبية لاستخدام هذا السلاح القذر. يظهر ذلك بوضوح هذه الايام بمناسبة اذاعة مسلسل مصري يعد بمثابة نقش إبداعي في جدارية الدراما المصرية العظيمة هو مسلسل "الاختيار". وفي محاولة الجناح الإعلامي للإرهاب تدارك آثار التجسيم الدرامي لشخصية وجرائم الارهابي هشام عشماوي في مقابل بطولات عظيمة في مواجهتها لضباط وجنود الجيش المصري. والحيلة المتوقعة في هذه الحالة هي محاولة تصوير المجرم عشماوي في دور جعلوني مجرما بالمصري او عاد لينتقم بالهندي. وتتمثل في تلفيق قصص حول فصل عشماوي من قوات الصاعقة لانه يصلي الفجر او يوزع كتيبات جهادية وقصص حول موت بعض أصدقائه تحت تعذيب اجهزة الامن.  الغريب ان البوق الإعلامي للإرهابيين لا ينتبه إلى انه يوقع نفسه بهذا التلفيق في خانة: عذر اقبح من ذنب. فلا شيء في العالم يمكن ان يبرر تحول إنسان إلى إرهابي خائن ومرتزق يقتل الابرياء ويريق دماء ابناء بلده.  ومن السذاجة البالغة تصور ان مقتل صديق بسبب تعذيب اجهزة الامن يمكن ان يحول الإنسان إلى إرهابي جهادي ولا يحوله مثلا إلى حقوقي او مدافع شرس عن حقوق الناس وحرياتها. مثل هذه الاعذار القبيحة لا تفعل في الواقع اكثر من انها تسحب السجادة الاخلاقية من تحت اقدام الارهابيين. دون ان تنجح في التعمية على الملابسات الحقيقية التي قادتهم لطريق الإرهاب الإسلامي، وهي ملابسات تنحصر بين ايديولوجيا مستمدة من الدين تزعم لنفسها القداسة وتطالب بالحكم باسم الله، وهي ايديولوجيا تنبسط كارضية واسعة ومشتركة تجمع كل من يقوم بالارهاب او يدعمه او يسانده او يروج لهذه الايديولوجيا الوحشية والتكفيرية بكل الاشكال، ثم دعم اطراف ذات مصالح لهلاوس وجنون ودموية وهمجية هذه الايديولوجيا الدينية. ودمتم حريصين على سلامة الاوطان وسحق الارهاب بكل صوره الصريحة والمراوغة.
متى تنتهي الحرب على الإرهاب؟ 
تنتهي  العمليات الإرهابيةعندما تنتهي الانظمة الداعمة للإرهاب في المنطقة وفي تركيا وقطر بالذات. 
كيف تري مشهد المليشيات والمرتزقة الاتراك في ليبيا ؟
التركيبة الميليشاوية القبلية الإجرامية التابعة للوفاق في طرابلس الليبية تركيبة معقدة، بالإضافة إلى اربع ميليشيات أساسية تسمى باسمائها العائلية كانت تهيمن على الوضع في طرابلس حتى يناير 2020 هناك ميلشيات مصراته ذات القيادة الموحدة وميليشيات الإخوان المسلمين. بعد يناير 2020 ودخول قوات المرتزقة الإسلاميين بقيادة عسكريين اتراك تراجعت أدوار الميليشيات القبلية القتالية ضد جيش ليبيا الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر وإن لم تتراجع وظائفها في "حفظ الامن" وتجارة السلاح والمخدرات وحتى خطف بعض المسئولين في حكومة الوفاق التي تتبعها!. قوات المرتزقة الإسلاميين القادمين من سوريا بقيادة الاتراك هي الافضل تدريبا وتسليحا وقدرة قتالية. وقد ادى انسحاب الجيش الوطني الليبي التكتيكي منذ اسبوعين من بعض المدن الصغيرة في الغرب الى حالة انتشاء بين مقاتلي هذه الميليشيات وقيادتهم التركية. وهي الحالة التي ادت بهم إلى القيام بهجوم ضخم من يومين على قاعدة الوطية العسكرية وهناك كان الجيش الوطني الليبي احكم الفخ واعد المفاجاة فقتل مئات من عناصر المرتزقة الإسلاميين وأسر المئات مع عشرات الآليات والاسلحة المتطورة التي تركها المرتزقة الفارون. الحاسم في الحرب الليبية سيكون غالبا الفارق في العقيدة القتالية الهشة لعصابات مرتزقة وميليشات الوفاق والعقيدة الوطنية شديدة المراس للجيش الليبي. بالإضافة إلى جوانب الاحترافية في خطط واستراتيجيات الجيش الليبي والتي ثبت تفوقها على مثيلتها عند القيادة العسكرية للغزاة الأتراك. يتأهب الجيش الليبي هذه الايام وحسب إعلانه لجولة جديدة من التقدم باتجاه طرابلس لحصارها ومحاولة دخولها. فيما يجتهد إعلام الاتراك والمرتزقة الإسلاميين في تصوير الحرب في ليبيا على انها حرب بين الشرق الليبي والغرب الليبي دفعا باتجاه مخطط تقسيم ليبيا الى ثلاث دول شرقية وغريبة وجنوبية. وهو ما يرفضه الجيش الوطني الليبي رفضا تاما ولن يسمح به نهائيا.