بوابة الحركات الاسلامية : من المغرب إلى البحرين.. أذرع إيران المعربدة في المنطقة العربية (الجزء الثاني) (طباعة)
من المغرب إلى البحرين.. أذرع إيران المعربدة في المنطقة العربية (الجزء الثاني)
آخر تحديث: الأربعاء 19/12/2018 10:42 ص حسام الحداد
من المغرب إلى البحرين..
تناولنا في الجزء الاول أبعاد المخطط الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة وفرض هيمنتها وسيطرتها وتمديد مشروع ولاية الفقيه في كل من (المغرب، البحرين، الكويت، الإمارات، السعودية، لبنان، سوريا، قطر، أفريقيا)، وسوف نتناول في هذا الجزء الثاني من هذا التقرير التمدد التوسعي لإيران في (السودان، السنغال، العراق، تونس، الصومال).
السودان:
تعتبر العلاقة بين "حزب الله" والنظام السوداني قديمة جداً، وتعود تحديداً الى انقلاب الرئيس عمر البشير في العام 1989، وهي علاقة مشتركة تربط الطرفين منذ أن كان النظام السوداني في أيامه الأولى يعاني من غياب أي جهاز أمني قوي لحمايته، ولجمع المعلومات عن خصومه، مما اضطر النظام إلى إرسال عدد من الضباط للتدرب في إيران وفي معسكرات تدريب تابعة لـ"حزب الله" في سهل البقاع.
ظلت العلاقة بين النظام السوداني و"حزب الله" مرتبطة بالتدريب على يد الخبراء الإيرانيين، ولم تكن هناك علاقة اتصال مباشرة بينهما حتى تأسس المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي، والذي ضم "حزب الله"، ثم ترسخت العلاقة مع مواقف التعاطف والتضامن التي أبداها الحزب مع الحكومة السودانية عندما قصفت أميركا مصنع الشفاء للدواء في العام 1997، حيث صرح لـ"رويترز" أنذاك عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب عمار الموسوي، قائلاً إن "الضربات الاميركية على اهداف في السودان وأفغانستان، قد تدفع الى المزيد من الهجمات على المصالح الاميركية، واذا كانت الولايات المتحدة تعتقد انها بهذا الاسلوب تستطيع إرهاب العرب والمسلمين، فإن هذا العمل الوحشي ضد الابرياء سيذكي نيران المشاعر العدائية تجاه الولايات المتحدة".
ومنذ انقلاب النظام السوداني على المعسكر الإيراني، والمشاركة في عاصفة الحزم في اليمن ، و"حزب الله" يتوجس من أن يقوم نظام البشير بكشف المستور و إخراج أسرار الحزب التي يمتلكها الأمن السوداني، والتي يمكن أن تدين الحزب بالإرهاب في المحافل الإقليمية والدولية، ومن بين هذه الأسرار التي يخشى "حزب الله" تسريبها:
الشبكات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة للحزب في افريقيا، وأسماء الداعمين، وكذلك تورط عناصر الحزب في عمليات ارهابية في الدول العربية، حيث تبين من اعترافات المتهمين في خلية "حزب الله" في مصر، أن الحزب أقام معسكرات لتدريب المتعاطفين معه (أكثرهم من المصريين) على فنون التفخيخ، والتفجير، وكان عنوان هذا المعسكر هو تحرير فلسطين، وأسرار صفقات الأسلحة التي يملكها الحزب، خصوصاً أن البحرية الإسرائيلية استطاعت، وفق ما نشر موقع "الشاباك"، القبض على سفن محملة بالسلاح لصالح الحزب في سواحل السودان. والأنشطة غير المشروعة التي يقوم بها الحزب في افريقيا، خصوصاً أنه خلال العام الماضي احتجزت سلطات الجمارك السودانية، حاويات مخدرات مصدرها لبنان، وتم تفكيك والقاء القبض على أكثر من تشكيل عصابي يتاجر في المخدرات، ويقوده لبنانيون وسوريون، على الرغم من أن الحكومة السودانية لا تتحدث عن "حزب الله" كمتهم، وكذلك كانت عملية القبض على هذه العصابات بعد "عاصفة الحزم"، وفق ما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي! وكذلك التخوف من أن تقوم الحكومة السودانية بفضح أسرار قضية هروب السجين سامي شهاب، زعيم خلية مصر، حيث تبين أن من قام بتهريبه خارج  مصر أثناء ثورة 25 يناير، هي المخابرات السورية بعملية أمنية أدارها اللواء علي مملوك، عبر تأمين وثائق سفر مزورة، استطاع عبرها شهاب السفر من مصر إلى السودان ثم إلى بيروت. وهذا الأمر إن ثبت فسوف يزلزل قضية اقتحام السجون التي يتهم بها الرئيس الأسبق محمد مرسي، و قد يضيف اللواء علي مملوك كمتهم في تهريب السجناء، وهذه الرواية نقلتها نصا صحيفة السياسة الكويتية في العام 2011 عقب أسبوع من تنحي مبارك.
السنغال:
في 22 فبراير 2011م أعلنت السنغال قطع علاقتها الدبلوماسية مع جمهورية إيران بعد تحقُّقها مع أجهزتها الأمنية أن إيران أرسلت ثلاث عشرة حاوية مملوءة بالأسلحة الفتاكة المدمِّرة إلى المتمردين في جنوب السنغال.
وهذا ما يؤكد الاخبار والتحليلات المتداولة بأن إيران وضعت خطة لتشييع إفريقيا خلال خمسين سنة وهي التي تسمى (الخطة الخمسينية الخمينية)، فلما خلت منها مدة طويلة ولم تتحقق هذه الخطة مع ما أنفقوا في إفريقيا من ملايين الدولارات قالوا: (لا بد من استعمال العنف والقوة، ولا بد من زعزعة أمن المنطقة حتى يشتغل أهلها بالحرب الأهلية؛ كي نتمكن من تمرير عقيدتنا الشيعية الجعفرية في القارة).
فوضعوا خطة لإيجاد معسكرات بجنود أفارقة شيعيين مرتزقة باسم (حزب الله) مزودين بالأسلحة على غرار ما فعلوا في لبنان مع (حزب الله). فاختاروا دولتين في إفريقيا (وهما نيجريا والسنغال) لموقعيهما الاستراتيجيين في المنطقة، فنجحت محاولتهم في نيجريا لعدم استقرار أمنها، ولوجود حروب أهلية وقَبَلية ودينية منذ مدة؛ حيث وجدت الشيعة في زاريا في ولاية كادونا حركة شيعية مدججة بالأسلحة باسم (الحركة الإسلامية)؛ 
وفي السنغال، فلم يروا مكاناً أنسب من الجنوب؛ لعدم استقرار الأمن فيه، ولعدم سيطرة الحكومة السنغالية عليه كلياً، فتفاهموا مع المتمردين أن يأتوا بحاويات كثيرة من جميع أنواع الأسلحة المدمرة شريطة أن يخصصوا للمتمردين ثلثها، وتبقى البقية تحت تصرف حزب الله الشيعي الذي يؤسس في المنطقة. فوافقت حركة التمرد بكل ارتياح دون أدنى تردد لحاجتهم الماسة لها.
العراق:
تجسد الحالة العراقية قمة التدخل الإيراني في شئون الدول والشعوب، وتتعامل إيران مع العراق باعتباره الفناء "الخلفي" والامتداد الطبيعي لفرض سيطرتها وهيمنتها، وما أكثر التنظيمات والكيانات والجماعات المذهبية التي صنعتها إيران في العراق وبها أصبحت ايران لاعبا أساسيا ومحوريا في كافة الملفات العراقية بداية من الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلى اختيار الوزراء وتشكيل الحكومة.
تشكلت نواة كتائب "حزب الله العراقي" عقب سقوط بغداد في أيدي الاحتلال الأمريكي ومع تصاعد النفوذ الشيعي بعد الإطاحة بحكم صدام حسين، في هذا الوقت ظهرت كتائب تحمل اسم لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب السجاد وكتائب زيد بن علي، وجميعها ميليشيات مسلحة شيعية أعلنت تجمعها وتوحدها تحت اسم "حزب الله العراقي" في 2006، وقد كانت الأهداف المُعلنة لهذه التجمعات هي محاربة المحتل الأمريكي في ذلك الوقت، لكن خفايا نشأة هذه الميليشيات كانت أذرع إيرانية طائفية بالعراق، كما ظهر بعد ذلك.
استهدف "حزب الله" معكسر "ليبرتي" الذي يضم قوات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بنحو 50 صاروخًا، كما اتهم بقصف مناطق على الحدود السعودية وتنفيذ أعمال عسكرية ضد الكويت؛ مما أثار تساؤلات ومخاوف من امتلاكه قوة عسكرية كبيرة. 
شارك "حزب الله" في المعارك الجارية في سوريا، وسيطر على طريق بغداد- دمشق، إضافة إلى بعض الأماكن المهمة داخل سوريا.
 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 2 يوليو 2009 إدراج كتائب حزب الله وشخصية سياسية عراقية أخرى على لائحة الإرهاب، وبينت أن وزارة الخزانة الأمريكية قامت بتجميد أصول الكتائب، وأوضح البيان أن كتائب حزب الله تحصل على تمويل من فيلق القدس، كما اتهم حزب الله اللبناني بتقديم الدعم والتدريب والسلاح لكتائب حزب الله، مشيرا إلى أنه قام بتدريب عناصر في هذه المجموعة في إيران.
تونس: 
في أبريل الماضي 2018، كشف إعلامي ورئيس منظمة مختصة بمكافحة الفساد عن “شبكة تجسس” لحزب الله اللبناني في تونس، مشيرا إلى أن “جهاز الاستخبارات” التابع للحزب تمكن من رشوة نقابي أمني وعدد من النواب للحصول على معلومات حساسة تتعلق بالخطة التي اعتمدتها الحكومة لمكافحة الخطر الإرهابي القادم من بؤر توتر في سوريا والعراق.
وكتب الإعلامي ماهر زيد رئيس المنظمة الوطنية لمكافحة الفساد على موقعه الإلكتروني: “علم موقعنا (بوابة تونس الأولى لصحافة التحقيقات) من مصادر متعددة وموثوقة أن جهار الأمن الخارجي لتنظيم حزب الله اللبناني المسلح ينشط بكثافة في عدد من الأقطار العربية من بينها تونس. وتفيد ذات المصادر أن من بين الشخصيات التي ربط معها الجهاز علاقة منفعية الوجه النقابي السابق وعون الأمن المعزول عصام الدردوري (رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطنة) الذي عمل قبل عزله بفترة بإدارة مكافحة الإرهاب، والتي من بين واجباتها التصدي للخطر الإرهابي القادم من سوريا و لبنان بحكم الحرب الدائرة هناك منذ سنوات.
"وأضاف زيد" وقد تطورت علاقة جهاز أمن حزب الله اللبناني بمصادره في تونس عبر الوقت، حتى أصبح الحصول على المعلومات الأمنية الحساسة والوصول إلى هويات القائمين على مكافحة الارهاب القادم من الشرق والخطط الأمنية للتصدي لذلك في متناول الحزب الذي يدفع بسخاء مقابل تلك المعلومات الثمينة، والتي لا يمكن الوصول اليها إلا بتعاون أفراد على غرار عصام الدردوري بحكم موقعه الوظيفي السابق بوزارة الداخلية”.
يأتي هذا بعد أن خرجت تونس من سياق الرمادية السياسية في موقفها من حزب الله بداية يناير 2017، ورفعت تحفظها الذي بات متلازما مع كافة البيانات الختامية للاجتماعات الدورية لوزراء الداخلية العرب، حيث كثيرا ما كانت الوفود الرسمية التونسية ترجع احترازاتها إلى وضعية حزب الله صلب المشهدية السياسية والبرلمانية والاجتماعية في لبنان، إضافة إلى التوازنات والمعادلات الأمنية والعسكرية في الشرق الأوسط وتاريخ الصراع مع إسرائيل.
فبموافقة تونس ممثلة في كاتب الدولة للشؤون الخارجية صبري باشطبجي على القرار العربي رقم 8218 تكون الدولة التونسية قد كشفت عن الخيط الفاصل بين التكتيك السياسي والخيارات الاستراتيجية، ولئن كان التحفظ وليد ضغط من بعض الفاعلين في المجتمع المدني فإن الخطوط العريضة والقناعات الكبرى للخارجية التونسية تكرست في المصادقة والموافقة على اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا.
الصومال:
في يناير 2018، ذكرت صحيفة «سونا تايمز» الصومالية أن اجتماعًا سريًا عقد مؤخرًا فى تركيا، شارك فيه ضباط استخبارات قطريون وإيرانيون، وممثلون لجماعة «حزب الله» اللبنانية، بحضور مسئول رفيع فى القصر الرئاسى الصومالي، هو فهد ياسين، المقرب من الإخوانى الهارب يوسف القرضاوي، وذلك بهدف تشكيل جماعة إرهابية فى الصومال تمضى على درب «حزب الله».
ما ذكرته الصحيفة الصومالية يتناغم مع زيارة الرئيس التركي للسودان وتونس في نفس التوقيت، وبصحبته رئيس الأركان القطري في محاولة لتنشيط حركة الجماعات الإرهابية داخل الحزام الأمني الذى يطوق المنطقة العربية والممتد من موريتانيا غربا حتى جيبوتى على البحر الأحمر شرقا.
ووفقًا للخطة، فإن فهد ياسين الذي يشغل منصب المدير العامّ للقصر الرئاسي في الصومال والمعروف بأنه من المقربين من النظام القطري، يسعى إلى تنصيب موالين له في الحكومات المحلية التي تتمسك بمواقفها الرافضة لسياسات حكام الدوحة.
وأكد التقرير أن النظام القطري يشنّ جنبًا إلى جنب مع إيران وجماعة الإخوان الإرهابية الصومالية التي تطلق على نفسها حركة “الإصلاح” حربًا بالوكالة في الصومال.
وقال إن هذه الأطراف تسعى إلى “تأسيس جماعات مسلحة، قوية بما يكفي لبسط سيطرتها على البلاد بأسرها.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن النظام الحمدين الحاكم في قطر يقدم رعايته لـ ”حركة الإصلاح” الصومالية، وذلك من أجل استغلالها في العمل على نشر نفوذ الدوحة، وتعزيز حضورها الجيوسياسي في الصومال.
وأضافت أن المسؤولين القطريين يعملون مع قادة حركة “الإصلاح” الصومالية، على تشكيل جناحٍ مسلحٍ جديد يُجنَد (من بين صفوف) حركة الشباب (الإرهابية) ويُموّل من جانب قطر.
واتفق الأطراف المجتمعون على أن تكون الميليشيا المزمع تشكيلها، والتي ستتبع الإخوان، شبيهة بوضع حزب الله الإرهابي، وستتلقى تدريبها “على يد إيران في الصومال”.
وكشفت الصحيفة أن النظام القطري أنشأ “غرفة حرب” في سفارته في العاصمة الصومالية مقديشو، بهدف “تنسيق عمليات” القوة الإرهابية الجديدة.
وأشارت إلى أن ضباط استخبارات قطريين وإيرانيين يقودون فريقًا متخصصًا لدعم تلك القوة المسلحة، يضم القيادي البارز في حركة “الشباب ” زكريا إسماعيل، المعروف أنه كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات في الحركة.
فيما توقع خبراء أمنيون مقاومة إقليمية واسعة للمخطط القطري الإيراني باعتباره يوسع من دائرة الفتنة بالصومال، الذي بدأ يشهد استقراراً عقب انحسار دور حركة الشباب الإرهابية، فضلاً عن أن تشكيل قوى إرهابية جديدة من شأنه العصف بأمن بلدان المنطقة بأثرها، حسب توصيفهم.
ويهدف التشكيل الإرهابي الجديد حسب المسؤول رفيع سابق في الأمم المتحدة الدكتور أحمد إبراهيم إلى تغيير حكومات الأقاليم المناوئة لسياسة قطر؛ وهي منطقتا “جوبالاند” التي تتمتع بحكمٍ شبه ذاتي في جنوبي الصومال، و”جلمدج” التي تحظى بصلاحيات مماثلة في وسط البلاد، بجانب “أرض البنط” بشمال شرقي الصومال، والتي أعلنها زعماؤها دولة مستقلة من جانب واحد أواخر القرن العشرين.
فيما يرى الباحث في الشؤون الأفريقية د.أزهري بشير ان الحلف الإيراني-القطري الذي تشكل مؤخرا في ظل التحولات التي حدثت في السياسية الخارجية على المستويين الدولي والإقليمي يمكنه فعل أي شيء في سبيل سعيه للسيطرة على منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية، والتي تشكل محل أنظار مراكز القوى.
نستنتج من هذا أنه وفقا لنظرية "ولاية الفقيه" الشيعية التي تحكم طهران، والتي تجعل عاصمة الشر تعمل بكل الوسائل وعبر توظيف كل اطياف التيارات السياسية المذهبية والميلشيات المسلحة والإرهابية في تمرير مشروعها التوسعي والتسلطي على معظم الدول في المنطقة،  ليس فقط في منطقتنا العربية بل يصل المشروع التوسعي الإيراني عبر أذرعه المختلفة إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية، بتمويلات ضخمة وكبيرة يدفع (فاتورتها) المواطن الإيراني المثقل بالأعباء الاقتصادية و تضييق هامش الحريات العامة والشخصية.