دراسة جديدة ترصد مساعي النمسا في مواجهة التطرف

الثلاثاء 08/أكتوبر/2019 - 01:21 م
طباعة دراسة جديدة ترصد أميرة الشريف
 
مع التدابير الإحترازية التي تتخذها الحكومة النمساوية لمكافحة التطرف والتصدي للجماعات الإرهابية، التي تتخذ من أوروبا ملاذا آمنا لها، وفي أعقاب قرار الحكومة النمساوية التي تقودها أحزاب اليمين المتشدد، إقامة مركز أوروبي لمواجهة الإرهاب مهمته مراقبة المؤسسات العائدة للإسلاميين في البلاد كخطوة لمكافحة الإسلام السياسي، حيث جهزت الحكومة مشروع قانون خلال الصيف، بشأن تأسيس المركز، على أن يباشر أعماله في 2020.
ووفق تقارير فإن المركز يعد أول مركز حكومي أوروبي متخصص في رصد الإسلاميين وتعقب أنشطتهم، إذ أن هذا الاختصاص يعود بالأساس إلى مراكز الاستخبارات.
وفي هذا الصدد، أصدر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، دراسة جديدة تحت عنوان، "النمسا.. مساع حكومية لمواجهة التطرف محليًّا"، والتي حذرت خلالها النمسا من تصاعد جرائم العنصرية والخطابات الدعائية  لليمين المتطرف فى الاونة الاخيرة . 
ووفق الدراسة، دعت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بمجموعة العمل الأممية المعنية بالمرتزقة في 7 يوليو 2018، النمسا إلى معالجة الأسباب الجذرية للتطرف العنيف لمنع مواطنيها والمقيمين فيها من السفر للخارج للقتال في مناطق الصراع مثل العراق وسوريا.
وأشارت الدراسة إلي أن النمسا تعد واحدة من أعلى المعدلات في الاتحاد الأوروبي للمقاتلين الأجانب الذين يسافرون الى مناطق النزاع الكبرى والتي بلغت ذروتها بين عامي 2014 و 2015.
وتطرقت الدراسة إلي أن فيينا استضافت فى 20 أكتوبر 2018 اجتماعاً بعنوان "قمة الوقاية" التي عقدت بمقر وزارة الداخلية في العاصمة فيينا جمع مسؤولين رفيعي المستوى بوزارات الداخلية في عدة دول، ونحو 70 خبيرا من منظمات حكومية وغير حكومية ونحو 180 متخصصاً في شؤون مكافحة التطرف، ناقشوا سبل تعزيز الوقاية من التطرف ورفع مستوى الوعي لمنع الشباب من التحول وتبني الأيديولوجيات المتطرفة، وعرضوا أهم الاستراتيجيات الناجحة كدليل لجميع الجهات المشاركة.
وعرض راينهارد تويفل ممثل وزير داخلية النمسا في القمة التدابير والإجراءات التي اعتمدتها النمسا ضد التطرف، وقال للمرة الأولى تتبنى النمسا استراتيجية متطورة ومتسقة للتعاطي مع الراديكالية والتطرف.
وأوضح أن النمسا أصبح لديها خطة رئيسية مدروسة للوقاية من التطرف تشمل مجالات المجتمع المختلفة بدءاً من مرحلة الطفولة 
وأشارت الدراسة إلي أن المؤسسات المعنية بصد العنف والتطرف منهم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كايسيد والتى شاركت النمسا فى انشائه فى عام 2012 بالتعاون مع المملكة العربية السعودية وإسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوا مؤسساً مراقباً، يسعى لدفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، ويعمل على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك التصدي لتبرير الاضطهاد والعنف والصراع باسم الدين .
وقالت الدراسة أن المركز تلقى مطالبات بإلغاء اتفاقيتين خاصتين بإنشائه من قبل أغلبية من الأحزاب اليسارية واليمينية المتطرفة نتيجة لإصرار السعودية على إعدام فتى مما دفع وزارة الخارجية النمساوية الى إتخاذ هذا الإتجاه وذلك نقلا عن رويترز فى 13 يونيه 2019 .
أما على مستوى المجتمع فقد إنطلقت مبادرة جدات ضد اليمين المتطرف  فى النمسا خشية من أن تتحول بلادهن إلى دولة منغلقة غير متسامحة بسبب ممارسات هذا التيار التى تتعصب بالعنصرية والكراهية مما يؤدىإلى تأجج المشهد وانتشار ظاهرة التطرف. 
وذكرت الدراسة، أن البرلمان النمساوى أقر العديد من القوانين الأمنية التى تسهل من عمل الاستخبارات وأجهزة الشرطة عند التحقيق مع الإرهابيين المحتملين والمتطرفين ومنها مشروع قانون سيتم من خلاله السماح للمحققين بجمع اتصالات وبيانات الهواتف بناء على مجرد الاشتباه بأن شخصا ما ربما يخطط ضد النظام الدستوري للنمسا، ولا يقتصر الأمر على الهجمات الإرهابية الحقيقية بل والتحريض كذلك على العنف إلى جانب المعلومات عن الجماعات الأيديولوجية المسلحة أو الجماعات الدينية.
وجاءت في البرنامج الحكومي، المكون من (180) صفحة، خطة أمنية لمكافحة الإرهاب والتشدد وذلك عن طريق محاصرة وتتبع نشطاء الإسلام السياسي في البلاد، الذين تعتبرهم الأحزاب اليمينية الحاكمة خطرا محتملا.
وجاء في الدراسة أن أبرز الإجراءات والسياسات التى اتبعتها الحكومة لمواجهة التطرف:-
- غلق المساجد، قامت النمسا مؤخراً بإغلاق عدد من المساجد في أراضيها، بعد قيام البرلمان النمساوي بالتصويت بالغالبية، على قرارٍ يقضي بإغلاق المساجد التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية داخل النمسا.
وفي، 29 سبتمبر 2019، صرحت النائبة في البرلمان النمساوي، برفان أصلان، أنّ أغلبية الأصوات قررت إغلاق المساجد التركية التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية، وكذلك جمعية ملي جوروش في النمسا.
وأضافت النائبة وقتها، في تغريدة على حسابها على تويتر، أنّه تم اتخاذ القرار على أساس أنّ المساجد التابعة لكلا الهيئتين أصبحت ذات امتدادات سياسية، ولم تعد أماكن للعبادة.
- تتبع مركز لمراقبة الإسلاميين، أعلنت الحكومة النمساوية فى 5 مارس 2019 عن إقامة مركز جديد مهمته مراقبة المؤسسات العائدة للإسلاميين في البلاد كخطوة لمكافحة الإسلام السياسي، حيث ستعد الحكومة مشروع قانون خلال الصيف، بشأن تأسيس المركز، على أن يباشر أعماله في 2020.
ويعد المركز أول مركز حكومي أوروبي متخصص في رصد الإسلاميين وتعقب أنشطتهم، إذ أن هذا الاختصاص يعود بالأساس إلى مراكز الاستخبارات.

- منع الحجاب، أقر مجلس النواب النمساوي مشروع قانون قدمّه الائتلاف الحكومي اليميني- اليميني الشعبوي يمنع ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية، وسط انتقادات من أحزاب اليسار والمنظمات الإسلامية فى 16 مايو 2019. 

وكانت قد أعلنت الحكومة النمساوية فى 5 أبريل 2018 نيتها عن طرح المشروع قانون يمنع الفتيات من ارتداء الحجاب برياض الأطفال والمدارس الابتدائية.

- محاكمة المقاتلين الأجانب فى محاكمات خاصة، أعلنت النمسا، فى 10 ابريل 2018 عن رغبتها في محاكمة مواطنيها الدواعش الموجودين بسوريا والعراق حاليًا في محاكمات خاصة، كتلك التي تجريها الأمم المتحدة، بدلًا من إعادتهم إلى البلاد لمحاكمتهم، وذلك في آخر تطور يشهده موقف البلد الأوروبي المتشدد تجاه مواطنيه الذين قاتلوا في صفوف تنظيم "داعش" بسوريا والعراق.

- طرد الأئمة الأتراك، أعلن وزير الداخلية النمسوي هيربرت كيكل فى 8 يونيو 2018 نقلا عن صحيفة ” الحياة  أن بلاده يمكن أن تطرد عدداً يصل إلى 60 إماماً مرتبطين بتركيا وعائلاتهم أي ما مجمله 150 شخصاً ، وكان المستشار المحافظ سيباستيان كورتز أعلن قبلاً أن لا مكان للمجتمعات الموازية والاسلام السياسي والتطرف في بلادنا.

- حظرشعارات الإخوان الإرهابية، وافق برلمان النمسا على تعديل قانون الرموز، فى 16 ديسمبر 2018 نقلا  والذي يمنع استخدام شعارات ورموز المنظمات المتطرفة، وبينها جماعة الإخوان الإرهابية.
 واعتمد البرلمان مشروع قرار حظي بمصادقة مجلس الوزراء لحظر استخدام شعارات ورموز المجموعات المتطرفة والإرهابية، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين.وأكد وزير الداخلية النمساوي هيربرت كيكل أن هذه المبادرة التشريعية “تستهدف مجموعات تقوم بممارسة وتطوير أنشطة على أراضي النمسا ضد الحقوق الأساسية وسيادة القانون.
- تعزيز قدرات أجهزة الإستخبارات والشرطة، حصلت الأجهزة الاستخباراتية فى النمسا على صلاحيات موسعة ، وأقر البرلمان النمساوى تلك الصلاحيات  ، كذلك تم إجراء إصلاحات شاملة فى جهاز حماية الدستور ومكافحة الإرهاب،وزيادة الميزانية المخصصة لأجهزة الاستخبارات ، وإنشاء شبكات جديدة لمكافحة التطرف، بالتعاون مع عدد من المنظمات غير الحكومية.
وذكرت الدراسة، أن الحكومة النمساوية خصصت مبلغ  (290) مليون يورو لحزمة إجراءات أمنية جديدة حتى نهاية عام  2018  بناءً على طلب وزارة الداخلية ؛ وذلك لمواجهة التهديدات الإرهابية المحتملة،  وأكدت السلطات على أن المناقشة حول شراء مدرعات وطائرات مروحية للشرطة مازال مفتوحًا،وأن حزمة الإجراءات الجديدة تمثّل جزءًا من التدابير الواجب اتخاذها لمواجهة المخاطر الإرهابية والتطرف ،ويتم تخصيص حوالي (100) وظيفة للمتخصصين في مكافحة جرائم الإنترنت تغطيها ميزانية بمقدار (126) مليون يورو، فضلاً عن (80) مليون يورو للمعدات التقنية الحديثة ، كذلك دعم قوات كوبرا لقيادة العمليات “EKO COBRA” بالنمسا ،وتتكون من (450) مقاتل موزعين على كامل الأراضي النمساوية مما يمكنهم من الانتشار فى أقل من (70) دقيقة.
وأكدت الدراسة، أن وزارة الداخلية النمساوية  أعلنت فى فبراير 2018 عن عزمها توظيف ما لا يقل عن (2100) شرطي وإنه يتم تبسيط المعايير المطلوبة لاختيار عناصر الشرطة الجدد، دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل حول الكلفة الإجمالية لعملية التوظيف الضخمة هذه، مسجلا أيضا أن الرفع من عدد أفراد الشرطة يروم بالخصوص، المكافحة الفعالة للجريمة وتعويض عناصر الشرطة المحالين على التقاعد، حيث يتقاعد سنويا ما لا يقل عن (1000) شرطي، وكانت قد دشنت وزارة الداخلية في النمسا حملة نشطة لتشجيع شباب المسلمين على الالتحاق والعمل في جهاز الشرطة بولاية فيينا،وإظهار رغبة إدارة الولاية في زيادة عدد المسلمين العاملين في شرطة فيينا، التي تبلغ نسبتهم نحو (3%) خلال الوقت الراهن.
وقالت الدراسة، أن قوات من الشرطة الحدودية ووحدات من الجيش النمساوى قامت في يونيو 2018  بخوض مجموعة من التدريبات الميدانية والاختبارات لإحكام سيطرتها على حدود البلاد،و شارك فيها نحو (1000) من عناصر الشرطة والجنود وقوات حفظ النظام في ما يعتبر أكبر تدريب للسيطرة على الحدود تخوضه النمسا
وخلصت الدراسة، إلي أن الايدلوجيات الدينية والعقائد السياسية والتى تقود الى التطرف واعمال العنف والارهاب أصبحت تحتل اهتماما كبيرا من منظومة الأمن الحالية فى النمسا وسط حالة اقرب الى التعبئة العامة لمحاصرة الجماعات الراديكالية ، فقد نجد تكثيف التنسيق الأمني بين كافة الاجهزة المعنية من أجل زيادة جهود مكافحة الإرهاب ومنع انتشار التطرف. 
وأوصت الدراسة، النمسا باستبدال التدابير الأمنية العقابية بتطبيق الجهود الوقائية والموجهة اجتماعيا لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، وكذلك محاربة التطرف مجتمعيا الذي تسرب إلى أحياء ومناهج مدارس الجاليات المسلمة في النمسا. كما أوصت الدراسة، بتشديد الرقابة على العناصر المتطرفة الذين يستغلون التجمعات وينشرون أفكارهم ومعتقداتهم على الإنترنت.
وأوصت، بتحسين التعاون بين الأجهزة الاستخبارية النمساوية وتوسيع صلاحيتها، وإنشاء سجل مشترك لبيانات الإسلاميين الخطيرين أمنياً في النمسا، وكذلك تطوير أليات تقييم الخطرين أمنيا ، مع وجود سلطات وطنية.

شارك