محاكمات عناصر داعش أمام المحاكم الألمانية على جرائمهم خارج البلاد لم تعد مستحيلة

الثلاثاء 26/مايو/2020 - 02:04 م
طباعة محاكمات عناصر داعش هاني دانيال
 
برلين- خاص بوابة الحركات الإسلامية
وضعت السلطات الألمانية نصب أعينها ملاحقة عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذين يحملون الجنسية الألمانية أو غيرهم خلال الفترة المقبلة، عن الجرائم التى تم ارتكابها فى السابق، وخاصة فى سوريا والعراق، وبدأت محاكمة البعض منهم فى الفترة الأخيرة، على أن يتم ملاحقة البقية، وهى الإجراءات التى تصر عليها الحكومة الألمانية فى ضوء دعوات واشنطن بضرورة إستعادة أوروبا للمقاتلين الأجانب. 
وهناك العديد من المحاكمات التى تتم أمام المحاكم الألمانية بتهمة احتجاز الطفال كعبيد، وعدم تقديم العون لهم حتى وفاة بعضهم، سواء فى ميونخ، دوسلدورف، ويساعد القانون الدولى فى تقديم المزيد من الدعم لكى تقوم السلطات الألمانية بغصدار مذكرات توقيف واعتقال داخل الاتحاد الأوروبي، حتى يتم امتثال الجناة أمام المحاكمة.  
محاكمات عناصر داعش
خاصة في ضوء تقارير  تشير إلى أنه في السنوات الخمس الماضية عاد 122 من مقاتلي"داعش" من سوريا أو العراق إلى ألمانيا، وبدء محاكمة بعضهم وفق توفر الأدلة اللازمة .
وعلى سبيل المثال تمت محاكمة  مواطن عراقي في فرانكفورت إبريل الماضي، بتهمة وفاة طفلة إيزيدية تبلغ من العمر خمس سنوات في 2015 في الفلوجة غربي العراق، استنادا إلى معلومات أفشت بها زوجته جنيفر، عضوة تنظيم "داعش" بعد أن تحدثت في يونيو السابق ربط الطفلة الإيزيدية في مكان تحت الشمس عقوبة لها على تبولها في السرير حتى ماتت الطفلة متأثرة بتعذيبها.
كما تحاكم جنيفر أيضا أمام محكمة فى ميونخ بسبب التهمة، لأنها تركت الطفلة ولم تقدم لها المساعدة، ولم تنقذها من بطش زوجها المقاتل الداعشي، وهو ما اعتبرته المحكمة مشاركة فى جريمة القتل.
الغريب فى الأمر أنه تم القبض على المواطن العراقي  في مايوالماضي في اليونان  بموجب مذكرة اعتقال ألمانية وتم تسليمه في أكتوبر إلى ألمانيا، لتصبح  المحاكمة الأولى ضد مقاتل داعش الذي ارتكب جرائم ضد الأقليات الدينية فى سوريا والعراق.
من جانبه  قال ألكسندر شفارتس الخبير القانونى الألماني إنه من الصعب التأكيد بأن الجناة فعلاً كانوا ينوون القضاء على المجموعة العرقية بكاملها، ولكن لأول مرة تتعقب النيابة العامة جنحة في الخارج"، يعني أن الجنحة لم تُرتكب في ألمانيا والجناة ولا الضحايا ليس من الألمان.
وتمت الإشارة إلى أن القانون الجنائي الدولي يلعب دورا في عمل النيابة العامة دوراً متزايداً. فعندما بدأت في الـ 4 مايو في هامبورج المحاكمة ضد العائدة التابعة لتنظيم "داعش" أميمة أ. البالغة من العمر 35 عاماً، ورد في لائحة الاتهام كذلك تهمة الجريمة ضد الإنسانية، لأن أرملة المقاتل المعروف في "داعش" الإرهابي دنيس كوسبيرت احتجزت في بيتها بنتا إيزيدية تبلغ من العمر 13 عاماً كعبدة، وعندما عادت أميمة أ. في 2016 من منطقة الحرب السورية، عاشت ثلاث سنوات بدون أن تثير الانتباه في هامبورج، ولم تكشف عها سوى تحريات الصحفية جنان موسى بعد أن أماطت اللثام عن الأدلة الضرورية، وكانت موسى قد عثرت في سوريا على الهاتف النقال الذي كانت تستخدمه أميمة هناك، وفيه آلاف الصور والفيديوهات التي يمكن بفضلها تتبع حياة العضوة في "داعش" بسوريا.
المتهمة الثانية سارة، الشابة الألمانية  قررت حسب المحققين الانضمام إلى التنظيم الإرهابي في الحرب منذ 6 سنوات وإلى جانب احتجاز عبيد تُتهم سارة و بالعيش في شقق مع زوجها وأطفالها منحها إياها تنظيم "داعش"، والجريمة تتعلق بطرد السكان الأصليين للشقق السكنية ومنحها لمقاتلي التنظيم بالقوة، وإلا يتم قتل أصحابها فى حال عدم امتثالهم لتعليمات التنظيم، وهو ما أشارت إليه إذاعة صوت ألمانيا فى تقرير لها، بأنه لأول مرة تم استخدام هذا التفسير في المحاكمة ضد زابينه ش. التي حُكم عليها في يوليو 2019 في شتوتجارت بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب جرائم حرب ضد ممتلكات من خلال السطو على شقتين.
وفى هذا السياق اتهمت النيابة العامة فى ألمانيا عائدين من صفوف "داعش" بخرق القانون الجنائي الدولي، وهذا ما صعبته المحكمة الاتحادية العليا في مايو 2018 عندما كانت تُطرح قضية الألمانية زيبل هـ. البالغة من العمر 33 عاما، بعد أن سافرت المرأة من بلدة أشافينبورج مرتين إلى منطقة داعش، الأولى في 2013 بعدما قُتل زوجها الأول عادت كأرملة في 2014 إلى المانيا، حيث تزوجت مجدداً من رجل من الأوساط السلفية وغادرت معه للمرة الثانية إلى منطقة نفوذ "داعش" حيث أنجبت هناك طفلين، وفي خريف 2018 تم تحريرها في النهاية من سجن كردي في شمال العراق وتسليمها إلى ألمانيا، حيث كان بإمكان زيبل أن تبقى طليقة، لأن المحكمة الاتحادية العليا رفضت حينها مذكرة اعتقال ضدها، بحجة أنه لا يكفي أن تشارك "في الحياة اليومية في منطقة داعش" كي تصبح عضواً كاملاً في التنظيم الإرهابي.
يأتى ذلك في الوقت الذى طالب فيه  القضاة الألمان بأدلة لتبيان أن شخصاً ما قدم الدعم بشكل ملموس لـ "داعش" أو قاتل من أجله، فى ضوء تبريرات المحامين بأن النساء المتواجدات في منطقة سيطرة "داعش" لا يملكن حق القرار وبالتالي فهو يرفض حجج المحققين الألمان بشأن تهم "النهب من خلال السكن".
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذرت فيه صحيفة "فيلت" الألمانية من ارتفاع جديد في أعداد اللاجئين بسبب محاولات عناصر "داعش" في سوريا والعراق تعزيز مواقعهم والفرار من مناطق الصراع إلى أوروبا، خاصة وأن تعليق العمليات من قبل التحالف العسكري الدولي بسبب جائحة كورنا "ترك فراغا في السلطة تحاول داعش استخدامه"، جنباً إلى جنب مع انتشار الفيروس التاجي في المنطقة، والذي قد يؤدي إلى "زيادة في الهجرة المتعلقة باللجوء على المدى القريب". 
كشفت الصحيفة إنه تم تقديم ما مجموعه 164,718 طلب لجوء في الفترة المذكورة، معظمها في إسبانيا، وبهذا لم تعد ألمانيا وجهة طالبي اللجوء الأولى كما في الماضي، لتحتل المرتبة الثانية بـ 33,714 طلبا.

شارك