عودة الى الموقع عودة رئيسية الملف

·       الاخوان في دول المغرب العربي
·       راشد الغنوشي «المراوغ»
·       إخوان المغرب العربي بين البرلمان والحكومة.. 10 سنوات تكشف المستور
·       في حوار خاص للبوابة المفكر المغربي الكبير سعيد اناشيد
·       علاقة إخوان المغرب العربي بالتنظيم الأم

الاخوان في دول المغرب العربي

يوما بعد يوم تتكشف الحقائق وتعرف الشعوب خطورة جماعات الإسلام السياسي على الأوطان، هذا ما يحدث في دول المغرب العربي "تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، حيث سجل مسار التأييد الشعبي لحركات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الاخوان المسلمون في منطقة المغرب العربي تراجعاً ملموساً بسبب ضعف الأداء السياسي والاقتصادي للأحزاب الإسلامية المشاركة في الحكم على امتداد السنوات الأخيرة وعدم قدرة "براجماتية" هذه الحركات استيعاب المتغيرات السريعة لتطلعات فئة واسعة خاصة من الشباب المهمش والذي يتبنى خيارات شعبوية بدأت تأخذ موطأ قدم في الحياة السياسية المغاربية على حساب انكماش الدور السياسي للحركات الإسلامية.

هذا ما تؤكده مؤشرات نتائج آخر انتخابات تشريعية في كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا ، وأيضا من خلال دراسة مؤشرات مؤسسات استطلاع الرأي في دول المغرب العربي حول تغير نسب التعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي مع توجهات وأفكار مختلف الأحزاب وفي مقدمتها الأحزاب الإسلامية ذات الصلة بالإخوان المسلمين أو بالأصوليين.

خريطة جماعة الإخوان في دول المغرب العربي

ليلى عادل

اخوان تونس.. "حركة النهضة":

وضع الاخوان في تونس يشبه الى حد ما وضع الجماعة الأم في مصر، حيث استطاعت حركة " الاتجاه الإسلامي" التواجد في المجتمع من خلال التجمع بالمساجد ومنها "الزيتونة"، لقراءة القرآن والحديث النبوي وتذاكر السيرة، وكما فعل السادات مع الاخوان في مصر، لم يعارض الحزب الدستوري الحاكم هذا النشاط  في تونس، بل حاول استغلال حركة الاتجاه الإسلامي في الجامعة ضد التيارات اليسارية وفي القلب منها التيار الماركسي، وفي عام 1981 غيرت الحركة اسمها إلى "حزب النهضة"، استعدادًا للترخيص لها كحزب شرعي، واعترفت الحركة في بيانها التأسيسي بموقفها المؤيد للديمقراطية وتداول السلطة، وسمح لهم ببعض النشاط وإصدار مجلة "المعرفة" كمنبر لأفكار الحركة.

 بعد وصول "بن علي" إلى السلطة وإفراجه عن معظم قيادات الحركة بمن فيهم راشد الغنوشي قامت الحركة بتأييد النظام الجديد والتوقيع على وثيقة الميثاق الوطني التي وضعها بن على، وبعد رفض النظام السماح بإعلان الحركة كحزب علني غادر الغنوشي البلاد الى ليبيا فالسودان وبعد ذلك إلى لندن، في رحلة نفي اضطراري طالت حوالي 22 سنة.

بداية من 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة، وبلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج، ففي مايو1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وبلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص.

ومع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.
الإخوان في الجزائر.. "حركة حمس":

تعتبر حركة مجتمع السلم الذراع السياسي الأبرز للإخوان في الجزائر، وثاني أكبر القوى الإسلامية هناك، نشأت كحزب عام ١٩٩١م، بعدما انتقلت الحركة من مرحلة العمل السري الذي بدأ في عام ١٩٦٣م وقوي في السبعينيات، مستندا في مرجعيته إلى منهج جماعة الإخوان المسلمين العالمية تحت راية جمعية الإرشاد والإصلاح، إلى مرحلة العمل العلني في منتصف السبعينيات بمعارضة صريحة وعملية لحكومة هواري بو مدين باسم تنظيم جماعة الموحدين، بقيادة محفوظ نحناح الذي دعا إلى العمل الإصلاحي الإسلامي، وتجنب الصدام مع السلطة محاولاً فتح باب الحوار معها إلى جانب التنسيق مع كافة القوى والفعاليات الإسلامية، وبمقتضى دستور ١٩٩٦م، واستنادا للقانون الخاص بالأحزاب السياسية تغير اسم الحركة ليصبح حركة مجتمع السلم (حمس)، كما غيبت أية إشارة منفردة لمرجعيتها الإسلامية في مشروع برنامجها السياسي الجديد، الذي قدم بعد صدور القانون لتعوض بالثوابت الوطنية كمرجعية فكرية لها.

وشاركت حركة مجتمع السلم في انتخابات عام ١٩٩٧م لتبرز كقوة إسلامية لا يستهان بها تحت قبة البرلمان، فحصلت على ٦٩ مقعداً لتحتل المركز الثاني قبل جبهة التحرير الوطني.

حدث انشقاق في الصف الإخوانى في الجزائر ليخرج الشيخ عبد المجيد المناصرة (والذي أصبح نائب رئيس حركة الدعوة والتغيير)- عن الحركة وكون هو والشيخ مصطفى بلمهدي (رئيس الحركة) حركة الدعوة والتغيير في أبريل عام 2009م.

تعد حركة الدعوة والتغيير الجناح الآخر للإخوان المسلمين في الجزائر، وتمتد عبر مختلف ولايات الجزائر، ولها مجلس شورى وهيئات تتكفل بالملفات الكبرى للدعوة والتربية وقضايا الأمة، ويعد عبد المجيد مناصرة هو القيادي الأبرز بالحركة، وقائد سيناريو الخروج على أبي جرة سلطاني زعيم "حمس" ، بعد أن اتهمه بالخروج على نهج الشيخ المؤسس للإخوان في الجزائر محفوظ نحناح؛ ليؤكد للجميع على ثقته في الحصول على دعم الجماعة الأم في مصر.

اخوان المغرب.. "حزب العدالة والتنمية":

البداية كانت من خلال محاولة جماعة الإخوان في إنشاء شعب لها في المغرب العربي، واعتمد الإخوان المسلمون في يونيو 1937 ضمن شُعبهم في العالم الإسلامي شُعْبَتين في المغرب الأقصى، إحداهما كانت في فاس وكان مندوبها محمد بن علال الفاسي، والأخرى كانت في طنجة وكان مندوبها أحمد بن الصديق، إلا أنه تم اعتقال محمد بن علال الفاسي، ونفته خارج البلاد في عام 1937؛ مما أدى إلى انكماش دعوة الإخوان في المغرب وعدم انتشارها.

ونشطت حركة الإخوان في الستينييات على يد الدكتور عبد الكريم الخطيب والذي يعتبر مؤسس حركة العدالة والتنمية في المغرب، حيث تأسست الحركة عام 1967م، وكان الخطيب وقتها رئيس البرلمان المغربي، غير أنه مورس ضده التضييق من قبل الدولة.

وفي عام 1992 وبعد أن تعذر على حركة الإصلاح والتجديد- الجماعة الإسلامية سابقا- تأسيس حزب التجديد الوطني اتصلت قيادة الحركة بالدكتور عبد الكريم الخطيب عارضة عليه إعادة إحياء الحزب ووافق الخطيب بشروط ثلاثة، هي: "الإسلام-الاعتراف بالملكية الدستورية- نبذ العنف"، وفي عام 1996 عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا لتمكين القيادات الإسلامية من العضوية في أمانته العامة، ومنذ ذلك الحين بدأ ينظر إلى الحزب باعتباره حزبا إسلاميا.

وفي هذه الفترة كانت الحركة الإسلامية تدبر مشروعا اندماجيا بين فصيلين هما حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، وتوجت هذه الجهود بالإعلان عن تنظيم جديد يضم الفصيلين هو: "حركة التوحيد والإصلاح" بقيادة الدكتور أحمد الريسوني.

يرى المتابعون أن حزب العدالة والتنمية المغربي خلال السنوات الماضية كان يسير على خطى حزب العدالة والتنمية التركي، حيث يتشابهان، في الاسم والشعار واتخاذ "فانوس" شعارا لحزبيهما، وأيضا على مستوى الأفكار التي تؤمن بالعلمانية الجزئية في الحياة السياسية، وهذا التشابه الكبير حاول أمين حزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بنكيران نفيه في أحد حواراته الصحفية حينما قال: إن عبد الإله بنكيران ليس أردوغان.

اخوان موريتانيا.. "حاسم، حمد، تواصل":

تأخّر ظهور تيار الإخوان في موريتانيا إلى النصف الثاني من السبعينيات كتنظيم سياسي معترف به قانونًا، وإن كانت التعبيرات الإسلامية سابقة على ذلك العهد، من خلال بعض الجمعيات الدينية والخيرية، نظرا للطبيعة المحافظة للبلاد.

وكان تنظيم "الجماعة الإسلامية" أول من ظهر عام 1978، لكن كجمعية فقط، وفي عام 1990 انضوى عدد من الجمعيات الإسلامية في تنظيم سياسي أطلق على نفسه لقباً مختصرا هو "حاسم"، نسبة إلى الحركة الإسلامية في موريتانيا، ذات الخلفية الفكرية المتأثرة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وقد خاض الإسلاميون الموريتانيون الانتخابات البلدية في تلك الفترة، وعندما صدر القانون المنظم للأحزاب في 25 يوليو 1991 تقدموا بطلب تأسيس حزب سياسي لكن السلطة رفضت، فانخرطوا في المعارضة السياسية لنظام الرئيس معاوية ولد الطائع، وبعد سقوط هذا النظام عام 2005 حاولوا مجددا دخول المعترك السياسي، فتم إنشاء حزب الملتقى الديمقراطي (حمد) ثم حركة "الإصلاحيين الوسطيين"، وأخيرا تجربة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهي كلها تعمل اليوم تحت الإطار القانوني.

عمل الإسلاميون بقوة على معارضة انقلاب 2008، في إطار الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وما أن توصلت الأطراف السياسية إلى اتفاق دكار، وهو الاتفاق الذي بموجبه شارك كل الطيف السياسي في الانتخابات الرئاسية وكان برعاية دولية، وأجريت الانتخابات الرئاسية في عام 2009، حتى عمدوا إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات، وكانت تلك بمثابة رسالة منهم للنظام رغم رفض بعض أحزاب المعارضة لذلك، وتوج ذلك الاعتراف بالتحالف مع النظام في ترشيحات مجلس الشيوخ 2011 ضمن ما عُرف حينها بـ"المعارضة الناصحة" التي استمرت أكثر من عام، قبل أن يتخلوا عن مهادنة النظام وصولًا إلى "المعارضة الناطحة" مع بزوغ ثورات الربيع العربي، حيث نسقوا جهودهم مع المعارضة لرفع سقف مطالبهم، ودفعها نحو مطلب رحيل النظام الحالي، وهو المطلب الذي وضع المعارضة أمام رهان صعب بين المطلب والقدرة على تنفيذه، خاصة مع وجود تشققات داخل جدار المعارضة، جعلها سهلة الاختراق، وضعيفة المقاومة، أمام إغراءات النظام، فاستمال بعضها وبقي البعض مُمانعًا.

راشد الغنوشي «المراوغ».. هل يلقى مصير بن علي؟

حسام الحداد

لطفي زيتون القيادي البارز في حركة النهضة "اخوان تونس" والوزير السابق والصديق المقرب من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، والذي استقال من الحركة منذ شهور قليلة "اكتوبر 2020"، احتجاجا ورفضا لسياسات وممارسات حركة النهضة، وزعيمها الغنوشي وجه ما أسماه "نصيحة" للغنوشي بضرورة الاستماع لصوت الشارع التونسي الرافض للكثير من سياسات النهضة، والمعترض بشكل خاص على ممارسات وتصريحات الغنوشي الصادمة، والتي كان أخرها بدايات يناير الجاري، موجها حديثه للقوى السياسية والشعب "الحوار أو القتال"، على خلفية تصاعد المواجهة داخل البرلمان والشارع بين جماعة الاخوان "النهضة"، والقوى المدنية في تونس، وحذر زيتون الغنوشي بأنه في حال عدم الانصات لصوت الشارع التونسي سيلقى مصير بن علي في إشارة للرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاح به الشعب في ثورة شعبية منذ عشر سنوات.

ويري متابعون أن الغنوشي حاول خلال فترة وجوده بالخارج أن يظهر بشكل أكثر ليبرالية، وقدم مفردات وخطابات تنافس الليبراليين، إلا انه حينما عاد لتونس قدم خطابات متشددة، معتبرين انها تكشف عن الوجه الحقيقي للغنوشي.

مع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.

واضطلع الغنوشي بدور محوري في أوروبا والمغرب العربي لصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدا بشكل مبكر ومنذ بدايات نشأة الحركة الإسلامية في تونس، وفي شهادة قدمها الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي، مؤسس الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى ، اتهم فيها الغنوشي "بالعمل على اختراق الحركة الإسلامية في المغرب بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين نهاية السبعينيات، من القرن الماضي والتجسس لفائدة التنظيم العالمي للجماعة"، على حد قوله.

في شهر أبريل 2012، عندما كان حزب النهضة في نشوة توليه السلطة وفوزه فوزا بيِنا بأول انتخابات بعد الثورة، خاطب الغنوشي مجموعة من قادة الجماعات السلفية التونسية بقوله: "إن مؤسستي الجيش والأمن غير مضمونتين" ومضى يقول لهم إنكم "تذكرونني بأيام الشباب". هذه التصريحات التي بثت مقتطفات منها في فيديو على يوتيوب، أشعلت غضب النخب السياسية التونسية المتشبعة بالعلمانية ورأت فيها اعترافا من الغنوشي بسعيه للسيطرة على مؤسسات الدولة و"أسلمتها"، وبكونها تكشف وجها "خفيا" للغنوشي مخالفا للوجه المعتدل الذي يسعى دائما للظهور به.

في 19 مارس 2019، طرد مواطنون من مدينة بن قردان جنوب تونس رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وطلبوا منه الرحيل عن مدينتهم في مؤشر على تنامي السخط الشعبي اتجاه هذا الحزب وقياداته.

في 29 أبريل 2020، أثار مشروعان لاتفاقيتين تجاريتين "مشبوهتين" مع تركيا وقطر، جدلا في تونس، دفع البرلمان إلى تأجيل التصويت عليهما، صاحبته اتهامات من النواب لرئيس البرلمان راشد الغنوشي باستغلال سلطته، لتمكين الدولتين من المزيد من التغلغل وإحكام القبضة على الاقتصاد التونسي، في إطار أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني في تونس.

وادى الرفض الشعبي ولعدد من نواب المعارضة للاتفاقيتين الى تأجيل النظر فيهما

ووصفت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسى في مؤتمر صحفي الاتفاقيتين بالمشبوهتين وبانهما استعماريتين وان حركة النهضة ورئيسها يزجان بتونس في لعبة المحاور.

في مطلع مايو 2020،  لفت انتباه الشعب التونسي تضخم ثروة الغنوشي مما أدى بالشعب إلى اتخاذ اجراءات للضغط على الحكومة في سبيل التحرك لكشف لغز ثروة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة وفتح ملفه المالي المشبوه، بعدما تحول من مجرد مدرّس إلى واحد من أبرز أغنياء تونس، وأصبح يتمتع في أقل من عقد بثروة كبيرة، كان لها دور كبير في سيطرة حزب النهضة على الحكم في تونس بعد ثورة 2011.

وفي هذا السياق، وجد التونسيون في عريضة إلكترونية عنوانها" من أين لك هذا؟"، تطالب بالتحقيق في مصادر ثروة الغنوشي، فرصة لمحاصرته والبحث عن أجوبة للتساؤلات والتخمينات الكثيرة، في علاقة بأمواله الضخمة وطريقة حياته الباذخة دون وجود أنشطة مهنية واقتصادية فعلية له في تونس، وانتمائه لعائلة متواضعة تعمل في مجال الزراعة.

ويفسر تفاعل التونسيين مع هذه المبادرة التي تدعو للكشف عن مصادر ثروة الغنوشي تزايد الغضب وانعدام الثقة تجاه هذا الرجل الذي تعددت زلاّته في الفترة الأخيرة وخاصة منذ توليه منصب رئاسة البرلمان، حيث باتت الاتهامات تحاصره من كل الجبهات، بعضها ارتبط بالإرهاب وبعضها الآخر بالتخابر مع جهات أجنبية.

في مطلع يناير الجاري ووسط تصاعد أصوات المعارضة الداخلية ضده، تلقى رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي ضربة قوية بعد فشل أغلب المقربين منه في انتخابات المكتب التنفيذي للحركة، وصعود قيادات وعناصر من الجناح المعارض.

وأعلنت حركة النهضة، يوم السبت 2 يناير 2021، التشكيلة الجديدة لمكتبها التنفيذي المؤلف من 17 عضواً، عقب انعقاد الدورة الـ 47 لمجلس الشورى.

وأسفرت النتائج عن سقوط العديد من القيادات المقربة من الغنوشي على رأسهم صهره، وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام ووزير النقل السابق أنور معروف، ورئيس مجلس الشورى السابق فتحي العيادي ورضا السعيدي، وزير الاقتصاد السابق، إلى جانب كل من رضا إدريس ومحمد القوماني.

في المقابل، صعدت إلى المكتب التنفيذي الجديد قيادات تنتمي للجناح المعارض للغنوشي، والذي يسمى "مجموعة الـ100"، أبرزها وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، والذي يعتبر قائد المعارضة الداخلية في حركة النهضة، ورضا الباروني، أحد الذين تتهمهم هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالانتماء للجهاز السري الخاص للحركة.

إخوان المغرب العربي بين البرلمان والحكومة.. 10 سنوات تكشف المستور

   علي رجب

عقد كامل على زخم الاخوان في دول المغرب العربي، و تصدر المجلس النيابي كتونس والمغرب او التواجد في صفوف المعارضة بقوة واللعب على احتجاجات الشارع السياسي وحركات التغيير في المنطقة كموريتانيا والجزائر، ، وتعد حركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب،  لاعبين اساسين في البرلمان او الحكومة، ولكن هذا الزخم بدأ في التراجع مع حالة تراجع قوة التغيير في الشارع العربي وفشل الاخوان انتخابيا عبر مؤسسات الدولة او عبر مؤسسات المجتمع المدني وغياب الرؤية الناجحة للاقتصاد وتحسين المعيشة وظهور فضائح سياسية واقتصادية واخلاقية قلصت من حظوظ الاخوان في المشهد السياسي والشعبي بدول المغرب العربي ( تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا)

المغرب.. اخوان المغرب ضجيج بلا طحن

تصدر حزب العدالة والتنمية  بقيادة عبد الإله بنكيران، ذارع الاخوان المسلمين السياسية في المغرب، المشهد الانتخابي وتشكيل الحكومة في المغرب منذ 2011.

تمكن الحزب الاخواني الذي تأسس سنة 1996، في استغلال احتجاجات الشارع المغربي والمكالبة بالتغيير، وصعود الاخوان في مصر وتونس وليبيا واليمن، الى سدة الحكم، من تصدر الانتخابات التشريعية، على رأس الحكومة المغربية في يناير 2012  عبر ائتلاف حكومي مكن عبد الإله بنكيران من رئاسة هذه الحكومة التي أعيد تشكيلها مرة أخرى بقيادة نفس الحزب ورئاسة بنكيران أيضًا في أكتوبر 2013 بعد انسحاب حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي.

 وفي الانتخابات البرلمانية 2011 حصل الحزب على المرتبة الأولى بـ 107 مقعدا من 395 مقعدا عدد مقاعد البرلمان المغربي، فشكل حكومته الأولى، والتي ضمت 31 وزيرا، منهم 11 وزير من العدالة والتنمية بما فيهم رئيس الحكومة.

وفي 2016 حصل الحزب الاخواني على 125 مقعدا، فشكل الحكومة الثالثة برئاسة سعد الدين العثماني مع العديد  من الازمات التي عرت العدالة والتنمية.

السقوط في الشارع المغرب سمت حزب العدالة والتنمية، فمنذ عام 2016، شهد المغرب حالةً متناميةً من الإحباط الشعبي، وهو ما أظهرته الاحتجاجات في مناطق الشعبية والحضرية وخاصة ازمة تظاهرات «الريف المغربي» وجرادة وخارجها.

كذلك الخلافات بين «بنكيران» و«العثماني»، تجاوزت سقف التباين في الآراء والمواقف والتقديرات إلى تبادل وتراشق الاتهامات وصلت إلى حد التخوين والسب والضرب تحت الحزام.

وفي دراسة نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات (ميبا) في ديسمبر 2019، أعرب نصف المشاركين عن عدم رضاهم عن الوضع الاقتصادي، فيما اعتقد نحو 74٪ أن جهود الحكومة – حكومة العثماني الاخوانية)  لمكافحة الفساد غير فعالة.

وفيما يتعلق بالفساد الذي طال بعض رموز العدالة والتنمية بالمغرب فلم تسفر على استقالات في صفوف الحزب بل إن بعض رموزه تم تمتيعهم بشواهد حسن السيرة كأمثال عبد المولى الذي استقطبه الحزب بالرغم من المتابعات القضائية التي طالته في قضايا فساد متعددة.

فضائح الحزب الإخواني لا تنتهي عند المخدرات واستغلال النفوذ بل تتعداها لتطال عالم المال والاقتصاد، حيث ان الحزب تورط في عملية لمحاولة الاتفاق على «الاتحاد العام لمقاولات»  وذلك بخلق كيان تابعة له وتخويلها الحق في تنظيم لقاء مع رجال أعمال أتراك في إطار زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، الى الرباط، وهو ما يشكل تسليم الاقتصاد المغربي الى تركيا.

وأدى استياء العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أداء حكومة العثماني في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وفي الاستجابة للغضب الشعبي إلى تعديل في حكومة العثماني في أكتوبر 2019، التعديل أدى إلى إضعاف موقف الحزب ، مما يؤشر على سقوط الاخوان في الشارع المغاربي.. فهل يسقط الاخوان انتخابيا في عام 2021 .

 حركة النهضة.. رقصة السقوط

في تونس كان المشهد اكثر دراماتيكية، من سيطرة  حركة النهضة بزعامة الغنوشي، على المشهد السياسي والبرلمان والحكومة وايضا الرئاسة عبر منصف المرزقي، إلى المطالبة الشعبية بإسقاط الاخوان ورحيلهم عن السلطة، وهو نتيجة لسياسية الاخوان، وتردي الاوضاع الاقتصادية وغياب العدالة ومحاولة حركة النهضة «أخونة» المؤسسات الحكومية والشارع التونسي.

في 2011 وبعد سقوط نظام بن على، وعلى إثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، فازت حركة النهضة ب89 مقعدا من أصل 217 ، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وأطلق عليه الترويكا.

وتشير الأرقام إلى تراجع كبير في نسب إخوان تونس بالبرلمان، حيث حصلت في 2014 على 70 نائبا بينما الآن لها 54، وهو ما يشكل هزيمة للإخوان تونس في الشارع السياسي.

فعلى المستوى السياسي، يلاحظ اليوم انسداد تام في عمل الحكومة الحالية التي بقيت مرتهنة لتحالف برلماني غير طبيعي بين حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس، الذي سبق واتهمه الإسلاميون بالفساد، ثم ائتلاف الكرامة المتهم بالعنف والدعوة للكراهية وبتبييض الإرهاب، وهو ما انعكس بتصاعد غضب الشارع التونسي ضد الاخوان والتي كان ابرزها قيادة رئيسة الدستوري الحر عبير موسي، تظاهرات قوية ضد حركة النهضة، وتحركاتها أكثر من مرة لإسقاط الغنوشي عن رئاسة البرلمان التونسي، ووصف «موسى»  فترة حكم الاخوان على مقاليد السلطة في تونسي بـ«سنوات الخراب».

الوضع الاقتصادي اصبح في أسوء حالاته في تونس، فنسبة البطالة ارتفعت من 14% سنة 2010 إلى 18% سنة 2020، كما أن نسبة المديونية قفزت من 25% من الناتج الداخلي الخام سنة 2010 إلى 100% العام الجاري، وتونس اليوم يتهددها شبح الإفلاس إذا ما تشدد المانحون في توفير جزء مهم من الميزانية العمومية لهذه السنة. هذا دون الحديث عن تفاقم مستوى البطالة وتراجع الخدمات ومختلف مؤشرات التنمية.

يأتي ذلك بينما وصل عدد المنقطعين عن التعليم إلى 100 ألف طالب كل عام، وغادر 100 ألفاَ من الأطقم الطبية (الأطباء والممرضون والتقنيون) البلاد خلال 10 سنوات، وبلغ معدل الجريمة 386 في اليوم الواحد وغادر 8 آلاف متطرف تونس نحو مناطق النزاع في الخارج، ما شوّه صورة البلاد.

وعلى مستوى الوضع الامني وفي ظل علاقة حركة النهضة بالجماعات الارهابية، فقد بلغ عدد شهداء الأمن والجيش في تونس برصاص الإرهابيين حوالي 300 شهيد، إلى جانب الاغتيالات السياسية التي طالت عضوي الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للإخوان.

 الجزائر.. مهادنة مع النظام

يشكل التيار الاخوان في الجزائر عبر اذرعه السياسية المختلفة وابرزها «حركة مجتمع السلم- حمس» حالة مختلفة من المهادنة  مع الشارع او عبر لعبة معارضة تترك الأبواب مفتوحة مع النظام.

ومع تصاعد زخم الاسلاميين، وحاول اخوان الجزائر في عدة مناسبات ابرزها الحراك الشعبي الذي طالب بعدم ترشح عبد العزيز بوتفليقة لرئاسة جديدة، ونجاح الجيش الجزائري بقيادة الجنرال الراحل أحمد قايد صالح  في التمسك بالدستور وانقاذ بلد المليون شهيد من سطوة الاخوان.

وشارك «حمس» في حكومة (2002-2012)، وعبر المهادنة والصفقات مع نظام بوتفليقة، وبعد 2012 ومع ارتفاع حظوظ الاخوان في المنطقة ودول المغرب العربي، تحول «إخوان الجزائر» إلى المعارضة واللعب على الشارع الجزائري من أجل لحظة الانقضاض على الحكم.

وفي الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزائر في 2012، شارك تحالف اخواني «تكتل الجزائر الخضراء» وضم حركة مجتمع السلم، حركة النهضة الإسلامية، حركة الإصلاح الوطني، وحصد التكتل على 49 مقعدا من 462 مقعدا بالبرلمان الجزائري.

كذلك دخلت حركة «حمس» في تحالف انتخابي مع جبهة التغيير، خلال انتخابات 2017، وحصد التحالف على 33  مقعدا، وهو مؤشر على عدم ثقة الشارع الجزائري في خطاب الاخوان.

ويرى مراقبون أن الانتخابات التشريعية الجزائرية 2022، قد تشهد مفاجأة بتراجع حظوظ إخوان الجزائر، في ظل فشلهم عبر وقف تمرير الدستور الجزائري الجديد.

و أصدرت «حمس» بيانا تدعو الشعب للتصويت بـ «لا»  على التعديلات الدستورية في نوفمبر 2020، ودخل حيز العمل به في مطلع 2021.

يبدو طبخات «إخوان الجزائر» للوصول إلى الحكم والمسك بخيوط السلطة في «قصر المرادية» الرئاسية، فشلت.. فهل ستشهد الانتخابات القادمة نهاية الاخوان؟

 

إخوان موريتانيا..

حال إخوان موريتانيا لا يختلف كثير عن اخوان الجزائر، فقد  سعى حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، عبر طرق عدة سواء ابتزاز النظام الحاكم او استغلال الحراك الشعبي، او لعبة الصفقات للوصول الى السلطة، ولكن لم يقدر له النجاح في كثير من مساعيه وخططه.

وحصل حزب تواصل الاخواني على 14 مقعدا في البرلمان في آخر انتخابات تشريعية في موريتانيا، ليحل ثانيا خلف حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

وشكل العقد الاخير نجاحات على مستوى الحضور السياسي للاخوان في موريتنيا ، ولكن مع العامين الاخريين 2019 و2020، شهد تراجع كبير للحزب لما شهده التنظيم من أحداث ضربت صميم وحدته الداخلية كان في مقدمتها توالي موجات الانسحاب والانشقاقات ووثائق رسمية تكشف فساد حكمهم بالبلديات.

فقد هاجم الرئيس السابق لحزب «تواصل» الإخواني محمد جميل منصور، خلفه في قيادة الحزب محمد محمود السييدي، واصفا إياه بانتهاج «القياس الفاسد».

وسعى الاخوان لمغازلة الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، لتسقطه بين صفوف المعارضة وتكشف عن انتهازية الحزب ومساعيه لعقد صفقات من أجل السلطة والبقاء في المشهد السياسي.

في حوار خاص.. للبوابة المفكر المغربي الكبير سعيد اناشيد

  • ·       الإخوان.. أغرقوا المغرب في مستوى غير مسبوق من المديونية الخارجية
  • ·       الإخوان.. دمروا الجمعيات الثقافية، أضعفوا العمل الفني، واستصغروا القضايا الوطنية مقابل قضايا بعيدة عن الوطن

حوار – روبير الفارس

يؤكد المفكر والباحث المغربي الكبير سعيد اناشيد دائما  ان جماعة  الاخوان المسلمون ككل  جماعات الإسلام السياسي  تعمل على أساس تسييس الدين، ما يعني تبذير الإرث الروحي للشعوب المسلمة في معارك الصراع على السلطة. وبذلك نجحت في تدمير البعد الروحي للدين ليعني أنّ خراباً روحيّاً ينتظر الشعوب التى تحكمها  إنّه خطر العدمية الشاملة بلغة اخري وفي هذا الحوار يرصد بكلمات دقيقة واوصاف وافية الثمار الشريرة للاخوان  في المغرب .

طوال تاريخهم ماذا قدم الإخوان للمغرب وهل استفاد منهم في شيء؟

 الإخوان قدموا للمغرب الأسوأ، دمروا الجمعيات الثقافية، أضعفوا العمل الفني، استصغروا القضايا الوطنية مقابل قضايا بعيدة عن الوطن، وعندما وصلوا إلى الحكم عملوا على تمرير أسوأ قرارات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بدعوى سياسة التقشف، وبذلك دمروا الطبقة المتوسطة، أضعفوا القدرات الشرائية للمواطنين، وأغرقوا المغرب في مستوى غير مسبوق من المديونية الخارجية.

 كيف دعمت جماعة الإخوان التجمعات الإسلامية الأخرى بمنهج العنف والإرهاب؟

 منذ ما كان يعرف بالجهاد الأفغاني لعب الإخوان دورا أساسيا في تنشيط حركة الالتحاق بأرض الجهاد الأفغاني مستفيدين من تساهل السلطة، وأثناء ما كان يسمى بـ"الربيع العربي" دعموا العنف المسلح ضد بعض الأنظمة، بكل ما يعنيه ذلك من تحالفات مع السلفية الجهادية، واليوم تتجلى أداتهم الأساسية لمواصلة التحريض في ما يسمى بالكتائب الإلكترونية، التي أسسها الإخوان ودعموها بالأموال والروابط "الذباب الاليكتروني "، لكي تمثل نوعا من الذراع الضاربة للحزب الإخواني في المغرب.

 دخلت جماعة الإخوان البرلماني المغربي فماذا أنجزوا في البرلمان وهل قدموا أشياء ذات قيمة ؟

معظمهم ينام في جلسات البرلمان، ولا يستيقظ إلا حين يكون النقاش حول الحريات الفردية، وذلك لكي يمنع ما يريد منعه في هذا الإطار، بدعوى حماية الإسلام (لكن ممن؟ )، فلم يعرف عن أحد منهم أي اجتهاد من شأنه أن يدفع بالبلد إلى الأمام. وطبعا طالما ليست لديهم مقترحات فإنهم ينتظرون التعاليم من المؤسسات المالية الدولية أو من الدولة العميقة، والمصيبة أنهم بعد ذلك يدعون المغلوبية لغاية التغطية على عجزهم.

 كيف ترى المشكلة هل في جماعة أصولية تمتطي صهوة أسلوب حديث في الحكم فيكون المنتج الطبيعي الفشل أم غياب المنهج وروح الحداثة؟

تقوم الحداثة على قاعدة أن يحكم الإنسان نفسه بنفسه سواء في الإطار الفردي أم الجماعي، وأن يكون النوع البشري سيد نفسه في هذا الكون، أو على الأقل تكون السيادة مكانا فارغا يملؤه الإنسان رويدا رويدا، وتبعا لتطوره العلمي والأخلاقي، لذلك حين يدعي تيار إيديولوجي معين أن الإنسان محكوم بأوامر قادمة من خارج الإنسان ومطلقة، فإنه يكون بذلك النحو تيارا مضادا للحداثة.

 هل اكتشف الشعب المغربي فشل هذه الجماعة عند محك التجربة أم ما زالت تخدعه بالشعارات البراقة؟

الإجابة لن تكون بسيطة لأنها مركبة، فمن جهة أولى أدركت الغالبية العظمى من الشعب المغربي أن الأمر يتعلق بتيار يتاجر في المواقف والمبادئ والدين وكل شيء، وذلك من أجل هدف واحد هو البقاء في السلطة، لكن من جهة ثانية لا يزال الإخوان يمتلكون قاعدة انتخابية صلبة ومنضبطة رغم صغر حجمها، وهي أمام تشرذم الآخرين لا تزال تمثل رقما صعبا داخل المعادلات الانتخابية. من حسن الحظ أن منطق الدولة منحاز للخيار الحداثي، وتكمن معضلته الباقية في غياب قاعدة اجتماعية حاملة للمشروع، ثم أن النظام الانتخابي عندنا لا يتيح فرصة هيمنة تيار محدد على كامل المؤسسات المنتخبة، وتكمن معضلته الباقية في غياب أحزاب حداثية تجسد خيار الحداثة بالشجاعة المطلوبة، والحكمة المرجوة.

علاقة إخوان المغرب العربي بالتنظيم الأم

فاطمة عبدالغني

رغم محاولات طمس الوقائع والحقائق التي تؤطر لارتباط إخوان المغرب العربي "التنظيمي" بالجماعة الأم، إلا أن التاريخ له أحكامه الخاصة ومنطقه الصارم في الحكم على مواقف جماعة الإخوان وكشف أجندتها السياسية وحقيقة مخططات "التمكين" للوصول إلى السلطة.

وفي الوقت الذي تتناسل فيه العديد من الشهادات والتعبيرات السلوكية التي تؤكد وتقطع يوما بعد يوم بوجود ارتباط عضوي وتنظيمي وإيديولوجي، إلا أن قيادات الإخوان في المغرب العربي تنكر ارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

وتمثل حالة إخوان تونس والمغرب أهمية خاصة، فحزب النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب لا ينكرا أنهما كانا يتبنيان المشروع الإخواني في مرحلة سابقة، ويدعي كليهما أنهما تجاوزا الفكر الذي يقف من وراء هذا المشروع، ولم يعد ثمة ما يربطهم به سوى الاتفاق حول تبني المرجعية الإسلامية في الحكم.

ولكن حتى إدعائهما بقطع الروابط مع الفكرة والتنظيم الأم يظل محل شك كبير لأسباب عدة. أولها، تبنيهما لشعارات غامضة ومعممة على شاكلة شعار الإخوان "الإسلام هو الحل"، حيث يتبنيان شعارا مماثلا وهو "الحكم بمرجعية إسلامية". فمثلما عجز الإخوان التقليديين عن تقديم مشروع واضح لكيفية حل المشاكل الثقافية والاقتصادية والاجتماعية عن طريق مرجعية الإسلام هو الحل، ما يزال الإسلاميون الذين يدعون تجاوزهم لفكر وأيدولوجية الإخوان عاجزون عن شرح معني "الحكم بمرجعية إسلامية" على نحو يحدد موقفهم من شكل الدولة ودور رجال الدين في الحكم، وقضايا عديدة مثل حرية العقيدة وحقوق المرأة، وغيرها. ثاني الأسباب التي تشكك في فكرة تجاوز الحزبين لفكر جماعة الإخوان أن كليهما يحرص على المشاركة أو دعوة عناصر محسوبة على الإخوان والتنظيم الدولي في تظاهرات عدة. وعلى سبيل المثال، كشف الباحث المغربي إدريس الكنبوري، عن العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وبين حركة التوحيد والإصلاح التي انبثق عنها الحزب، بقوله: في جميع المؤتمرات التي يعقدها الحزب أو الحركة تتم دعوة أشخاص من الإخوان المسلمين المصريين والحركات الإسلامية الأخرى، والأمر نفسه بالنسبة إلى مؤتمرات هذه الحركات. والفلسفة الكامنة وراء هذا الحضور هي الوقوف على سير الأمور في أفق وضع تقارير حول الوضعية العامة للحركات الإسلامية في مختلف الأقطار، وتبادل الخبرات والمصالح، وتنسيق المواقف في ما يجب أن يتم فيه التنسيق، وطبعا مع ترك هامش لكل تنظيم محلي للاشتغال وفقا للقوانين المحلية وأوضاع البلد.

وفي تونس شهد حزب النهضة انقسامات على خلفية ابتعاد الحزب عن مرجعيته القريبة من فكر الإخوان المسلمين رغم كل ادعاءات التجاوز، فالجناح المحافظ القريب من الفكر التقليدي للإخوان أعرب عن امتعاضه من تقديم الجناح المسمى بجناح "لندن"، والذي يقوده الغنوشي، لمزيد من التنازلات لصالح الحزب الحاكم بما يمس بمصداقية المرجعية الإسلامية للحزب، خاصة في قضايا جوهرية مثل قانون المصالحة مع السياسيين السابقين في نظام بن على. كما عبر الجناح المحافظ نفسه عن غضبه من دعوة الرئيس التونسي السابق قايد السبسي للرئيس عبد الفتاح السيسي في نوفمبر من العام 2017 لزيارة تونس معتبرين سكوت الغنوشي عن ذلك، وهو شريك في الائتلاف الحاكم، بمثابة خيانة لما ادعوه من إراقة دم إخوانهم في مصر، بحسب زعمهم.

أما فيما يتعلق بالجزائر فبحسب تقرير سابق لموقع بوابة الحركات الإسلامية اختارت جماعة الإخوان الإرهابية في مصر ألا تحسم موقفها من حركة مجتمع السلم "حمس"، التى ظلت تمثل جناح الإخوان في الجزائر رسميا منذ إنشائها 1990، وحركة الدعوة والتغيير، ورغم إعلان المرشد العام للجماعة السابق، محمد مهدى عاكف في مارس 2009 ، إعفاء "حمس" من تمثيل الإخوان، لم تتوقف الاتصالات بين الجماعة الأم والحركة، التي انقسمت إلى شطرين بعد صراع طال بين قادتها أنذاك- رئيس الحركة "أبو جرة سلطانى" ونائبه الوزير السابق عبد المجيد مناصرة، وانفلتت معه الأوضاع داخل مجتمع السلم، ولم تُجد محاولات الصلح التى بذلها المرشد العام حينها- الأمر الذي عكس تضاربا إخوانيا، سواء من قبل مكتب الإرشاد أو من قبل قادة التنظيم الدولى في أوروبا.

وأعلن مهدى عاكف رفع غطاء الإخوان عن أكبر حزب إسلامى في الجزائر، قائلا في تصريحات صحفية في 28 مارس 2009 إنه بعث برسالة إلى الطرفين يقول فيها: "إنكم الآن لا تمثلون حركة الإخوان"، وهو الموقف الذى كرره للصحفى الجزائرى، أنور مالك ؛ حيث قال المرشد العام: "لا يوجد إخوان في الجزائر"، وإنما "حمس" جماعة تربت فقط على فكر الإخوان.

ورغم ذلك ظلت الاتصالات قائمة، خاصة في ظل الحرص الشديد الذى أبداه كلا المتسابقين على الفوز بشرعية الإخوان، هذه الشرعية التى تصبح في منظور أعضاء الحركتين لا معنى لها دون تزكية التنظيم الدولى لقيادة الإخوان، ما يجعل قادة الحركتين في قلق دائم من أمرهم توجسا من أن ينالها طرف دون الآخر، وفى إطار التحركات التى تقوم بها الأطراف القيادية الفاعلة في "حمس" لكسب ودّ قيادة الإخوان العالمية، لم تتوقف الزيارات التى يقوم بها الإخوان الجزائريون لعدد من مدن العالم، أهمها (القاهرة، ولندن، واسطنبول)؛ ويراهنون على الدعم المعنوي لمرجعية الإخوان، على أمل أن تتجاوز الحركة خلافاتها، مؤكدين أنهم يقفون على الحياد ولا يدعمون طرفا على حساب آخر.

أما في موريتانيا يدخل حزب "تواصل" في تبعية مباشرة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؛ حيث يستمد أفكاره ومرجعيته العقدية من أدبيات المرشد المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، ومقولات سيد قطب، وهو بمثابة الذراع السياسي للإخوان المسلمين في موريتانيا.

وبحسب مصادر مطلعة نسج تيار الإسلام السياسي في موريتانيا علاقات وثيقة مع الحركات الإسلامية الأخرى، فضلاً عن كون حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، يدخل في تبعية مباشرة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؛ حيث استثمرت فيه، وفق ما ورد في تقارير صحفية أشارت إلى التمويلات الضخمة التي نجح الحزب من خلالها في تكوين بنية اقتصادية، تمثلت في مؤسسات تجارية كبيرة، بالإضافة إلى أموال الزكاة، وهو ما مكّن الحزب من الإنفاق الهائل على حملته الانتخابية الأخيرة، في سبتمبر 2018، ورغم ذلك مُني بهزيمة كبيرة.