جماعة "التوحيد".. العقل المدبر لـ هجمات سريلانكا

الأحد 28/أبريل/2019 - 12:08 م
طباعة جماعة التوحيد.. العقل أميرة الشريف
 
في أعقاب التفجيرات الدموية التي شهدتها سريلانكا في عيد الفصح، والتي كانت أخطر أعمال عنف منذ زمن بعيد، حيث قتل 321 شخصا وأصيب 500 آخرون في سلسلة تفجيرات استهدفت كنائس وفنادق ومرافق آخرى في العاصمة كولومبو وخارجها، أعلن الرئيس السريلانكي، ميثريبالا سيريسينا، أمس السبت 27 أبريل 2019، حظر جماعة التوحيد المتطرفة، وجماعة أخرى، يشتبه في مسؤوليتهما عن التفجيرات.
وتنشط العديد من الجماعات الإرهابية في منطقة جنوب شرق آسيا، مثل مجموعة أبو سياف في الفلبين التي تأسست عام 1991 جنوب البلاد على يد عبد الرزاق الجنجلاني، وهو داعية إسلامي متطرف، قاتل في الحرب الأفغانية ضد الوجود السوفييتي ويعتقد أنه استلهم رؤيته من أسامة بن لادن.
وتأكدت اتهامات الحكومة السريلانكية، عن دور جماعة التوحيد في تنفيذ الهجوم الإرهابي، بعدما أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجمات على الكنائس والفنادق.
وأعلنت السلطات السريلانكية أن "جماعة التوحيد" هي التي نفذت الهجوم الدامي على عدد من الكنائس في البلاد، فيما أشارت وسائل اعلام سريلانكية وأخرى هندية بأصابع الاتهام إلى هذه الجماعة، ونشر وزير الاتصالات السريلانكي هارين فرناندو في 21 أبريل تغريدة صورة لوثيقة تتضمن تحذيرا استخباريا يذكر الجماعة بالاسم.
وقالت وزيرة الصحة السريلانكية راجيثا سيناراتنه للصحافيين، عقب اجتماع أمني حضرته، إن الوثيقة المذكورة وثيقة رسمية تذكر جماعة التوحيد بالاسم، ولكن الحكومة السريلانكية لم تتهم الجماعة صراحة بتنفيذ التفجيرات، ولم ترد الجماعة نفسها على ربط اسمها بها.
وجماعة التوحيد، أسسها شخص يدعي عبدالرازق بعد انشقاقه من جماعة إسلامية أخرى مُتشددة تُدعى "جماعة التوحيد السريلانكية"، بسبب خلافات فقهية، واستهدف معابد بوذية والتحريض على الفئات غير المُسلمة.. وأعضاؤه على صلات بتنظيم داعش في سوريا والعراق 
وكان عبد الرازق يعمل أمينا عاما للتنظيم الأم، ثم انشق وعزم هو ومجموعة من الأعضاء علي تأسيس تنظيم جديد باسم "جماعة التوحيد الوطنية"، التي اكتسبت حضورًا لافتًا، في فترة وجيزة، بسبب نشاط كوادره في تنفيذ عمليات عنف، وظهورهم في مقاطع فيديو يحرضون على الفئات غير المسلمين.
تأسيس  الجماعة
كان الظهور الأول للجماعة حين قدمت نفسها في مقطع فيديو يظهر فيه أعضاؤه وهم يخربون تماثيل بوذية، تلاها ظهور مُتكرر لأعضائه وهم ينفذون أعمالا تخريبية بحق أماكن العبادة الخاصة بالفئات غير المُسلمة.
وفي وقت سابق اعتقلت الحكومة السريلانكية مؤسس التنظيم ، قبل انشقاقه، حين كان أمينا عاما لجماعة "التوحيد السريلانكية"، على خلفية تحريضه المُستمر ضد البوذيين، لكنه اعتذر عن التحريض، رغم نشاط أعضائه في تنفيذ أعمال تخريبية، حدثت العام الماضي، استهدفت معابد بوذية في مدينة ماوانيلا وسط سريلانكا.
وتنتهج الجماعة، النهج الإرهابي في  الترويج لعملياتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أسست "التوحيد الوطنية" صفحات لها على فيسبوك تستخدمها بشكل متقطع، ولديها صفحة على تويتر لم تحدث منذ مارس 2018.
وكان الأسم الأبرز الذي تداولتها وسائل الإعلام والشرطة السريلانكية حول مُنفذي الهجمات، محمد زهران، الذي أشارت التحقيقات الأولية لدوره في التخطيط لهذه العملية الكُبرى، قبل شهور، بدعم من تنظيم داعش، في ضوء انكشاف اتصالاته بقادة التنظيم.
وظهر اسم زهران، في الوثائق التي نشرها وزير الاتصالات السريلانكي هارين فرناندو، على تويتر، مرسلة من قائد الشرطة السريلانكية في بداية شهر أبريل، والتي أشارت إلى أن قائد المُجموعة يُدعى محمد زهران، يُخطط لتنفيذ عملية إرهابية لضرب مجموعة من الكنائس والمفوضية العليا الهندية.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن زهران هاشم، المنتمي لجماعة التوحيد، هو من بين الإرهابيين الذين يزعم أنهم يقفون خلف التفجيرات، واصفة إياه بـ"العقل المدبر".
وأضافت أن هاشم، نفذ عمليته على فندق شانغريلا، مشيرة إلى أنه كان يخطط للهجوم على المفوضية العليا الهندية في العاصمة كولومبو، في وقت سابق من الشهر الجاري، إلا أن العملية أحبطت.
وقال رئيس لجنة الأزمات السريلانكية ألان كنان وفق الـ"بي بي سي"، إن الشرطة قد اعتقلت مجموعة من الشباب الذين ذُكرت أسماؤهم في المستندات.
علاقتها بداعش
وبعدما تداول أنصار داعش عبر تطبيق "تليجرام" صورًا تُشير لمُبايعة أعضاء من تنظيم التوحيد لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، والتأكيد على تلقيهم دعمًا من التنظيم في الشهور الأخيرة، وانتقال العشرات منهم إلى مقار التنظيم الأساسية للقتال معه في العراق، ويأتي دور داعش في العملية الأخيرة عبر التنسيق مع تنظيم التوحيد وتقديم الدعم المالي لها.
ووفقا لروهان جوناراتنا، وهو خبير أمني في سنغافورة، فإن الجماعة السريلانكية قد تكون فرع "داعش" هناك، وإن الجناة كانت لهم صلات بسريلانكيين سافروا إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى صفوف التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق، خصوصا في ظل ارتفاع أعداد المنضميين مؤخرا للتنظيم من سريلانكا.
ويعتقد، أن لتنظيم "داعش" يد في التفجيرات، بعد أن أفادت تقارير وجود عشرات وربما مئات الدواعش العائدين من سوريا والعراق في سريلانكا.
من جانبها، نقلت صحيفة "ميرور" البريطانية عن الخبير الأمني المقيم في سنغافورة روهان كوناراتنا، قوله إن "جماعة التوحيد تعتبر فرعا محليا من تنظيم داعش المتطرف".
وأضاف: "من المعروف أن عددا من السريلانكيين المنضمين للجماعة سافروا إلى سوريا والعراق من أجل الالتحاق بداعش".
وتعرف الجماعة نفسها، بحسب تصريحات سابقة لأعضائها، أنها جماعة إسلامية، مختصة في الدعوة إلى الدين في كافة أنحاء البلاد، وتقدم خدمات اجتماعية تهدف إلى رفع مستوى المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية في سريلانكا.
وبحسب صحيفة "ديلي نيوز" الأمريكية؛ فإن الجماعة هاجمت في 2016 رهبان البوذية من خلال المتحدث باسمها "عبدالرازق"، ما أدى إلى تقديم شكوى ضده و6 من أعضاء الجماعة، إلى السلطات التي ألقت بالقبض عليه، ومن ثم أفرجت السلطات عنهم بكفالة بعد اعتذار أعضاءها إلى المحكمة.
وترى جماعة التوحيد الوطنية، أنهم يطبقون الشريعة الإسلامية في حياتهم، إذ خرج الكثيرين منهم عام 2016 للتظاهر في مدينة ماليجواتا، ومارادانا، ضد تغيير الحد الأدنى لسن زواج الفتيات والمقرر بـ 12 عامًا.

شارك