نائب مفتي اليونان: «تقصيرنا سبب الاقتتال بين المسلمين»

الجمعة 25/أكتوبر/2019 - 01:29 م
طباعة نائب مفتي اليونان: دعاء إمام
 
بعد مرور 95 عامًا على اتفاقية «لوزان» بين اليونان وتركيا، والتي وُقعت في عام 1924، ظلت أعداد المسلمين في اليونان في نطاق الأقليات المسلمة التي تحتاج العديد من الحقوق، وكانت الاتفاقية نقطة البداية لإضعاف الكيان المسلم في اليونان، إذ قُدرت أعداد المسلمين الذين هاجروا من اليونان إلى تركيا بمليون و200 ألف نسمة.
وللتعرف على أوضاع المسلمين فى اليونان، حاور مع الدكتور يوشار شريف داماد أوغلو، نائب مفتي شمال اليونان، والأستاذ المساعد بجامعة "أرسطو طاليس"، قسم العلوم الإسلامية، على هامش مشاركته في المؤتمر العالمي للإفتاء، والذي جاء بعنوان «الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي»، وعقد يومي 15 و16 أكتوبر الجاري بالقاهرة، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.

كيف تتعامل بلادكم مع ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
في اليونان تختلف آراء الناس من منطقة إلى أخرى؛ فالمسيحيون لا يقبلون تشويه الإسلام، خاصة أولئك الذين عاشوا مع المسلمين واختلطوا بهم، لأنهم منذ ولدوا لم يروا منا أي شيء، فاليونانيون لا يكترثون بتلك الظاهرة ولا يتأثرون بها، ونعمل على نشر قيم المحبة والتسامح بين الجميع، وتقديم صورة جيدة عن الإسلام.

ما الامتيازات التي حصل عليها مسلمو اليونان؟
المسلمون في اليونان ينقسمون إلى الأصليين، والمهاجرين الذين هم من أصول يونانية عاشوا في البلاد مقابل قوانين، ولابد أن نحترم القوانين في البلاد التي نعيش فيها في الغرب، ثم بعد ذلك نطالب بتقنين أوضاعنا والوصول إلى النتائج المطلوبة، خاصة أننا أقلية.
ونتمركز في شمال اليونان وكل محافظة لها دار إفتاء، والفتاوى التي تصدر من قبل الدار تنفذ في المحاكم والبلديات في جميع أنحاء البلاد، والذين يسكنون خارج شمال اليونان يواجهون عقبات لعدم وجود قوانين تحفظ حقوقهم.
هناك الكثير من المساجد باليونان، والموزعة على مدنها، ففي مدينة كومتيني يوجد أكثر من 17 جامعا وتتبعها 120 قرية، وفي إكستني عشرة مساجد، إضافة إلى أربعة أخرى في ديدموتخو.

هل تعانون من تأثير الفتاوى المتشددة على المسلمين في بلادكم؟ وما مصدرها؟
نعم، لكن بنسبة بسيطة لأن لدينا ثلاثة مفتين، لكن مصدر الفتاوى الشاذة تلك التي يأخذها الناس من دول الجوار.
ومن بين الأسباب التي ساعدت في استفحال هذه الظاهرة هي وسائل الإعلام بشتى أنواعها، المرئية والسمعية والإلكترونية، وقنوات الإثارة الإعلامية، ولا ينكر أحد الدور الإيجابي للقنوات الملتزمة الشاعرة بحجم الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقها الإسلام والمسلمين، لكن كثيرًا وربما دون قصد يُسأل العالم على الهواء عن مسألة خاصة لا تتعدى بحيثياتها دائرة المستفتي، ثم يجيب إجابة عامة، ما يسبب فوضى شرعية قد لا يتفطن لها العالِم ولا القائمون على هذه القنوات.

لا يزال بعض المسلمين يقتتلون.. ما السبب؟
نحن مقصرون ولم نفعل ما علينا، طالما هناك أمة تنتمي إلى الاسلام، يصلون ويقيمون نفس الشعائر لكنهم يقتتلون، فهذا يعني أننا لم نفعل كل شيء وعلينا نخلص ونجتهد أكثر لمنع تلك الممارسات التي تسيء لنا.
وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب « ويلك ياعمر.. لو تعثرت دابه فى العراق لسألنى الله عنها لمَ لم تمهد لها الطريق ياعمر؟»، أي أن دورنا لم ينته طالما أن الاقتتال ما زال قائمًا، ونُشعر أنفسنا بالتقصير لنزداد عملًا واجتهادًا، ونقول إن بوسعنا جميعًا أن نتقبل بعضنا ونعيش معًا حتى لو اختلفنا في الفرعيات.

ما أثر فتح باب الاجتهاد على الشريعة الإسلامية؟
الاجتهاد في الأحكام بدأ يسيرًا في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، حيث استغنى الناس بالوحي المنزل على الرسول، ثم توسع الاختلاف الفقهي ونما بعد ذلك بوفاة النبي، وكذلك بانتشار الصحابة (رضوان الله عليهم) في الأمصار؛ ما أدى إلى ظهور الاختلاف الفقهي.

كيف نمنع الجماعات المتطرفة من استغلال الانقسام الناتج عن تعدد المذاهب؟
يجب أن يطلع كل باحث في الفقه، على اختلاف الفقهاء ليعرف تعدد المذاهب وتنوع المآخذ والمشارب وأن لكل مجتهد أدلته التي يستند إليها في استنباط الأحكام الفقهية، ومن لم يطلع على هذا الباب من أبواب العلم فلا يعد عالمًا، وأهمية توضيح وتدريس ذلك الاختلاف حتى لا تستغله الجماعات المتطرفة.

ما الآليات التي يمكن من خلالها نبذ الفرقة بين المسلمين؟
الخلاف نوعان: محمود ومذموم؛ فالمحمود ما كان في فروع الدين وهو مستساغ ومشروع ولا يدعو إلى القطيعة والهجر بين المسلمين، بل هو رحمة وسعة على الأمة وهو الذي عبر عنه باختلاف التنوع، أما الاختلاف المذموم فهو الاختلاف في الأصول وربما كان قطعيًّا وواضح الدلالة والمخالف فيه خالف عن هوى ومكابرة.
ويجب علينا توعية الأئمة والفقهاء بأن الاختلاف الفقهي ضرورة من ضرورات الشريعة وهو رحمة واسعة على الأمة ما لم يؤدِّ إلى التنازع والشجار والبغضاء وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم من قبلنا، وإذا التزم الناس بضوابط الاختلاف المحمود وتأدبوا بآدابه كان له بعض الإيجابيات ولكنه إذا جاوز حدوده وضوابطه، ولم تراع آدابه فتحول إلى جدال وشقاق كان ظاهرة سلبية سيئة العواقب تحدث شرخًا في جسد الأمة، فيتحول الاختلاف من ظاهرة بناء ورحمة، إلى معاول هدم ونقمة.

شارك