الإخوان اليوم.. متابعات الصحف العربية والعالمية

الأحد 13/أكتوبر/2019 - 12:43 م
طباعة الإخوان اليوم.. متابعات إعداد: حسام الحداد
 
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص جماعة الإخوان، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) اليوم 13 اكتوبر 2019

بي بي سي: من هو حسن البنا "الساعاتي" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين؟

منذ سنوات وجماعة الإخوان المسلمين تعيش أزمة قد تكون هي الأصعب في تاريخها الذي يبلغ 91 عاما.
ففي عام 2013 عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهو أحد أعضاء الجماعة، من منصبه وتوفي في محبسه لاحقا عام 2019، كما ألقي القبض على قيادات الجماعة، وأحرق مقرها الرئيسي ونهبت محتوياته.
وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين ،التي أسسها حسن البنا، واحدة من أقدم التنظيمات الإسلامية في مصر وأكبرها، كما أن لها تأثيرا على الحركات الإسلامية في العالم، وذلك بما تتميز به من ربط عملها السياسي بالعمل الإسلامي الخيري.
وكانت الجماعة تهدف في البداية لنشر القيم الإسلامية والعمل الخيري، إلا أنها سرعان ما انخرطت في العمل السياسي، وخاصة في كفاحها لرفع سيطرة الاستعمار الإنجليزي عن مصر، ومحو كل أشكال التأثير الغربي عليها.
ومع أن الإخوان يقولون إنهم يدعمون مبادئ الديمقراطية، إلا أن أحد أهداف الجماعة التي أعلنتها يتمثل في إقامة دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، ويتمثل ذلك أيضا في شعارها الشهير "الإسلام هو الحل".
فمن هو حسن البنا مؤسس الجماعة؟
في مثل هذا الوقت من عام 1906 ولد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن أحمد عبد الرحمن البنا في المحمودية بمحافظة البحيرة بمصر لأسرة ريفية، ولقب بالساعاتي لأنه عمل في فترة من حياته في إصلاح الساعات.
وفي عام 1923 التحق بمدرسة دار العلوم وتخرج مدرسا في القاهرة، وفي عام 1927 انتقل للعمل بمدرسة ابتدائية بمدينة الإسماعيلية التي كانت مركزا للنفوذ الأجنبي سواء من الجانب الاقتصادي أو العسكري.
وقد شهدت تلك الفترة انهيار دولة الدولة العثمانية في تركيا، وفي مارس/آذار عام 1928 قام وستة من العاملين بمعسكر العمل البريطاني بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين بهدف تجديد الإسلام، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وقد افتتحت الجماعة أفرعا لها في جميع أنحاء الدولة المصرية، وكان كل فرع يدير مسجدا ومدرسة وناديا رياضيا، وسرعان ما انتشرت عضويتها.
وفي ثلاثينيات القرن العشرين نقل البنا إلى القاهرة بناء على طلبه، وبحلول الحرب العالمية الثانية نمت الجماعة بشكل الكبير بشكل جعلها عنصرا فاعلا في المشهد المصري وجذبت عددا كبيرا من الطلبة والموظفين والعمال.
وكان العديد من هؤلاء ينظرون للحكومة المصرية باعتبارها خائنة للقضية الوطنية.
وفي أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، انتشرت أفكار الجماعة في ربوع مصر وفي جميع أنحاء العالم العربي.
وفي الوقت نفسه، أسس البنا جناحا شبه عسكري -وهو الجهاز السري الخاص بجماعة الإخوان- بهدف محاربة الحكم الإنجليزي، والمشاركة بواحدة من حملات التفجيرات والاغتيالات.
وفي أواخر عام 1948، قامت الحكومة المصرية بحل الجماعة بعد أن أصبحت تشكل تهديدا للمصالح البريطانية واتهمت باغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك، محمود باشا النقراشي.
وعلى الرغم من أن البنا أعرب عن رفضه لذلك الاغتيال، إلا أنه اغتيل بطلق ناري من قبل أحد المسلحين، ويعتقد أنه أحد أفراد قوات الأمن في فبراير/شباط عام 1949.
إخوان ما بعد البنا
وفي عام 1952، انتهى الوجود الاستعماري البريطاني في أعقاب انقلاب عسكري قادته مجموعة من ضباط الجيش، أطلقوا على أنفسهم اسم مجموعة "الضباط الأحرار".
ولعب الإخوان في ذلك الوقت دورا داعما لذلك الانقلاب وتعاونوا مع الحكومة الجديدة. وكان أنور السادات، وهو أحد أولئك الضباط والذي أصبح رئيسا للبلاد عام 1970، هو حلقة الوصل السرية بين الضباط والجماعة، إلا أن العلاقات سرعان ما توترت بينهم.
وفي أعقاب فشل محاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1954، وجهت تهمة محاولة الاغتيال إلى الجماعة، وجرى حظرها، وأودع الآلاف من أعضائها في السجون وتعرضوا للتعذيب. إلا أن الجماعة أخذت في التوسع بشكل سري.
وأدى ذلك الصراع بين الجماعة والسلطة المصرية إلى إحداث تحول هام في فكر الإخوان، الذي كان واضحا في كتابات سيد قطب أحد أعضاء الجماعة ومفكريها المشهورين، حيث كان قطب يؤيد فكرة الجهاد ضد المجتمعات التي كان يعتبرها "جاهلية".
وكانت كتاباته، وخاصة ما كتبه عام 1964 في كتابه "معالم في الطريق"، مصدر إلهام لمؤسسي العديد من الجماعات الإسلامية الأصولية، بما فيها جماعة الجهاد الإسلامي وتنظيم القاعدة.
وشهد عام 1965 ممارسات جديدة من قبل الحكومة المصرية ضد جماعة الإخوان، بما في ذلك إعدام قطب في عام 1966، وهو ما جعل الكثير من الناس في منطقة الشرق الأوسط يعتبرونه شهيدا.
أكبر قوة معارضة
وخلال ثمانينيات القرن الماضي، حاول الإخوان مرة أخرى المشاركة في التيار السياسي الرئيسي في البلاد.
وقامت قياداتها المتتابعة بتشكيل تحالفات مع حزب الوفد في عام 1984، كما تحالفوا أيضا مع حزب العمل والأحزاب الليبرالية عام 1987، ليصبحوا أكبر القوى المعارضة في مصر. وفي عام 2000، ربح الإخوان 17 مقعدا في مجلس الشعب المصري.
وبعد خمسة أعوام، حققت الجماعة أفضل نتيجة لها في الانتخابات، حيث فاز مرشحوها المستقلون بنسبة 20 في المئة من مقاعد المجلس.
وجاءت تلك النتيجة صادمة للرئيس المصري آنذاك، حسني مبارك، وبدأت الحكومة المصرية في ذلك الوقت بممارسات قمعية جديدة على الجماعة، معتقلة المئات من أعضائها.
وفي أول انتخابات برلمانية جرت بعد الإطاحة بمبارك في فبراير/شباط عام 2011، فاز حزب الحرية والعدالة الذي كان الإخوان قد أسسوه بما يقرب من نصف المقاعد في مجلس النواب.
وفي عام 2012، أصبح محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة آنذاك، هو الرئيس المنتخب لجمهورية مصر العربية.
وبدأت المعارضة الشعبية لمرسي وجماعة الإخوان تتشكل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012.
وفي الثالث من يوليو/تموز 2013، نشر الجيش قواته ومدرعاته في الشوارع، ليعلن في نهاية اليوم تعطيل العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بمهام رئيس الجمهورية بدلا عن مرسي الذي عزل وسجن حتى توفي في محبسه في يونيو/حزيران الماضي.

دوت مصر: «الأشبال».. وثائقي جديد يكشف تاريخ الإخوان في تجنيد واستغلال الأطفال

تنشر «دوت مصر» الفيلم الوثائق «الأشبال» الذي يرصد التاريخ الأسود لجماعة الإخوان الإرهابية في تجنيد واستغلال وتوظيف الأطفال والمراهقين.
منذ أن بدأ حسن البنا في وضع حجر الأساس لإنشاء جماعة الإخوان في أوائل عام 1928 أدرك أهمية تجنيد جيلًا يتشرب دعوته من المهد، فوضع نصب عينيه على الأطفال وطلاب المدارس من أجل استقطابهم واستغلالهم في مهام بعينها، وفي إحدى رسائله التي ألقاها حسن البنا أمام مناصريه يقول: نحن الإسلام أيها الناس، فمن فهمه على وجهه الصحيح فقد عرفنا" ودعا رجاله لتجنيد الطلاب وغزو عقول وقلوب الأطفال والمراهقين، وظهر التنظيم الطلابي للجماعة للمرة الأولى عام 1932، ليبدأ التاريخ الأسود للجماعة في تجنيد واستغلال الأطفال والشباب وإنشاء لجان «الأشبال».
عمدت الجماعة على تشكيل قسم الطلبة داخل التنظيم مشرف عليه أحد أعضاء مكتب الإرشاد، ويتكون من عدة لجان أبرزها، لجنة «الأشبال» وهي المعنية باستقطاب طلاب التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي، ولجنة «الزهروات» وهي معنية باستقطاب طالبات المرحلة الابتدائية والإعدادية وتمثل جزء من قسم الأخوات، ولجنة «المرحلة الثانوية» وهي المعنية باستقطاب طلاب المرحلة الثانوية، ولجنة «المدارس» وهي معنية باختراق المنظومة التعليمية من حيث الاتحادان الطلابية والإذاعات المدرسية ومجالس الآباء، ولجنة «الشباب» وهي معنية باستقطاب من هم فوق الـ18عامًا، ولجنة «الفتيات» وهي معنية باستقطاب طالبات المرحلة الثانوية.
ويرصد الفيلم، الذي انتجته الزميلة صوت الأمة، تاريخ الجماعة في استغلال وتوظيف الأطفال والمراهقين، واستخدامهم في التظاهرات والاعتصامات وأعمال العنف والإرهاب، ويجيب على التساؤل الأهم: هل تسعى الجماعة لإعادة إنتاج نفسها من خلال التلاعب بالنشء والمراهقين؟
يظهر في الفيلم كلًا من الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي، وعمرو فاروق الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، والمستشار محمد سمير المتحدث الرسمي باسم هيئة النيابة الإدارية، وعماد علي عبدالحافظ، وهو أحمد أعضاء الجماعة المنشق حديثًا، والذي يروي مراحل تجنيد الأطفال، كما يكشف الدكتور أحمد ربيع غزالي، القيادي الإخواني المنشق خطط تجنيد الأطفال، حيث كانت مهمته الأساسية في الجماعة لمدة 20 عامًا  تجنيد الأطفال من خلال مراكز تحفيظ القرآن، ووضع خطط وبرامج الاستقطاب والتهيئة، إلى أن أعلن انشقاقه عن الجماعة.
ويحتوي الفيلم الوثائقي على مجموعة من الأوراق والمستندات التي تضمنت خطط الجماعة لتجنيد الأطفال وصغار السن من خلال السيطرة على الإذاعات المدرسية ومجالس الآباء، والأنشطة داخل المدارس، وتاريخ حرص الجماعة على إنشاء المدارس الخاصة، والدفع بأعضاء الجماعة الإرهابية الالتحاق بكليات التربية والآداب للعمل بمهنة التدريس والالتحاق بالمدارس الحكومية حتى يتمكنوا من تجنيد الأطفال.
ويحتوي كذلك على مجموعة من مقاطع الفيديو التي ترصد تجنيد وتأهيل الأطفال وطلاب المدارس، واستخدامهم في تظاهرات رابعة والنهضة، والعلميات الإرهابية التي تلت ثورة 30 يونيو، والدفع والزج بهم في التظاهرات غير السلمية التي قامت بها الجماعة عقب ذلك.

الشرق الأوسط: المتساقط الأكبر في دعوة الإخوان المسلمين

ألّف اللبناني الطرابلسي فتحي يكن كتابه «المتساقطون على طرق الدعوة - كيف... ولماذا؟»، ليحرم دينياً الخروج من دعوة الإخوان المسلمين والانضمام إلى دعوة إسلامية أخرى، أو إنشاء دعوة إسلامية جديدة، أو التملّص منها لأي سبب، حتى لو كان هذا السبب وجيهاً، وذلك لمواجهة مشكلة الانشقاق عن دعوة الإخوان المسلمين في العالم العربي، مع أنها كانت مشكلة ليست بذات خطر على الإخوان المسلمين؛ فأعداد المنشقين عنهم والمتسربين منهم كانت أعداداً صغيرة.
ومن العجب أن الكتاب ومؤلفه أسفرا عن مفارقة تجعل حتى الرجل الجهم والعبوس يلج في الضحك.
الأولى زمناً، أن الجماعات الإسلامية الجهادية والتكفيرية، وهي من ضمن الجماعات التي يحرم الخروج من دعوة الإخوان المسلمين والانضمام إليها، تبنّت كتابه في مجال التثقيف الحركي والحزبي!
ويرجع هذا إلى أن مؤلفاته ومؤلفات الإخواني الآخر السوري سعيد حوى - مثلهم في هذا مثل الإخوان المسلمين - تملأ عندهم الفراغ التنظيري، الحركي الحزبي، الذي تركه سيد قطب بعد إعدامه، وتكميل ما بدأه في كتابه «معالم في الطريق».
الثانية زمناً، وكانت أشد مهزلة من الأولى أن صاحب كتاب «المتساقطون على طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟» فتحي يكن، حسب المصطلح الذي سكّه وهو التساقط والمتساقطون، كان المتساقط الأكبر في طريق الدعوة، دعوة الإخوان المسلمين.
ففي عام 1993 (وهو الذي كان يحرم الخروج من جماعة الإخوان المسلمين في كتابه المذكور) انفصل أو فُصل من الجماعة الإسلامية - فرع الإخوان المسلمين في لبنان، رغم أنه كان من أبرز مؤسسي هذه الجماعة في مطلع الستينات، وهي الجماعة المنشقة عن جماعة عباد الرحمن الناشئة في مطلع الخمسينات، ورغم أنه كان مراقبها العام أو أمينها العام من عام 1964 إلى عام 1992، ثم أنشأ في عام 2006 جماعة إسلامية جديدة، هي «جبهة العمل الإسلامي»، استناداً إلى الرأي الذي أطلقه في كتابه المذكور، فلقد ارتكب معصية وإثماً. واستناداً إلى القرآن الكريم، هو كالتي نقضت غزلها، فأسقط بسلوكه هذا كتابه المذكور، وأسقط معه كتابه الآخر، «مشكلات الدعوة والداعية»، إذ إنه في الكتاب المذكور نقل منه فصلاً (ابتداء من صفحة 73 إلى آخر صفحة فيه، وهي صفحة )125.
قال لي صديق لديه بعض المعلومات الداخلية عن الإخوان المسلمين وعن بعض الحركات الإسلامية الأخرى إنه «صدر تعميم شفاهي بألا يُعتمد كتابه (المتساقطون في طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟)، وكتبه الأخرى، في تثقيف الكوادر الإخوانية في العالم العربي، وألا تُباع كتبه في المكتبات الإسلامية فيه». وأضاف موضحاً أن هذه التعاميم التي لها تاريخ طويل في تاريخ الإخوان المسلمين تكون غير مكتوبة. والغاية منها إلحاق الضرر المالي بالمغضوب عليهم، الذي يكون كبيراً، خصوصاً في السعودية، لتوفر القدرة الشرائية فيها. والغاية منها أيضاً - كما أضاف - إلحاق الضرر النفسي والمعنوي بالمغضوب عليهم. والسروريون في السعودية وفي أماكن أخرى يلتزمون تنفيذ تعاميم الإخوان السلمين ولا يخالفونها. فالمغضوب عليه عند الإخوان المسلمين - كما قال لي - هو أيضاً مغضوب عليه عندهم. وإذا ما كانوا بحاجة إلى بعض كتب المغضوب عليهم، فإنهم يستثنونها من الحظر، وذلك على قاعدة: نزكي الكتاب ولا نزكي المؤلف!
على ضوء هذه المعلومات التي أنارني بها صديقي، أسأل: هل ألّف أبو عبد الإله بن مقبل العصيمي كتابه: «من أخبار المنتكسين: مع الأسباب والعلاج»، الصادر في طبعته الأولى عام 1995، ليكون بديلاً لكتاب فتحي يكن: «المتساقطون على طريق الدعوة - كيف... ولماذا؟)؟
أعلمني صديق له سابق انتمى إلى تيار سلفي تكفيري، بعد أن كتبت عن كتاب أبي عبد الإله في حلقات سابقة، أن كتابه كان منتشراً عندهم، وعند التيار السروري.
يزعم أبو عبد الإله من بين ما يزعمه في أسباب اختياره موضوع كتابه، أن مَن كتب في هذا الموضوع لم يُفرد له مؤلفاً، بل وضعه في ثنايا كتاب من كتبه. وهذا غير صحيح، فكتابه - كما قلتُ عنه في المقال السابق - محاكاة ساذجة وهزيلة لكتاب فتحي يكن. فنوعان من الانتكاس عنده هما نفسهما المذكوران عند فتحي يكن، لكن مع اختلاف في صياغة عبارتيهما. والنوع الثالث الذي ذكره، وهو الارتداد عن دين الله، صحيح أن فتحي يكن لم يعرّج عليه في كتابه، لكن إذا ما أخذنا القصيمي بوصفه عينة للارتداد عن دين الله؛ فهو قد كان يجهله تماماً في مرحلة إيمانه، وفي مرحلة إلحاده. والأربعون سبباً للانتكاس التي ذكرها في كتابه، العديد منها مذكور في كتاب فتحي يكن. ومع هذا ضلل القارئ بأن كتاب فتحي يكن هو، فحسب، مرجع من بين مراجع كثيرة رجع إليها.
الأربعون سبباً التي رأى أنها مسببة للانتكاس، كثير منها تعليل غثّ وسطحي وتافه، لكن استرعى انتباهي سبب ذكره، وهو عدم الهجرة.
ومما قاله في هذا السبب: «إن ترك الهجرة والمكث في بلاد ومواطن الفتن من أهم وأخطر العوامل التي تؤدي إلى الردة والعياذ بالله؛ فكم من مسلم فارق دينه بسبب معاشرة الكافرين»!
وبعد كلام طويل عن ضرورة الهجرة، ختم كلامه بقوله: «أعرف إنساناً بذل معه أهله كل السبل والطرق لترك التزامه وتمسكه بدينه، وأصبح وجوده معهم سبيلاً لا مفر منه للانتكاس، وهو مع ذلك يرفض مفارقتهم، مع علمه بأنه لا يستطيع التأثير فيهم، بل لا يستطيع المحافظة على التزامه، فليت شعري كيف يكون هذا لوكان الأمر أشد من ذلك، هو مفارقة الوطن كله، والخروج من البلد، والتضحية بالأموال والأهل؛ فماذا عساه أن يفعل؟»!
كما نعلم، لا توجد أسرة في السعودية وفي العالم العربي تفعل ما زعمه أبو عبد الإله في قصته هذه، حتى لو كانت هذه الأسرة شديدة في تحررها الفكري. والحاصل أن أسراً تُبتلى بأبناء مغالين في دينهم. والصحوي عادة، حتى لو كان صغيراً في السن، يكون سلطويّاً وتسلطيّاً بسبب لقافة دعوية وديكتاتورية صحوية، ولا يدع أسرته في حالها، حتى لو كانت أسرته أسرة متدينة تديناً عادياً ومعتدلاً؛ فهو يريد أن يخضعها لإملاءاته المتشددة التي تحرم عليهم ما هو مباح في الدين، فتحاول هذه الأسرة - إن كانت أسرة واعية - دفاعاً عن نفسها ودفاعاً عنه نزع فتيل الغلو والتطرف من فكره وسلوكه.
وبمناسبة كلامه الأول عن ضرورة الهجرة، أذكر أنني تعرفتُ في آخر سنتين من عقد الثمانينات على مدرّس في كلية هي غير الكلية التي كنت أدرس فيها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقلتُ له ذات مرة إن الجامعة على غير سياستها في عهود سالفة خلقت جواً يشجع على النفاق الديني؛ فبعض الأساتذة بعدما تم تعاقدها معهم على التدريس فيها صار إخوانياً. ومن مراجعة مؤلفات هذا البعض قبل أن يقدموا إلى السعودية، لم أجد فيها حساً وتوجهاً إخوانياً. كما أنني ألمس من أحاديثهم عن النظرية الإسلامية في العلوم الاجتماعية وفي شأن الدعوة الإسلامية أنهم مستجَدّون وطارئون على الاتجاه الإسلامي؛ فعلّق قائلاً: أزيدك من الشعر بيتاً، فبعض زملائنا العرب مع انتهاء مدة عقده، يستطيع بسهولة أن يجدده بدعوى أنه مطارَد من حكومة بلاده، لأنه من الإخوان المسلمين، مع علم بعضنا أنه ليس لهم صلة بالإخوان المسلمين في بلادهم. لكن ما باليد حيلة، فالتيار - يا علي - جارف والموج عالٍ.
صنع الإسلاميون أسطورة اضطهاد الإسلام وامتحانه في بعض البلاد العربية منذ الخمسينات والستينات الميلادية، فأشاعوا أن حكوماتهم تشتبه بك إذا ما رأتك محافظاً على أداء الصلوات الخمس!
خُلِقت هذه الأسطورة وتخلقت في زمن أبعد في بلد غير عربي، وهو تركيا، وذلك في فترة حكم كمال أتاتورك. ولما التقى الهندي مسعود الندوي بطلبة أتراك في 5 – 2 - 1949 يدرسون في كلية الشريعة ببغداد، سألهم هو ومن معه، عن موقف الحكومة من تلاوة القرآن الكريم بمتنه العربي، فقالوا إن الحكومة لم تفرض قيوداً من أي نوع على قراءة القرآن الكريم، وهذه خرافة لا أساس لها من الصحة، ولا شك أن الأذان باللغة العربية ممنوع، وهذا المنع يمكن أن ينتهي قريباً.
وما قاله هؤلاء الطلبة الأتراك في ذلك العام قد تحقق بعد حين من الزمن.
إن حديث أبو عبد الإله عن ضرورة الهجرة للفرار بالدين من المحن والفتن إلى محل يأمن فيه المسلم على نفسه ودينه من الآثام، ضرب من الاغتراب الثقافي عن الواقع وعن الحياة وتعلق بأوهام وترهات لا أصل لها. وليس واضحاً إن كان يقصر حديثه على البلدان العربية والبلدان الإسلامية، أم يشمل به بلداناً غير إسلامية، كالبلدان الأوروبية. وإن كان يشمل بحديثه البلدان الأوروبية، فمن المتواتر أن هذا البلدان، منذ زمن بعيد، لا تضطهد الأديان والمذاهب الدينية ولا تضطهد الإنسان لدينه ولمذهبه الديني ولمعتقداته السياسية والفكرية. والمسلمون في هذه البلدان وفي بلدان سواها لم يفارقوا دينهم لمعاشرتهم لغير المسلمين.
إن أوروبا وأميركا منذ عقود طويلة كانت من ضمن البلدان التي يلجأ إليها الإسلاميون العرب المتورطون في أنشطة سياسية معادية لحكوماتهم العربية. وبعض حكومات أوروبا والحكومة الأميركية التي يسميها ويسمي شعوبها «الكافرة»، كانت هي الحادبة عليهم بجميع تياراتهم، بدعاوى آيديولوجية مختلفة، ومنها خرافة اضطهادهم في بلدانهم.

شارك