"الصراعات المذهبية".. استراتيجية إيرانية للتغلغل في المغرب العربي

السبت 29/ديسمبر/2018 - 04:52 م
طباعة الصراعات المذهبية.. كتب: حسام الحداد – هند الضوي – فاطمة عبد الغني
 
تقارير استخباراتية: عناصر الحرس الثوري دربت شيعة.. وإيران وحزب الله ينظمان تدريبات عسكرية لميليشيات جبهة البوليساريو

تواصل سلطة نظام الملالى فى إيران تحركاتها لتصعيد المد الشيعى بشكل لافت للنظر، فى دول المغرب الغربى وشمال أفريقيا عموما، فى غياب تام لاستراتيجية المواجهة، وذلك من خلال مشروع متكامل من جانب دولة إيران فى نقل التشيع إلى أقصى البقاع، ضمن خطة تصدير الثورة التى انطلقت بعد نجاح الثورة الخمينية.
الصراعات المذهبية..
كشفت تقارير استخباراتية دولية ومغربية، عن تدريب الحرس الثورى الإيرانى لشيعة مغاربة، الأمر الذى يؤكد مخاوف المغرب الدائمة من إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية فى طهران وحكم آيات الله، ومساعى تصدير الثورة للخارج، وزعزعة استقرار البلاد العربية والإسلامية.
وحسب مصادر أمنية مغربية؛ فإن عشرات الشيعة المغاربة خضعوا لتدريبات عسكرية فى معسكرات الحرس الثورى الإيراني، قبل انضمامهم إلى جبهات القتال، التى تشارك فيها قوات الحرس الثورى الإيرانى فى اليمن؛ حيث يواجه الحوثيون قوات التحالف العربي، وفى سوريا، وقبل ذلك فى العراق. وبشكل عام لا يمكن إغفال حقيقة انتشار التشيع فى كثير من المدن المغربية، وقد نجح المد الشيعى فى التغلغل فى المجتمع السنى المالكى بالمغرب لأسباب مختلفة فى مقدمتها النهج الإيرانى ومحاولاته «تصدير» نموذج التجربة الخمينية، والمهاجرين المغاربة الذين يتم استقطابهم للسفر والدراسة فى إيران.
وكشف تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية فى العالم، أن هناك ٨ آلاف مغربى يعتنقون المذهب الشيعي. وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن تزايد أعداد المغاربة الذين يتوجهون للعراق لحضور مناسبات دينية شيعية، وهو ما يعنى اعتناقهم للمذهب.

الصراعات المذهبية..

وذكر الباحث فى العلوم السياسية فى المغرب، الدكتور محمد بوشيخي، أهم ملامح حالة الشيعة والتشيع بالمغرب، ضمن تقرير الحالة الدينية بالمغرب بين ٢٠١٤ و٢٠١٥، والصادر عن مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، أن الشيعة المغاربة يعيشون ما سماها «حالة عزلة حقيقية» داخل الحقل السياسي، مبرزًا أن «التشيع بات يشكل عامل ريبة لدى مختلف مكونات الساحة المغربية». وسجل بوشيخى أن الحالة الشيعية بالمغرب، رغم وحدة انتمائها الظاهرى عمومًا للإمامية الجعفرية، تتسع لتشمل تيارات متنوعة بحسب اختلاف مرجعياتها الفقهية، وتقديراتها الظرفية والمرحلية، وطريقة تعاطيها مع الخصوصية الدينية المغربية، وتفاعلها مع الأحداث الوطنية والدولية.
ويتراوح الموقف الرسمى المغربى من قضية التشيع، وذلك حسب الظروف الإقليمية والدولية، ففى سنة ٢٠٠٩، وبعد أن قطعت الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، شنت السلطات الأمنية حملة موسعة ضد «التشيع»، أسفرت عن استنطاق عشرات المواطنين لاشتباههم فى اعتناق المذهب الشيعي، واعتقال آخرين متورطين فى نشر التشيع، كما تم إغلاق «المدرسة العراقية التكميلية» بالعاصمة لتوجيهها الأطفال لاعتناق أفكار شيعية، فيما أقدمت وزارة التعليم العالى على إلغاء حصص اللغة الفارسية بالمسالك الدراسية بكل الجامعات المغربية.

الصراعات المذهبية..
وأصدرت وزارة الداخلية المغربية، تعليمات بتنظيم حملات مراقبة على مختلف المكتبات العامة، ومصادرة الكتب التى لها علاقة بالفكر الشيعى أو بإيران وحزب الله اللبناني، وذلك بعد يوم من اتهام وزير الخارجية المغربى إيران بأنها تختبئ وراء منظمات ثقافية وغير حكومية فى محاولتها زرع العقيدة الشيعية فى البلاد. وكشفت الصحف المغربية عن أنه تم تشكيل لجان على صعيد الولايات والأقاليم لمحاربة جميع مصادر التغلغل الشيعى فى المغرب والقيام بحملات مراقبة ومتابعة كل ما هو مرتبط بإيران، على حد قولها. كما أشارت إلى أنه ستتم زيارة كبريات المكتبات فى مختلف المدن المغربية بقصد التفتيش والوقوف على حضور الكتاب الشيعى فى الساحة الثقافية المغربية.
وفى سياق ملف إغلاق المدارس العراقية فى المغرب، أغلقت وزارة التربية الوطنية بمدينة طنجة مدرسة فى ملكية عراقى مقيم بالمغرب، وهى ثانى مدرسة يتم إغلاقها بعد المدرسة العراقية التكميلية بالرباط، التى كانت تمارس نشاطها منذ عقود ويتابع بها الدراسة تلاميذ عراقيون ومغاربة. وإغلاق المدرسة العراقية الأولى «التكميلية» على أساس دورها فى نشر التشيع وبذريعة أن مناهجها مخالفة لمقتضيات القانون والنظام الأساسى للتعليم المدرسى الخصوصى بالمملكة المغربية، بحسب بيان لوزارة التربية. 
وعاد العلاقات بين المغرب وإيران لعدة سنوات، ثم عادت المغرب مرة ثانية لقطع علاقاته مع طهران.. ففى مطلع مايو ٢٠١٨، أعلن وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى المغربى «ناصر بوريطة» أن المملكة المغربية، قررت قطع علاقاتها مع إيران بسبب الدعم العسكرى لحليفها «حزب الله» لـ«جبهة البوليساريو»، الأمر الذى يفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول الدور والنفوذ الإيرانى فى منطقة المغرب العربى عموما والمملكة المغربية بشكل خاص.
وكشفت تقارير مغربية، أن لإيران وحزب الله دورًا كبيرًا، فى تنفيذ مخطط «المظلة الصامدة»، وهو مخطط تدريبى جديد لميليشيات جبهة البوليساريو، يقوم على تدريب مقاتلى الجبهة على حرب العصابات ضد الجيش المغربى، تحسبًا لفشل عملية التهدئة والجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، عبر توفير «حزب الله» المزيد من المدربين الذين سيتولون تدريب مقاتلى الجبهة على تجهيز الأنفاق وتطويرها من ناحية، ومن ناحية أخرى تدريبهم على حرب العصابات، فضلًا عن تزويد الجبهة بالسلاح اللازم، وبناء على ذلك اتخذت الرباط قرارًا بقطع العلاقات مع طهران.

شارك