دراسة تكشف خفايا واطماع خليفة الإرهاب أردوغان في " سرت "

الخميس 25/يونيو/2020 - 11:23 ص
طباعة دراسة تكشف خفايا روبير الفارس
 
بكل صلف وتعالٍ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا تضع ثروات ليبيا النفطية نصب أعينها، وأن حكومة الوفاق ستواصل القتال حتى تسيطر على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية التي تقع بمنطقة استراتيجية في الجنوب بالبلد المنتج للنفط.
وأضاف أردوغان: ”مدينة سرت ومحيطها مهمة لوجود آبار النفط ،وبعد ذلك ستكون العمليات أكثر سهولة، لكن وجود آبار النفط والغاز يجعل العمليات حساسة“.
وفي دراسة نشرتها الكاتبة نجوان عبد اللطيف في مجلة المصور أكدت خلالها عن أهمية مدينة سرت التي  يتحدث عنها أردوغان  وكأنها ميراث من الدولة العثمانية البائدة التي سيطر حلم استعادتها على عقله إلى حد الهوس ،أملاً في ارتداء ثوب الخلافة ، وساهم فى تسلط هذا الوهم انفراط عقد الأمة العربية بين خلافات عربية عربية من جانب ، ومن جانب آخر حروب داخلية أطاحت بدول ،من العراق إلى سوريا إلى ليبيا ثم اليمن وحالياً لبنان ، سمحت لأردوغان، أن يدوس بأقدامه على الأرض العربية فى العراق وفى سوريا ، وأخيراً فى ليبيا .
وقالت نجوان عبد اللطيف
استطاع أردوغان خلال الأسابيع الأخيرة من التواجد العسكرى فى ليبيا تحت عباءة فايز السراج ، من خلال اتفاقيتين إحداهما للتعاون العسكرى والثانية لترسيم الحدود البحرية ، وبأسلحة من الجيش التركي من طائرات مسيرة، لفرقاطة بحرية وبعد أن أقام جسراً جوياً بين أنقرة وطرابلس نقل من خلاله ما بين ١٠ آلاف إلى ١٣ ألف مقاتل مرتزق من سوريا ، تم تدريبهم وتسليحهم واشتركوا مع الميلشيات التابعة للسراج أو المؤيدة له ، واستطاعوا استعادة مساحات كبيرة من محيط طرابلس ، كان الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر سيطر عليها فى عملية استعادة الكرامة، التى بدأها في أبريل الماضي ، وخرجت قوات حفتر من قاعدة الوطية الجوية المهمة ، ومن مدينة ترهونة مقر غرفة عملياته العسكرية في الجنوب.و
لم يكتف أردوغان بما حققه ، ولكن الغرور جعله يرغب في السيطرة على سرت وجاء بالدراسة أن 
سرت تقع فى المنتصف بين شرق ليبيا وغربها ،على مسافة ٤٥٠ كيلو من العاصمة طرابلس ، ومن يسيطر عليها يستطيع الوصول للهلال النفطي ، هي موقع إستراتيجى مهم ، إضافة إلى وجود قاعدة عسكرية برية وأخرى جوية ، وبينها وبين قاعدة الجفرة الجوية جنوب البلاد طريق سلس ٣٠٠ كيلومتر ، وهى تمثل الآن قاعدة عسكرية مهمة لقوات حفتر ، ولمنطقة الشرق الليبي التي يسيطر عليها ،بخلاف أنها تطل على البحر الأبيض المتوسط بل وتعتبر أطول سواحل ليبية ، ولها ميناء من أهم موانيها ، خاصة لقربه من المثلث النفطي و السيطرة على سرت  تعني التحكم بمداخل الجنوب والشرق والسيطرة على النفط والغاز حقولا وتصديرا،في الهلال النفطي الذي يمثل أكثر من ٦٠ بالمائة من صادرات ليبيا النفطية..
وكان المشير خليفة حفتر ، قد استطاع السيطرة على سرت بالكامل فى يناير الماضى، وقررت القبائل الليبية فى منطقة المثلث النفطي فى الشرق والوسط إغلاق الموانئ والحقول النفطية ، لأن السراج يستغل هذه الأموال في تمويل الميليشيات التى تقتل الشعب الليبي ، مما تسبب في خسارة نحو ٦ مليارات دولار منذ منتصف يناير الماضي، وأصبحت الحكومة مضطرة للسحب من احتياطياتها بالعملة الصعبة لدفع المرتبات، فالمؤسسة النفطية التى تدير اقتصاديات النفط تتبع فايز السراج .
سرت هى الهدف الحقيقي لأردوغان الذى دخل ليبيا ليبقى ،والذى لا يخفي مطامعه ويتحدث عنها بكل صلافة ، النفط والغاز والوجود فى شمال إفريقيا ، والسيطرة على شرق المتوسط ،والفوز” بكعكة الإعمار” ،وهو  موقع يحقق له ثقلاً أمام الأوروبيين الكائنين أمام ليبيا على الضفة الثانية ،ويتيح له أن ينهل من ثروات ليبيا ليحل أزمته الاقتصادية ،والتى أدت لتدهور كبير فى قيمة الليرة التركية أمام الدولار ،كما يسمح له إذا امتد أكثر نحو الشرق الليبي ، ليصبح شوكة فى حدود مصر الغربية ، وهو الذي يعتبر مصر عدوا له ،ويتحالف مع جماعة الإخوان الإرهابية المنتمى لها فكرياً، ضد الدولة المصرية، وتضيف نجوان عبد اللطيف قائلة إن طموحات الرئيس التركى ليست في الحصول على أكبر حصّةٍ مُمكنةٍ من النفط والغاز الليبيين فقط، وإنما تمتد أيضًا إلى تكريس النفوذ التركي في ليبيا، سِياسيًّا وعَسكريًّا، وهذا ما يفسرما كشفته صحيفة “يني شفق” المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، عن خطّة لإقامة قاعدتين عسكريتين تركيتين، الأولى جويّة في قاعدة عقبة بن نافع (الوطية) جنوب غرب العاصِمة طرابلس ، أردوغان قال إنه لا حديث الآن عن وقف لإطلاق النار ، أو مفاوضات سياسية قبل سيطرة قوات الوفاق “حلفاؤه،” على سرت .
وجاء بالدراسة أن  بعض الروايات تقول  أن سرت بنيت في القرن العاشر الميلادي على يد الفاطميين على أنقاض مدن فينيقية تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وبنيت سرت الحالية غرب مدينة سرت التاريخية يقال أنشأها أحمد راسم باشا فى عهد الحكم العثماني ، فى ١٨٨٦ ميلادية ، وأن الإيطاليين أعادوا إنشاءها إبان احتلالها لليبيا .
استوطنت في سرت قبائل كثيرة منها العمامرة والهماملة وورفلة والقذاذفة والفرجان ومعدان وأولاد سليمان
مدينة سرت شاهد على أحداث تاريخية هامة فقد وقعت فيها أكبر معركة ضد الإيطاليين في ٢٩ أبريل ١٩١٥ وهي معركة القرضابية الشهيرة والتي اتحد فيها كل الليبيين والتي هزم فيها الإيطاليون ويوجد بها معرض وضريح في مكان وقوع المعركة و
فى سرت عقد أول مؤتمر للوحدة الوطنية ١٩٢٢ أيام الجهاد ضد الغزو الإيطالي لليبيا.
و
فى عهد معمر القذافي حظيت سرت باهتمام كبير من الدولة ،لأنها مسقط رأسه ومنها قبيلته القذاذفة حيث نفذت مشروعات البنية التحتية ،وأُنشئت جامعة سرت في المدينة التي ازدهرت بها حركة التعمير، وانتشرت المباني الحديثة. كما اكتسب ميناء سرت أهمية أكبر مع تطور استخراج النفط البحري. وفي المدينة “مركز واجادوجو” للمؤتمرات، والذى يعد أكبر قاعة للمؤتمرات في ليبيا ومن أهم المراكز في المنطقة، وفيه اعتاد معمر القذافي استقبال ضيوفه ونظرائه من زعماء العالم. وهناك أيضاً مجمع من الخيم على شاطئ البحر الذي استخدمه للترفيه عن كبار الشخصيات الزائرة.، وكان القذافي يرغب فى تحويل سرت إلى عاصمة جديدة ، ولكن لم يستطع ،في أواخر التسعينيات من القرن العشرين شهدت المدينة أهم حدثين في تاريخها هما إعلان الاتحاد الإفريقي في ٩ سبتمبر ١٩٩٩ بمجمّع “قاعات واجادوجو” ،وتوقيع اتفاق سلام البحيرات العظمى. كما عقدت في ٢٠١٠ في ذات القاعة القمة العربية الثانية والعشرون
وكما كانت سرت مسقط رأس القذافي شهدت سرت نهايته فى أكتوبر ٢٠١١ بعد أن اختبأ بها بعد قيام ماعرفت باسم  ثورة الربيع العربي فى فبراير ٢٠١١، وسقطت طرابلس وهرب إلى سرت لتحميه قبيلته ، ولكن مع الغارات الجوية من حلف الناتو وقع في أيدي مجموعات من الشباب ،ليكون مشهد قتله من أصعب المشاهد
وفى ٢٠١٥ سيطرت على سرت جماعة داعش ، وفي ٢٠١٦ حررتها ميليشيات تابعة للوفاق بمساندة أمريكية.
سرت الآن هى محور الصراع فى ليبيا ليس بين الفرقاء الليبيين فحسب ،ولكن بين القوى الإقليمية والدولية أيضاً ، نائب رئيس حكومة الوفاق قال بعد عودته من روسيا أنهم قالوا إن “ سرت خط أحمر”، وكان المفترض أن يسافر وزيرا الخارجية والدفاع الروسي إلى أنقرة للتفاوض مع نظرائهم، ولكن روسيا أجلت اللقاء لأجل غير مسمى ، ويقول البعض إن صفقة روسية تركية كانت ستعقد حول تقسيم مناطق النفوذ فى ليبيا الشرق والوسط وسرت لروسيا ، والغرب والجنوب لتركيا ، وأن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت على الخط لأنها لا تريد لروسيا التواجد فى ليبيا كما حدث فى سوريا ،ومن ثم تعمل على منع تركيا من التقدم على الأرض ، وهو ذات الموقف الأوروبي الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون ، والذي أكد أن الوجود التركي فى ليبيا غير مقبول ، وأن ٧ سفن تركية موجودة الآن أمام السواحل الليبية
وكانت السفارة الأمريكية فى ليبيا، قد دعت جميع أطراف النزاع فى ليبيا إلى وقف التصعيد، محذرة من احتمال وقوع أزمة إنسانية في مدينة سرت جراء التصعيد المستمر، مضيفة بأن التصعيد في سرت سيؤدي إلى زرع الانقسامات التي يمكن استغلالها من قبل الجهات المتطرفة، بعد أن عملت الولايات المتحدة إلى جانب الليبيين للتخلص من داعش. وطالبت بخروج كل الميليشيات الأجنبية من ليبيا وتسليم السلاح ان
سرت المدينة الجميلة القابعة في حضن المتوسط التى تجمع بين صفات المدن الساحلية والمدن الصحراوية ، والتى يعيش أهلها ١٢٥ ألف نسمة حياة البدو ، ويعتمد اقتصادها على الثروة الحيوانية الكبيرة. هى “الكعكة الكبرى” التى يسعى البعض ليلتهمها ،ولكن يبدو أنها ستكون الحجر الذى ينكسر عليه الوجود التركي في ليبيا، الكل الآن اجتمعوا على ( لا للوجود الأجنبي على الأراضى الليبية) حتى وإن كان لكل منهم مقصد مختلف
وهنا تبقى المبادرة المصرية لإنقاذ ليبيا هى الحل لحماية البلد الشقيق من أطماع الخليفة التركي فهل يدرك الليبيون هذا ويجتمعون على إنقاذ بلدهم .

شارك