«قمة برلين».. بين سقف الطموحات والواقع على الأرض

الأحد 19/يناير/2020 - 09:09 م
طباعة «قمة برلين».. بين شيماء يحيى
 
تستضيف العاصمة الألمانية «برلين»، الأحد 19 يناير 2020، محادثات السلام الليبية، التي تهدف إلى الحد من التدخلات الأجنبية وخاصة التركية، التي تعزز الصراع الداخلي في البلد العربي.
ويتضمن مسار برلين تمثيلًا للدول العربية، وكذلك المنظمات الإقليمية المعنية بالشأن الليبي، ويحتوي على العديد من المحاور أهمها وحدة الأراضي الليبية، ومواجهة الخطر المتنامي للميليشيات المسلحة.
ويحظى الجيش الوطني الليبي، كما توضح خارطة الأوضاع على الأرض، بالكثير من القبول الذي يمكنه بقيادة المشير خليفة حفتر من الحصول على المزيد من المكتسبات السياسية والعسكرية وفق النجاحات التي حققها في الفترة الأخيرة.
وتشهد اجتماعت برلين حالة من التوافقات التي ستصب في مصلحة الانتقال السياسي السلمي، ووضع  خطة عمل شاملة يكون محورها التنسيق الداخلي والإقليمي والدولي، للحيلولة دون تفاقم الأزمة.
من زاوية أخرى، من المحتمل أن تستحوذ الاتفاقية الأمنية الموقعة بين أنقرة و حكومة الوفاق بزعامة فايز السراج في 27 نوفمبر 2019 على الكثير من الجدل، خاصةً أن الأطراف المشاركة في «قمة برلين» ترفضها، وبالتالي فمن المرجح أن يتم تجاوزها بما يضمن تهدئة الأوضاع الأمنية والسياسية والعسكرية، الأمر الذي سيؤدي إلى محاصرة المشروع التركي في شرق المتوسط.

المخاوف الأوروبية
بحسب تقرير نشره موقع «دويتش فيلا» الأحد 19 يناير، فإن الأوروبيين، خاصةً الألمان، يعولون بقوة على نجاح هذا المؤتمر كخطوة أولى من أجل احلال السلام في ليبيا، فيما قالت صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية، إن إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، باتت مسألة قومية للأوروبيين الذين تهددهم أزمة اللاجئين؛ إذ تحولت ليبيا في السنوات الأخيرة إلى منطقة عبور رئيسية للمهاجرين في شمال أفريقيا.
ورأت الصحيفة أن «ألمانيا» تسعى أيضًا إلى الخروج بضمانات كافية تُفعّل حظر بيع السلاح للأطراف المتحاربة، والذي بقي إلى تلك اللحظة حبرًا على ورق، حسب الصحيفة.

أردوغان منبوذا
وفي تصريح له قال محمد ربيع الديهي، الباحث في العلاقات الدولية، إن ما سيتمخض عنه مؤتمر برلين من قرارات لن يكون في صالح تركيا وفايز السراج لأسباب عدة، أهمها أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بات يملك القليل من الأصدقاء في حوض المتوسط، بشقّيه العربي والأوروبي، باستثناء علاقاته القويّة مع حركة الإخوان، وقطر، وحُكومة السراج في ليبيا.
وقال الباحث إنه بعد أن أصبحت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، هي المسيطرة على الأراضي الليبية، وتمكنت من غلق الباب أمام «أردوغان» لإرسال أي ميليشيات وجماعات إرهابية إلى ليبيا بعد استعادة مدينة سرت، يواجه الرئيس التركيّ ضغوطًا اقتصادية أمريكية  وأوروبية مُتصاعدة من أجل إصلاح سلوكه الملتوي في المنطقة.
وأضاف الباحث أن حضور قوى كبرى لمؤتمر برلين يعطيه أهمية وزخمًا؛ إذ ما سيخرج عنه من توصيات ستكون لها تأثير قوي وسيلتزم الجميع بتنفيذها، خاصةً في ظل تخوف الأوروبيين بشكل خاص من أن تصبح ليبيا «سوريا ثانية»، مع تدويل متزايد للنزاع، كما ترغب ألمانيا في تخفيف الضغط الذي يشكله ملف الهجرة على حدود الاتحاد الأوروبي والتخفيف من مخاطر تهديدات الإرهابيين.
وأشار إلى وجود تقارير إعلامية تؤكد أن مسودة البيان الختامي للمؤتمر أعدتها الأمم المتحدة من 3 مسارات تتعلق بوقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق حازم لحظر توريد الأسلحة، وإصلاحات اقتصادية وأمنية، وهي المسودة التي أحالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، إضافةً إلى أن الحضور في المؤتمر هم قيادات وزعماء الدول، ما يعني أن أي تفهم سيتم التوصل إليه خلال المؤتمر ستلتزم به جميع الدول.
وأكد الباحث في العلاقات الدولية أنه من المؤكد أن تلك الالتزامات لن تكون في صالح حكومة السراج وتركيا، خاصةً أن القوى الأوروبية والعربية والدولية التي تحضر المؤتمر ترفض التدخلات التركية في ليبيا، وربما يتم من خلال المؤتمر الضغط على «السراج» للقبول بإجراء انتخابات في الداخل، ما يعني رحيل الحليف الأول لتركيا في ليبيا في ظل الرفض الشعبي له.

شارك