خبير ألماني: التدخل الأجنبي قد يزيد من حدة الانقسامات في ليبيا

الإثنين 15/أغسطس/2016 - 06:00 م
طباعة خبير ألماني: التدخل
 
اقتربت القوات الليبية الحكومية بدعم عسكري غربي من السيطرة على مدينة سرت، معقل تنظيم داعش في ليبيا. التدخل الغربي قد يساعد الليبيين على القضاء على داعش، لكن قد يزيد من حدة الانقسامات، حسب الخبير الألماني ميركو كايلبيرت. 
 تواصل القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية منذ ثلاثة أشهر عملية "البنيان المرصوص" لاستعادة مدينة سرت، معقل تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا. وتتلقى هذه القوات دعما جويا أمريكيا منذ مطلع أغسطس/آب الجاري. لكن الولايات المتحدة ليست الداعم الوحيد لهذه العملية، إذ أن دولا غربية أخرى تشارك لوجيستيا وميدانيا كإيطاليا وبريطانيا وفرنسا.

دويتشه فيله  حاورت الخبير الألماني ميركو كايلبيرت لتسليط الضوء على مدى قدرة القوات الموالية لحكومة الوفاق عن حسم معركة استعادة سرت من داعش، وكان هذا الحوار:
برأيك كيف يساعد التدخل العسكري الأجنبي وخاصة الضربات الأمريكية القوات الموالية لحكومة الوفاق في حربها ضد داعش؟
كايلبيرت: لقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية زيادة دعمها للقوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق في حربها ضد داعش في سرت، وهذا ما أعلنه الرئيس الأمريكي أوباما نهاية الأسبوع الماضي. هناك تأكيدات بشأن وجود فرق كوموندوز أمريكية على ارض الميدان. كما أن الولايات الأمريكية قد نفذت نحو29 ضربة جوية منذ مطلع أغسطس. فيما بعثت بريطانيا مجموعة من المراقبين إلى سرت لتنسيق تلك الضربات الجوية ما يجعلها أكثر نجاعة.
لكن لا بد من الإشارة إلى أمر هنا، القوى الغربية مترددة في زيادة دعمها لحكومة فايز السراج، لأنها لم تحصل لحد الآن على ثقة برلمان طبرق. ما يعني أنها ليست كاملة الشرعية. وهذا ما قد يشكل إحراجا كبيرا بالنسبة للولايات المتحدة والبريطانيين. وأعتقد أن هذه القوى لن تدفع بقوات إضافية، حتى ولو طلبت حكومة الوفاق ذلك بشكل رسمي. من جهة أخرى فقد غادر الفرنسيون مطار بنينا بعد مقتل ثلاثة من زملائهم من قبل "سرايا الدفاع عن بنغازي". وهي كتائب مدعومة من مصراتة. ما يعني أن أي تدخل خارجي قد يزيد من حدة الانقسامات. لذلك اعتقد أن أي تدخل عسكري أجنبي سيبقى محدودا. إلا أن الجيش الليبي لا يرغب في انتظار الحلول السياسية بسبب تزايد خطر داعش.

هل يعني ذلك أن نهاية "تنظيم داعش" الإرهابي في ليبيا قد اقتربت؟
لا، سيغير تنظيم "داعش" من تكتيكه، تماما كما حصل عند دحره من مدينة مصراتة. أعتقد أن "داعش" سيحاول استغلال الاضطرابات الاجتماعية في طرابلس لاستمالة واختراق جيل الشباب الغاضب هناك. بالإضافة إلى ذلك، هناك وضع اقتصادي متردي في ليبيا. كما أن حكومة الوفاق عجزت عن حل مشكلة انقطاع الكهرباء وتوفير السيولة المالية الكافية. وهذا ما يغذي بدوره التطرف.

برأيك هل يمكن للقوات التابعة لحكومة الوفاق القضاء على تنظيم "داعش" خاصة وأن فايز السراج قد أكد أن "بلاده ليست بحاجة لقوات أجنبية على الأرض"؟
القضاء على داعش دون قوات أجنبية على الأرض هو أمر غير ممكن. لأن الحرب ضد داعش في ليبيا صعبة. فالتنظيم قد تغلغل في بعض المدن والمناطق.

ماذا عن مرحلة بعد داعش؟ هل سيعود الاستقرار السياسي والوحدة الوطنية بين كل الفرقاء حسب رأيك؟
حانت ساعة الحقيقة في ليبيا. كل شيء وارد، إذ يمكن أن تندلع حرب من أجل حقول النفط التي يسطر عليها ابراهيم الجضران، كما من الوارد اندلاع حرب بين الشرق والغرب. السيناريو الجزائري يمكن أن يعاد في ليبيا، إذا ما اندلع صراع على السلطة في طرابلس بين مصراتة والقوى المتطرفة التي ترى في داعش حليفا. لا بد من تفادي انزلاق الأمر إلى هذه الحالة.

وهل تتمتع حكومة الوفاق برئاسة السراج بدعم شعبي كاف لتفادي ذلك؟
حسب اعتقادي، تتراجع شعبية حكومة السراج يوما يعد يوم. رغم أن السراج قريب من الشعب ويتمتع بصورة إيجابية خاصة في وسائل الإعلام. إلا أن البنوك تعاني من نقص فادح من السيولة كما أن مشكلة انقطاع الكهرباء لم تحل بعد. يطغى انطباع لدى الناس في ليبيا أن هذه الحكومة منقسمة وأنها تقع تحت رحمة الميليشيات. من جهة أخرى لم تدعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حكومة السراج بالشكل الكافي.

ما هو مصير ليبيا في ظل هذا الوضع؟
الوضع في ليبيا خطير جدا. في حال اندلاع صراع في طرابلس أو اشتباكات أخرى بسبب حقول النفط، فإنه من الممكن أن تنزلق البلاد إلى انقسامات حادة. ولا بد من الإشارة أن تنظيم "داعش" استفاد بدوره من هذه الانقسامات. لكن إذا ما تم القضاء على داعش، فإنه بالإمكان أن تظهر جماعات أخرى لتتصارع فيما بينها. هناك صراع رئيسي إيديولوجي في ليبيا يدور بين الجيش والميليشيات وبين الشرق والغرب. لقد استفاد المتطرفون الدينيون من الفراغ في السلطة. والصراع الحالي هو صراع من أجل السيطرة على الوزارات والثروات الطبيعية. ورحاها تدور بين ميليشيات مصراتة والجيش وداعش. لذلك من الضروري أن تبادر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لجمع كافة الأطراف الفاعلة على مائدة الحوار بما فيها الميليشيات والجيش وأيضا القبائل. فهي تتمتع بتأثير كبير. لا يجب استثناء أي طرف فاعل في الحوار، حتى لا يؤدي ذلك إلى تأزم الأوضاع أكثر.
حوار لدويتشه فيله

شارك