من المغرب إلى البحرين.. أذرع إيران المعربدة في المنطقة العربية (الجزء الأول)

الثلاثاء 18/ديسمبر/2018 - 02:27 م
طباعة من المغرب إلى البحرين.. حسام الحداد
 
وفقا لنظرية "ولاية الفقيه" الشيعية التي تحكم طهران، والتي تجعل عاصمة الشر تعمل بكل الوسائل وعبر كل اطياف التيارات السياسية المناوئ والمتمردة علي الدولة المركزية في تمرير مشروعها التفتيتي للدول العربية، نرصد في هذا التقرير أذرع إيران التي تعبث في المنطقة بتمويلات ضخمة وكبيرة يتحملها المواطن الإيراني قبل صانعي القرار.
انطلاقا من المغرب :
في مطلع مايو 2018، أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي «ناصر بوريطة» أن المملكة المغربية، قررت قطع علاقاتها مع إيران بسبب الدعم العسكري لحليفها «حزب الله» لـ«جبهة البوليساريو»، الأمر الذي يفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول الدور والنفوذ الإيراني في منطقة المغرب العربي عموما والمملكة المغربية بشكل خاص.
وكشفت تقارير مغربية أن لإيران وحزب الله دورًا كبيرًا، في تنفيذ مخطط «المظلة الصامدة» وهو مخطط تدريبي جديد لميليشيات جبهة البوليساريو، يقوم على تدريب مقاتلي الجبهة على حرب العصابات ضد الجيش المغربي تحسبًا لفشل عملية التهدئة والجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، عبر توفير «حزب الله» المزيد من المدربين الذين سيتولون تدريب مقاتلي الجبهة على تجهيز الأنفاق وتطويرها من ناحية، ومن ناحية أخرى تدريبهم على حرب العصابات، فضلًا عن تزويد الجبهة بالسلاح اللازم، وبناء على ذلك اتخذت الرباط قرارًا بقطع العلاقات مع طهران حينها.
البحرين:
يعد حزب الله البحريني، أحد اهم الاستنساخ الايراني لحزب الله اللبناني، في أهم دول خليجية بالنسبة لإيران، فعلاقة مملكة البحرين بإيران منذ إعلان الجمهورية الإسلامية مرت بحالات من المد والجزر.. لكن علاقتها وموقفها من حزب الله لم يشهد يوما أي نوع من التقارب.
وفي أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979، بدأت إيران برعاية الأعمال الإرهابية في العديد من البلدان كوسيلة لتصدير ثورتها وتعزيز مصالحها الاستراتيجية. ويشير تقريرٌ صادر عن "وكالة الاستخبارات المركزية" الأمريكية حول الإرهاب المدعوم من طهران إلى أن البحرين كانت "مستهدفة بمؤامرة إرهابية" عام 1987، إلا أن النسخة التي رُفع عنها التصنيف من التقرير لم تشمل تفاصيل عن هذه الحادثة.
أعلنت البحرين (في منتصف أغسطس 2017) تفكيك خلية ارهابية لخلايا سرايا الأشتر  الذراع العسكري لجمعية الوفاء الاسلامي الشيعية المدعومة من ايران، مكونة من عشرة أشخاص يشتبه بتورطهم في تنفيذ أعمال إرهابية.
وقالت وزارة الداخلية البحرينية، في إطار الجهود الأمنية لمكافحة الإرهاب وتأمين السلامة العامة لكافة المواطنين والمقيمين ، أسفرت أعمال البحث والتحري عن الكشف عن خلية مكونة من عشرة أشخاص يشتبه بتورطهم في تنفيذ أعمال إرهابية ، يتزعمها المدعو / حسين علي أحمد داود « 31 عاماً، أحد قياديي تنظيم سرايا الأشتر، الذراع الإرهابي لما يسمى بتيار الوفاء الإسلامي، مسقطة جنسيته ، وهارب في إيران ، ومحكوم بالمؤبد في ثلاث قضايا إرهابية وحكم آخر بالسجن خمسةَ عشر عاما ومتورط في تشكيل العديد من الخلايا الإرهابية والتخطيط لتنفيذ جرائم إرهابية أدت إلى استشهاد عدد من رجال الأمن، ويدير خلايا إرهابية، وهو على صلة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني والمدعو مرتضى السندي.
وقد تم القبض على سبعة من عناصر هذه الخلية، والمقبوض عليهم هم: المدعو/ حسن مكي عباس حسن (27 عاما ، عامل )، مرتبط بالمدعو / حسين علي أحمد داود، ويعد المقبوض عليه الرئيسي ، مسئول عن صناعة العبوات المتفجرة لصالح تنظيم سرايا الأشتر ومنها العبوات التي تم تحريزها بمنطقة صدد بتاريخ ١٣ مارس ٢٠١٧ .
وأضافت الداخلية البحرينة في بيان لها: تلقى تعليمات من المدعو/ حسين علي أحمد داود بمواصلة نشاطه في صناعة المتفجرات، بجانب تخزين المواد المهربة من الخارج وإنشاء مخزن لذلك الغرض، متورط في قضايا صناعة وحيازة عبوات قابلة للتفجير وشارك في عمليات نقل وتصنيع العبوات الناسفة منذ عام 2013 وتلقى دروساً نظرية وعملية على كيفية صناعتها.
وقد تأسس تنظيم المقاومة الإسلامية في البحرين «سرايا الأشتر»، في مارس 2012، وهو تنظيم شيعي مسلح، يتلقى تدريبًا ودعمًا من إيران والجماعات الشيعية العراقية المربطة بالحرس الثوري الإيراني، ويُعتبر أحمد يوسف سرحان، 26 عاماً، واسمه الحركي "أبو منتظر"، وجاسم أحمد عبدالله، 39 عاماً، واسمه الحركي "ذو الفقار"، من مؤسسي تنظيم «سرايا الأشتر»، وهما "هاربان" ومتواجدان حاليا  في إيران.
الكويت:
حزب الله الكويتي، نشأ في بداية الثمانينيات بعد نشأة حزب الله اللبناني، واتخذ له أسماء منظمات وهمية، مثل: طلائع تغيير النظام للجمهورية الكويتية، وصوت الشعب الكويتي الحر، وقوات المنظمة الثورية في الكويت، وتأسس بمجموعة من شيعة الكويت كانت تدرس في الحوزة الدينية في "قم"، ويرتبط معظمهم بالحرس الثوري الجمهوري الإيراني، ويتدربون لديه، و «يُعد حزب الله - الكويت جزءاً لا يتجزأ من الحركة الشيعية الإيرانية بقيادة آية الله العظمى علي خامنئي، ويرى أن حكم آل صباح لا مكان له في الكويت»
وفي 30 نوفمبر 2018، أدانت محكمة الجنايات الكويتية، 13 متهماً بالتستر على خلية العبدلي والتخابر لصالحهم، وقضت المحكمة بحبس المتهمين ما بين 5 سنوات وسنة، ومن بينهم أمين عام التحالف الإسلامي حسين المعتوق بعد إدانته بإيواء المدانين في «الخلية» المتهمة بالتخابر لصالح إيران و«حزب الله»، وكانت النيابة العامة وجّهت إلى المعتوق والمتهم الثاني، تهم التخابر مع إيران بغرض تمكين المحكومين في قضية الخلية الفارّين من تنفيذ الحكم، من الهروب خارج البلاد بطريقة غير مشروعة، مما يضر بالمركز السياسي والدبلوماسي للبلاد.
ووجهت النيابة أيضاً إلى جميع المتهمين، تهم الإخفاء بأنفسهم، وبواسطة غيرهم، للمحكومين، وإعانتهم على الفرار من وجه القضاء مع العلم بذلك، كما اتهمت المتهمَيْن ال 13 وال 14 بعلمهما بارتكاب زملائهما الأول والثاني والثالث للجريمة.
ويترتب على هذا الحكم الغيابي، إلقاء القبض على جميع المحكومين ال 13 وتمكين دفاعهم من معارضة الحكم، والمثول مجدداً أمام المحكمة لتقديم الدفاع حسبما ينص القانون، وفي حال رفض المعارضة فلهم الحق في الاستئناف وكذلك الطعن أمام «التمييز».
الإمارات:
دولة الامارات العربية المتحدة كانت متيقظة طوال الوقت للحركات والأفكار المتطرفة وطبقا لما تتخذه من سياسات ونهج يحض على التسامح ونبذ العنف والطائفية، لم يكن حزب الله في الإمارات بنفس الثقل والقوة التي كان عليها في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت وملكة البحرين، بل كان الامر  أشبه بخلايا لم تحقق نجاحا، كما جاءت تشكيلها متأخرا عن الدول الثلاثة السالفة الذكر.
فالمواجهات بين الإمارات وحزب الله، ربما تكون بدأت متأخرة بعض الوقت، مقارنة بالمواجهات في الكويت والسعودية والبحرين، وكان اول مواجهة بين من قبل حكومة الامارات لخلايا حزب الله، قد بدأت في أكتوبر 2009، عندما اتخذت الحكومة الاماراتية قراراً بإبعاد عدداً من اللبنانيين العاملين لديها تضم ما بين 75 و100 مقيم بأبوظبي أغلبهم من أبناء الطائفة الشيعية؛ لعملهم مع حزب الله، ضمن خطة تجفيف مصادر الحزب بالإمارات.
ولكن بعد ثورات الربيع العربي في 2011، تصاعد العداء بين الإمارات وحزب الله، عقب اكتشاف خلايا تابعة للحزب في أكتوبر 2015، وتم تقديم المتهمين إلى المحاكمة.
وفي 8 فبراير 2016، عقدت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، جلسة نظرت خلالها في عدد من القضايا المتعلقة بأمن الدولة. في القضية الأولى، مثُل 3 متهمين، كندي ولبنانييْن، أمام المحكمة الاتحادية العليا بأبوظبي، بتهمة إنشاء وإدارة مجموعة تابعة لحزب الله اللبناني داخل الدولة، من دون ترخيص من الجهات المعنية، وفي 15 مارس 2016، بدأت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، النظر في خلية تابعة لحزب الله في الإمارات. وكشفت لائحة اتهام تلاها رئيس نيابة أمن الدولة، تفاصيل اتهام موظف إماراتي بتسليم حزب الله الإرهابي معلومات عسكرية خاصة بالقوات المسلحة الإماراتية وتعاقداتها، وضمت القضية التي يحاكم فيها 7 متهمين، توجيه الاتهام إلى إماراتي آخر بتهمة تسليم عنصر من الحزب الإرهابي معلومات متعلقة بوزارة الداخلية، تتضمن بيانات أصحاب المركبات المسجلة بالوزارة، بحسب ما نقلت صحف إماراتية محلية. وأبانت لائحة الاتهام في القضية ذاتها اتهام مصرية تعمل في شركة وطنية معروفة بتسليم عضو في حزب الله معلومات اقتصادية تتعلق بإنتاج أبوظبي من النفط، وخرائط تبين مواقع حقول البترول والغاز، فيما شملت الاتهامات الموجهة للمتهمين الباقين (عراقي و3 لبنانيين) اتهامات تتعلق بتسليم سر من أسرار الدولة لأعضاء تابعين لحزب الله الإرهابي، ويواجه متهمون في القضية ذاتها تهمة إنشاء وإدارة مجموعة ذات صفة دولية تابعة لحزب الله اللبناني الإرهابي دون ترخيص من الحكومة.
السعودية:
تعود بدايات حزب الله في السعودية إلى وقت مبكر عقب اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، وما تلاها من دعوات تحريضية من قبل آية الله الخميني لشيعة الخليج والسعودية بوجه خاص، للقيام بثورة مماثلة، وهو الأمر الذي وجد استجابة سريعة من قبل بعض المجموعات الشيعية المتطرفة، فتم تأسيس منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية برئاسة مرشدها حسن الصفار – أعلن تراجعه فيما بعد، قبل أن تتحول في وقت لاحق إلى منظّمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية.
بدأ تسييس الهوية الشيعية السعودية بعد أن جرى استيراد ولاية الفقيه بنسختها الشيرازية عبر أتباع السيد محمد الحسيني الشيرازي الذي كان سباقا إلى إحياء نظرية ولاية الفقيه في ستينات القرن الماضي، ودخول الحركات الدينية على خط التثوير الاجتماعي
وفي عام 1987 ظهر لأول مرة الجناح العسكري لمنظّمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية، تحت مسمى “حزب الله الحجاز”، حيث تم تجنيد مجموعة من الشيعة السعوديين الذين درسوا في مدينة قم الإيرانية بإشراف من ضابط مخابرات إيراني يدعى أحمد شريفي، وتولى الحزب بشكل أساسي عمليات التنسيق والتخطيط مع الحرس الثوري الإيراني من أجل القيام بعمليات التخريب والفتنة والإرهاب أثناء مواسم الحج.
في 2 مارس 2014، اصدرت المملكة العربية السعودية قائمة بالجماعات والتنظيمات الارهابية في المملكة، حزب الله السعودي، الذي ورد ضمن قائمة التيارات والأحزاب الإرهابية التي اعتمدتها السعودية.
لبنان:
وفق محللون مهتمون بالشأن اللبناني، فإن ميلشيات حزب الله الموالية لإيران، تسعي لاستمرار الجمود في المشهد السياسي مما يصب في مصلحة طهران الحليفة الكبرى للحزب الإرهابي التي تبقي لبنان ورقة معلقة لاستخدامها في محاولاتها الإفلات من أقفاص العقوبات الأمريكية أو أي ضغوط أخرى يخطط لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولا توجد أي مؤشرات في الوقت الراهن، لتشكيل الحكومة وبالأخص في ظل الصراعات مع حزب الله والتعنت التي تشهده المفاوضات بين الطرفين، وتمسك المليشيات بتوزير حلفائها السنة نواب "8 آذار" المعروفين بـ"النواب السنة المستقلين" الموالين للحزب والذين لا ينتمون لأي أحزاب أخري، وهو ما يرفضه بشدة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلا أن مواقف المسئولين في حزب الله بدأت تأخذ منذ أيام اتجاه تصعيدي تجاه الحريري وذلك عبر تحميله شخصيا مسئولية حل هذه العقدة السياسية.
ويرفض رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الاستسلام لضغوط حزب الله وحلفاءه داخل لبنان، وهو ما ظهر جليا في رفضه استقبال النواب المستقلين، وهو ما فسره مراقبون بأن في استقبال الحريري لهم اعتراف بكونهم كتلة سياسية وحزبية، وهو ما يتنافى مع طبيعة المشهد اللبناني بشكل عام.
ووفق تقارير صحافية، يحاول حزب الله تطويع الحريري وفرض شروطه عليه، وتضع المعلومات حول البديل في خانة الضغوط، مضيفة أن رئيس الحكومة المكلف لن ينصاع للضغوط.
ويري مراقبون، أن حزب الله يسعى إلى عرقلة جهود تشكيل الحكومة الجديدة، والدخول بلبنان فى فترة طويلة وممتدة من "حكومة تصريف الأعمال" لخدمة الأجندة الإيرانية وإضعاف لبنان والكتل السنية داخل بيروت بشكل لافت، فى محاولة للرد على العقوبات الأمريكية التى أضعفت الحزب الشيعى فى الآونة الأخيرة.
سوريا:
في أواخر نوفمبر الماضي 2018، حذر رئيس "هيئة التفاوض" للمعارضة السورية نصر الحريري من المساعي الإيرانية لإنشاء كيان يوازي "حزب الله" اللبناني داخل سوريا، تنفيذًا لسياساتها الاستراتيجية في دول المنطقة، خاصة في ضوء قيام إيران بإنشاء مواقع عسكرية عديدة ومقرات ومراكز تدريب في الجنوب السوري،  
ودعا الحريري في مؤتمر صحفي إلى "إطلاق خطة إقليمية لمواجهة إيران وتكثيف الأدوات الدولية من أجل وضع حد لنفوذها"، مشددا على أن طهران "جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل للقضية السورية".
ونوه الحريري إلى الأثار الإيجابية التي يمكن أن تترتب على أي قرارات أو أدوار أو محاولات لتقليم أظافر إيران وإضعافها عسكريًا أو أمنيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف طالب الحريري بـ"إطلاق خطة إقليمية لمواجهة إيران وتكثيف الأدوات الدولية من أجل وضع حد لنفوذها".
جاءت هذه التصريحات في ضوء الانتقادات الشديدة التي تواجه إيران بسبب تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعمها للجماعات المسلحة بالمال والعتاد نشرًا لمناخ الفوضى وعدم الاستقرار.
ففي إطار سعيها لتنفيذ أجندتها الرامية لبسط نفوذها على منطقة الشرق الأوسط، تراهن طهران على الميليشيات المسلحة متعددة الجنسيات في أكثر من ساحة، وتأتي تجربة "حزب الله" اللبناني لتشكل ورقة مهم ضمن خطة العمل الإيرانية، ومن أجل ذلك اتجهت نحو إعادة تدوير هذه الفكرة في إطار ما يعرف بـ"حزب الله" السوري.
وتعود فكره إنشاء "حزب الله" إلى الدعاية الكبيرة التي وضعتها طهران من أجل حشد المقاتلين الشيعة للالتحاق بساحات القتال في سوريا، إضافة إلى الإغراءات المادية التي دفعت للمقاتلين الذين قبلوا الالتحاق بهذه الجبهة، ومن منتصف 2012 وحتى منتصف 2013 ازدادت أعداد الميليشيات التي انضمت إلى صفوف القتال حيث بلغت حسب تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لأكثر من 30 ألف مقاتل غالبيتهم عراقيين إضافة إلى جنسيات أخرى أفغانية وباكستانية ويمنية وحتى أفريقية.
قطر:
علاقة قطر وحزب الله قوية ولكن بشكل غير رسمي، وتأتي عبر جماعة الاخوان المسلمين بصورة كبيرة، فقطر كانت أكثر الدول الخليجية دعما ماديا وسياسيا لحزب الله عقدا كاملا، هذا كان قبل الثورة السورية ومن المستبعد أن يكون قد بقي شيء من هذه العلاقة الخاصة. ولقد دخلت دولة قطر إلى المعادلة اللبنانية من بوابة حرب يوليو في عام 2006. آنذاك، لم يقتصر دورها على الدعم المعنوي أو وقف عند حدوده، بل تعدّاه دولياً ليشكّل قوة ضاغطة ساهمت في إنضاج القرار 1701 الذي أوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني
توسع دور قطر في بيروت وارتفع التعاون مع حزب الله، وذلك عقب سيطرة الحزب علي بيروت، ففي العام 2008 وبعد أحداث 7 أيار التي كادت تؤدي لحرب أهلية مذهبية، استضافت دولة قطر في حوار وطني جميع الأطراف اللبنانية، على صعيد "التوظيف" السياسي؛ أعطت زيارة أمير قطر للجنوب اللبناني 2010، دفعاً كبيراً للدعاية الإعلامية التي يتبناها "حزب الله" وحلفاؤه، والقائمة على أساس أن سوريا وإيران، مضافاً إليهما تركيا وقطر باتوا يشكلون محوراً إقليمياً في مواجهة محور "الاعتدال" العربي، ما من شأنه تغيير وجه المنطقة، بما في ذلك لبنان!.
تبقي العلاقات القطرية مع حزب الله جيدة، لذلك لم نر اي دور لحزب الله في قطر، كما حدث في السعودية والبحرين والامارات والكويت، وهو ما يفسر عدم تصنيف الدوحة لحزب الله كتنظيم ارهابي، والتزامها الصمت تجاه قرارات مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بتصنيف حزب الله كتنظيم ارهابي.
أفريقيا:
حزب الله اللبناني، ليس حزبًا محليًّا، بل له العديد من الخلايا الناشطة والفروع، ليس بالمنطقة العربية فقط ولكن أيضًا خارجها بما يخدم شبكة علاقات الحزب ويؤمن مصادر تمويله، كما تعد مناطق آمنة للتدريب والتسليح..
ولعبت الجاليات اللبنانية في عدد من دول القارة الإفريقية على وجود أرضية خصبة لزرع خلايا لحزب الله تساهم في التمويل والتسليح وجمع المعلومات، لتكون  له حديقة خلفية في القارة الإفريقية تؤمن له مصادر دخل، مع أي قرار لحكومات المنطقة العربية أو الأوروبية في محاصرة الحزب أو قطع إيران التمويل الكامل عنها.
وينشط الحزب في عدد من دول القارة الإفريقية وخاصة هذه المناطقة الغنية بالنفط والتي يوجد فيها جاليات لبنانية غالبيتهم ينتمي إلى المذهب الشيعي، ومتعاطفين مع حزب الله بطبيعة الحال عليها المذهب الشيعي، وهو ما شكل انتشارًا لهم مع دعم من قبل الحرس الثوري الإيراني في دول إفريقيا خاصة بمنطقة غرب القارة.
الحركة الإسلامية الشيعية.. "حزب الله" في نيجيريا، والتي أسسها الزكزاكي، عقب عودته من طهران، في أوائل 1980، لتكون هيئة جامعة لمؤيديه ولشيعة نيجيريا الذين يؤمنون بولاية الفقيه، التي تدعمها إيران، وفي نفس السّنة ألقى محاضرة أخرى على نفس المنوال بمدينة زاريا، فهكذا ذاع خبر الزكزاكي ودعوته في جميع أنحاء نيجيريا وخارجها، والزكزاكي، يعد تلميذ آية الله السيد طباطبائى مشرفاً على الحوزة العلمية في دولة غانا خلال الثمانينات من القرن الماضي.
وشكلت الحركة الإسلامية بقيادة الزكزاكي مليشيا عسكرية تطلق على نفسها مسمى (جيش المهدي)، وتقول تقارير أمنية نيجيرية إن مجموعة الزكزاكي تمثل الوجه الآخر لجماعة بوكو حرام الإرهابية النيجيرية المقربة من تنظيم داعش، ولهذه المجموعة عدد من المسلحين المدربين في إيران، وقد سبق أن هاجموا الجيش ورجال الأمن، كما شنوا هجمات ضد المسلمين السنة في عدة مدن شمالية في محاولة لإشعال حرب طائفية في البلاد.
وسبق لميليشيا إبراهيم الزكزاكي أن قامت بمحاولات عدة لاغتيال رئيس أركان الجيش النيجيري خلال 2015 ولكنه نجا من كل تلك المحاولات. 
وتقوم المليشيات العسكرية النيجيرية طوال الوقت بالتدريب على القتال، وهو ما كشفه المحلل السياسي النيجيري محمد كبير عيسى لأحد المواقع الإخبارية، لافتا إلى أن الحركة الشيعية باتت "دولة داخل الدولة"، وإنه يعلم أنها تقوم بإجراء تدريبات عسكرية لأعضائها، مما يكشف عن تدبير الشيعة لعمل ما في المستقبل، كما حذر من إمكانية نشر المذهب الشيعي في دول إفريقية أخرى انطلاقا من نيجيريا والتي يأتي إليها الكثير من التجار، في ظل اشتغال الشيعة بالتجارة وتأسيسهم منتدى التجارة لتعزيز نفوذهم الاقتصادي لتسهيل عملية نشر مذهبهم بين التجار الوافدين.
يتبع:
سوف نتناول في الجزء الثاني من هذا التقرير التمدد التوسعي لإيران في (السودان، السنغال، العراق، تونس، الصومال)

شارك