القرار الأممي في مواجهة "داعش".. المصالح فوق محاربة الإرهاب

السبت 21/نوفمبر/2015 - 01:16 م
طباعة القرار الأممي في
 
قرار دولي باتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القانون الدولي وشرعية الأمم المتحدة، في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي، يركز على وجود التنظيم في العراق وسوريا، فيما غابت ليبيا عن القرار والتي تعاني من وجود التنظيم.

قرار أممي بمواجهة "داعش"

قرار أممي بمواجهة
أجاز مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، للدول الأعضاء في الأمم المتحدة "أخذ كل الإجراءات اللازمة"، ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك في قرار صدر بإجماع أعضائه الـ15 بعد أسبوع على الاعتداءات، التي ضربت باريس وتبناها التنظيم.
وقال مجلس الأمن، في قراره، الذي أعدته فرنسا، إنه "يطلب من الدول التي لديها القدرة على ذلك أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة، بما يتفق والقوانين الدولية، ولا سيما شرعية الأمم المتحدة، في الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في سوريا والعراق".
وأضاف القرار، أن الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة مدعوة إلى "مضاعفة جهودها وتنسيق مبادراتها بهدف منع ووقف الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تحديدًا"، تنظيم "داعش"، وكذلك مجموعات مُتطرفة أخرى مرتبطة بتنظيم "القاعدة".
وفي قراره، اعتبر المجلس أنّ "داعش" يُمثّل "تهديداً عالمياً وغير مسبوق للسلام والأمن الدوليين"، مؤكّداً "تصميمه على مكافحة هذا التهديد بكل الوسائل".
ومع أن القرار لا يمنح بصريح العبارة تفويضاً للتحرك عسكريًّا ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، ولا يأتي أيضاً على ذكر الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة، إلاّ أنه بحسب السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر "يوفر إطاراً قانونياً وسياسياً للتحرك الدولي الرامي لاجتثاث داعش من ملاذاتها في سوريا والعراق".
ويدين القرار اعتداءات باريس، وكذلك أيضاً الاعتداءات التي شنّها منذ أكتوبر في كل من سوسة (تونس) وأنقرة وبيروت، إضافة إلى تفجيره طائرة ركاب روسية فوق سيناء.
وأصدر المجلس قراره بُعَيْد ساعات على الهجوم الذي نفذه مسلّحون على فندق في باماكو حيث احتجزوا أكثر من مئة شخص رهائن في عملية استمرت تسع ساعات، وانتهت بمقتل 27 شخصاً على الأقل، وتبنتها جماعة "المرابطون" المرتبطة بتنظيم "القاعدة".
ويدعو القرار أيضاً كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى "تكثيف جهودها" في سبيل منع مواطنيها من الالتحاق بصفوف التنظيم وتجفيف مصادر تمويله.
كما يلحظ القرار إمكانية فرض الأمم المتحدة عقوبات جديدة على قادة وأعضاء هذا التنظيم وداعميه.

ترحيب دولي

ترحيب دولي
ورحب الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، بإقرار المجلس لهذا النص الذي "سيساهم في حث الدول على القضاء على داعش".
بدوره اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في بيان أن هذا القرار "يدعو إلى تكثيف عملية التصدي لداعش، مُضيفاً أنّه "من المهم الآن أن تنخرط كل الدول بشكل حسي في هذه المعركة سواء أكان ذلك عبر العمل العسكري أو البحث عن حلول سياسية أو مكافحة تمويل الإرهاب".
كما رحّب بالقرار السفير البريطاني في الأمم المتحدة ماثيو رايكفورت، الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لشهر نوفمبر، معتبراً أنّه يمثل "دعوة بالإجماع إلى التحرك".
ولكن نظيره الروسي فيتالي تشوركين، اعتبر أن هذا النص لا يتضمن سوى "دعوة سياسية لا تغير المبادئ القانونية"، وذلك في انسجام مع الموقف الروسي التقليدي المُطالب باحترام سيادة الدول.
وكانت روسيا تقدمت من جهتها الأربعاء بمشروع قرار هو نسخة معدلة عن ذاك الذي كان رئيسها فلاديمير بوتين قدمه في سبتمبر الماضي.
المشروع الروسي لم يلق قبول الغرب؛ لأنه ينص على وجوب أن يتم التصدي للجهاديين في سوريا بالتعاون مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في حين أن واشنطن ولندن وباريس تريد رحيل الأسد في أسرع وقت ممكن في إطار عملية سياسية انتقالية لحل النزاع في سوريا.
وتستند الغارات الفرنسية في سورية إلى المادة 51 من شرعية الأمم المتحدة التي تعطي للكل دولة الحق في أن تدافع عن نفسها إذا ما تعرضت لهجوم.

القرار الأممي ومواجهة "داعش"

القرار الأممي ومواجهة
رغم أن القرار الأممي لا يمنح بصريح العبارة تفويضاً للتحرك عسكرياً ضد تنظيم "داعش"، إلا أنه خطوة في توجه دولي لمواجهة التنظيم الأكثر تطرفًا في الشرق الأوسط والعالم، ولكن يؤخذ علي القرار عدم تحديد خارطة طريق لمحاربة التنفيذ وهو ما يعتبر الحد الأدنى في مطالب الحكومات والشعوب التي تحارب "داعش".
فالتنظيم المتطرف يمتلك استراتيجية شاملة، عسكريًّا ومعلوماتيًّا واقتصاديًّا وأهداف على القائمة، فيما فشلت 40 دولة تشارك في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها بالقضاء على "داعش" منذ انطلاقه في نهاية 2014.
التحالف لم يحقق شيئًا ملموسًا في مواجهة التنظيم، وربما التدخل الروسي في سوريا أجبر التحالف الذي تقوده أمريكا في التحرك بصورة أكبر لمحاربة "داعش" في العراق وسوريا.
القرار الدولي غيب الجماعات الإرهابية الأخرى كتنظيم القاعدة وفروع في المنطقة العربية والعالم وخاصة جبهة النصرة في سوريا، وتنظيم القاعدة في اليمن وتنظيم القاعدة في المغرب العربي، وهو الجماعات الأكثر خطورة في العالم.
 لم يوضح القرار دور حكومات سوريا والعراق في مواجهة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى، وهو إذا يعطي حقًّا للدول في الدفاع عن أنفسها فكان لا بد من قرار أممي بدعم حكومتي بغداد ودمشق في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وهو ما يطرح تساؤلًا عن الواجهة السياسية في غياب الاستراتيجية الشاملة.
كما أغفل القرار "داعش" في ليبيا، وهي المتوقع أن تكون الفرع الأكثر شراسة لـ"داعش" خارج العراق وسوريا، ولم يتطرق إلى العملية السياسية وتناحر الجماعات المسلحة في البلاد؛ مما أدى إلى اتساع نفوذ "داعش"، مع حظر السلاح عن الجيش الليبي في مواجهة هذه الجماعات وهو جزء من المواجهة الشاملة التي غابت عن القرار الأممي.
القرار الأممي أغفل بشكل تام الشركات والحكومات التي تتعامل مع "داعش" بفرض عقوبات، متجاهلًا حجم الاقتصاد الذي يتمتع به التنظيم والشركات الدولية المتعاونة معه بشكل أو بآخر، وهي شركات تتبع أعضاء في الأسرة الدولية.
الخلاصة أن القرار جاء وفق إرادة سياسية وتخبط المصالح الدولية، والرؤية الاستراتيجية الشاملة، رغم العمليات المتتالية للتنظيمات الإرهابية، إلا أن التحرك المضاد من الدول الكبرى طغى عليه المصالح الخاصة لحكومات هذه الدول، وخاصة الغربية.

شارك