هل ينجح البرلمان التونسي في سحب الثقة من الغنوشي؟

الأحد 31/مايو/2020 - 10:25 ص
طباعة هل ينجح البرلمان حسام الحداد
 

كشفت النائبة عن كتلة الحزب الدستوري الحر في تونس، عبير موسي، يوم الجمعة ٢٨ مايو ٢٠٢٠، أن عريضة المطالبة بسحب الثقة من رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي، بسبب تدخله في السياسة الخارجية للبلاد، جمعت 80 ألف توقيع.

وأوضحت موسي، في مؤتمر صحفي بثته على موقع فيسبوك، أن العريضة مرشحة لتصل إلى ما يقارب مئة ألف توقيع بنهاية الأسبوع الجاري، لأجل المطالبة بإبعاد الغنوشي.

وأكدت أن مطلب سحب الثقة من الغنوشي، لم يعد صادرا عن كتلة الحزب الدستوري الحر فحسب، بل صار مطلبا للشعب التونسي بأكمله، لأنه يزج بتونس في سياسة المحاور الإقليمية.

وفي وقت سابق، بدأ الحزب الدستوري الحر في تونس اعتصاما داخل المبنى الفرعي لمجلس النواب، احتجاجا على ما وصفته بـ"تغول" الغنوشي وتهربه من المساءلة.

ويستمر الحشد للعريضة فيما يتجه البرلمان التونسي إلى عقد جلسة عامة في الثالث من يونيو المقبل، لـ"مساءلة" الغنوشي بشأن التدخلات في الأزمة الليبية.

وأوضح مكتب البرلمان، أنه ستتم مساءلة راشد الغنوشي بشأن اتصالاته الخارجية فيما يتعلق بليبيا، وحول الدبلوماسية التونسية.

وأجج الغنوشي غضبا واسعا في تونس بعدما أقدم على تهنئة رئيس حكومة طرابلس، فايز السراج، على ما اعتبره "انتصارا" للميليشيات، في إشارة إلى الانسحاب التكتيكي الذي قام به الجيش الوطني الليبي من قاعدة الوطية.

وشددت موسى على أن الكتلة ترفض أي تدخل في الجارة ليبيا، كيفما كان نوعه، نافية أن يكون رفض التدخل التركي بدافع الانتصار لأطراف أخرى في النزاع.

وأضافت أن هذا التدخل في ليبيا يمس بالأمن القومي التونسي وأمن المنطقة المغاربية، "وهو مرفوض"، وشددت على أن تونس لن تكون قاعدة للقيام بهذا التدخل.

وأوردت أن الجلسة المرتقبة في الثالث من يونيو في البرلمان التونسي ستسائل الغنوشي حول تجاوزاته الخطيرة، وعلى محاولات جره المؤسسة التشريعية إلى سياسة المحاور والاصطفاف.

من جانبها، لم تسكت أحزاب برلمانية تونسية على ما حدث، إذ أدانت 7 أحزاب سياسية، (التيار الشعبي، والعمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، والقطب، وحركة البعث)، ذلك الاتصال الهاتفي.

واعتبرت الأحزاب السبعة أن خطوة الغنوشي تعتبر "تجاوزا لمؤسسات الدولة، وتوريطا لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان وحلفائها".

والت د نيفين مسعد لبوابة الأهرام عن المدافعين عن الغنوشى انهم حاولوا تبرير تهنئته السراج بعدد من المبررات المتهافتة ، أحدها أنه وقف مع الحكومة التى تتمتع بالشرعية الدولية. والحق أن الشرعية الدولية فى الحالة الليبية كلمة حق يراد بها باطل لأن الترتيبات التى تمخض عنها اتفاق الصخيرات عام 2015 لم يعد لها وجود من الناحية العملية، سواء بانقضاء مداها الزمنى أو بتقلص أعضاء المجلس الرئاسى الذى أتت به.

والمبرر الآخر أن الغنوشى تحرك لأن كلاً من رئيسى الجمهورية والحكومة لم يقوما بواجبهما فى إيجاد حل سياسى للصراع الليبى، علماً بأن الصراع شديد التأثير على الداخل التونسى، وبالتالى فأن تستعيد حكومة السراج قاعدة الوطية الاستراتيجية القريبة من ولاية تطاوين جنوب شرقى تونس فإن هذا يقلب الميزان العسكرى و يمهد للتفاوض ويسهم فى تهدئة الحدود التونسية - الليبية . هذا التبرير به كم لابأس به من التلبيس، فهو يتهم رئيسى الدولة والحكومة بالتقصير، وكأنه كان المطلوب منهما إرسال قوات لمساندة حكومة طرابلس تمهيداً للتفاوض، ويتجاهل أن أردوغان سبق أن حاول توريط تونس فى الصراع الليبى بادعائه الاتفاق مع قيس سعيد على دعم السراج، لكن بيان الرئاسة التونسية نفى ذلك، أما مسألة هدوء الحدود التونسية - الليبية فهو العجب العجاب وذلك أن تطاوين بالذات كانت ساحة لنشاط الجماعات الإرهابية فى الوقت الذى كانت فيه قاعدة الوطية بيد حكومة السراج، وفى عام 2016 سقط 4 من قوات الحرس الوطنى التونسى فى أثناء دهمهم إحدى البؤر الإرهابية فيها. المبرر الثالث أنه سبق للرئيس الجزائري بوتفليقة التفاهم مع الرئيس التونسى السبسى أن طلبا من الغنوشى التوسط لدى الفصائل الإسلامية الليبية التى يحتفظ بعلاقات وثيقة معها لقبول التفاوض مع حفتر ، أى أن علاقة الغنوشى ب الصراع الليبى تعود لعدة سنوات مضت فما وجه الخطأ فى أن تستمر العلاقة إذن؟.

ورد د نفين على هذا التبرير أن سياق تدخل الغنوشى مختلف، فهناك فارق بين أن يؤيد السبسي تدخل الغنوشى وبين أن يتدخل الغنوشى من تلقاء نفسه ودون استشارة قيس سعيد، ثم إن الغنوشى عندما تدخل بتأييد من السبسى لم يكن رئيساً للبرلمان ولا حتى عضواً فيه بل كان رئيس حركة النهضة فقط لا غير، وبالتالى فعندما تحدث فإنه تحدث باسم حركة النهضة، وكان بوسعه وهو حالياً رئيس البرلمان, أن يعهد بذلك لأحد القياديين فى الحركة ولا يقدم على التهنئة بنفسه. سيتعرض الغنوشى إذن للمساءلة البرلمانية بعد أيام قليلة وهذا يمثل فى حد ذاته نصرا كبيرا لعدوته اللدودة عبير موسى، وهي امرأة شديدة الجرأة والثبات والوضوح بعكس سياسيين آخرين، وعلى المستوى الشخصى لا أفهم كيف تحالف السبسي مع الغنوشي ثم عاد يتهم النهضة بالتدبير لاغتياله من خلال جهازها السرى، ولا كيف رشح نبيل القروى نفسه لرئاسة الجمهورية بهدف التصدي لحركة النهضة ثم تحالف مع الغنوشى وهاهو مجدداً يطالب بمحاسبته . أما الغنوشى نفسه وأياً كانت نتيجة الجلسة البرلمانية فى 3 يونيو فإن الهالة التى أحاطت به كمؤسس لحركة النهضة ومنظّر للتيار الإسلامى فى تونس ومناضل سياسي قديم إلخ ...قد سقطت، وهل أدل على السقوط من أن الغنوشى فى كل مرة فتح فيها قناة للتواصل مع تركيا وحلفائها من وراء ظهر الدولة اضطر للكذب والمناورة وإخفاء جزء من الحقيقة للهروب بفعلته؟ لقد سبق أن توسط راشد الغنوشى لدى الإخوان فى عام حكمهم الكارثى لمصر، وطالبهم بإدراك متغيرات الواقع المصرى الجديد، فمن ياترى يتوسط اليوم لدى الغنوشى ليقنعه بأن الواقع التونسي يتغير فى غير مصلحته؟.

وأخيرا وحسب كل ما تقدم يبقى السؤال المطروح هل يستطيع البرلمان التونسي سحب الثقة من الغنوشي؟

شارك