خبير ألماني: رفض أيديولوجية داعش الإرهابية لا يحدث بين عشية وضحاها

الخميس 01/ديسمبر/2016 - 01:01 م
طباعة خبير ألماني: رفض
 
ربع العائدين من مناطق الصراعات "الجهادية" يتعاون مع السلطات الألمانية، هذه هي الخلاصة التي توصلت إليها دراسة حول أسباب التطرف. خبير قضايا التعليم توماس موكه يتحدث عن جهود إعادة إدماج هؤلاء العائدين في المجتمع الألماني.
تناولت دراسة أجراها مركز المعلومات والخبراء المختص بمكافحة التطرف وجهاز الاستخبارات الألمانية الداخلية، بالتحليل سيرة نحو 800 من الإسلاميين العائدين إلى ألمانيا من مناطق الصراع "الجهادية" في الخارج والذين تتراوح أعمارهم بين 13 و62 عاماً.
وكانت إحدى نتائج الدراسة، التي تُصنف على أنها سرية، تؤكد أن ربع الجهاديين العائدين من مناطق الصراع "الجهادية" إلى ألمانيا يتعاونون مع السلطات الألمانية، كما نقلت صحيفة "دي فيلت" الألمانية الاثنين (29 نوفمبر 2016). وعلى خلفية هذه الدراسة أجرت دويتشه فيله مقابلة مع توماس موكه، مدير أعمال شبكة الوقاية من العنف الذي يدرس يهتم أيضاً بقضية العائدين من مناطق الصراع "الجهادية" إلى ألمانيا.
واحد من بين أربعة إسلاميين عائدين إلى ألمانيا يتعاون مع سلطات الأمن، وواحد من بين عشرة فقط يعود محبطاً وله أفكار أخرى، ولا يعكس هذا حصيلة إيجابية.
توماس موكه: لا يمكن تصنيف هذا العدد إلا بصعوبة. والتعاون مع أجهزة الأمن قد يكون سلوكاً تكتيكياً إذا ارتكب الشخص أعمالاً جنائية. وهذا لا يقود إلى الاستخلاص بأن شخصاً ما ابتعد فعلاً عن إيديولوجية متطرفة. لكننا نلاحظ - مقارنة مع دول أوروبية أخرى - أننا قادرون في ألمانيا على العمل بصفة مكثفة ومنهجية مع ما يسمون بالعائدين من سوريا، وفي بعض الولايات تمر الأمور بإيجابية. وعلينا انتهاز هذه الفرصة. يجب علينا أن نحاول إبعاد أي شخص عاد من هذا الوسط من خلال العمل التربوي، سواء أكان ذلك في وقت الفراغ أم داخل المعتقل. يجب علينا التحدث معهم. ويمكن القول بأن هناك نجاحات في حالات معينة، وفيما يخص الوضع العام لا يمكن الجزم بالنتيجة إلا بعد سنتين أو ثلاث.

لماذا يلجأ، حسب تجربتك، شباب من ألمانيا إلى جبهات الحرب الدينية المحتملة؟
يمكن أن تكون الأسباب متنوعة، لا يوجد نموذج تطرف تقليدي. قد يكون هؤلاء الشباب قد تلقوا عروضاً، في الوسط السلفي حيث يتم تلبية احتياجاتهم النفسية للأمن والتماسك والهوية. داخل هذا الوسط يتولد ضغط أخلاقي: "يجب عليك أن تفعل شيئاً، إخوانك وأخواتك يتعرضون للقتل". سبب آخر قد يكون الشعور بالغربة داخل المجتمع، مما يدفع إلى الشعور بضرورة تحقيق انطلاقة جديدة في الحياة. كما يوجد بالطبع أشخاص يشعرون بكراهية كبيرة لتفريغها هناك في أعمال عنف.

الدراسة التي كشفت مضمونها صحيفة "دي فيلت" ذكرت أن الإسلاميين في ألمانيا يتعلمون التطرف في وسط الأصدقاء وفي بعض المساجد. وبعدها يأتي الانترنت في المرتبة الثالثة، ماذا يعني هذا بالنسبة إلى عملكم؟
الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً داخل هذا الوسط. والشباب يتلقون في غالب الأحيان عروضاً من أقران لهم. والمتطرفون يحاولون إحداث شرخ بين الشاب ووسطه الاجتماعي ليتمكنوا من التأثير عليه بقوة. وبالتالي هناك حاجة إلى تواصل مباشر لإضعاف ميول التطرف. وهذا ما لا يحدث قليلاً داخل المعتقل الذي يقبع فيه العائدون بتهمة مساندة تنظيم إرهابي.
وأظهرت التجربة إلى حد الآن أنه يمكن العمل مع أولائك الشباب لفترة زمنية طويلة ليتخلصوا شيئاً فشيئاً من تلك الأيديولوجية.
هذا لا يحدث بين عشية وضحاها. فإذا قال لي شخص عائد لتوه من منطقة قتال بأنه يتبرأ من كل شيء، فهذا ليس له مصداقية. المصداقية تبقى مع عملية الابتعاد البطيئة.

7 بالمائة من مجموع الذين غادروا من ألمانيا لم يبلغوا، حسب الدراسة، سن الرشد. وأنتم تعملون بوجه خاص مع شباب. هل الشباب معرضون أكثر للسقوط في براثن التطرف؟
المتطرفون يبحثون دوماً عن مجموعات أشخاص قابلة للتأثير بسهولة. وهؤلاء هم مثلاً شباب يبحثون عن الهوية لأنهم في نزاع مع وسطهم الاجتماعي. والكثير منهم يتطرف ابتداء من سن الـ14، وأكبر شريحة تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً.
وفيما يخص مستوى التعليم، يجب التحلي هنا بالحذر: فهم ليسوا فقط أشخاصاً من أوساط متردية، فكل عائلة معرضة لأن يتلقى ابنها عروضاً من أوساط متطرفة. كما يمكن أن يطال أشخاصاً يبحثون عن الحماية. المتطرفون يحاولون أيضاً مخاطبة لاجئين أو أناس يعانون من ضعف نفسي لاستغلالهم من أجل تنفيذ أهدافهم.

أفادت الدراسة المعنية أن عدد الذاهبين إلى سوريا والعراق تراجع. هل هذا يعني أن التطرف تراجع في ألمانيا أيضاً؟
كلا، تراجع عدد الملتحقين بالجماعات في مناطق القتال، يعود لكثافة المواجهات العسكرية وإمكانيات العبور عبر الحدود لم تعد سهلة كما كانت عليه قبل سنة أو سنتين. ولكن هذا لا يعني بأن ظاهرة التطرف في تراجع. نلاحظ بالعكس أن هناك إقبالاً على الأوساط السلفية واليمين المتطرف. ولحسن الحظ يزداد عدد الجهات التي تقدم المشورة في هذا المجال، غير أنها تبقى غير موجودة بالوفرة المطلوبة.
حوار لدويتشه فيله

شارك