التمسك الحرفي بالمعنى الذي يشير إليه ظاهر النصوص الدينية، وإيثار الانكفاء على الماضي وحده كأداة للإصلاح وسعادة البشر، والتعالي الذي قد يصل إلى حد الازدراء للماضي والمستقبل.

مصطلح الأصولية غربي النشأة، والبداية الحقيقية لظهوره تقترن بالحركة التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وتدعو إلى التفسير الحرفي للكتاب المقدس وتجنب تأويله، وهو ما ينعكس على طريقة الحياة ونمط التفكير، حيث الوصول إلى مرحلة الجمود وإهمال العقل.

لا تقتصر الأصولية على دين بعينه، فالمفهوم قائم في الأديان السماوية جميعًا، وثمة أصوليات يهودية ومسيحية وإسلامية، والتعريف الأكثر دقة لمصطلح الأصولية يدور على هويتهم الموروثة، وتجنب اختلاطها بالوافد من المؤثرات والمعتقدات والممارسات.

ينصرف مفهوم الأصولية، في الاستخدام المعاصر الشائع على الصعيدين الإعلامي والسياسي، إلى الإسلاميين المتشددين في المقام الأول، ويذهب كثير من المؤرخين والباحثين إلى أن الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، هو أول وأهم من مهد عمليًّا للانتقال بالأصولية الدينية إلى الساحة السياسية، ثم تطور المفهوم عند أبي الأعلى المورودي وسيد قطب، وبالاتكاء على أفكارهما نشأت الحركات الأصولية الإسلامية المعاصرة، وبخاصة بعد هزيمة يونية 1967، التي صنعت حالة من الإحباط في العالمين العربي الإسلامي، وهيأت المناخ لظهور الأصوليين المتشددين الذين يقومون بعمليات عنف مزدوج، ضد الآخر غير المسلم من ناحية، وضد مجتمعاتهم الإسلامية المنحرفة -وفق تصورهم- من ناحية أخرى.