"الباسيج".. ذراع النظام الإيراني علي قائمة العقوبات الأمريكية

الخميس 18/أكتوبر/2018 - 02:05 م
طباعة الباسيج.. ذراع النظام أميرة الشريف
 
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية "مكتب إدارة الأصول الخارجية"، قائمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على حوالي 20 شركة ومؤسسة إيرانية و5 بنوك كبرى تشكّل شبكة تمويل لقوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني والذي يطلق عليها "قوات التعبئة الشعبية".
ووفق حيثيات القرار الأمريكي الجديد، التي نشرها موقع وزارة الخزانة الأمريكية، أن إحدى المهمات الأساسية التي تتولاها قوات الباسيج المتصلة هيكليًا بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، تتضمن تجنيد أطفال من إيران واليمن وأفغانستان وباكستان، بأعمار تترواح بين12 إلى 14 عامًا وتنشرهم في جبهات القتال التي تديرها في الشرق الأوسط.
الباسيج.. ذراع النظام
وأشار تقرير وزارة الخزانة إلى أن قوات الباسيج تجند أطفال المهاجرين الأفغان من أعمار 14 سنة، لينخرطوا مع فيلق الفاطميين الذي يعمل في سوريا تحت إمرة الحرس الجمهوري وفيلق القدس، كما يجري تجنيد الأطفال الباكستانيين لينخرطوا في فيلق "الزينبيون" الذي يحارب أيضًا في سوريا تحت إمرة الحرس الجمهوري، وفق ما جاء في تقرير الخزانة الأمريكية.
وتتشكل قوات الباسيج، من متطوعين من الرجال والنساء ويقترب قوامها من 100 ألف متطوع؛ اليد الضاربة للنظام الإيراني، وحائط الصد الأول له، ودائما ما تنبري لتنفيذ "مهام قذرة" مثل مواجهة المظاهرات الاحتجاجية في الشوارع بالقوة وحتى تزوير الانتخابات.
وتقدم قوت الباسيج خدمات تطوعية عدة داخل البلاد باعتبارها قوة مساندة للشرطة وأجهزة الأمن الأخري، وتتنوع أنشطتها لتشمل فرض الأمن الداخلي بالقوة، والتحشيد لدعم النظام، بالإضافة إلى العمل الاستخباراتي.
ووفق ما ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، تُعتبر "الباسيج" قوات شبه عسكرية قائمة على التطوع تمّ إنشاؤها في أعقاب ثورة عام 1979.
 وخلال الحرب الإيرانية -العراقية، اضطلعت بدورها الرئيسي المتمثّل بزيادة عدد أفراد «الحرس الثوري الإسلامي» من خلال توفير مجموعة من المتطوعين على المدى القصير، مما جعل أعضاءها يشتهرون بسرعة إما بكونهم من المخلصين الساعين إلى الشهادة أو هدفاً للمدافع يفتقرون إلى التدريب.
 ولم يتمّ دمج "الباسيج" بالكامل في هيكلية "دفاع الفسيفساء" الأمنية للمحافظات الخاصة بـ «الحرس الثوري الإسلامي»، حتى أواخر عام 2009 - بعدما ملأ متظاهرو "الحركة الخضراء" الشوارع احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية - حيث اكتسبت إطاراً مهنياً خاصاً بها في غضون ذلك.
وقد كان لهذه القوات، التي تشكلت بأمر من القائد السابق للثورة الإيرانية الخميني في نوفمبر 1979، الدور الأبرز في قع المظاهرات في 2009 التي اندلعت احتجاجا على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد للرئاسة.
وتم توجيه العديد من الانتقادات لقوات الباسيج بالوقوف وراء عملية تزوير نتائج الانتخابات في عام 2009، التي فاز بها أحمدي نجاد على خصمه مير حسين موسوي، الذي يخضع لإقامة جبرية منذ ذلك العام.
وذكرت وسائل إعلام أجنبية أنذاك، أن قوات الباسيج استولت على حواسيب إحصاء الأصوات من وزارة الداخلية بعد ساعات قليلة من انتهاء عملية الاقتراع، وطردت الموظفين منها وأخفت عددا من الصناديق.
وسبق أن استهدفت العقوبات الأمريكية الحرس الثوري الإيراني بعقوبات مالية وقانونية بسبب البرنامج الباليستي لطهران واتهامه بانتهاك حقوق الإنسان، لكن العقوبات الاقتصادية التي فُرضت يوم أمس، على الباسيج، جاءت معلّلة بكونه يستغل موارد إيران النفطية وثرواتها في تمويل ورعاية الإرهاب الذي يُشكل تهديدًا للمنطقة والعالم، هذا فضلًا عن نهج تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى الحرب في سوريا ابتداء من  عام 2015.
ويشير التقرير إلى أن قوات الحرس الثوري الإيراني (ويسمى بالفارسية باسدران) تصل لحدود 120 ألفًا، مع وجود تقارير أخرى ترفع العدد إلى 350 ألفًا، وكانت بداية تشكيل الحرس الثوري في مايو 1979 مع مجيء الخميني.
وفي عام 2007 جرى إلحاق قوات الباسيج بالحرس الثوري، وهو الذي يمتلك فروعًا في كل المحافظات والمدن الإيرانية ويتوسع كثيرًا في تجنيد الأطفال، كما قال التقرير.
الباسيج.. ذراع النظام
التقرير الأمريكي، أشار إلى أن الحرس الثوري ينخرط في مشاريع اقتصادية بعدة مليارات من الدولارات تتوزع على مجالات النفط والغاز والبنى التحتية، بما في ذلك مؤسسات مالية واستثمارية ضخمة تشمل طيفًا عريضًا من الأنشطة الإنتاجية والخدماتية بما فيها الإنشاءات والطرق والاتصالات.
ويتضمن الإجراء الذي أعلنه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات على الشبكات المالية لهذا الجهاز، مع تجميد أصول مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وعرقلة وصوله إلى النظام المصرفي الأمريكي.
وتضم قائمة العقوبات الأمريكية على الحرس الجمهوري والباسيج، حوالي 25 بنكًا وشركة ومؤسسة مالية وصناعية وخدمية، في مقدمتها مؤسسة الباسيج التعاونية بنياد تعاون باسيج التي تعتبر واجهة للتغطية على سيطرتها لشبكة من المصالح التجارية وخاصة في مجالات الصرافة والسيارات والتعدين.
وتضمنت قائمة العقوبات، كل من بنك ملت (الشعب) وبنك سينا، ومهر اقتصاد بانك،  وتدبير جران الاستثمارية وشركة نكتار للاستثمار، ومثلها انديشه مهوران الاستثمارية، وشركة إنتاج الزنك، وشركة صناعة الجرارات، وزنجان للأسيد، وقشم للزنك ومجموعة بهمن، وشركة تنمية صناعات الزنك، ومباركة للفولاذ، وكاليسمين للأسيد، وكذلك تكنوتار الهندسية.
وكشف بيان الخزانة الأمريكية إلى أن هذه الشركات التي تغطي هيمنة الباسيج على الاقتصاد الإيراني لها فروع وأنشطة في العديد من دول العالم، وأن العقوبات ستطال الأشخاص والمؤسسات الدولية التي تتعامل مع هذه الشركات الإيرانية.
ومن المقرر أن تفرض الولايات المتحدة نوفمبر المقبل المرحلة الثانية من العقوبات على إيران، في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع طهران في وقت سابق هذا العام. 
وستركز المرحلة الثانية من العقوبات التي تدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر المقبل على صادرات النفط الإيرانية والقطاع المالي، فيما تشير دلائل عديدة إلى أن المستوردين في أوروبا توقفوا عن الاستيراد من إيران.
وتستند فلسفة قوات الباسيج على تعبئة الشباب المؤيدين للنظام للاستعداد لمواجهة المخاطر المحدقة بالجبهة الداخلية للبلاد، ومن بينها الاحتجاجات التي تجتاح إيران حاليا.
وتخضع قوات الباسيج للحرس الثوري الإيراني، المعروف باسم "الباسدران"، الذي يخضع بدوره بصورة مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي، ويتحكم بقطاعات واسعة داخل البلاد.
وقالت مسؤولة أمريكية إن ميليشيا الباسيج هي مثال ساطع على طريقة الحرس الثوري والقوات الإيرانية في توسيع مشاركتهم الاقتصادية في الصناعات الرئيسية، مضيفة النفوذ الاقتصادي للباسيج في إيران هو بالضبط ذلك النوع من الأنشطة التي نحذّر الحكومات الأخرى والشركات منه.
كانت قوات "الباسيج" في الأصل وليدة أفكار آية الله روح الله الخميني الذي تصوّر تعبئة الحشود الإيرانية المظلومة في جيش يبلغ قوامه 20 مليون عنصر، وعندما لم تتحقق هذه الرؤية تماماً، تحوّلت تدريجياً إلى فيلق دولي من الشبان الشيعة المتدينين الذين تمّ تجنيدهم من خلال شبكة موسعة من الحوزات العلمية الدينية والجامعات، بهدف إنشاء "حضارة إسلامية جديدة" (على غرار مفهوم الجهاد السنّي القائم على إعادة الخلافة، ولكن مع تركيز أقل على الأراضي)، غير أن طهران لم تباشر تطبيق نموذج "الباسيج" في الخارج على نطاق واسع سوى منذ فترة ليست ببعيدة نسبياً، بدءاً في العراق وسوريا.

شارك