أردوغان وكورونا ...إجراءات المواجهة تثير القلق وتمهد للأسوأ

الأحد 29/مارس/2020 - 01:01 ص
طباعة أردوغان وكورونا ...إجراءات فاطمة عبدالغني
 
في أعقاب التسارع غير المسبوق بعدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد ووصل عدد وفيات فيروس كورونا في تركيا إلى 92 حالة، دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة 27 مارس، أكثر من 80 مليون مواطن إلى تطبيق "الحجر الصحي الطوعي"، وعدم مغادرة منازلهم إلا من أجل الاحتياجات الأساسية والطارئة. 
كما أعلن أردوغان تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية، وقال إن مجالس لمكافحة الوباء سيتم تشكيلها في 30 مدينة كبرى في تركيا لاتخاذ احتياطات إضافية إذا لزم الأمر.
فيما أعلن وزير الداخلية التركي فرض حجر على 12 منطقة في إجراء يهدف للحد من انتشار فيروس كورونا المُستجد.
يأتي هذا فيما عرضت وسائل إعلامية تركية، مقطع فيديو، السبت 28 مارس، يرصد كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي عقده من مقر إقامته بالعاصمة أنقرة، قال فيها "سيخضع جنودنا مدة 14 يوما في الحجر الصحي الملائم، وسيتم استدعاؤهم وتسريحهم بطريقة مضبوطة."
وكانت وزارة الداخلية التركية أعلنت  السبت، تفشي وباء كورونا بين أفرادها، بعد تأكد إصابة 15 فردًا من رجال الشرطة بفيروس كورونا، من بينهم مديران للأمن.
وقالت صحيفة "حرييت" التركية، إن 15 فردًا من قطاع الشرطة في تركيا قد أصيبوا بفيروس كورونا الجديد، وأن محافظة إسطنبول سجلت وحدها 10 إصابات لرجال الشرطة، بينما سجلت محافظة صقاريا حالتين، وإزمير حالة واحدة، وكذلك سامسون وريزي. وأن من بين المصابين 2 من مديري الأمن، بالإضافة إلى 7 ضباط وحارس واحد
وتأتي إجراءات أردوغان لمواجهة كورونا في أعقاب تجاوز وتيرة العدوى في تركيا نظيرتها في كثير من الدول الأخرى خلال الأسبوعين الماضيين بتسجيل نحو 2100 حالة جديدة خلال 24 ساعة وفق ما ذكره وزير الصحة مساء الجمعة.
كما تأتي الإجراءات المشددة بعد إنكار مُتواصل على مدى أسابيع ورفض للتحذيرات الداخلية والأممية، حيث اعترفت وزارة الصحة التركية في 17 مارس الجاري بأولى حالات الإصابة بفيروس كورونا، لتصل أعداد المُصابين خلال 10 أيام فقط إلى حوالي 6000 مُصاب، في إحدى أكبر نسب التسارع التي شهدها العالم، بينما يؤكد علماء وخبراء أتراك ودوليون أنّ كورونا بات يضرب بالفعل تركيا بشكل أقوى من إيطاليا.
وفي وعد زائف جديد لا يستند إلى الحقائق العلمية والطبية الحالية في العالم، كان الرئيس التركي قال، الخميس 26 مارس، إنّ تركيا سوف تتغلب على تفشي فيروس كورونا خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من خلال الإجراءات الجيدة مع الحدّ من الأضرار إلى أقل حد ممكن، فيما مددت أنقرة إغلاق المدارس، الذي جاء مُتأخراً جداً، حتى 30 أبريل القادم.
وحذّر خبراء في جامعة هارفارد من أنّ الأرقام الحالية تُشير إلى أنّ تركيا تسير على خُطى إيطاليا في سرعة انتشار فيروس كورونا، خاصة وأن الكثير من الأشخاص غير مُدركين بعد لخطر تسونامي الفيروس الذي ينتظرهم فيما لو لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات المُشدّدة.
من ناحية أخرى علق موقع "المونيتور" الأمريكي، على دعوة أردوغان لأكثر من 80 مليون مواطن تركي إلى تطبيق "الحجر الصحي الطوعي"، بعدما قفز عدد الإصابات بفيروس كورونا في البلاد بواقع الثلث في يوم واحد، وهي أكبر قفزة شهدتها البلاد منذ أن ضربها الفيروس. 
وتابع الموقع أن الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها أردوغان، الجمعة 27 مارس، وأبرزها تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية، تأتي وسط قلق من المسئولين الاقتصاديين في الحكومة بشأن التأثير المحتمل للحظر على الاقتصاد التركي الهش بالفعل. 
وكان وزير الصحة التركي فخرالدين قوجة، أعلن الجمعة، تسجيل 2069 إصابة جديدة بكورونا و17 وفاة، ليرتفع عدد الإصابات في يوم واحد إلى 5698 والوفيات إلى 92، وهي أكبر زيادة في معدل الإصابات والوفيات منذ أن أبلغت الدولة عن أول حالة إصابة في العاشر من مارس الجاري.
وعلى أساسه، دعت الحكومة إلى "حجر صحي طوعي" يبقى بموجبه الأتراك في منازلهم باستثناء التسوق أو للاحتياجات الأساسية، كما تقرر وقف جميع رحلات الطيران الدولية، وأن يكون السفر بين المدن خاضعا لموافقة حكام الأقاليم.
ولفت الموقع إلى أن الحكومة لم تقدم بعد تفصيلًا بشأن الإصابات وأماكن الإصابة، فحتى الآن لم تكشف الحكومة عن عدد الحالات المسجلة في منطقة البحر الأسود الساحلية وفي مواقع الإغلاق على وجه الخصوص.
وأضاف موقع "المونيتور" أن القيود الجديدة جاءت وسط احتجاج شعبي متزايد على فرض حظر وطني في البلاد، حيث يُبدي العديد من الخبراء توقعات قاتمة بأن تركيا قد تتجه إلى نفس الكارثة التي حلت بإيطاليا، مع ارتفاع عدد القتلى في الدولة الأوروبية إلى أكثر من 9000 حتى 27 مارس.
وأكد الموقع الأمريكي أن المسئولين الاقتصاديين في الحكومة قلقون بشأن التأثير المحتمل للحظر على الاقتصاد التركي الهش بالفعل، والذي لم يتعاف بالكامل من أزمة العملة في أغسطس 2018، قائلا: "إن تأثير الأزمة واضح بالفعل على الاقتصاد مع تراجع الليرة التركية مقابل الدولار والعملات الأخرى".
هذا وكان موقع "المونيتور" الأمريكي، كشف عن وجود انقسامات كبرى ضربت الحكومة التركية بسبب رفض وزراء الرئيس رجب طيب أردوغان فرض حظر على حركة المواطنين، وتعليق العمل بالكثير من المؤسسات.
وأكد تقرير المونيتور المنشور الجمعة إن مسئولو الصحة العامة يحاولون الضغط على الحكومة من أجل اتخاذ قرار بإغلاق حكومي شامل كما فعلت معظم دول العالم، إلا أن صناع القرار وخصوصًا في القطاع الاقتصادي رفضوا الفكرة بسبب تأثيرها المحتمل على الاقتصاد المتدهور بالفعل.
وقالت مصادر مطلعة لـ "المونيتور" إن أردوغان يميل إلى رأي صناع القرار، على الأقل في الوقت الراهن، وأن منحى تركيا المتزايد في الإصابات بفيروس كورونا يشير إلى أنها ستكون إيطاليا الثانية التي تشهد أكثر من 7500 حالة وفاة وعشرات الآلاف من المصابين.
وأشار التقرير إلى أنه إذا استمرت المعدلات بنفس الوتيرة حيث يصل معدل الوفيات عند 2.5%، فخلال أسابيع سيكون هناك أكثر من 4 مليون تركي مصاب بالفيروس، مع وفاة 250 شخص على الأقل خلال 10 أيام وقد يصل العدد إلى 100 ألف وفاة في غضون أسابيع.
ونقلت "المونيتور" عن مصادر إنّ صانعي السياسة الأتراك على خلاف حول كيفية تغيير الاتجاه، حيث يؤيد البعض إغلاق حكومي كامل بينما يعارض البعض الآخر مثل هذا الإجراء، وتابعت أن المجموعة الأولى يقودها وزير الصحة فخر الدين قوجه وأعضاء اللجنة العلمية للفيروس، بينما يقود المجموعة الرافضة لإجراءات الحظر وزير المالية بيرات ألبيرق وهو أيضًا صهر أردوغان، حيث يرى أن الاقتصاد التركي متعثر لا يتمتع برفاهية التوقف الكامل، ويلقى دعم أردوغان الكامل.

شارك