المعارضة التركية تستعد لـ«نسف» نظام «أردوغان» الرئاسي

الخميس 23/يناير/2020 - 02:58 م
طباعة المعارضة التركية شيماء يحيى
 
اتسم المشهد السياسي الداخلي في تركيا بالكثير من التخبط والصراعات خلال العقد الأخير؛ إذ بدأت أحزاب المعارضة في اتخاذ خطوات متسارعة صوب إلغاء النظام الرئاسي الذي طُبق عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو 2018، مطالبة بالعودة إلى النظام البرلماني، فيما يعد ضربة قاصمة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان.

عقب لقاء الرئيس التركي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 8 يناير 2020؛ لمناقشة الأوضاع في سوريا وليبيا، شكلت المعارضة تحالفًا واسعًا للمطالبة بإنهاء نظام الرئاسة التنفيذية المعمول به منذ عام 2018.

 

وتعمل الأحزاب المشكلة من «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، بالتعاون مع شريكه في «تحالف الأمة»، «الحزب الصالح»، الذي تتزعمه السياسية ميرال أكشينار، وحزب «المستقبل»، الذي يترأسه رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، إضافةً للحزب المنتظر إعلانه قريبًا من قبل وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، وحزب «السعادة» المنتمي للتوجه الإسلامي، على إسقاط النظام الرئاسي، الذي منح صلاحيات شبه مطلقة لأردوغان، دون الرجوع للمشرع البرلماني، وتقييد سلطات التشريع، الأمر الذي سمح للسلطة التنفيذية بإبقاء القضاء تحت تأثيرها.

 

ويمثل النظام الرئاسي أحد أهم القضايا المثيرة للجدل في الداخل التركي، وربما تكون هذه القضية مدخلًا جديدًا للمعارضة للإطاحة بالحزب الحاكم «العدالة والتنمية» وتحقيق بعض الانتصارات النادرة منذ توليه حكم البلاد في عام 2002.

 

مَنح النظام الرئاسي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، فأعطى له حق إصدار مراسيم بقوانين دون الرجوع للبرلمان، ويعد ذلك تجاوزًا لشرعيته، ومنذ أن تم العمل بالنظام الرئاسي، صدر 31 مرسومًا من أصل 55 مرسومًا رئاسيًّا؛ لتعديل المراسيم السابقة؛ إذ أصاب الحكم الفردي قطاعات  الاقتصاد والتعليم والصحة بالانتكاسة، وافتقر النظلم إلى الكفاءة وتجاهل الدستور والقانون.

 

وأكدت المعارضة التركية مسؤولية هذا النظام الرئاسي عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في الداخل التركي من تدهور، إضافةً لخضوع السياسة الخارجية والعلاقات لحكم الذاتي للشخص الواحد المتمثل في «أردوغان»، بعد أن تم دمج جميع المؤسسات المهمة في الدولة برئاسة الجمهورية، وعدم الرجوع للبرلمان والحكومة في اتخاذ القرار.

 

وأدى تدهور الأوضاع الديمقراطية في العقد الأخير، الى أن أصبحت تركيا الأخيرة من بين 41 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تصنيف سجلاتها الخاصة بالحقوق والحريات السياسية.

 


شهدت البلاد حالة من قمع الحريات خاصةً في الإعلام والصحافة، واللذان  شهدا أسوأ لحظات، إذ واجه الصحفيون في عهد «أردوغان» الكثير من القمع، واتهمت الصحف المعارضة بالإرهاب مثلما حدث في أزمة صحيفة «سوزكو»، وتصدرت تركيا معدلات الدول التي تقمع الصحفيين، ووفقًا للجنة حماية الصحفيين، التابعة للمنظمات الأوروبية، سجنت السلطات التركية 47 صحفيًّا في عام 2019 .

 

وفي تقرير منظمة «فريدوم هاوس» لحقوق الإنسان لعام 2019، سجلت تركيا 31 نقطة من أصل 100، وأصبحت تحت تصنيف «غير حرة»، لما تشهده من حالات قمع بداخل السجون، وكشفت تقارير حقوقية تسجيل نحو 120 حالة وفاة تحت التعذيب في السجون، كان آخرها؛ إدعاء سلطات البلاد انتحار الفلسطيني، زكي مبارك، شنقًا بعد اعتقاله بتهمة التجسس.

 

ومنذ تولي رجب طيب أردوغان سدة الحكم في تركيا عام 2005، ارتفع عدد المعتقلين السياسيين، وفقًا لصحيفة «زمان» التركية، الى 240 ألفًا، مقابل 52 ألفًا قبل سيطرة حزب «العدالة والتنمية» على الحكم في البلاد، واستحدثت الحكومة قانونًا يسمح بسجن الأطفال، فيما رصدت منظمات حقوقية حالات تعذيب للأطفال والنساء في التحقيقات، إضافةً إلى وجود 700 طفل في السجون، 64% منهم تحت سن 3 أعوام.

 

وأكدت ميرال أكشينار، زعيمة الحزب الصالح المعارض، أن 64% من الشعب التركي يريد العودة إلى نظام برلماني مع دستور مدني، يسمح بالتشاور في اتخاذ القرارات، وعدم اندراجها تحت الحكم الذاتي للفرد الواحد.


وتتداول الأوساط السياسية التركية الحديث عن سخط متزايد على النظام الرئاسي داخل حزب «العدالة والتنمية»؛ ما أدى إلى نفور الكثير من الأعضاء منه والهروب من سياسة «أردوغان» الذي يتبعها في إدارة الحزب، من ضمنهم استقالة أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء الأسبق وتأسيسه حزب «المستقبل» الجديد، الذي شكّل ضربة قاصمة لأردوغان، وأيضًا استقالة على باباجان، وزير الاقتصاد الأسبق، وإعلانه عن قيام حزب جديد قريبًا.

شارك