المحدث "محمد نصر الدين الألباني" بين مؤيد ومعارض

الجمعة 05/ديسمبر/2014 - 08:01 م
طباعة المحدث محمد نصر الدين
 
المحدث أبو عبد الرحمن محمد بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الأشقودري الألباني الأرنؤوطي المعروف باسم محمد ناصر الدين الألباني (1914 - 1999) باحث في شؤون الحديث ويعد من علماء الحديث ذوي الشهرة في العصر الحديث، له الكثير من الكتب والمصنفات في علم الحديث وغيره وأشهرها صحيح الجامع والضعيف الجامع وصفة صلاة النبي.
زار الكثير من الدول للتدريس وإلقاء المحاضرات، منها السعودية وقطر والكويت، ومصر، والإمارات، وإسبانيا، وإنجلترا، وألمانيا وأستراليا ولبنان. وتخصص الألباني في مجال الحديث النبوي وعلومه وتتلمذ على يديه كثير من الطلبة، ومنهم من غدا من باحثي الدراسات الإسلامية بعد ذلك، وله أكثر من 300 مؤلف بين تأليف وتخريج وتحقيق وتعليق، كما تعرض للاعتقال مرتين إحداها قبل عام 1967 لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها ابن تيمية، بعدها انتقل من دمشق إلى عمان بالأردن وأقام هناك حتى وفاته.
منح جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية لعام 1999 وموضوعها الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقاً وتخريجاً ودراسة لمحمد ناصر الدين الألباني تقديرًا لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجًا وتحقيقًا ودراسة وذلك في كتبه التي تربو على المئة، يراه البعض كأحد مجددي الإسلام في زمانه.

النشأة:

النشأة:
ولد محمد ناصر الدين الألباني في أشقودرة العاصمة القديمة لألبانيا، درس والده الشريعة في إسطنبول وعاد إلى بلده وأصبح أحد كبار علماء المذهب الحنفي هناك، لكنه اختلف مع توجهات الملك أحمد زوغو الغربية بعد منعه النساء من ارتداء النقاب، فهاجر هو وأسرته إلى دمشق ومعه ابنه محمد.
أتم خلالها الألباني دراسته الابتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق، ونظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، قرر عدم إكمال ابنه الدراسة النظامية ووضع له منهجاً علمياً مركزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم والتجويد والنحو والصرف وفقه المذهب الحنفي، واستطاع الألباني حفظ القرآن على يد والده برواية حفص عن عاصم ومن الكتب التي درسها له كتاب مختصر القدوري في فقه الأحناف، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي وبعض كتب اللغة والبلاغة. كما أخذ الألباني عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها، وأخذ يتكسب رزقه منها، وقد وفرت له هذه المهنة وقتاً جيداً للمطالعة والدراسة، وهيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية والاطلاع على العلوم الشرعية من مصادره الأصلية.

دراسته للحديث:

دراسته للحديث:
على الرغم من توجيه والده المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي وتحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث، فقد أخذ يتوجه نحو البحث عن الدليل واتباع السنة واشتغل بعلم الحديث، فتعلم الحديث النبوي في نحو العشرين من عمره متأثرًا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها محمد رشيد رضا، وكان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ العراقي مع التعليق عليه.
كان ذلك العمل بداية للألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث وعلومه شغله، فأصبح معروفًا بذلك في الأوساط العلمية بدمشق، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء، أما عن التأليف والتصنيف، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره، وكان من أول مؤلفاته كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد وهو مطبوع مرارًا، ومن أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضًا كتاب الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير ولا يزال مخطوطًا، وبعد فترة بدأ في إعطاء درسين أسبوعياً في العقيدة والفقه والأصول وعلم الحديث، وكان يحضر دروسه طلبة وأساتذة الجامعة، كما بدأ ينظم رحلات شهرية للدعوة في مختلف مدن سوريا والأردن، وحصل على إجازة من محمد راغب الطباخ لتدريس أحد كتب علم الحديث، كما اختارته الجامعة الإسلامية في المدينة لتدريس علوم الحديث لثلاث سنوات  وبعدها عاد إلى دمشق لاستكمال دراسته للحديث وعمله في المكتبة الظاهرية، حيث ترك محلّه لأحد أخوته.

مشايخه:

مشايخه:
كان أهم معلم وشيخ للألباني هو والده لكن وممن درس عليهم في صغره أيضًا صديق والده محمد سعيد البرهاني حيث درس عليه كتاب مراقي الفلاح في الفقه الحنفي وكتاب شذور الذهب في النحو، وبعض كتب البلاغة المعاصرة، وكان يحضر دروس محمد بهجة البيطار – عالم الشام - مع بعض أساتذة المجمع بدمشق.

اعتقاله:

في أوائل 1960 كان الألباني مراقبا من قبل الحكومة في سوريا، مع العلم أنه كان بعيدًا عن السياسة، وقد سبب ذلك نوعًا من الإعاقة له. فقد تعرض للاعتقال مرتين الأولى كانت قبل عام 1967 حيث اعتقل لمدة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها ابن تيمية  وعندما قامت حرب 1967 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين، فأفرج عنه، لكن بعدما اشتدت الحرب أعيد الألباني إلى المعتقل مرة ثانية، ولكن هذه المرة في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، وقد قضى فيه ثمانية أشهر، وخلال هذه الفترة حقق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري واجتمع مع شخصيات كثيرة في المعتقل إلى أن استقبله الأردن.

أعماله وانجازاته

كان للألباني أعمال وخدمات عديدة منها: كان يحضر ندوات محمد بهجت البيطار مع بعض أساتذة المجمع العلمي بدمشق، منهم عز الدين التنوحي، إذ كانوا يقرأون "الحماسة" لأبي تمام. اختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955، اختير عضوًا في لجنة الحديث، التي شكلت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا، للإشراف على نشر كتب السنة وتحقيقها. طلبت إليه الجامعة السلفية في بنارس - الهند - أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك لصعوبة اصطحاب الأهل والأولاد بسبب الحرب بين الهند وباكستان آنذاك. طلب إليه حسن بن عبد الله آل الشيخ وزير المعارف في المملكة العربية السعودية عام 1388 أن يتولى الإشراف على قسم الدراسات الإسلامية العليا في جامعة مكة، وقد حالت الظروف دون تحقيق ذلك.
كما اختير عضوًا للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1395 هـ إلى 1398 هـ. قدمت له دعوة من اتحاد الطلبة المسلمين في إسبانيا، وألقى محاضرة مهمة طبعت فيما بعد بعنوان الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام، زار قطر وألقى فيها محاضرة بعنوان منزلة السنة في الإسلام، انتدب من عبد العزيز بن باز رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء للدعوة في مصر والمغرب وبريطانيا للدعوة إلى التوحيد والاعتصام بالكتاب والسنة والمنهج الإسلامي الحق، كما دعي إلى عدة مؤتمرات، حضر بعضها واعتذر عن كثير بسبب انشغالاته العلمية الكثيرة. زار الكويت والإمارات وألقى فيهما محاضرات عديدة، وزار أيضاً عددًا من دول أوروبا، والتقى فيها بالجاليات الإسلامية والطلبة المسلمين، وألقى دروسًا علمية هناك.

مؤلفاته:

مؤلفاته:
للألباني مؤلفات وتحقيقات، ربت على المئة، وتُرجم كثير منها إلى لغات مختلفة، وطُبع أكثرُها طبعات متعددة ومن أبرزها، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، وصفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، أحكام الجنائز، آداب الزفاف، أداء ما وجب في بيان وضع الوضاعين في رجب، الإسراء والمعراج، الآيات البينات في عدم سماع الأموات، التوسل، تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، حكم تارك الصلاة، حجة النبي، صلاة التراويح، خطبة الحاجة، تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق، فتنة التكفير، فقه الواقع، نصب المجانيق، وغيرها.

وفاته:

وفاته:
تُوفي الألباني قبيل يوم السبت 2 أكتوبر 1999 في مدينة عمان عاصمة الأردن في حي ماركا الجنوبية، ودفن بعد صلاة العشاء، وعجل بدفنه لأمرين الأول: تنفيذ وصيته كما أمر، الثاني: الأيام التي حصل فيها موته والتي تلت هذه الأيام كانت شديدة الحرارة، فخشي أنه لو تأخر بدفنه أن تقع بعض الأضرار أو المفاسد على الناس الذين يأتون لتشييع جنازته فلذلك أوثر أن يكون دفنه سريعًا، بالرغم من عدم إعلام أحد عن وفاته إلا المقربين منهم حتى يعينوا على تجهيزه ودفنه بالإضافة إلى قصر الفترة ما بين وفاته ودفنه، إلا أن آلاف المصلين قد حضروا صلاة جنازته حيث تداعى الناس بأن يعلم كل منهم أخاه.

قالوا عن الألباني:

قالوا عن الألباني:
محمد بن صالح العثيمين:« فضيلة محدث الشام الشيخ الفاضل: محمد بن ناصر الدين الألباني، فالذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به - وهو قليل - أنه حريص جداً على العمل بالسنة، ومحاربة البدعة سواء كانت في العقيدة أم في العمل. أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه ذلك، وأنه ذو علم جم في الحديث رواية ودراية، وأن الله قد نفع فيما كتبه كثيراً من الناس من حيث العلم ومن حيث المنهاج والاتجاه إلى علم الحديث، وهو ثمرة كبيرة للمسلمين، ولله الحمد، أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به على تساهل منه أحياناً في ترقية بعض الأحاديث إلى درجة لا تصل إليها من التحسين أو التصحيح وعدم ملاحظة ما يكون شاذ المتن مخالفاً لأحاديث كالجبال صحة ومطابقة لقواعد الشريعة، وعلى كل حال فالرجل طويل الباع واسع الاطلاع قوي الإقناع وكل يؤخذ من قوله ويترك سوى الله ورسوله، ونسأل الله أن يكثر من أمثاله في الأمة وأن يجعلنا وإياه من الهداة المهتدين والقادة المصلحين وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه جواد كريم".
ربيع المدخلي :«ظُلِمَ هذا الرجلُ وما عرف حقه العربُ، رجلٌ ينقله الله من قلب أوروبا ويضعه في المكتبة الظاهرية أحسن مكتبة في الشرق ويعكف فيها ستين سنة ويقدِّم هذه الجهود العظيمة.» وقال أيضا: «عالم بارع في الحديث وعلومه والعلل وفي الفقه، فقيه النفس على طريقة السلف ولا يتكلم فيه إلاّ أهل الأهواء.»
عبد العزيز بن باز:  «ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل محمد ناصر الدين الألباني).

قالوا ضد الألباني

قالوا ضد الألباني
مفتي الديار محمد بن إبراهيم آل الشيخ أمر بفصل الألباني من الجامعة الإسلامية بالمدينة نتيجة اختلافه مع عدد من المدرسين في الجامعة.
حبيب الرحمن الأعظمي قال في كتاب له بعنوان الألباني أخطاؤه وشذوذه عن الألباني:
"ولازم ذلك أنه والله لا يعرف ما يعرفه آحاد الطلبة الذين يشتغلون بدراسة الحديث في عامة مدارسنا"
مسفر بن غرم الله الدميني رئيس قسم السنة سابقاً ورئيس الدراسات العليا حالياً بكلية أصول الدين بالرياض قال عن الألباني بأنه:
"تساهل في تصحيح الأحاديث الموافقة لرأيه وتساهل كذلك في تضعيف الأحاديث المخالفة لرأيه."
سفر الحوالي أستاذ ورئيس قسم العقيدة سابقاً في جامعة أم القرى قد قال عن عقيدة الألباني:
"والمؤسف مع هذا أن الألباني أخذ بكلام أهل الإرجاء المحض من غير تفصيل".

شارك