عودة الى الموقع عودة رئيسية الملف
خيرت الشاطر... وزير مالية الجماعة في مصر
خيرت الشاطر
خيرت الشاطر
يعد خيرت الشاطر واحدًا من أبرز رجال جماعة الإخوان المسلمين على الإطلاق، وأكثر الوجوه الإخوانية التي تصدرت المشهد السياسي، وأهم المتخذين لقراراتها والموجهين لمسار الجماعة، فالرجل صاحب ثروة ضخمة، وصاحب النفوذ الاقتصادي الأكبر فيها، فهو المسئول بالشراكة مع حسن مالك، عن اللجنة المالية، التي تتولى مهمة الإشراف على كل الشئون المالية للجماعة، ومواردها وأوجه إنفاقها، بدءًا من وعاء يمثل اشتراكات أعضاء الجماعة، أو الإشراف على استثمارات ضخمة تملكها الجماعة وأصول تملكها في الخارج، قدرت عام 2005 بما قيمته عشرة مليارات دولار وفقا لأحد الصحف الأمريكية، أو الشركات والاستثمارات المملوكة للجماعة داخل مصر، التي تدار من قبل عدد كبير من رجال الأعمال داخلها، وتوفر مسارا آمنا لتوريد عدد من حصيلة أموال الخارج.
أتاح النفوذ الاقتصادي الكبير للشاطر داخل جماعته، قيادة جناح يوصف بـ"المحافظ"، وهو الجناح الذى نجح في إقصاء جناح آخر كان أبرز الفاعلين فيه، عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد حبيب، بعد أن صعد نجم هذا التيار الإصلاحي منذ عام 2005، وهو بروز جاء متوازيًا مع اتجاه النظام المصري نحو إجراء إصلاحات سياسية شكلية في العام نفسه، غير أن استعادة النظام قبضته الأمنية ونكوصه عما وعد به من إصلاح، جعل الشاطر يستعيد زمام السيطرة مجددا، ومكننه من إقصاء خصومه من المواقع القيادية داخل الجماعة، وتصعيد رموز جناحه، مثل محمد سعد الكتاتني وسعد الحسيني ومحمد مرسي وغيرهم، فهو الذى وضعهم في قلب المشهد السياسي، وأصبح وجه الشاطر مألوفًا إعلاميًا في نفس العام في قضية "ميليشيات الأزهر"، ليبزغ اسم الشاطر كواحد من أشهر رجال الجماعة على الإطلاق آنذاك من بعد "أبو الفتوح".
تكمن خطورة الشاطر ليس فقط في حجم أمواله واستثماراته والتي عجزت المؤسسات الاقتصادية عن حصرها، وإنما لأنه همزة الوصل الرئيسية بين استثمارات التنظيم الدولي، والتنظيم في مصر، فهو المعبر الآمن لدخول أموال التنظيم الدولي إلى مصر وغسيلها من خلال شركاته بالتعاون مع حسن مالك، الأمر الذي جعل من الصعب على جماعة الإخوان نفسها أن تفصل بين أموال الشاطر وأموال الجماعة في مصر، ومع تزايد نفوذه المالي وتضخم ثروته، من خلال أموال التنظيم التي أدخلها في حساباته المصرفية، لتتوسع استثماراته بشكل كبير خلال فترة قصيرة، ليصبح الشاطر وزير مالية الإخوان ومدير بنكها المركزي، الأمر الذي أعطاه نفوذا كبيرا على مكتب الإرشاد، وصار واحدا من صانعي القرار في الجماعة، ولم تكن تخفى عليه صغيرة ولا كبيرة، فأمسك بزمام مكتب الإرشاد وأصبح العقل المدبر لسياسات الإخوان المالية والاقتصادية، ومهندس تنفيذ سياساتها على الأرض، وهو الأمر الذي وضح بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ليضع الشاطر أسماء الشخصيات التي تتولى المواقع القيادية في مؤسسات الدولة المصرية، وأصبحت صاحب اليد العليا والمتحكم في قرارات الجماعة، وهو الأمر الذي وقعت مصر في براثنه بعد نجاح مرسي في الانتخابات الرئاسية 2012، ليكون مرسي هو صورة الإخوان في الاتحادية بينما يديرها الشاطر من مكتب الإرشاد في المقطم.

البدايات:

حسن مالك
حسن مالك
بداية الانطلاق والنفوذ الاقتصادي للشاطر تعود إلى عام 1974، أي عقب تخرجه في الجامعة، وإنهاء دراسته بكلية الهندسة، حيث قام الشاطر بعمل عدد من المشروعات التجارية في مجالات مختلفة، مثل المقاولات والاستشارات الهندسية، بعدها سافر الشاطر إلى الخارج، حيث قام بتوسيع حجم ونطاق أعماله وأنشطته التجارية في منطقة الخليج وأوروبا، وعاد إلى مصر من جديد عام 1986 ليؤسس مع حسن مالك شركة «سلسبيل» التي عملت في مجال الحاسب الآلي، والتي كانت نواة لعدة أنشطة تجارية أخرى ذات فروع في الوجه القبلي والبحري مثل تنظيم وإدارة المعارض الكبرى للسلع، ثم قام بعدها الشاطر بإنشاء سلاسل من محلات في المجالات التجارية المختلفة، كما قام بتأسيس شركة لتصدير الخدمات للخارج (عقود صيانة - استشارات - تدريب) والعمل في المجال الزراعي والثروة الحيوانية، وقد أصبح في هذه الفترة عضوًا في مجلس إدارة المصرف الإسلامي الدولي، وكذلك مجلس إدارة بنك المهندسين، ومن أهم شركائه حسن مالك، محمود غزلان، أسعد شيحة، أحمد عبد العاطي
لم تكن قضية ميليشيات الأزهر القضية الوحيدة التي استهدفت توجيه ضربة للرجل صاحب النفوذ المالي والسياسي الأكبر لدى جماعته، بل إنها كانت الأبرز في سجل المحاكمات العسكرية التسعة التي تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين منذ بداية النصف الثاني للقرن العشرين، غير أن تلك القضية تحديدًا تركز محتواها على عمليات غسل الأموال، التي اتهمت نيابة أمن الدولة العليا الشاطر بأنه المتهم رقم واحد فيها، وقدرت المحكمة العسكرية وقتها ثورته بـ80 مليون جنيه مصري تتوزع أصولها تحت أسماء زوجته وأولاده، وهو الأمر الذي أكده كتاب "Business politics in the Middle East"، الصادر في إبريل 2013، لمؤلفه الدكتور ستيفين هيرتوج، دكتور الاقتصاد بجامعة لندن، والمتخصص في اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، والذي أكد أن حجم صافي ثروة الشاطر قدرت في عام 2007، ما بين 50 إلى 100 مليون جنيه،  أي من 9 - 18 مليون دولار، كانت الحكومة المصرية قد جمدتها وصادرتها عند اعتقاله في قضية "ميليشيات الأزهر".
تضخم ثروة الشاطر من "الفوركس":
محمود غزلان
محمود غزلان
"الفوركس" عبارة عن سوق يجري التداول فيها على مدار 24 ساعة متتالية عبر الإنترنت، وتتميز بسرعة في إتمام الصفقات بيع، شراء الأسهم والسندات والأوراق المالية، ويمكن لأي أحد أن يعمل بها بتكاليف قليلة جدًا، إلى جانب تداول العملات، وتلك السوق لا يمكن تشبيهها بأي سوق أخرى، ولا بأسواق تداول الأسهم من حيث الشكل، فهي بورصة ولكنها ليست بالمعنى التقليدي المعروف للكلمة، إنما تتكون من شبكة عالمية هائلة تربط بكل بساطة عددًا هائلًا من تجار العملات في العالم أجمع .
وهكذا يتم التداول بين مئات من البنوك عبر الهاتف أو بواسطة الإنترنت، والعملات الرئيسية التي يتم تداولها هي: الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الاسترليني، الين الياباني، الفرنك السويسري، بالإضافة إلى كل عملات العالم، وأكبر خمس مراكز يتم فيها التداول بين البنوك وهي تمثل ثلثي حجم التبادل العالمي هي: لندن، نيويورك، زيورخ، فرنكفورت وطوكيو .
وتعد البنوك العالمية أكبر وأهم اللاعبين في ساحة تجارة العملات عبر الفوركس، وهي تجري آلافاً من الصفقات اليومية على مدار الساعة، بين بعضها، أو مع الوسطاء أو المستثمرين العاديين، عبر ممثليهم الدائمين في ذلك المجال، ولا يخفى أيضا أن التأثير الأكبر في تحريك السوق وتحديد وجهته ينحصر في يد كبار البنوك العالمية، إذ أن صفقاتها اليومية تبلغ مليارات الدولارات.
كما تدخل البنوك المركزية كأهم اللاعبين، فهي تجري صفقاتها في تلك السوق بتكليف من حكوماتها، وتتحرك في معظم الأحيان للتأثير في مجرى الوجهة التي تتخذها عملاتها الخاصة، بحسب المصلحة التي تنسجم مع سياساتها المالية، وتحمي بالتالي مصالحها الاقتصادية، ثم تأتي الصناديق الاستثمارية في المركز الثالث، حيث تعود في معظمها إلى مؤسسات استثمارية، أو صناديق تقاعد، أو شركات تأمين، تتدخل في السوق بحسب ما تمليه مصالحها. أشهر هذه الصناديق هو كوانتوم وهو الصندوق الذي يملكه المستثمر المشهور جورج سوروس، الذي كتب تاريخا في هذا المجال وما زال يعتبر من أكبر المستثمرين القادرين على توجيه التأثير في مجرى السوق .

الفوركس كلمة السر لفتح خزائن الشاطر:

الشاطر
الشاطر
وفقا لتقرير نشره موقع "مبتدا" الإخباري، فإن الفوركس تعد كلمة السر لفتح خزائن خيرت الشاطر المغلقة، وذلك لأن الشاطر واحد ممن أدركوا في وقت مبكر أهمية الإعلام الإليكتروني البديل والميليشيات الإلكترونية وغيرها، كان يدرك أن الاقتصاد الإلكتروني بات يشكل خامس أكبر اقتصاد في العالم، والذى سيمنحه حرية واسعة لتداول الأموال، وسيمنح المتعاملين فيه صعوبة كبيرة في تتبع مصادر أموالهم، وكان ذلك بداية الطريق إلى دخول عالم الفوركس، وبعد دراسة واسعة للأمر أدرك أن الشركات العاملة على الساحة العالمية تعتمد على متغيرين أساسيين أولهما رأسمال مناسب والثاني دعم فني لا يخطئ، ووفقًا لمصادر اقتصادية فإن شركات الفوركس حول العالم تنقسم إلى قسمين أساسيين الأول هو شركات الفوركس الأصلية وهي شركات تمتلك أصولا مالية حقيقية ومكاتب وما إلى ذلك وهي شركات مؤمَّنة في النهاية.
أما القسم الثاني فهو ما يطلق عليه white label وهي شركات لها علامتها التجارية المميزة لكنها في النهاية مجرد مكتب حاصل على توكيل من شركة أخرى، من الشركات الأصلية، وتقوم مكاسبها وأرباحها على الفروق الطفيفة في التداولات، وبقدر التزام تلك الشركات تجاه العملاء بقدر بقائها في السوق. الشاطر لم يكن يفضل التعامل بالطبع مع النوع الثاني من الشركات، وفقا للمعلومات التي حصل عليها من مصادره الخاصة، وفضل التعامل مع النوع الأول مباشرة، وحسب ما لدينا من معلومات فإنه يمتلك ثلاثة حسابات رئيسية في شركات etoro و hotforex و Noor Cm ، والأخيرة شركة سويسرية المنشأ.
لم يتوقف الشاطر عند المضاربة فقط، ولكنه بدأ يفكر في امتلاك شركة الفوركس الخاصة به فهو لا ينقصه شيء، فيمكنه ببساطة أن يجعل شركته الخاصة أكبر شركة فوركس لديها أصول مالية، كما يمكنه أن يحصل على الدعم الفني الخاص به من أي مكان من العالم ولو استطاع القيام بذلك فإنه سيكون حقق خطوة كبيرة تمكنه من تحريك أموال الجماعة كما يشاء دون أن يمكن رصدها أو مطاردتها عبر قوانين غسيل الأموال.
شركة أخرى لفتت نظر خيرت الشاطر وهي شركة Hot Forex المسجلة في موريشيوس، ولها أصول مالية مرتبطة رأسماليا ببنك باركليز الشهير، وبعد مفاوضات أصبح الشاطر شريكًا غير أساسيا في تلك الشركة، ثم واصل الشاطر محاولاته للدخول كشريك رئيسي في شركةETORO ، وهي شركة مسجلة في قبرص وتملك عددا من المقرات الأوروبية، ومصرح لها بالعمل في الولايات المتحدة الأمريكية وهي مسجلة في عدد من هيئات الرقابة الأمريكية، الفرصة التي اعتبرها الشاطر مناسبة تماما لطموحه، لكن الشاطر لم يستطع فتح باب التفاوض مع الشركة من البداية لسبب بسيط، وهو أن الشركة في ذلك الوقت كانت حققت معدلات نمو عالية للغاية في عدد المضاربين وقيمة التداول اليومي وبدأت حملة إعلانية واسعة للترويج لنفسها داخل منطقة الشرق الأوسط خاصة في الدول الناطقة بالعربية.

العائلة.. الخط الثاني الموازي لاستثمارات الشاطر الخفية:

المهندس حازم ثروت
المهندس حازم ثروت
وفقا لدراسة أجراها عمرو صلاح عن ثروة الشاطر، ونشرتها جريدة التحرير في 10 مارس 2013، فإن عائلة الشاطر تعد أحد محركات البيزنس العائلة والجماعة معا، حتى زيجات بناته، على وجه التحديد، بدت نموذجًا إخوانيًا صارخا للحرص على حماية المصالح التنظيمية والسياسية والاقتصادية بروابط الدم وعلاقات المصاهرة، حيث تعد ابنة الشاطر الكبرى الزهراء تحديدا، خيط البداية في شبكة العلاقات المالية والتنظيمية المهمة له داخل الجماعة، فزوجها المهندس أيمن عبد الغنى مدير أعمال الشاطر، والمتهم معه في قضية ميليشيات الأزهر، هو حاليًا نائب رئيس قسم الطلبة بجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك شقيق كل من الدكتور محمد عبد الغنى عضو مجلس شورى الجماعة، ومسئول القسم السياسي السابق بالجماعة، وكذلك الدكتور عمر عبد الغنى مسؤول مكتب إداري جنوب القاهرة.
أيمن عبد الغنى هو نفسه أحد رجال الأعمال الإخوان، فهو شريك للقيادي في حزب الحرية والعدالة ورجل الأعمال الإخواني أحمد شوشة في شركة «إليجى» بالجزائر، ناهيك بأن شوشة أيضا هو شريك خيرت الشاطر في شركة «المدائن للمقاولات والإنشاءات»، الذى ظهر على الساحة السياسية التنظيمية مؤخرا بعد الإفراج عنه كعضو بمكتب إداري شرق القاهرة.
من ناحية أخرى زوج شقيقة الشاطر الصغرى هو الدكتور محمود غزلان الذى صعد إلى طبقة الحكم في الجماعة، بعد زواجه بفاطمة الشاطر، وإنجابه منها أبناءه محمد وياسر وأنس وعبد الرحمن ويحيى، ويقترب بعد هذه الزيجة من دائرة نفوذ تنظيمية بلا حدود، ويتحول إلى أحد رجال أعمال الجماعة البارزين، بعد أن أصبح ضمن «طبقة الصفوة» الذين قررت الجماعة على مدار سنوات أن تكتب أموالها بأسمائهم هربا من الملاحقة القانونية، فدخل غزلان شريكا مع خيرت الشاطر فى شركة «الواحة»، أحد المشروعات الزراعية الكبرى التي تم استغلال فيها خبرة غزلان كأستاذ فى كلية الزراعة جامعة الزقازيق، حيث امتلكت هذه الشركة مزارع ضخمة لتربية الأبقار وإنتاج الألبان في الكيلو 110 طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي، بخلاف مجال المباني والمقاولات الذى ظهر فيه اسم محمود غزلان بثقل، خصوصا في شراكته مع رجل الأعمال الأشهر عبد الرحمن سعودي في شركة «التنمية العمرانية» التي كان غزلان عضو مجلس إدارتها.
تزوجت رضوى صغرى بنات خيرت الشاطر بعبد الرحمن على أحد القيادات الشابة بقسم نشر الدعوة بالجماعة، بينما تزوجت ابنته سمية إخوانيًا بارزا آخر هو الدكتور الصيدلي خالد أبو شادي الذى يشغل منصبا قياديا في قسم نشر الدعوة والتربية ويحقق نجاحا منقطع النظير في مجال الدعوة، بحيث لا يخلو بيت إخواني من مؤلفاته الدعوية وسيديهات الإنشاد والأذكار الخاصة به، كما تلقى ندواته إقبالا منقطع النظير بين الشباب الإخوانى، وهو ابن القيادي التاريخي بالجماعة أحمد أبو شادي.
عائشة أيضا زوجة الدكتور محمد الحديدي مسؤول الإخوان المسلمين في ألمانيا لسنوات، ونجل صالح الحديدى أحد أعمدة النظام الخاص في الإخوان. سارة كذلك هي زوجة للإخواني الشاب المهندس حازم ثروت، وحفصة زوجة للدكتور مصطفى حسن ومريم زوجة أحمد على درويش.
توسعات الشاطر الاستثمارية بعد صعود الإخوان:
الرئيس المعزول محمد
الرئيس المعزول محمد مرسي
بعد وصول الإخوان إلى سدة الحكم، بدأ كل من حسن مالك وخيرت الشاطر القطبان الماليان بالجماعة في تأسيس ذراع استثمارية بسوق رأس المال، وذلك من خلال إنشاء شركتين لإدارة محافظ الأوراق المالية وصناديق الاستثمار، وذلك لتوسيع نشاطاتهما التي كانت مراقبة ومحظورة من قبل في عهد الرئيس المخلوع مبارك، للاستحواذ على حركة تداول الأوراق المالية والتحكم في أسعارها وأسعار السندات.
وشهدت الأشهر الأولى من حكم الرئيس المعزول محمد  مرسي، مفاوضات لكل من مالك والشاطر مع عدد من الشركات العاملة في نشاط تأسيس الشركات وإدارة المحافظ وصناديق الاستثمار ليؤسس الشاطر شركة باسم "رواج كابيتال" ضم فيها أبناءه كمساهمين في رأس مال الشركة الذي وصل إلى 5 ملايين جنيه لنشاط إدارة المحافظ والصناديق وفقا للائحة التنفيذية لقانون سوق المال.
وفقا لتقارير نشرتها جريدة "الوطن" حول مراسلات الشاطر الإليكترونية، المراسلات التي نشرتها على موقعها في 7 يوليو 2013، فإن الشاطر قام بمراسلة العديد من الشركات الأجنبية وتحديد الأمريكية والقطرية والتركية لفتح مجال استثماري معهم ولكن في مصر وليس على أراضيهم، ونشرت جريدة الوطن مراسلات أجراها الشاطر في إبريل 2013، مع الدكتور عمرو أبو زيد الرئيس السابق لوكالة «إفادة الإسلامية للتنمية والاستشارات المالية»، والمدير الحالي لخدمات التجارة العالمية ببنك «بي إن بي باريبا» بمصر، حول شراء أرض ملك للبنك الأهلي بجانب القرية الذكية، مساحتها 2.5 مليون متر مربع، كاملة المرافق، وأن سعر المتر 700 جنيه مصري، أي إن سعر الأرض يصل إلى مليار و800 مليون جنيه. وتنص المراسلات على أنه في حالة جدية «المشترى» الذى لا توضح المراسلات هويته، فيمكن التعاقد مع البائع عن طريق شركة «إفادة» أو شركة أخرى اسمها «هوريزون»، هذا إلى جانب احتمال التعاقد على صفقة شراء أراض جديدة في روض الفرج ومدينة نصر.
وأيضا هناك بريد إليكتروني نشرته جريدة الوطن، احتوى على تفاصيل شراء أسهم شركة «الإسلامية لتصنيع الورق» مقابل 900 مليون جنيه، كانت قد بعثتها شركة "إفادة" إلى الشاطر.
كما ضمت مستندات الشاطر المسربة عددًا ضخمًا من المراسلات بينه، وبين أشرف سرى، عضو المكتب التنفيذي لمشروع النهضة، وبين عز ناصر، مدير شئون دولتي مصر وسوريا في مجموعة «فيلوسى» العالمية.
احتوت المستندات على مراسلات حول شراكة مع شركة "هاز" السعودية المتخصصة في الأنواع الراقية من الرخام، وهي من أكبر شركات الرخام في العالم، المراسلات التي بدأت منذ يونيه 2013، تدور حول صفقة بين كل من الشاطر، وأشرف سرى، وعز ناصر من جهة، وبين هاني أبوبكر من جهة أخرى، ومدير منطقة الشرق الأوسط بشركة «هاز»، ويقع مكتبه في أبوظبي بالإمارات، ووفقا للمستندات المنشورة قدرت الصفقة بـ40 مليون دولار وأن مُعامل الربح هو 28 مليون دولار، وأن هناك تفاوضاً بين الشرطة وسرى حول رغبة «الطرف المصري»، الذى لم يتم تحديد هويته بالضبط، الاستحواذ على نسبة من الشركة، عرض فيها سرى أن يدفع 20 مليون دولار مقابل الاستحواذ على 30% من الشركة، على ألا يظهر في المراسلات إن كانت الصفقة قد اكتملت أم لا.
تفيد أيضا "الوطن" في ملفها عن استثمارات الشاطر أنه تلقى رسالة من «أفنتيكوم كابيتال» في فبراير2013، وهى مشروع مشترك للاستثمار بين «كريديت سويز» السويسرية، والقابضة القطرية والتي طلبت من الشاطر عقد مقابلة معه، وأن يتولى ترتيب زيارة بين مسئولى أفنتيكوم من ناحية، وكل من مدير البنك المركزي، ووزير المالية، ووزير البترول والثروة المعدنية، ووزير التجارة الخارجية، ورئيس الوزراء والرئيس إن أمكن، إلى جانب مفاوضات أخرى بين رجل يدعى عبدالرحمن الزيات، وأورجو كافسجولو، مدير التطوير الدولي بشركة كوليزيون، وهى شركة ملابس شهيرة نشأت في إسطنبول عام 1987 ولها ما يزيد على 100 فرع في أنحاء تركيا، عرض فيها الشاطر فتح عدد من محلات تلك السلسلة وخطة انتشارها بمصر، وشركات إيطالية لصيد الأسماك، وأخرى ماليزية متخصصة في صناعة وتصدير «آلات الفحص البصرى»، وهى آلات تستخدم في المصانع المتطورة لفحص المنتجات والتأكد من خلوها من العيوب.
الشاطر تلقى في المشروع الأخير رسالة من أحمد الملا، مدير مشروعات الشركة، يوصي فيها الشاطر بدخول هذا النوع الجديد من البيزنس، قائلا له: "إن هذه الصناعة الجديدة يصل حجمها في الولايات المتحدة إلى ما يقارب ملياري دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 5 مليارات دولار في السنوات القليلة القادمة، في حين يخلو الشرق الأوسط تماماً من هذه الصناعة. وينهى الملا رسالته قائلاً «أنا أعرض عليك خبرتي خلال 10 سنوات في ألمانيا وسويسرا وماليزيا لكى نبنى أوطاننا»، وغير معروف إن كان الملا يخاطب الشاطر بشأن استثمار خاص، أم عرض للقطاع العام المصري، إلى جانب اقتراحات فيما يتعلق بمشروع "الضاغطات الهوائية".
الصفقة الغامضة: الشاطر.. بلومبرج.. والمعونة الأمريكية :
ديفيد بلومبرج
ديفيد بلومبرج
استطاع الشاطر عبر تاريخه المالي والاقتصادي أن يمزج بين دور رجل الجماعة والاقتصادي، ليمزج بين استثماراته الخاصة واستثمارات الجماعة، ولكن بعد الثورة تعددت أوجه الصفة التي يحملها الشاطر في إبرام صفقاته التجارية والشراكة، وهذا وضح في صفقة "بلومبرج جراين"، وهي واحدة من أكبر الشركات الأمريكية في مجال الزراعة وتخزين الحبوب وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، ففي 14 أغسطس 2012، أرسلت الشركة رسالة طويلة ومفصلة إلى الشاطر، وأشرف سرى، وأعضاء من شركة معتوق بسيوني المتخصصة في التعاقدات التجارية والقانونية الدولية.
شملت خطة المشروع بناء مصنع ومركز تصدير، ومراكز تدريب للفلاحين من أجل تقليل خسائر المحاصيل أثناء النقل، وتحسين أساليبهم في الزراعة، وذلك بعدما اختارت الشركة مصر لتكون محور سوقها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ثم تنتقل الرسالة قائلة: «إن مصر سوق مهم للشركة، لذلك فجانب شديد الأهمية في المشروع هو اختيارنا للشريك المحلى، أنا أتفهم أنك (الشاطر) مهتم بالقيام بهذا الدور، ونحن متحمسون لمعرفة اهتمامك بالأمر»، ولا يظهر هنا إن كان الشاطر يتحدث كممثل عن الإخوان أم الحكومة المصرية أم كرجل أعمال، فهو ينتقل بين العام والخاص في مراسلاته دون فصل واضح. وتشير الرسالة إلى أن الشريك المحلى سيكون له الحق الحصري لاستخدام التكنولوجيا التي تنتجها الشركة، كما أن هذا الشريك سيكون له حق المشاركة في مشروعات الشركة في تركيا وليبيا.
لا تكشف الوثائق عن مكاسب «الشريك المحلى» من الصفقة، ولكن وفقا لتصريحات فيليب نُشر في مارس 2013، مع مجلة «بيزنس توداي» المصرية التي تصدر بالإنجليزية، إن محور التصدير الذى ينوى إنشاءه في مصر قد يزيد من مكسبها في التصدير على 6 مليارات دولار في العام، ويوفر فرص عمل لألف مصري، وتزداد تفاصيل الصفقة غرابة حين تبدأ اتصالات بين ديفيد بلومبرج، ابن صاحب الشركة، وعز ناصر، يقول ديفيد في رسالة لناصر إن عضو الكونجرس تيد دوتش، عضو مجلس العلاقات الخارجية عن الحزب الديمقراطي، وماريو دياز بيلارت، عضو لجنة الاعتمادات بالكونجرس عن الحزب الجمهوري، قد أرسلا خطابات للسفير المصري بواشنطن عن المشروع المعتزم.
لكن ديفيد يهدد بورقة المعونات للشاطر في المراسلات قائلا: "إن لجنة الاعتمادات تحدد قيمة كل المعونات الأمريكية، وهى اللجنة التي ما زالت تمنع 750 مليون دولار إضافية من المعونات، أما لجنة العلاقات الخارجية فلها تأثير أيضاً على المعونة والسياسات الخارجية للولايات المتحدة تجاه مصر"، على الرغم من أن المراسلات لا تفسر موضوع الـ750 مليون الإضافية، التي تمنعها لجنة الاعتمادات، وعلاقتها بمشروع ديفيد وأبيه فيليب في مصر مع الشاطر، ولكن مع استطراد ديفيد رسالته قائلاً إن العضوين اللذين أرسلا الخطابات هما من أصدقاء والده، وإن الشاطر عليه أن يقدر القيمة الكبيرة أن يرسل عضوان من الحزبين الرئيسيين المتنافسين على السلطة بالولايات المتحدة بخطابات خاصة بالمشروع، ويقول ديفيد إنه سيلبى طلب عز بالاطلاع على هذين الخطابين، مضيفا «أرجو أن تكون واعياً أن قيادات الكونجرس تنتظر رداً إيجابياً" تجعلنا نتساءل ما هي الصفة التي تحدث وقدم الشاطر بها نفسه لعضوي الكونجرس، أو ديفيد فيليب هل هو أحد أعضاء الجماعة أم رجل الأعمال الثري، أم الرئيس الفعلي للبلاد وأن مرسي ما هو إلا فاترينة الجماعة!!

جدول يوضح الشركات والأصول والممتلكات التي يمتلكها خيرت الشاطر وحصته فيها

أولا الشركات:

مسلسل

اسم الشركة

النشاط

تاريخ التأسيس

رأس مال الشركة

حصة الشاطر

شركاء آخرون

1.         

مجموعات شركة رواج

 

استيراد وتصدير وتوكيلات تجارية منها توكيل ملابس سرار ، شركة استقبال للأثاث، مادوك، داليدرس، وشركة دانيال كريموه

16 ديسمبر 2002

200 ألف جنيه

75%

حسن عز الدين مالك

2.         

الشركة الدولية لنظم الحاسبات الدولية "المستقبل"

شراء وبيع أجهزة الكمبيوتر

 

1 مايو 1996

25 ألف جنيه

39%

شريك غير ظاهر

بهاء الشاطر، شقيق خيرت الشاطر

3.         

شركة حسن عز الدين مالك وشركاه

تجارة الملابس

 

غير معلوم

30 الف جنيه

45%

حسن مالك

4.         

شركة الانوار للتجارة والتوكيلات

الاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية

1 ديسمبر 2001

100 الف جنيه

 

 

5.         

نقاء

تجارة الكيماويات بجميع انواعه

16 فبراير 2002

100 ألف جنيه

33%

غير معروف

6.         

شركة السلسبيل للتنمية والاستثمار وإدارة المشروعات

إدارة المشروعات والتوكيلات التجارية

22 مايو 2005

100 ألف جنيه

80%

 

غير معروف

7.         

مالك الكتريك

انتاج الأجهزة الكهربائية

18 أغسطس 2002

مليون و 200 ألف جنيه

40%

حسن عز الدين مالك

8.         

اي سي جي

استيراد اجهزة الكمبيوتر

10 أكتوبر 2006

4 مليون و 700 ألف جنيه

80%

غير معروف

9.         

محمد خيرت سعد الشاطر وشركاه

تشغيل المعادن

 

1 يناير 2001

10 آلاف جنيه

40%

غير معروف

 

10.      

الشركة الدولية للأدوية والعلاج البديل حياة

التجارة والتوزيع واستيراد وتصدير الادوية والكيماويات

 

2 مليون جنيه

50%

 

محمد محمود حافظ، أحمد محمد عبد العاطي.

11.      

شركة الفجر لتجارة الخيوط والمنسوجات

تجارة الخيوط والمنسوجات والملابس الجاهزة

 

مليون جنيه نصيب الشاطر منها 25% مرتفعا من 10% ثم خرج منها بتاريخ 1 يوليو 2005

 

12.      

الشركة الدولية للتنمية والنظم المتطورة: سلسبيل

تقديم الخدمات الفنية والعلمية والإدارية

 

255 ألف جنيه

 

توقفت عام 1999

13.      

شركة سنابل للتجارة محمد محمد خليل

 

تجارة المنتجات الغذائية والألبان

1 نوفمبر 1993 وتوقف النشاط في 15 مارس 1996

20 ألف جنيه

 

40%

 

14.      

دار الطباعة والنشر الإسلامية

نشر الكتب والمؤلفات العلمية

1 يناير 1992

250 ألف جنيه

38%

 

15.      

الفريدة لتجارة الملابس

 

تجارة الملابس الجاهزة

1 يناير 2000

 

نصيب الشاطر بها 25% ثم خرج منها في يونيو 2002

16.      

شركة مالك لتجارة الملابس الجاهزة

الملابس الجاهزة

11 نوفمبر 1997

500 ألف جنيه

 

 

17.      

شركة الشهاب للسيارات

بناء هياكل السيارات

23 يونيو 2004

250 الف جنيه

20 %

 

18.      

شركة أجياد للخدمات

أعمال الصيانة والنظافة

9 نوفمبر 1991

40 ألف جنيه

25%

 

19.      

شركة محمد هشام وشركاه

المزارع السمكية

11 مارس1990

10 آلاف جنيه

تم إيقافها نظرا لعدم ممارسة النشاط

نصيب الشاطر بها 70%

20.      

شركة روافد للتنمية والتطوير وإدارة المشروعات

تنمية وادارة المشروعات الاستثمارية والتجارية

 

100 الف جنيه

نصيب الشاطر 60% من خلال شركة السلسبيل.

أما الشركات ذات الملكية المشتركة مع حسن مالك والتي يشترك فيها الشاطر بشكل غير مباشرة من خلال مجموعة مالك، وتتوزع ملكية هذه الشركات بين خمس مجموعات هي: مجموعة حسن مالك، مجموعة الورثة، مجموعة آل سعودي، مجموعة شبين الكوم، ومجموعة عبد الحليم وشركاتها هي:
1.   شركة الجيزة للأجهزة الطبية
2.   شركة التنمية العمرانية عبد الرحمن سعودي
3.   شركة التنمية العمرانية للاستثمار العقاري
4.   شركة مصطفى محمد سعودي
5.   شركة المركز الدولي الحديث
6.   شركة البركة للتجارة والتوكيلات
7.   شركة الأقصى للتجارة والتوزيع
8.   شركة مجموعة الصفوة الدولية
9.   شركة الملتقى العربي للخبرة والاستشارات
ثانيا: الأصول والممتلكات:
المحلات: 5 محال بالعقاد مول، محل بالمهندسين في شارع جامعة الدول العربية، محل بشارع عطية الصوالحي بمدينة نصر، محل في عين شمس، 5 محلات بأركاديا مول، كما يوجد مخزن بشارع جسر السويس، إلى جانب امتلاكه ثلاث قطع أراض بالشروق متوسط المساحة 700 متر، كما يمتلك قرية سياحية بالساحل الشمالى بالاشتراك مع يوسف ندا.
أما عن الفيللات والشقق: فيلا بمدينة الشروق، شقة فوق العقاد مول، شقة بمشروع القوات المسلحة، شقتان بمدينة نصر واحدة بشارع هشام لبيب
وأخرى بشارع مكرم عبيد، وشقتان بالتجمع الأول بالقاهرة الجديدة، وشقتان بالعجمي.
عندما اقتحمت قوات الأمن منزل الشاطر في قضية ميليشيات الأزهر، ضبطت في منزله مبلغ ٥٥٤٧٠٠ جنيه في منزله، كما ضبطت في أثناء تفتيش شركة «سلسبيل» مبلغ ٣٧٨ ألف جنيه بخزينة الشركة، و٤٠ ألف دولار أمريكي و١٦٦٠٠ جنيه مصري و٥١ ألف ريال سعودي، وعدد من العملات الأخرى.
وقد اتهم المحضر خيرت الشاطر بالإشراف على بعض الشركات التي أمكن تحديد بعضها، التي يديرها ويتحكم في عائدها عناصر اللجنة المالية بالداخلية وهى:
·الشركة العربية للتعمير، وهى مسجلة بالأوراق الرسمية باسم مدحت محمود أحمد الحداد.
·شركة «إجيلكا» للسياحة ويديرها أسامة عبد المحسن ومسجلة بالأوراق باسم نجله محمد أسامة عبد المحسن.
·شركة «الجيزة للأجهزة الطبية» ومسجلة باسم عبد الرحمن محمود سعودي.
·شركة «التنمية العمرانية للاستثمار العقاري» ومسجلة لعبد الرحمن سعودي.
·شركة السلام ماركت.
·شركة «طلائع الإيمان» مسجلة باسم خالد عبد القادر عودة.
·مصنع «الفتح للأخشاب» مسجلة باسم خالد عبد القادر عودة.
·شركة «الرسالة لتكنولوجيا المعلومات»، مسجلة باسم خالد عبد القادر عودة.
إضافة إلى عدد آخر من الشركات أوردناها في الجدول أعلاه، وقرية الياسمين السياحية بالساحل الشمالي التي اتهمته أجهزة الأمن بالاشتراك في ملكيتها مع رجل الأعمال الإخواني يوسف ندا.
حسن مالك.. الوجه المقابل للشاطر
جمعية ابدأ
جمعية ابدأ
إذا كان خيرت الشاطر أحد وجهي عملة في قوة جماعة الإخوان الاقتصادية، فإن حسن مالك هو الوجه الآخر الذي يعمل بعيدًا عن الصراعات السياسة، متفرغًا لاستثمارات الجماعة وتوسيع أنشطتها الاقتصادية، وواحد من أهم ممولي الجماعة إن لم يكن الأهم، ابتعاده عن العمل السياسي جعله بعيدًا عن الملاحقات الأمنية أو المطالبات الجنائية، وهو يشبه إلى حد بعيد المهندس أحمد عز، الرجل القوي في نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك في تصرفاته وأفعاله، فالرجل استطاع أن يلعب نفس دور عز تقريبًا، بفارق بسيط هو أن نفوذ مالك أقوى من نفوذ الأخير في عصر النظام السابق، ولا يجد أي مقاومة من أي تيار في الجماعة بل إن حكومة قنديل قامت بتسليم ملف الاستثمار في مصر لمالك، كما أنشأت جمعية "تصالح" التي رأسها مالك من أجل إتمام المصالحة مع رجال أعمال النظام السابق، وهو الأمر الذي نجح فيه مالك في قضية تصالح ساويرس مع الضرائب.
واستطاع مالك من احتكار مشهد الاستثمار في مصر في عهد الإخوان، وبدعم من الجماعة ورجلها الحديدي خيرت الشاطر، وعلى الرغم من أن مالك كان قد سجن لمدة عام في قضية "سلسبيل" الشهيرة، وأُحيل بعدها إلى المحكمة العسكرية بتهمة غسيل الأموال، لكنه خرج أقوى مما كان عليه قبل سجنه، واستطاع بناء إمبراطورية اقتصادية ضخمة له.
تعود علاقة قطبي مالية الإخوان الشاطر- ومالك إلى عام 1983، عندما التقى الشاطر بمالك في السعودية، ووفقا لموسوعة ويكيبديا الإخوان يقول الشاطر: "في حدود عام 1983 بدأت صلتي بحسن مالك عام 1983، حينما كنت بالسعودية وبريطانيا وانشغلت بالتجارة خلال هذه الفترة، وهى تصدير أجهزة الكمبيوتر والمواد الغذائية إلى منطقة الخليج، وحسن كان في ذلك الوقت يعمل في شركة استيراد للمواد الغذائية والتجارة عموما، قمنا بتصدير سيارات مرسيدس من ألمانيا للسعودية، وبدأت علاقتي به في تلك الفترة، من خلال التجارة ثم عدت إلى مصر عام 1986، وكان مالك قد سبقني في الرجوع إلى مصر، واتفقنا على إنشاء شركة للعمل في هذا المجال باسم الشركة الدولية للتنمية والنظم المتطورة «سلسبيل»، وتم إنشاؤها في 1986، وبدأ نشاطها الفعلي في بداية عام 1987، وفي أواخر عام 1988، قمنا بإنشاء شركة جديدة لتطوير أساليب العمل الإداري والتدريب والدراسات والبحوث بالنسبة لشركات القطاع الخاص، و(طبعا ممكن القطاع العام)، وانضم إلينا في هذا المركز طاهر عبدالمنعم".
ولكن في عام 1992، تم إلقاء القبض على كل من مالك والشاطر بعدما اتخذا من مقر الشركة مركزا لمعلومات التنظيم، ومكان الاحتفاظ بوثائقه ودراساته وتحليلاته ورؤيته ووسائل تحقيق مشروعاته الاستثمارية، ومقرًا لعقد اجتماعات التنظيم الهامة، كما قاما بتنظيم دورات تدريبية يتم خلالها تلقين المتدربين الأعضاء التكليفات وقياس مدى قدرتهم على تنفيذ المهام، بعدها أبعد الإخوان حسن مالك عن أي مسئولية تنظيمية وجعلوه متفرغًا للمشروعات الاقتصادية والصفقات الرابحة. 
نجيب ساويرس
نجيب ساويرس
أنشا مالك جمعية "ابدأ" على غرار جمعية رجال الأعمال التي أنشاها جمال مبارك، ونتيجة الخدمات والتسهيلات التي حصل عليها من مؤسسة الرئاسة أصبحت تستحوذ على نفوذ ضخم جدا من قطاع الأعمال، كما أنشأ جمعية "تواصل" بإيعاز من مؤسسة الرئاسة في عهد مرسي، لتكون حلقة الوصل بين رجال الأعمال والرئاسة.
قبل إنشاء الجمعية قاد «مالك» مفاوضات التصالح مع رجال أعمال النظام السابق بدعم من صديقه المقرب خيرت الشاطر، فالرجل هو الذى قاد التفاوض مع نجيب ساويرس وأعاده الى مصر وتفاوض مع رجال الأعمال المتهمين في قضايا فساد من أجل إعادة الأموال مقابل إغلاق ملفات القضايا المتورطين فيها، وهو ما منح مالك نفوذًا ضخمًا بين رجال الأعمال.
وأكبر دليل على نفوذ «مالك» في مؤسسة الرئاسة، ما قاله مساعد الرئيس الدكتور عماد عبدالغفور لصحيفة «الواشنطن بوست» من أن مرسي كان يثق في حسن مالك ويستشيره ويعتبره من مجموعة إدارة الأزمات، وذلك الاعتراف يكشف عن حقيقة الدور الذى يلعبه مالك، والذى يتعدى بكثير كونه أحد كبار رجال الأعمال الإخوان.
لعب مالك دورًا كبيرًا مستخدمًا علاقاته الدولية، فكان هو المسئول عن تحديد رجال الأعمال المسافرين مع زيارات مرسي إلى الخارج، فمثلا قبل زيارة مرسي إلى بكين لجلب استثمارات إلى البلاد، كانت قوائم رجال الأعمال المسافرين مع الرئيس صادرة عن «مالك» نفسه، وهو الذى حدد أسماء رجال الأعمال الذين يستفيدون من الزيارة، وبالطبع كان يملك منع المساعدات عن رجال الأعمال الذى لا يفضل التعامل معهم وكان لديه معهم خلافات في عهد النظام السابق.
محمد مرسي
محمد مرسي
مالك رفض لعب أي دور رسمي في نظام الإخوان، مفضلا أن يلعب خارج الإطار الرسمي، فقوته يستمدها من عدم وجود سلطة تحاسبه، وهو الأمر الذي أعطاه قدرة كبيرة على إدارة أموال الجماعة بشكل حر، بعيدًا عن الجناح السياسي للتنظيم، الأمر الذي أبقاه أيضًا بعيدًا تمامًا عن أعين الأجهزة الأمنية، تلك الحرية التي اكتسبها على مدار عمله في شئون الجماعة المالية، هي التي دفعته إلى رفض منصب وزير المالية في حكومة الدكتور هشام قنديل، خاصة أنه يملك مفاتيح خزائن الإخوان السرية مع المهندس خيرت الشاطر.
في عهد مرسي المخلوع كان من الصعب على الجماعة ترك مالك وقدراته في الاستثمار بعيدا عن الاستغلال، الأمر الذي دفع الرئاسة لأن ترشحه ليكون رئيسا لمجلس الأعمال  المصري – التركي، وهو المنصب الذى منح الرجل قوة أكبر من أي وزير في حكومة قنديل، ولكن كانت مصلحة الجماعة دائما لها الأولوية في اهتمامات مالك، لذلك لم يهتم بملف الاستثمار بالقدر الكافي أو المتوقع منه، كما أنه اهتم أكثر بصفقات التصالح التي تفيد الجماعة، خاصة أنها لا تخضع لأى قواعد وتسير حسب الأهواء الشخصية له. 
حتى الآن لم تثبت على مالك أي تهم تتعلق بأعمال العنف التي شهدتها الأحداث السياسية في مصر، وهو الأمر الذي جعله خارج دائرة المطلوبين من قبل الجهات الأمنية، حتي أنه خارج دائرة المفاوضات الظاهرية التي يظهر بها الدكتور محمد علي بشر والدكتور عمرو دراج، بل على العكس استطاع مالك قبل انتهاء العام الماضي الظهور مجددًا في واحد من أكبر المولات التجارية الراقية بالتجمع الخامس، لافتتاح فرع جديد من محلاته هناك، في ظل حضور عدد من رجال الأعمال، إضافة إلى أن جمعية "ابدأ" لخدمة رجال الأعمال والتي لم تتأثر بالأحداث السلبية التي حدثت لجماعة الإخوان المسلمين، مازالت مستمرة في عملها ولم ينسحب منها سوى عضوين من رجال أعمال بعد أحداث 30 يونيو، ويظل قرار الجهات الأمنية بعدم الاقتراب من حسن مالك له أبعاد اقتصادية واضحة، حيث أنه على صلة وثيقة بعدد من الشركات العالمية ذات الاستثمارات الضخمة في مصر والتي سوف تتأثر لا محالة بقرار القبض عليه أو تقييد نشاطه.

شهادات من الداخل

حسن البنا
حسن البنا
الفساد المالي داخل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، أحد أهم الأسباب لانشقاق كثيرين من أعضائها، وهو ما شهد به المنشقون أنفسهم في العديد من المناسبات، الفساد الذي بدأ في السنوات الأولى من عمر الجماعة في عهد مؤسسها حسن البنا، ليزيد ويتضخم مع انتشار وتزايد حجم التنظيم واستثماراته وأمواله أيضًا، يذكر الباحث الدكتور عبد الرحيم علي في كتابه "الإخوان من حسن البنا حتى مهدي عاكف"، أنه بسبب القيود القانونية والأمنية "قيود السرية وعدم الشرعية "، ترجع بعض الاتهامات بغياب "المؤسساتية" والشفافية عن الملف الاقتصادي للجماعة.
تبدأ هذه الاتهامات بغياب المعلومات الدقيقة والوضوح وتمر بالتفرد المطلق للتصرف في أموال الجماعة وتنتهي بتهم الإفساد والفساد المالي، ولم يكن بمنأى عنها حسن البنا نفسه، حتى بدأت الأسئلة والشكوك أن تظهر في حياته عن ماليات الإخوان، خاصة بعد انشقاق أحمد السكري وهو الرجل الثاني في التنظيم بعد البنا مباشرة، كذلك انشقاق مجموعة من الإخوان فيما عرفوا بجماعة "شباب محمد".

عصام سلطان:

عصام سلطان
عصام سلطان
في منتصف الستينيات كان هناك عدد من الكوادر الإخوانية الرئيسية التي شككت في الملف المالي للإخوان، منهم عصام سلطان المحامي، رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة 1986، وهى الفترة التي شهدت سيطرة شباب الإخوان على الجامعات، وأمضى سلطان ستة عشر عاماً عضواً بارزاً في جماعة الإخوان، وأحد المقربين من الرموز التاريخية للجماعة، ليتحدث سلطان بمرارة عن سلبيات داخل الإخوان المسلمين، منها تجاوزات مالية تصل إلى حد الفساد والإفساد المتعمد، وهو الأمر الذي أقره في أحد حواراته حيث قال سلطان: "طبعاً هناك فساد وإفساد مالي ضخم داخل التنظيم، لأنه لا توجد رقابة على مصادر الصرف، ولا توجد ميزانية ثابتة، ولا وجود لأرقام حصرية حول حجم الاشتراكات أو التبرعات أو التحويلات التي تأتي من الخارج، لذلك فهناك أشخاص في الجماعة تتعدى رواتبهم "عشرة آلاف جنيه شهرياً"، يصرفها من ميزانية الجماعة، كما أن الأموال تحول لأشخاص خارج الصورة تماماً، وهناك توكيلات من هؤلاء الأشخاص لآخرين تحسباً لأي ظرف طارئ". 

عبد الستار المليجي

عبد الستار المليجي
عبد الستار المليجي
يعد عبد الستار المليجي أحد القيادات الإخوانية المنشقة عن الجماعة والذي كان مسئولًا عن مكتب التنظيم في محافظة المنيا، وواحدًا ممن رصدوا المخالفات المالية للجماعة وكتب عنها العديد من المرات، وهذا الرصد جمعه في رسالة بعنوان «أموال الإخوان من أين وإلي أين»، والتي أرسلتها لمكتب الإرشاد للمطالبة بمعرفة منافذ صرف أموال الجماعة.
حيث يقول عبد الستار: "توضح الدراسة المتأنية أن مال الجماعة استُخدم لتكريس السلطة الدعوية في أيادٍ لا تُحسن الحركة بالدعوة، ولا تمثل عند الرأي العام نماذج التدين"، في إشارة منه أن من يتحكم بالجماعة هو من يتحكم بأموال التنظيم (خيرت الشاطر وحسن مالك)، حتى "أضحت جماعتنا اليوم تُقاد بالصرافين والمصرفيين لا بالعلماء الواعظين".
ويختم د. المليجي رسالته لمرشد الإخوان آنذاك بالتشديد على أنه «في مواجهة ما نُشر تحت عنوان الفساد المالي في جماعتنا، فليس أمامنا في باب الأموال اليوم طريق غير الشفافية، وإفادة الرأي العام المصري بكل التفاصيل عن جماعتنا، ولذا أنصح صاحب الرسالة بإعلان ميزانية الجماعة في مصر، ونشرها في الصحف بشكل سنوي، وإعلان الذمة المالية لكل القيادات الإخوانية التنظيمية المتمثلة في أعضاء مكتب الإرشاد، وأعضاء مجلس شورى الجماعة، ومسئولي المحافظات. موصيا رجال الأعمال من أعضاء الإخوان إلى نشر ميزانياتهم السنوية، اتقاء للخلط بين أموال شركاتهم وأموال التبرعات التي ترد للجماعة".!!
ورغم أن اللائحة الداخلية المنظمة لجماعة الإخوان المسلمين تنص في المادة «35» على أن «مهمة أمين المالية ضبط أموال الجماعة، وحصر ما يرد منها وما يصرف ومراقبة كل نواحي النشاط المالي والحسابي، والإشراف على تنظيمها وفق اللائحة المالية، وإحاطة مكتب الإرشاد، علما بذلك في فترات متقاربة»، فإننا نبدو كما لو أننا نطارد قطة سوداء في غرفة مظلمة، لا أحد يدرى على وجه التحديد شيئا عن هذا الشق الذى تتسرب منه مياه الشكوك.. والشبهات.
الأمر الذي أثاره المليجي في حواره مع صحيفة المصري اليوم، حيث تساءل المليجي عن السبب وراء الثراء المفاجئ لبعض أعضاء الجماعة، والذين كانوا فقراء جدا، فيقول: "بداية يجب أن ندرك أن من يحرك الجماعة في مصر ليس مكتب الإرشاد وإنما التنظيم السري، وهو المتحكم الأول والأخير في قرارات وأموال الجماعة، وأموال التبرعات تأتي من الداخل والخارج، والتنظيم السري يرفض الاعلان عن قيمتها الإجمالية  بدعاوى الحصار الأمني، وأنا طالبت بأن يعلن مكتب الإرشاد عن ميزانيته ويشارك فيها مجلس شوري الإخوان بالقبول أو الرفض، لنعرف أين تصرف الأموال، فالمفروض مجلس شوري الإخوان يكون من صلاحياته أن يعطي ضوءً أخضر لإنفاق هذه الأموال، لأن هناك أناساً فقراء جدًا في الإخوان، وأصبحوا فجأة أغنياء، على اعتبار أنه ثراء يعود إلى استثمارات الإخوان تُسجل بأسماء أعضاء بعينهم، ما يتسبب في ضياعها بعد ذلك نتيجة للمنهج السري في إدارة أموال الجماعة، واتضح أنهم يجمعوا أموال التبرعات لتشغيلها في استثمارات خاصة بالجماعة، أغلب أموال الجماعة توضع في حسابات أشخاص وفور وفاة الشخص، تضيع تلك الأموال علي الإخوان، لأن أولاده يرثونها، وعلى الرغم من أن القيادات الأمنية قامت بالقبض علي الكثير من الإخوان، وصادرت مبالغ كبيرة منهم، مثلما قبضت علي أحد الإخوان وأخدت من خزانته ٢٧٠ ألف دولار و٢٠٠ ألف جنيه عند آخر، الأمر الذي جعلني أتساءل كيف تدار الحركة المالية داخل الجماعة، وكيف يتم التعامل مع أموال التبرعات التي تأتي للإخوان، خاصة أن هناك متدينين يتبرعون للصدقة، وليست كل هذه التبرعات من أموال الإخوان، فالمتعاطفون الذين يتبرعون كثيرون، فبالتالي من حق الناس معرفة أوجه إنفاق هذه الأموال وفقراء الإخوان لا أحد يسأل عنهم".
ويضيف المليجي: "التنظيم أنشأ لسعد الكتاتني، مركزاً علمياً في المنيل فور وصوله من الخارج وتم إنشاء شركة كمبيوتر له، لأنه «متظبط» من الخارج ضمن مجموعة التنظيم السري، بينما المسئول عن المحافظة كلها الشخص الكبير الدكتور علي عمران فقير ولا يجد أي مساندة، فهذه الأموال تستخدم للإفساد التنظيمي داخل الإخوان، وكل هذا حرام شرعاً، معني هذا أن هناك لغزاً كبيراً في الأموال حتي داخل التنظيم نفسه.. فضلاً عن سؤال الرأي العام الدائم عن حجم هذه الأموال ومصدرها؟".
وعلل المليجي عدم رغبة الجماعة في الإفصاح عن أوجه الإنفاق قائلا: " تستطيع أن تطلق على الإخوان ظاهرة «أندر كنترول»، أي تحت الضبط الحكومي، فالإخوان ليسوا فاعلًا، ولكنهم مفعول به والدولة تستخدمهم كورقة، فالإخوان ورقة سياسية تستخدمها الدولة في الوقت المناسب وتحرقها في الوقت المناسب، ولذلك يرفضون التقدم بإنشاء جمعية كي لا تحدد مصارف الأموال، وهذه طبيعة النظام الخاص، لا يريد أي رقابة تمنح وتمنع، والنائب الأول للمرشد محمد حبيب يؤكد أنه أشرف علي انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة، وهذه طبيعة السرية داخل هذا التنظيم، مع العلم بأن الإخوان ليسوا علي دراية بهذه الانتخابات تمامًا، ولا توجد أصلاً كشوف ناخبين ولا أحد يترشح، ولا توجد أي آلية ولا حد يعرف مواعيد الانتخابات، وفي انتخابات مجلس الشوري في 1995، كان قد نجح خمسون عضو مجلس شورى، وفجأة تمت إضافة ثلاثين آخرين، ولما سألنا عن هؤلاء الثلاثين قالوا لنا إن هؤلاء كانوا أعضاء بمكتب الإرشاد، وبالتالي من حقهم المشاركة في التصويت والاجتماع مع مجلس شوري الجماعة".
من ناحية أخرى خصص المليجي فصلًا كاملًا عن مخالفات الإخوان المالية في كتابه "الإخوان المسلمون رهائن التنظيم السري"، كما تحدث فيه عن الإصلاح الداخلي الذي يجب على الجماعة فتح ملفاته كخطوة أساسية في طريق الإصلاح، مطالبا بفتح ملف الأموال ومحاولة إعادتها ممن استولوا عليها لتصرف في مصارفها الشرعية، والعمل على وجود نظام مالي محكم وشفاف وواضح لجموع المساهمين، وحتى يتحقق ذلك يجب وقف نظام الجباية المسمى بنظام الاشتراكات الشهرية تماما، لأن الجماعة ليست في حاجة إليه، ويطالب بفتح ملف تزوير الانتخابات الإخوانية بداية من بيعة المقابر المرفوضة طبقا للوائح المنظمة للجماعة.

الاستشاري سيد محمد حسن:

الاستشاري سيد محمد
الاستشاري سيد محمد حسن
أيضًا من الشهادات التي وثقت حديثًا فيما يتعلق بالفساد المالي للتنظيم، ما ورد في كتاب "الإخوان المسلمون.. الأزمة والتشتت"، لمؤلفه الكاتب الصحفي محمود الصادق، والذي فتح فيه ملف الخلافات الداخلية بجماعة الإخوان المسلمون، بعد إجراء حوار مؤلف الكتاب مع المهندس الاستشاري سيد محمد حسن، عضو مجلس إدارة نقابة المهندسين منذ عام 1985، حتى وصول الحارس القضائي إلى النقابة، وأحد أعضاء الجماعة المنشقين، التحق سيد حسن بالإخوان المسلمين منذ بداية عودتهم للعمل في السبعينيات، حيث مارس العمل التنظيمي في كافة الأنشطة سواء على مستوى الأحياء أو مستوى النقابة أو حتى في سنوات الجهاد بأفغانستان، ووفقا لحواره مع "الوطن العربي" يقول حسن: "ظللت في نشاط دائم بالجماعة إلى أن افترقت بي الطرق بعيدا عنها عام 1992، بسبب تخلف الجماعة عن مواكبة الأحداث".
ووفقا للكتاب يقول الاستشاري سيد حسن: "الجماعة لم تَبْلُ بلاء حسنا في ميدان الدعوة الإسلامية، وعلى الرغم من تكالب العالم كله ضد الإسلام، الأمر الذي كان لابد معه أن تواجه الجماعة على كل هذه التحديات، لكنها لم تفعل لأنها ببساطة شديدة تفضل بقاء الجماعة عن بقاء الإسلام، وتفضل مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن والدين، وفي كثير من الأحيان تتعارض مصلحة التنظيم مع مصلحة الدين نفسه وكان يختار قادتها مصلحة التنظيم، اعتقدت أن الخروج عن الجماعة هو أضعف شيء ممكن تفعله لكن الأصعب جدًّا أن تكون في داخل تنظيم وتحاول الإصلاح بإصرار طالما أنك على موقف سليم، ولذلك بعد جهاد طويل معهم بهدف إصلاح الأوضاع، وبسبب خبرتي في العمل النقابي وخبرتي الشخصية، جعلتهم يشكلون عدة لجان للتحقيق على أعلى مستوى للتحقيق معي في مخالفات جسيمة كنت أرصدها لهم، لكن في كل مرة وبعد أن تنتهي اللجنة من عملها كانوا يساومونني على التنازل عن الشكاوى والمخالفات التي رصدتها، وطبعا كنت أرفض لأن المخالفات كانت مخالفات مالية وإدارية وأخلاقية داخل الجماعة، كنت أحارب وأجاهد داخل الجماعة لتواكب التقدم الهائل في علوم الإدارة ولكن للأسف الجماعة كالديناصور، جسم عملاق ولكن برأس عصفور، الجماعة من الداخل مثل أعشاش العنكبوت، قد تظن أن في الداخل مفكرين وجنرالات ومنظمين، لكن في الحقيقة إنه ليس بالداخل أي شيء ذو قيمة، بل فيها بعض من الحطام البشري الذي تخطى الثمانين يقضي الوقت نائمًا دون أي هدف واضح، وهو الذي يصدر القرارات، إلى جانب العديد من الوصوليين والفضوليين الذين لهم مصالح مالية واقتصادية مع الجماعة، كل هذه العوامل تكاتفت لتدفعني إلى ترك الجماعة، لكني فعلاً لم استقل وإنما صدر قرار بإبعادي، على الرغم من أنني لم أفصل ولم أستقل أيضا ومازالت عضويتي سارية، لأنهم كانوا لا يستطيعون مواجهتي لأني أعرف أشياء عنهم في منتهى الخطورة ومن خلال سعيي نحو الإصلاح كان يقع تحت يدي بالصدفة الكثير من المخالفات والفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي تخجل منه الأحزاب الدنيوية".
هنا ينتقل محمد الصادق في الحوار إلى جزئية أخرى ليسأل حسن عن نماذج محددة تؤيد اتهاماته، فيرد حسن قائلا: "كانت تجربة نقابة المهندسين (وهي تعتبر دولة بذاتها، إذا ما قورنت بأي دولة عربية فالعمل الإداري والمالي أكبر)، لذلك بانت كل العورات، وكنت واحدًا من المصلحين في النقابة والمهندس مراد الزيات وهو إخواني من الجيل الأول ورجل ذكي وناصح ومن أول يوم اكتشف الفساد وظل يحاربه وكنت أنا المهندسين بأموالها ومناصبها فتحت شهية الفساد، والحمد لله أنا لم أشارك وكل ما لدي من معلومات كنت أوصله إلى أعلى مستوى، ولتأكيد كلامي أذكر أن الرقابة الإدارية طلبتني كواحد من ضمن محاربي الفساد داخل نقابة المهندسين، واتهموني الإخوان بأنني تعاونت مع الأجهزة وأحتسب عند الله هذا الكلام لأنني لم أتفوه بأي كلمة تدين الإخوان، ليس حرصًا على الإخوان ولكن ليقيني حتى في هذا الظرف أن الإخوان خيرٌ منهم، والإنسان لابد أن يكون موضوعي حتى في خلافاته مع الآخرين، وبالرغم من ذلك ومن الفساد الذي يوجد داخل الإخوان لكن تظل في نظري من الشرائح الأقل فسادًا، إذا ما قورنت بالشرائح الأخرى الموجودة، وهذا معناه أني كنت موضوعيًا ولكن الإخوان لم يكونوا موضوعيين معي واستحلوا ديني ومالي وحاربوني في كل شيء، والجميع يعلم حتى نقيب المهندسين الوزير السابق حسب الله الكفراوي كان يشعر بذلك وحاول بنفسه الإصلاح ولم يستطع، لأن الفساد كان أقوى وفي كل مكان ليس في النقابة فقط وعلى كل مستويات التنظيم كان الفساد المالي والخلقي موجودًا، أنا أتكلم عن أشخاص وأرقام والذي يرغب أن يتحدى فليتفضل وفي جلسة علنية مسجلة أخرج ما لدي من أسماء وأرقام وحوادث وأفعال وشهودها أحياء من الإخوان وغيرهم، الإخوان في أدبياتهم يتكلمون عن الفضائل والنقاوة والشفافية وطهارة اليد، ولكن في الممارسة أبعد ما يكونون عنها، أما الآخر الذي تتحدث عنه فإنه يعلن موقفه ولا يستحي ويتيح الفرصة للنقاش لأنه موقف فكري، وحتى ممن يستخدمون العنف يستخدمونه من منطلق فكري وهذه وجهة نظر أحترمها، أما أن يعلن أنه رجل سلام وهو في الحقيقة رجل عنف، أو أن يعلن أنه رجل الطهارة والشفافية وهو عكس ذلك، بل ومدنس وهذه هي الخطورة داخل الإخوان لأن الفساد المالي والإداري وصل إلى النخاع".

مهدي عاكف:

مهدي عاكف
مهدي عاكف
ما يوضح مدى فساد الذمة المالية لأعضاء الإخوان واقعة خلافات مهدي عاكف مع خيرت الشاطر، والتي تفجرت وفقا لاعترافات عاكف ونشرها موقع "إخوان كاذبون" نقلا عن موقع "أهل القرآن" والذي نشر التقرير نقلا عن جريدة الفجر في 19 يناير 2010، عقب انتهاء انتخابات مكتب الإرشاد، عاكف أقر بأن أحد الأسباب الهامة لعدم التجديد له بولاية أخرى في انتخابات مكتب الإرشاد في ذلك الوقت، يرجع إلى خلافاته مع خيرت الشاطر وزير مالية الجماعة الذي ثأر لنفسه، منفذا لتهديده الذي وجهه لعاكف مرشد الجماعة آنذاك"، وذلك ردًا على خروج عاكف عن طاعته واستيلائه علي أموال الجماعة خلال الأزمة المالية التي تعرضت لها الجماعة خلال الفترة التي تلت القبض على الشاطر وشريكه حسن مالك ومصادرة أموالهما على ذمة قضية "ميليشيات الأزهر" عام 2005، والتي استمرت حتى عام 2009، ففي إطار الوضع المالي الجديد للجماعة بعد أزمة المصادرة، قرر الشاطر حصر جميع أموال الجماعة بالخارج والداخل وإعادة توجيهها من جديد واستبعاد يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية للإخوان بالخارج عن أي تعاملات مالية جديدة للجماعة، واسترداد جميع الأموال التي يستثمرها للجماعة بالخارج، وذلك علي خلفية الصراع الخفي بين ندا والشاطر في تلك الفترة بالإضافة إلي مشكلة أموال إخوان الخارج التي ضاعت لدي يوسف ندا في بنك التقوي والتي تصاعدت حتي ذلك الوقت، ولكن استطاع عاكف استغلال علاقته الاستثنائية مع يوسف ندا، لمعارضة قرار الشاطر بحرمان ندا من الإشراف علي استثمارات الجماعة بالخارج.
الصراع بين الشاطر وندا كان على من يدير أموال التنظيم في مصر، وهو الأمر الذي كان مملوكا للشاطر وحسن مالك مع مطلع 2002، كما أقر عاكف بأنه رفض إرجاع الأموال التي قامت الجماعة بتسجيلها باسمه ضمن قرار الحصر الذي اتخذه خيرت الشاطر لأموال الجماعة، رافضا تسليم أي أموال له بالخارج بحجة أن هذه الأموال هي حقه الطبيعي بعد أن أفني عمره في خدمة الجماعة منذ عهد مرشدها الأول حسن البنا، وأن هذه الأموال هي أمواله الخاصة ولا شأن للجماعة بها ليخرج بذلك عن طاعة مهندس التنظيم الذي وجد نفسه وفي غمضة عين عاجزًا عن استرداد ما يزيد على 50 مليون دولار بأرباحها منذ عام 2002 وحتي 2010، والتي سجلت باسم مهدي عاكف في بنوك أوروبية.
ليس هذا فقط بل وجد خيرت الشاطر نفسه أيضًا مضطرًا للدفاع عن نفسه أمام الهجوم المضاد الذي شنه عاكف عليه، وعلى صهره الدكتور محمود غزلان بنفس تهمة الاستيلاء على أموال الجماعة والتي ظهرت في نفس التوقيت أيضًا.
حيث كانت الجماعة قد دخلت شريكة في شركة التنمية العقارية، المملوكة للمليونير المعروف عبدالرحمن سعودي، على أن يكون محمود غزلان هو الواجهة القانونية لهذه الشراكة، إلا أنه بعد حصول سعودي على حكم البراءة في قضية الشاطر فوجئ بإصرار محمود غزلان بتحريض من الشاطر على فض الشراكة بينهما، ليس هذا فقط بل قام غزلان بوضع سعودي أمام الأمر الواقع مدعيا أن الشركة قد حققت خسائر فادحة أثناء مدة وجوده في السجن ليكتشف سعودي في النهاية أنه تعرض لعملية نصب، استطاع من خلالها محمود غزلان أن يحصل على 18 مليون جنيه بالكامل من شركته، لم يقم برد مليم واحد منها إلي الجماعة، ولكن علي الرغم من نجاح حيلة عاكف المضادة للاحتفاظ بجميع الأموال التي كانت الجماعة قد سجلتها باسمه في الخارج إلا أن الرسالة التي وصلته من الشاطر الموجود داخل السجن كانت واضحة تمامًا، وهي أن الأموال التي حصل عليها رغمًا عن إرادته ووقوفه في صف يوسف ندا سيكون ثمنها أغلى مما يتصور وهو كرسي المرشد.
ويضاف إلى هذه الملايين، توجد ملايينه الأخرى في مصر التي حصل عليها أيضا من الجماعة، منها مزرعته التي تتجاوز قيمتها 20 مليون جنيه في الإسماعيلية، وشاليه ثمنه 2 مليون جنيه بالعين السخنة، وفيلته في التجمع الخامس وشقته بشارع فيصل بالإسكندرية، بخلاف المكاسب التي استطاع الحصول عليها بمعاش شهري يصل إلي 25 ألف جنيه شهريًا له ثم لزوجته من بعده، وكذلك الاحتفاظ بسيارة شيفروليه موديل 2007 ليكون المرشد الزاهد قد خرج من الجماعة بثروة طائلة من أموال الجماعة.
القضية 404 لسنة 2009 نموذجًا قضية "غسيل الأموال"
أسامة سليمان
أسامة سليمان
تعد قضية (404 لسنة 2009) لنيابة الأموال بمباحث أمن الدولة والمعروفة إعلاميا بـ"غسيل الأموال"، نموذجًا جليًا وواضحًا لحجم الفساد المالي لقيادات الإخوان المسلمين، كما تعد نموذجًا لطريقة تعامل الأعضاء مع أموال التنظيم وكيفية التصرف والتحكم بها، بخلاف إصباغ الأموال المغسولة بغطاء قانوني داخل شركات أعضاء التنظيم والمحولة للجماعة من الخارج.
لكي نستطيع أن نفهم أبعاد القضية وسير تحريات وتحقيقات مباحث الأموال بأمن الدولة فيها، علينا أن نمسك بطرف القضية وتتبعه، الذي سيكون بمثابة الخيط الذي يجر معه بقية الأطراف المتورطين فيها، فهي أشبه بهرم معكوس، قاعدته تضم العديد من أسماء الشركات والأشخاص، وتصب في نهاية الأمر إلي قمة الهرم المقلوب وهي جماعة الإخوان المسلمين.
أول خيط في القضية هنا هو أسامة سليمان صاحب مجموعة الصباح للصرافة، والتي لا يتجاوز حجم أعمالها 50 ألف دولار، أي ما يقرب من ربع مليون جنيه (كان الدولار آنذاك يعادل 5.30 جنيهًا مصريًا)، ولكن تحويل مبلغ 2.8 مليون يورو من لبنان – المصنفة بأنها ضمن المناطق الخطرة لغسيل الأموال – في أقل من شهر، هذا الأمر  أثار ارتياب قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي، الأمر متزامنًا مع طلب نيابة غسيل الأموال بأمن الدولة، بالكشف عن حسابات أسامة سليمان وزوجته مها محمد الجزار، لينفرط بقية عقد الخط الأول من القضية، وهم  إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي، والسعودي عائض القرني والشيخ وجدي غنيم، وأشرف عبدالحليم، أمين مساعد نقابة الأطباء في ذلك الوقت، ومع استجواب النيابة لسليمان عن مصدر الـ 2.8 مليون يورو، ادعى أنها من أحد معارفه في لبنان، الأمر الذي تنافى تمامًا مع تقرير البنوك الأجنبية التي تم إرسالها للبنك المركزي، وأن مصدر الأموال كان من لندن، بحملة "انقذوا غزة"، والتي تبناها الإخوان عقب الحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرضته إسرائيل علي غزة منذ عام 2008، للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي تم تجويعه بهذا الحصار.
لم يتوقف الأمر إلي هذا الحد، إذا كانت الأموال من التبرعات التي جناها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في لندن، فما السبب الذي لا يجعل تلك الأموال يتم إيداعها مباشرة في حساب السلطة الفلسطينية أو إدارة الحكم الذاتي لغزة؟!، وما السبب الذي يدفع التنظيم الدولي بتحويل الأموال إلي لبنان ومنها إلي فرعها في مصر، إلا إن لم تكن لتمويل أنشطة الجماعة في مصر؟!
وفقا لتقرير البنك المركزي الصادر في يونيه 2009، فإن التحويلات الواردة بمبالغ كبيرة لا تتناسب مع حركة حساب سليمان مع البنك خلال خمس سنوات سابقة، حيث لم تتجاوز المعاملة الواحدة في السابق ما يعادل 50 ألف دولار، إضافة إلي أن التحويلات واردة من لبنان، المصنفة داخليًا من الدول ذات المخاطر العالية، كما أنه وفقا لمراسلات بالخارج "بنك لبنان والخليج ببيروت" أفاد البنك بأن مرسل هذه التحويلات هو مجموعة العالمية للصرافة، وأنها عميل للبنك المراسل منذ 10 يناير 2008، وأن مصدر أموال التحويلات محل الاشتباه، وهي واردة من منطقة الخليج الغرض منها هو شراء قطعة أرض بمنطقة الكيلو 124 طريق الإسكندرية – مطروح، وأن المسئول عن المجموعة العالمية للصرافة سوري يدعى ياسر جابر قلشج.
كما ورد في تقرير البنك المركزي أنه بتتبع حركة الأموال فهي بدأت من لندن، ثم تم تحويلها إلي الإمارات والبحرين ومنها تم تحويلها إلي لبنان، لتصل في نهاية الأمر إلي مصر عن طريق الأخوين أسامة وأيمن سليمان، إذن فإن سليمان تلقى الأموال الخاصة بتنظيم جماعة الإخوان، والتي تم تحويلها من الخارج إلي أرصدته الشخصية وحسابات الشركات المسجلة باسمه بالعديد من البنوك العاملة في مصر، تحت غطاء إقامة أنشطة استثمارية أجنبية بالبلاد وضخ تلك الأموال في المشروعات الاقتصادية التابعة للجماعة، بهدف إخفاء مصدرها وتمويه طبيعتها وللحصول علي الأرباح الناشئة عنها في تمويل الأنشطة التنظيمية لتلك الجماعة، وهو الأمر الذي أكده هشام نزيه الضابط المسئول بمباحث أمن الدولة، في التحريات التي قام بها عن أسامة وشقيقه أيمن سليمان، أكد فيها أن شركة الصباح للصرافة هي إحدى المؤسسات الاقتصادية الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة آنذاك، وأن تمويل إنشائها كان من أموال جماعة الإخوان، وأن الهدف من تسجيلها باسم سليمان من أجل تلقي الأموال التي تتمكن بها الجماعة من الحصول عليها لإخفاء مصدرها وتمويه طبيعتها، واستثمار تلك الأموال والحصول علي أرباحها في الإنفاق علي الأنشطة التنظيمية الخاصة بتلك الجماعة، وهو الأمر الذي اتضح لمباحث أمن الدولة بعد إخطار وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي المصري، يفيد بأنه ورد إلي حساب سليمان في المصرف العربي الدولي خلال الفترة من 1 يونيه حتي 4 يونيه 2009، عدة تحويلات بمبلغ اثنين مليون وسبعمائة ألف يورو من دولة لبنان، الأمر الذي دفع نيابة الأموال بمباحث أمن الدولة بإجراء تحرياتها بشأن تلك التحويلات، فتوصل إلي أن سليمان تلقى التحويلات في إطار نشاطه التنظيمي، بعد تكليفه من قيادات التنظيم بتلقي تلك الأموال على حسابه، تمهيدًا لسحبها وضخها في الكيانات الاقتصادية التابعة للجماعة، لاستثمارها والإنفاق من أرباحها على الأنشطة التنظيمية .
ووَفقًا لما جاء في محضر تحريات ومضبوطات نيابة الأموال بمباحث أمن الدولة، بعد تفتيش مقار شركتي الصباح المملوكة لأسامة سليمان، و"إبرامكو" المملوكة لأمين سليمان شقيق أسامة، أن إجمالي الأموال المضبوطة ما يقرب 2 مليون جنيه مصريًا جاءت في محضر التحقيقات علي الشكل الآتي:
• مجموعة من المستندات المالية بإجمالي مبلغ 950.000 ألف جنيه باسم محمد مندوه العزباوي، مبالغ مالية إجماليها 340.220 ألف جنيه مصري ، 6925 يورو، 2781 دولار، 3000 جنيه إسترليني، 4500 دينار جزائري، 1700 ريال يمني، 215 دينارً إماراتيًا مقسمة على النحو الآتي:
• 3000 جنيه داخل مظروف مدون عليه من الخارج (تبرعات) بمنزل محمود محمد الباره.
• 10.690 جنيه بمنزل أشرف محمد عبدالسميع الجزار.
• 14.350 جنيه بمركز اقرأ لتعليم اللغة العربية.
• إضافة إلى مبالغ 322 ألف جنيه مصري، 6925 يورو، 2781 دولار، 3000 جنيه إسترليني، 4500 دينار جزائري، 1700 ريال سعودي، 215 دينار إماراتي بشركة المجموعة العربية للتنمية المملوكة لعصام أحمد محمود الحداد.
• مجموعة من السندات المالية والتحويلات البنكية خاصة بالشركة الدولية للهندسة والتجارة (مملوكة لطارق صبحي دياب، والتي تم ضبطها بشركة هيونداي والمملوكة لحسام أبو بكر الصديق الشحات أبو العز، إلي جانب مجموعة من التقارير الإخبارية، تتضمن أخبار عن أنشطة جماعة الإخوان على المستوى المحلي والعالمي.
والسؤال هنا: إذا كانت الشركة تجارية، فما الذي يجعل مقراتها تحتوي على دراسات حول كيفية دعم فريق العمل الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، إن لم تكن إحدى الشركات التي تتخذها الإخوان كواجهة لتبييض أموال الجماعة التي يتم تحويلها من الخارج؟!
المراقب للوضع الداخلي المصري يتذكر جيدًا المظاهرات الطلابية التي اجتاحت الجامعات المصرية عقب تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مطلع 2009، وكيف سعى الإخوان لإرباك المشهد السياسي المصري على الساحة الداخلية من خلال الدفع بتلك المظاهرات بدعاوى "نجدة أهلنا في غزة"، ودفع أجنحة التنظيم الدولي للإخوان للقيام بمظاهرات عدائية في الخارج ضد النظام القائم بالبلاد أمام السفارات المصرية، لإحراج نظام مبارك محليًا، وإظهاره بشكل الحكومة المتواطئة مع إسرائيل في فرض ذلك الحصار، بدعوى التزام الحكومة بمعاهدة كامب ديفيد للسلام، وإحراجه دوليا وإقليميا بإظهاره بالدولة العاجزة التي لا تستطيع اتخاذ موقف من إسرائيل لصالح القضية الفلسطينية.
وبتحليل أبعاد حرب غزة نجد أن أحد أهم أهداف تلك الممارسات ليس فقط الضغط الداخلي على الحكومة المصرية آنذاك وإنما من أجل افقاد الادارة المصرية مصداقيتها أمام الرأي العام، وإقصاؤها عن الساحة العربية، وهو الهدف الذى عملت عليه كل من قطر - العاصمة العربية الأولى للتنظيم – والتي كانت تناصب لنظام مبارك ولمصر العداء في تلك الوقت من خلال إحراج الدولة المصرية المتكرر، ومحاولة سحب البساط من مصر عربيا وإقليميا، أيضًا إيران والذي لم يختلف موقفها كثيرًا عن قطر، وإنما سعت من ناحية أخرى إلى التعاون مع مختلف الحركات مثل حماس وحزب الله، والتنسيق مع جماعة الإخوان في مصر، لإقصاء مصر عن الساحة الشرق أوسطية.

لماذا تورط أبو الفتوح وسعد الحسيني والكتاتني وعصام الحداد في قضية غسيل الأموال؟

ابو الفتوح
ابو الفتوح
وفقا لما جاء في تحريات النيابة فإنه ثبت تورط كل من: "عبد المنعم أبو الفتوح وسعد الحسيني ومحمد سعد الكتاتني وعصام العريان عن أنشطة الجماعة السياسية، بعدما اتفقوا فيما بينهم علي إعداد مخططات ودراسات تستهدف ترويج ونشر أفكار ومنهج التنظيم الإخواني ببعض الدول العربية والأوروبية، بهدف تكوين بؤر تنظيمية بالخارج علي غرار البؤر التنظيمية الموجودة بالبلاد بهدف الوصول إلي ما أسموه مرحلة التمكين بالقوة والتي يمكن من خلالها تحقيق الخلافة الإسلامية 
على أن يتولى أبو الفتوح تشكيل لجنة تنظيمية تحت مسمى لجنة الاتصال بالعالم الخارجي، وتكليفها بوضع الخطط والدراسات اللازمة لمساندة ودعم حركة التنظيم على مستوى العديد من الأقطار العربية والأوروبية تحت غطاء دعم العمل الإسلامي العالمي، وحقوق الشعوب والأقليات الإسلامية، فضلًا عن دعم قرارات مكتب الإرشاد العالمي، فيما يتعلق بسياسة وتوجهات التنظيم ذات البعد الخارجي، في حين يتولى سعد الحسيني مسئولية الإشراف على أعمال تلك اللجنة وتوجيهها وفق سياسة ومنهج الجماعة، بمعاونة محمود البارة.
وذلك بعد أن ثبت محضر المضبوطات لتفتيش شركتي "الصباح" و"إبرامكو"، عثور قوات الأمن على مجموعة من الأوراق التنظيمية تحمل عناوين:
•(الرؤى الأمريكية للحوار مع الإخوان أسس ومنطلقات، نحو تفعيل ملف العلاقات الدولية للجماعة، المشروع الجديد للهيكل التنظيمي العام للجماعة، محاور الخطة خلال 4 سنوات قادمة، اجتماع جهاز التربية، تقرير الأمانة العامة عن نشاط الجماعة من 7/1/2004 إلى 10/11/2007، حملة دعم القضية الفلسطينية، التعامل مع محرقة غزة، اتحاد المنظمات الطلابية، اقتراحات لعملية التخطيط وإعداد الخطة، السيناريوهات الفترة المقبلة، المتغيرات ذات التأثير علي الوضع التربوي للجماعة، المتغيرات ذات التأثير علي الوضع السياسي والمجتمع، أهم المعوقات والدوافع التي واجهت تنفيذ الخطط المتفق عليها، الصراع الشيعي والسني، وصف الساحة والعلاقات الموجودة، مواجهة التحدي، موجز في رؤيتنا في الإصلاح والتغيير، نظرات في المنهاج التغييري الجهادي والسياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ظاهرة العنف، مشاركة في الحكم، الدولة الإسلامية المصرية في رؤية الإخوان المسلمين، مشروع مصر 2020، مستقبل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، ملخص لمشروع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ماذا يريد الإخوان في سوريا، مقترح تكوين لجنة للعراق، الإصلاح السياسي بين الرؤية الأمريكية والرؤية الإسلامية، البرنامج الانتخابي لمرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي، من الذي يقطع رؤوس العراقيين ويحرق جثثهم، استنساخ المشهد العراقي في الصومال، لجنة العراق، عملية صياغة الدستور العراقي، بين الاحتلال والمطالب الطائفية، الهجوم علي إيران، السلوك الطائفي لنخبة العراق الحاكم، لجنة السودان، مشروع سياسي للحزب الإسلامي العراقي" .
• مَلزمة بعنوان (الإخوان والعمل السياسي) موضح فيها إمكانية مشاركة الجماعة في الحكم في حالة تعذر قيام الحكم الإسلامي مع التأكيد علي أن ذلك خلاف الأصل الذي يوجب الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية وإقامة الدولة الإسلامية.
• مَلزمة بعنوان (الإخوان المسلمون وقضايا متصلة بالعمل السياسي)، موضح فيها أن الحكم في فكر الإخوان المسلمين ركن من أركان الدين الإسلامي وأن فكرة الخلافة علي رأس منهاجها.
• ملزمة بعنوان (مقترح عاجل «الورقة الإيرانية وكيفية استفادة الإخوان منها») تتضمن بعض المقترحات للاستفادة من الأزمة الإيرانية بالمنطقة لصالح الجماعة في ظل الأجواء الحالية.
• ملزمة بعنوان (مستهدفات العمل السياسي) تتضمن رؤية الجماعة نحو رفع الوعي السياسي لدى الشعب وتعريفه بحقوقه وحرياته.
• ملزمة بعنوان (الإخوان والسياسة) تتضمن علاقة الجماعة بالأقباط والمرأة وسبل التمويل وتبادل السلطة.
• صورة ضوئية بخط اليد بعنوان (كثرة الهياكل الإدارية بالمنطقة) تتضمن تقييم للنواحي المالية والجامعات بالمحافظات والأقسام الفنية.
• ورقة بعنوان "موقف الجماعة من الثورات الشعبية" موضح فيه أن الثورات والانقلابات التي تقوم علي غير أساس إسلامي تكون غير مثمرة علي المدى الطويل، وأن الجماعة ستعمل علي إعداد القوه لإصلاح المجتمع وتحقيق إرادة الشعب.
• مطبوع عبارة عن 12 ورقه بعنوان (قطاع القاهرة الكبرى – قطاع غرب ووسط الدلتا – قطاع القناه أ، ب) تقدير موقف عن الحركة الإخوانية بمحافظات (الغربية، المنوفية، كفر الشيخ، القليوبية، الدقهلية، المنيا، الفيوم، بني سويف) على مختلف الأصعدة (تنظيمياً وجماهيرياً وبرلمانياً وإعلامياً).
• محرر بعنوان (الرؤى الأمريكية لحوار أمريكا مع الإخوان أسس ومنطلقات).
• محرر بعنوان «الاخوان والغرب» يتضمن أهداف تعامل الجماعة مع القوى الخارجية (أمريكا – بريطانيا – دول الاتحاد الأوروبي) موضح به نقاط القوة لدى الجماعة والتي تتركز في أنها تحظى بقبول فكري وعقائدي في المجتمعات المصرية والعربية وقدرتها علي التعبئة والتنظيم والحشد ومجموعه من المقترحات من بينها ضرورة التواصل مع الرموز العربية بالخارج (أحمد زويل – ذهني فراج) وصناعة رموز تلقى قبول الغرب (الإخواني طارق سعيد رمضان).
• إلي جانب حسابات مإلية خاصة بعبدالمنعم أبو الفتوح يشير دراسات الجدوى إلي أن العائد المادي المحتمل لأحد المشاريع يبلغ 3.555.000 مليون جنيه.
• تقرير عن العمل الدعوي للإخوان بدول وسط آسيا في الفترة من عام 2007 : 2008 
• مجموعة من الخطط الاستراتيجية لبعض الدول بمنطقة وسط أسيا في الفترة من 2009 : 2020.
• تقريراً حول زيارة جان تلي (المستشار الاقتصادي لوزارة الخارجية البريطانية عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وكلير هيلبرن (سكرتير ثان ومستشار الإعلام والسياسة في السفارة البريطانية) بتاريخ 11/2/2007 وأنه تم خلالها مناقشة برنامج الحزب السياسي للجماعة بمشاركة أشرف بدر الدين وسعد الحسيني.
• خطاب موجه من بعض أعضاء المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان بالأردن، للقيادي محمد مهدي عاكف خلال عام 2008، يلتمسون فيه إيفاد بعض رموز الجماعة بالبلاد لزيارة الأردن، للعمل على إنهاء الخلافات القائمة بين القيادات الإخوانية في أعقاب حل مجلس شورى الإخوان بالأردن.
• صورة من اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.
• نص الاتفاقية الأمريكية الإسرائيلية لإنهاء تهريب السلاح لقطاع غزة.
• مجموعة من الخطط والدراسات التنظيمية تحمل عناوين (مشروع إعداد المربية انطلاقاً من الواقع لمواجهة تحديات المستقبل، بعض الأفكار للنهوض بالعمل الدعوي النسائي، معاً للإصلاح نحو برلمان حر، أسباب تهميش المرأة في الحركة الإسلامية على مستوى الكوادر والهياكل، بناء قنوات الاتصال بين المنظمات التطوعية الإسلامية فيما يخص عمل الأخوات، العمل التنظيمي داخل اللجان الخاصة بالأخوات خارج القطر وداخله – الاستراتيجيات الغربية لاحتواء العالم الإسلامي – الجهاد في سطور).
• عقود شراء وبيع وإيجار عدد من الأراضي الزراعية بمساحات مختلفة بجنوب محافظة بورسعيد باسم علي الحديدي.

الخلاصة:

سعد الكتاتني
سعد الكتاتني
ما تم ضبطه من أموال وملفات سياسية لجماعة الإخوان، في شركتي "الصباح" و"إبرامكو" للصرافة لا يتعلق من قريب أو بعيد بمشروعات استثمارية، وإنما يتعلق بتغيير سياسات دولة يعمل في داخلها كيان الجماعة – المحظورة آنذاك – متخذة من عدة شركات غطاءً لأنشطتها.. جزء من الأموال المستخدمة في تنفيذ تلك الخطط هو أموال تم تبييضها، حتى تكون سليمة المصدر عندما يتحرى عنه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أو حتى هيئة الرقابة الإدارية، وجزء آخر يدخل في استثمارات الجماعة التي تتخذ من أعضائها واجهة قانونيةً للعمل تحت أسمائهم، فلا تكون هناك شبهة بأن الجماعة تتلقى أموالًا من الخارج، وإنما هي أموال استثمارات تأتي من خلال شركات عابرة للقارات، جزء كبير منها يتبع التنظيم الدولي للإخوان.. مثل شركات الأوف شور أو استثمارات أعضائها في دول الخليج.