جرائم الاحتلال العثماني في عدد خاص من مجلة الهلال

الإثنين 07/سبتمبر/2020 - 11:17 ص
طباعة جرائم الاحتلال العثماني روبير الفارس
 
أصدرت مجلة الهلال عدد خاص  عن جرائم الاحتلال العثماني  يعد مرجعا هاما لتذكير أردوغان بجرائم العثمانية التي يريد أحياها من خلال جرائم جديدة ضد الأكراد في سوريا والعراق وضد الليبين تحتوي  العدد أكثر من 50 مقال لمؤرخين وباحثين ونقاد وأدباء من مصر والسعودية والعراق والسودان ولبنان والأردن وتونس وليبيا وفلسطين 
رصدوا جرائم الاتراك وشارك  في العدد:
من مصر:
 دكتور محمد عفيفي، السيناريست  محمد سليمان عبد الملك، الباحث في الشؤون الإسلامية  سعيد شعيب، المستشار حسام العادلي، دكتور خلف الميري،  دكتوره رضوى زكي، دكتور محمد سليم شوشة، دكتور عمرو عبد العزيز منير، الكاتب والباحث ايمن عثمان،  دكتور سامح اسماعيل، الكاتب والباحث وليد فكري، دكتور محمد غنيمة، دكتور جمال كمال، دكتور عبد الوهاب شاكر، الكاتب والباحث طارق أبو السعد، الكاتب والباحث حسن حافظ، الكاتب والباحث عصام زهيري، دكتور نبيل حنفي محمود، دكتور شريف صالح، دكتور فتحي عبد العزيز، الكاتبة والباحثة  منى يسري، الكاتب والباحث محمود عبدالله تهامي، الناقد الفني رامي المتولي، الناقدة الفنية فايزة هنداوي، الكاتب الصحفي ياسر الغبيري، دكتور أحمد غباشي، دكتور أحمد ماهر، دكتور عبد السلام حيدر، الكاتب والباحث أحمد الفران، الشاعرة أمينة عبد الله، الكاتب والباحث حسام حداد. الاعلامي محمد حميده 
و من أرمينيا:
 أرمن مظلوميان 
ومن السعودية:
 الأكاديمي والإعلامي طلال الطريفي
 الناقد أحمد بوقري
 الدكتورة حياة الرشيدي
و
من العراق:
 دكتور علاء إدريس
و
من السودان:
 عبد الجليل سليمان
و
من لبنان:
 الكاتب والباحث فادي عاكوم
و 
من الأردن:
 الكاتب والباحث عاصف الخالدي
و
من تونس:
 الكاتب  باسل ترجمان
و
من فلسطين:
 ميساء أبو زيدان
ومن ليبيا:
 دكتور عبد السلام المهاجر
ومن أهم الدراسات التي نشرتها المجلة دراسة بعنوان 
الاحتلال العثماني وتدمير الشعوب للباحث والكاتب المتخصص في حركات الإسلام السياسي
حسام الحداد وجاء فيها
كانت القاهرة قبل قدوم العثمانلية عامرة بأبنيتها الفخمة وتراثها المعمارى، ما حرض المصريين على المباهاة بها، كانت يد الصنايعي والحرفي المصري أوضح وأجل، بقي منها ما لم تطله يد الحرق والنهب والهدم على يد الأتراك، نراها بوضوح في المساجد والبوابات والمنازل والخانات والأسبلة والأضرحة، كل هذا ما كان للعثمانلية أن يتركونه دون أن يبنون لأنفسهم حاضرة تنافس حاضر الخلافة وحاضرات أوروبا التي لم يستطيعوا بناءها بأيدي الترك.
ومن هنا أدرك سليم الأول أهمية أن ينقل المصريين لصناعة تلك الحاضرة العريقة ليبنوا له حاضرته، وبهذا أقدم على جريمة عانت منها مصر ما يقرب من ثلاثة قرون.
كان الجنود العثمانيون ينقضون على منازلهم أو ورشهم وأماكن عملهم، ثم يشحنوهم داخل سفن كالتي ينقل بها الإسبان والبرتغاليين عبيد أفريقيا إلى القارة الأمريكية، وبمجرد أن تمتلئ تلك السفن، يرسلونهم أفواجًا إلى إسطنبول، فأخذوا البنائين والنجارين والنحاسين والمرخمين والقبانيين والحدادين والوراقين والمبلطين والنحاتين، وغيرهم من أصحاب الحرف المهرة، وأصحاب الفنون، حتى عدهم ابن إياس بخمسين مهنة خلت منها مصر عقب تلك المصيبة، ما أدى إلى انهيار الصناعة والبناء في مصر طيلة عقود وقرون وجودهم في أرض المحروسة.
وقد اتفق المؤرخون على نقل عمال وصناع ثلاث وخمسين مهنة بالقوة إلى الأستانة، وأن الدولة العثمانية بهؤلاء الصناع المصريين بدأت نهضة كل الفنون التركية المعروفة، فبهم أضحت الدولة العثمانية إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس، وحينما تحررت مصر عام 1805 سقطت تلك الإمبراطورية وأضحت رجل أوروبا المريض الذي لا حول له ولا قوة، ولأن حاضرته لم تكن صنيع يديه، تهاوت بنفس السرعة التي بناها فيها الحرفي والصنايعي المصري، وإن كانت بصمات المبدعين الحرفيين المصريين ما زالت موجودة وتميز الحضارة التركية.

وبداية فقد كان اكتشاف البارود واستخدام المدافع سببا فى تنامى القوة العسكريه العثمانيه وتفوقها على كل جيرانها وهو ما أغراها بغزو جيرانها المسالمين الآمنين
رغم أن ديارهم تعتبر حسب النظرية الاسلامية الكلاسيكية ديار الإسلام وليست دار الحرب او الكفر . بل انهم هم الذين علموا الاتراك الاسلام ونقلوه اليهم . لكن الأطماع الاستعمارية التركية ورغباتهم فى السلب والنهب سولت لهم غزو الشرق وخصوصا مصر، وفى البدء كانت موقعة مرج دابق قرب حلب فى سوريا فى 24 أغسطس 1516 م حيث خرج العثمانيين بجيش ضخم عدته 125 مقاتل مزودين بـ 300 مدفع وعدد كبير من حملة البنادق يقودهم السلطان العثمانى سليم الاول . بينما كان جيش المماليك لا يزيد على 25000 جندي (بينهم 5000 جندى أتوا من مصر) تحت قيادة السلطان قانصوه الغورى . واستبسل جنود المماليك وهاجموا الجنود العثمانيين بضراوة حتى اضطربت صفوفهم و تكبدوا خسائر فادحة جعلت السلطان العثمانى يفكر فى عقد اتفاقية هدنة واستطاع العثمانيون تحويل دفة المعركة بفضل المدفعية وخيانة قائد الميسرة (خائر بك) والى حلب الذي انحاز فجأه للجيش العثمانى بل وأعلن أن السلطان قانصوه الغوري قد لقى مصرعه فاهتز
جند المماليك وانهارت معنوياتهم وبدأوا فى الهرب، وانفك الجيش وحقق العثمانيين انتصارا سهلا وقتلوا أعدادا هائله من المماليك كان من بينهم السلطان قانصوه الغورى أثناء محاولته الانسحاب .
وهكذا دخل العثمانيين سوريا ليبدأوا التجهيز لغزو مصر والقضاء نهائيا على دولة المماليك التى حكمت مصر والشام فكانت معركة الريدانية في 22 يناير 1517 حيث زحف سليم الأول صوب مصر على رأس جيش قوامه 125 ألف جندى مزودين بمئات المدافع والبنادق، وأثناء اجتيازهم صحراء سيناء كان أهاليها البواسل يكبدونهم خسائر فادحة كاد الوزير الاعظم يكون من بينها، أما
جيش مصر فقد تكون من 90 ألف جندي (نصفهم من الأهالى) يقودهم السلطان المملوكى الجديد طومان باى، وقد استقدم قوة مدفعية كاملة قوامها 200 مدفع مع مدفعين من الفرنجه، كما وضعت الحواجز في طريق الخيول، وكانت خطة الجيش المصري تقوم على مباغتة العثمانيين، وكاد النصر يكون حليفا لجيش مصر لولا ان الخيانه حولت دفة المعركة مرة أخرى حيث تمكن خائر بك والى حلب الذى انضم للعثمانيين من تأمين خيانة صديقه القديم " جانبر دى الغزالى " والذى أخبر السلطان العثماني بتفاصيل خطة الجيش المصري، والمكان المزمع للاشتباك وحفرت فيه الخنادق وأقيمت الدشم للمدافع، ومرة أخرى حسمت الخيانه المعركة وفقد جيش مصر 25 ألف جندى و فر طومان باى ودخل العثمانيون القاهرة، وعلى الفور انطلق جنود الخلافة الإسلامية المزعومة فى عمليات سلب ونهب مسعوره عمت انحاء البلاد وطالت كل شىء حتى أن الجنود الأتراك اقتحموا البيوت ونهبوا ما فيها من منقول وثابت حتى الاخشاب والسقوف والمشاكي والكراسى النحاسية والبلاط والرخام والمشربيات والشمعدانات، ويروى المؤرخ المصري" ابن إياس " فى كتابه بدائع الزهور أن الجنود الأتراك اتجهوا الى الطحانين فأخذوا البغال والخيول، كما خذوا جمال السقايين ونهبوا كل ما فى شون القمح من غلال، ثم صاروا يأخذون دجاج الفلاحين واوزهم، وحتى أبواب بيوتهم وخشب السقوف، ثم صاروا يخطفون العمائم ويعرون الناس، وأرسل السلطان واحدا من أكثر رجاله توحشا وهو المملوكى الخائن "جانبر دى الغزالى " إلى الشرقية، فوصل إلى نواحي التل والزمرونين و الزنكلون ونهب ما فيها من أبقار وأغنام وأوز ودجاج وقام بأسر الصبيان و سبي الفتيات بزعم أنهم ابناء كفار، وراح يبيعهم في القاهرة بابخس الأثمان، وسارع المصريين لشرائهم من سوق العبيد ثم يهبونهم لأهاليهم، ويكمل ابن إياس أن الجند العثمانيه طفشت فى العوام والغلمان ولعبت فيهم بالسيف، وراح الصالح بالطالح، وصارت جثث مرميه من باب زويلة إلى الرميلة إلى الصليبة فوق العشرة ألاف إنسان في يوم واحد، ثم أحرقوا جامع شيخان فاحترق الإيوان والقبة أما الوالي الذي ولاه سليم حكم مصر فكان يصحو من نومه مخمورا فيحكم فى الناس بالعسف والظلم، وأورد ابن إياس أن أول ما فعله كبير جند الخلافة الإسلامية سليم الأول فكان هو نقل العمال المهرة بالإكراه من مصر الى الاستانة، وبهذا قام بتجريف 53 صناعة انتهت جميعها من مصر فى لحظات، وبهم بدأت كل الفنون والعمارة التركية والتى لا تزال قائمة إلى الآن، ليقضى هؤلاء العمال والصناع حياتهم في المنفى بعيدا عن أسرهم وذويهم الذين ذاقوا مرارة الحاجة بعد أن فقدوا عائلهم، كما أعلن سليم الأول نفسه المالك الوحيد لجميع اراضى مصر، لتكون السرقة بالجملة ليتميز عن جنوده الذين يسرقون بالقطاعى، وسرعان ما تدهورت الحياة الاقتصادية المصرية وانهارت تماما، وفيما عانى المصريون الفقر والجوع فقد أطلق الأتراك يد الولاة ليزيدوا من بؤس المصريين بفرض ضرائب باهظة على الفلاحين يعوضوا ما دفعوه لسليم الأول وأعضاء ديوانه مقابل التعيين في منصب الوالى وبهذا انهارت الزراعة هى الأخرى، وبانهيار الصناعة والزراعة انهارت التجارة بالتبعية، وبالطبع وما عدا كبار الملاك فقد عجز المواطن البسيط عن دفع الضرائب وهو ما عرضه لهمجية ووحشية جنود الانكشارية الذين كانوا مسئولين عن جمع الضرائب، وباعتبار الأتراك أجلاف ليس لديهم سوى الجيش ولم يكونوا أصحاب حضارة فهم لم يكتفوا بتهجير الحرفيين والصناع الى الاستانة بل عمدوا لسرقة الحضارة العريقة التى بنيت فى عهد الدولة العباسية ووريثتها المملوكية، فقام سليم الأول بنهب وسرقة الكتب من المدارس والمساجد مثل مؤلفات السخاوي والمقريزى، بل إن الأتراك
ألغوا كافة أشكال التعليم فى مصر ليفرضوا عليها التخلف لتبقى ولاية تركية، ورغم أن الأزهر قد نجا إلا أنه أصابه التدهور والانحلال وقل عدد المدرسين بسبب توقف السلطة الحاكمة عن الإنفاق عليه، ولولا مساعدات الأهالي لانتهى الأزهر نهائيا، وطبعا ضعف مستوى العلماء والباحثين، أما عن حالة الأمن فى البلاد فقد أصبح الخوف يحكم المدينة، وكانت حياة المواطن لا قيمة لها ويمكن أن يقتله عسكر الانكشارية فى أي لحظة، كما يمكن اختطاف أي امرأة واغتصابها علنا حتى داخل المساجد، وذلك فى عهد الخلافة المسماة بـ الإسلامية،  بل ان الجنود الأتراك كانوا يهاجمون الأسر الثرية ويقتلون الزوج ويتزوجون أرملته بالإكراه قبل ان تنتهى شهور العدة، وأحيانا قبل أن تبدأ، ويروى ابن إياس أن أحد القضاة لم يجز لأحد العثمانية الزواج من امرأة لم تنقض عدتها فشكاه فأحضر ذلك القاضى وبطح وضرب ضربا مبرحا، ثم كشفوا رأسه وألبسوه عليها كرشا من كروش البقر بروثه، واركبوه على حمار بالمقلوب وطافوا به فى شوارع القاهرة، وأصدر سليم أمرا بألا يعقد قاضي مصري عقدا لعثمانى، وخلال قرنين من حكم تلك الخلافة ( الإسلامية ) فإن مصر لم تفقد فقط اقتصادها وأمنها وحضارتها .. بل فقدت ايضا شعبها حيث انخفض عدد سكانها من تسعة ملايين عند بدء الغزو إلى 2 مليون فقط كنتيجة للاستعباد الذي فرضه الأتراك على المصريين، والمجاعات التى صنعوها، والقوانين الهمجية التي فرضوها ومنها فرض ضريبة على الزواج تقدر بأربعة أشرفية فامتنع الزواج وبطلت سنة النكاح على حد قول ابن إياس، وقد جرى كل هذا الإجرام المتوحش باسم الإسلام والزعم باقامة الخلافة الاسلامية حيث اقتيد الخليفة العباسى المتوكل إلى استانبول وأجبر على التنازل عن الخلافة لسليم الأول، ويورد ابن إياس مشهد عودة سليم الأول إلى استانبول قائلا : إن ابن عثمان قد خرج من مصر وبصحبته ألف جمل محملة بما لم يره أبائه ولا أجداده من الذهب والفضة والتحف والسلاح والصينى والنحاس والرخام والخيول والبغال والحمير، وأضاف ابن إياس أن ما نهبه وزراء سليم وعسكره لا يعد ولا يحصى . هذا هو الاستعمار التركى الذي يجعل الصهاينة يشعرون بالفخر ويجعل للتتار أندادا، هذا هو الإجرام الذي تطالب جماعة الإخوان الإرهابية استعادته لحكم مصر، والتعاون معه على هدم الدول العربية بداية من العراق وسوريا وصولا إلى ليبيا فلقد نجح الأتراك في استنساخ تنظيم دولي كبير من أبناء خائر بك والى حلب الخائن . ولما نجح الأتراك في استنساخه ليصبح لدينا في النهاية 400000 خائر بك يجاهرون برغبتهم فى استعادة الكلاب ال مسعورة لتفرض علينا الذل والاستعباد كما فرضوه على الذين من قبلنا .
وكتبت الأديبة الأستاذة أمينة عبد الله. تحت عنوان رأس العين.. التاريخ يعيد نفسه  جاء فيها
في الذكرى المئوية لمذابح الأرمن والتي تتبرأ منها تركيا، وتحاول توصيفها بالحرب الأهلية والتي قادتها في ثلاثة أقطار مختلفة مما ينفي عنها الحرب الأهلية، ويؤكد على الإبادة العرقية التي قامت بها تركيا ضد الأرمن واحتفلت بمئويتها بمذابح الأزيديين في العراق وسوريا.
ويبدو أن مدينة (رأس العين) هي عين التاريخ التي لا تنام ومركز الألم المتوارث للتصفيات العرقية التي قامت بها تركيا. 
حقاىق التاريخ ثابتة كالمعالم الجغرافية والتاريخ الاجتماعي يعد وثيقة إنسانية هامة تبنتها السينما والادب وبلورت قضية ابادة الارمن بشكل جيد ومحكم 
الإبداع عين التاريخ التي لا تنام  
يتعرض الفيلم الألماني (قطع )   لواحدة من أبشع مآسي البشرية مذابح الأرمن التي جرت في الامبراطورية العثمانية والعجيب ان مخرج الفيلم فاتح اكين الماني من أصول تركية ويقول إنه استلهم هذه القصة الموجعة من كتاب تركي قام بتأليفه (حسن جمال حفيد جمال باشا احد حكام الامبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الاولى والعقل المدبر لمجازر الأرمن  في تلك الفترة هو ما ألهمني للعمل على هذا الفيلم فاذا كان حفيد احد المسئولين عن مجزرة 1915 كتب عنها في كتاب يباع علنا فلماذا امتنع عن تقديم الفيلم لأني أصولي تركية) ؟
تدور أحداث الفيلم عام 1915، حيث ينجو الأرمني نازاريت من المذبحة التي ارتكبها الاتراك بحق الأرمن والتي تعرف باسم الجريمة الكبرى وحين يعلم ان ابنتيه التؤام قد تكونان على قيد الحياة يذهب للبحث عنهما في رحلة طويلة الامر ليس بهذه البساطة التي يمكن تلخيص الفيلم بها خاصة ونحن امام سيل من المشاعر الانسانية المتدفقة والمأساة المتضافرة ف نازرايت ينجو من المذبحة لأنه وقع بالصدفة في يد لص لم يذبح أحد من قبل – هذا المشهد للذبح الجماعى يؤرخ لمذابح داعش الآن – فلا يستطيع هذا اللص إلا أن يحدث قطع في رقبة نازرايت على اثره يفقد القدرة على الكلام ثم ينضم لمجموعة من اللصوص يعرف منهم ان بلدته دمرت وان النساء والاطفال تم ترحيلهم الى مخيم في بلدة تدعى راس العين فيقرر الذهاب لاسرته لعله يجد بنتيه (لوسينه وارسينه) وفى طريقه عبر الصحراء كم كان مفرحا له أن يجد بئرليروى عطشه ولكنه عندما حرك الدلو ليشرب ونظر كان البئر مقبرة جماعية لأشلاء مجمعة من الأرمن وفى راس العين – واحد من اصعب واقسى مشاهد الفيلم المتكررة – حيث تم حرق جماعي للأرمن فوجد اكوام من الاشلاء اوالمتألمين الباحثين عن الموت ومن بينهم يجد اخت زوجته الحبيبة التي يكسوها الرماد وتئن من حروقها واوجعها مؤكد له في حروف متقاطعه ان اسرته بالكامل ماتت وانها تطلب منها المساعدة في الوصول للموت لانها لاتحتمل الالم الذى ينهش في جسدها ولا تقوى على الانتحار؟!!فيقوم بخنقها في مشهد صعب 
يكاد نازريت يكفر بكل شيء حين يلتقى بشخصية المسلم السوري الطيب نصر الدين صانع الصابون الذي يخفى عدد من الأرمن في مصنعه بحلب ويصطحبه معه الي هناك وبعد مرور سنوات يلتقى نازريت بالصدفة بالحداد الذى كان يساعده في ايامه الطيبة التي ولت والذي يخبره ان ابنتيه على قيد الحياة وليبدا القسم الثاني من الفيلم وهو عبارة عن رحلة طويلة وتنقل من بلد الى اخري – وهذا الجزء فنيا اقل كثير رغم توافر الامكانيات الضخمة – من الجزء الاول ولعل العيب الرئيسي هنا يكمن في السيناريو الذى حدث به انتقال من الاطار الميلودرامي الى فيلم الرحلات الامر الذى يتسبب في خلل بنفسية المشاهد الذى اندمج في الحالة الاولى من المأساة رغم ان الرحلة الطويلة ناتج لها ولعل  التطويل وتكرار التنقل من بلد الى اخرى هوالسبب في ذلك وفي النهاية يصل نازريت بالفعل الى احدى ابنتيه لان الاخرى ماتت متأثرة بطفيليات نقلت إليها من مخيم للاجئين لعب الفيلم بمهارة على وتر المشاعر واحتمى بقضية يتحدث عنها العالم ومازال بها من القصص والماسي الكثير لم يستخدم المخرج حيل فنية كثيرة وإنما كاميرا مباشرة 
فيما تفتقد مذابح الازيدين للتأريخ السينمائي حيث أنها حديثة فعليا لكن الازيديين أستطاعوا عن طريق بعض التسجيلات والفيديوهات التوثيقية تفعيل قضيتهم ووضعها بشكل جيد على قائمة الامم المتحدة حتى ان الاخيرة اعلنت عن تحديد هوية 105 ممن قاموا بمذابح الازيديين والانتهاكات الجنسية للازيديات
ولادراك الدولة العثمانية لاهمية الثقفة والادب في الوعي وتقوية الامم ولاهمية القوى الناعمة بدات تركيا مذبحة الارمن باختطاف 270 مثقفا ارمينيا وترحيلهم واسرهم ثم قتل البعض والقاء الاخر في الصحراء في رحلات الموت المعروفة وقد أرخت بعض الروايات للحدث
وأشارت أكثر من رواية إلى المآسي التي تعرض لها الأرمن وهجرتهم فارين من المذابح من ذلك رواية (صيد العصاري ) للروائي الكبير محمد جبريل قد اختار الكاتب مرحلة سياسية مهمة من حياة مصر، جعلها المناخ الرئيسي لنصه الروائي، ومن خلال هذه المرحلة تبلورت وقائع النص  كانت هذه المرحلة هي فترة وزارة محمود فهمي النقراشي التي أعقبت وزارة صدقي باشا، هذه المرحلة التي كانت فيها مصر تزخر بالعديد من الجنسيات المختلفة العائشة على أرض الواقع المصري من خلال «الآخر» الباحث عن هويته وانتمائه الحقيقي، وهو أحيانا يستخدم الصمت والعيش داخل الذات المحملة بتاريخ نكبته «الدكتور جارو فارتان» و «نورا» وأحيانا يستخدم التاريخ الموثّق كعلامة مهمة لتأصيل عالمه الأصلي وجذوره العميقة على أرض الواقع، وقد كانت «نورا أندريا بابيجيان» التي تمثل جزءا فاعلا من ذات «الآخر» هي نفسها الفتاة المصرية المولد، الأرمينية الأصل، التي تقوم بتوثيق تاريخ أرمينيا والمذابح التي حدثت لقومها على يد الأتراك العثمانيين وكأنها بذلك تعيد إلى الأذهان أرمينيا كما هي تتمنى أن تعود إليها ويعود إليها الدكتور جارو فارتان ووالدها وكل أسرتها، كما أراد الكاتب أيضا أن يوثق مفهوم معنى الحرية كرؤية عامة مشتركة بين الأنا والآخر، وفي شهادته عن الحرية عدد محمد جبريل تفسيراته ورؤاه عنها متمثلا قراءات عدة فيقول»: لم تتعدد تفسيرات واحد من المعاني، مثلما تعددت تفسيرات معنى الحرية إنها ـ كما يقول التعبير الفلسفي ـ هي التي تجعل منه أشخاصا، لأننا بالحرية نهب أنفسنا الوجود، بعد أن كنا مجرد أشياء وقد عرّف ابن رشد الحرية بأنها لقاء بين ضرورتين، ضرورة إنسانية وضرورة طبيعية، ويقول جون ستيورات مل: الحرية حق طبيعي يملكه الإنسان بحكم الطبيعة أما برديائيف، فيعّرف الحرية بأنها القوة الداخلية المحركة للروح، وهي السير غير العاقل للوجود والحياة والمصير وفي تقدير هارولد لاسكي أن الحرية هي الأحوال الاجتماعية التي تنعدم فيها القيود التي تقيّد قدرة الإنسان على تحقيق سعادته، أما ديفيد هيوم، فيعرّف الحرية بأنها: القدرة على التصرف طبقا لما تحدده الإرادة ولكامي مقولة أذكرها: إن الذي يغفر للإنسان كل شيء هو الحرية الإنسان حرية قبل كل شيء"
لقد حاول الدكتور «جارو» استرجاع فظائع الإبادة التي تعرض لها الأرمن بمعرفة الأتراك العثمانيين، وكأنه كان يحتاج إلى هذه الفرصة ليجتر مأساة وطنه بعد أن تقدمت به السن وبدأت ذاكرته تخونه، وأحداث أرمينيا تبدو غائمة وباهتة في بعض الأحيان، وبحسب ما ذكره بول ريكور عن الذاكرة المعاقة التي يقول عنها بودلير في إحدى قصائده»: أنا الذاكرة المشؤومة»، أو الذاكرة المحبطة الكئيبة، الذاكرة الجريحة المريضة» فهل يلتفت العالم إلى هذه الذاكرة أم تُقام الذكرى بقرع أجراس الكنائس وذرف قليل من الدموع. 
وقد تناولت الروايات العراقية على وجه الخصوص مأساة الازيديين مثل رواية (عذراء سنجار) والتي كشفت مأساة الايزيديين هي اول رواية عراقية وعربية، تستجيب لصدى النكبة الدموية التي تعرضت لها  الايزيديين، واوغلت بعمق في معاناتهم، في بشاعتها الوحشية, التي ارتكبها بحقهم تنظيم داعش الارهابي. والشيء الاجمل في هذا العمل الروائي المبدع المتكامل، بقلم الكاتب العراقي (وارد بدر السالم) . ان يستجيب للحدث الكارثي, ضد الطائفة الايزيدية في قضاء سنجار (شنكال) والمناطق والقرى محيطة بها.
 يدخل الروائي العراقي، راسم قاسم، في رواية «شمدين»، الصادرة عام (2017) إلى عالم الرواية الجديدة بوصفه إطارها المكاني: قرية رشتي كانت تغفو في سهل جبل سنجار شمال مدينة الموصل، بلمحة خاطفة، ولكنه لا يلبث أن يضع القارىء في صلب المأساة؛ إذ يعمد إلى رسم مشهد، من قرية شمدين، حيث جثث الجنود أو المقاتلين المتشددين الذين أردتهم الطائرات الأجنبية لتجبر جحافلهم على الانسحاب من سنجار ذي الطابع الفريد، والجماعة الدينية السابقة للمسيحية والإسلام، والكائنة في العراق منذ ما يقارب الألفين والثلاثمئة عام.
رأس العين عين التاريخ الباكية : 
تلك المدينة المنكوبة التي أصبحت مكانًا للتجمع الرئيسي للأرمن المرحلين من الأناضول. بحلول سبتمبر 1915، بدأت مجموعات اللاجئين (تتكون عادة من النساء والأطفال) في الوصول بعد رحلة مرهقة. في أبريل 1916، أبلغ القنصل الألماني عن "مذبحة مرة أخرى في رأس العين": "يتم ترحيل 300 إلى 500 من المرحلين من معسكر الاعتقال كل يوم ويتم ذبحهم على مسافة 10 كم من رأس العين".  في صيف عام 1916 بدأت الحكومة التركية جولات جديدة من المذابح في مناطق دير الزور والرقة ورأس العين. في عام 1916، ذُبح أكثر من 80000 أرمني في رأس العين. ووفقًا للتقارير، وصلت في يوم واحد فقط 300-400 امرأة إلى المخيمات عارية تماماً ونهبت من قبل الشيشان والدرك المحليين: "جميع الجثث، دون استثناء، كانت عارية تمامًا وأظهرت الجروح التي أصيبت بها أن الضحايا قتلوا، بعد أن تعرضوا لوحشية لا توصف". "لم يكن هناك خطأ في سرقة وقتل المرحلين، حيث أمر حاكم الولاية بقتل الأرمن المرحلين. دورري (ديري) بك، نجل الدفتردار التركي جمال باي من حلب، كان الجلاد السامي الرسمي للأرمن في رأس العين. "هذا الوحش، بعدما سرق مجوهراتهن، اختار الفتيات الصغيرات من عائلات جيدة وأبقوهن على للحرملك.
"بينما كنا نسير، شق الجنود الأتراك بالسيوف المرسومة طريقهم فجأة عبر الحشد، ومثل الوحوش التي تركت في قطيع من الأغنام، قتلوا وأصيب العديد. بينما مازال الباقون يتأرجحون تحت تأثير السيوف الدموية حتى رأس العين". تم الوصول إلى الصحراء. لوحظ هذا المكان بشكل خاص تجري فيه جزارتهم، حيث تم إرسال جميع الذين تم إرسالهم إلى هذه الأجزاء للموت" ولعدة مرات، تم تصفية مخيمات بأكملها في رأس العين كاضطهاد ضد أوبئة التيفوئيد. وفقًا للسفير الأمريكي هنري مورغنثاو الأب، وصولًا إلى رأس العين، كان وجود المسافرين الأرمن البائسين "رعبًا طويلاً". 
الحبل السري بين الارمن والازيديين 
اعتادت الدولة العثمانية القديمة إبادة الشعوب المختلفة عنها دينيا وعرقيا من ذلك الإبادة الأرمنية وإبادة السريان الاشوريين وغيرهم ويريد أردوغان في ظل وهم العثمانية الجديدة إعادة جرائم الإبادة ويقوم حاليا بإبادة الايزيديين في سوريا حيث
تشهد قرى ينتمي سكانها للطائفة الإيزيدية عمليات تغيير ديموغرافي في التركيبة السكانية بعد أن هجرها سكانها إبان العملية العسكرية “نبع السلام”، التي خطط لها ونفذها خليفة الإرهاب أردوغان. بالإضافة إلى سرقة ممتلكاتهم من قبل الفصائل الموالية لتركيا.
وقد رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، سرقة وتخريب مقبرة للكرد الإيزيديين في قرية جان تمر الواقعة شرق رأس العين “سري كانييه” من قبل عناصر “السلطان مراد”.
على نفس المنهج تسير الفصائل الموالية لتركيا بدعم وتسهيلات من الحكومة التركية على توطين عائلات المقاتلين الموالين لها في هذه القرى أسوة بغيرها من المناطق التي تسيطر عليها، حيث نقلت عشرات العائلات في ربيع العام الحالي، إلى قرية مريكيش التي تعد أكبر تلك القرى.
ويتواجد في ريف رأس العين الشرقي أكثر من 10 قرى سكانها من الطائفة الإيزيدية هجرتهم عملية “نبع السلام” ويبلغ تعداد سكانها نحو 1000 نسمة، في كل من مريكيس وجان تمر ولزكة وشكرية وجافا ولدارا وكوع قبر شيخ حسين ومطلة وبير نوح وحميدية. 
كما يتواجد عدة قرى في الريف الغربي لرأس العين مثل الأسدية وخربة بنات وخربة غزال، جميعها تخضع لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا والتي تمارس جميع أنواع الانتهاكات في ظل هجرة أهلها منها.واليزيديون أو الإيزيديون (هم مجموعة عرقية دينية تتمركز في العراق وسوريّة. يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وألمانيا، وجورجيا وأرمينيا. ينتمون عرقياً إلى أصلٍ كرديٍ ذي جذور هندوأوروبية مع أنهم متأثرون بمحيطهم الفسيفسائي المتكون من ثقافات عربية وسريانية، فأزياؤهم الرجالية قريبة من الزي العربي أما أزياؤهم النسائية فسريانية). يرى اليزيديون أن شعبهم ودينهم قد وُجدا منذ وجود آدم وحواء على الأرض ويرى باحثون أن ديانتهم قد انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين. ويرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة اليزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام،ويرى آخرون أن الديانة هي خليط من عدة ديانات قديمة مثل الزردشتية والمانوية أو امتداد للديانة الميثرائية. و الشخصيات الأس اسية في الديانة اليزيدية هي عدي بن مسافر وطاووس ملك.
وكتب الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي عصام الزهيري  دراسة مهمة بعنوان
أكاذيب العثمانيين المستمدة من تاريخهم جاء فيها

أكاذيب عثمانية كبيرة وصغيرة
المراقب للأكاذيب التاريخية الغزيرة المتنوعة التي يتداولها العثمانيون القدماء والجدد في خصوص غزو السلطان "سليم الأول" (1470-1520م) لمصر والشام، ربما يندهش من النطاق الواسع الذي تغطيه حتى لا تكاد تترك حدثا أو واقعة مهما بلغ حجمها دون أن تكتنفها بالصناعة والتزوير. من هذه الأكاذيب الحديث عن تنازل الخليفة العباسي في مصر عن الخلافة لأولاد عثمان، وهو ما لا يتوفر عليه دليل تاريخي واحد خصوصا أن حدثا مثل التنازل عن الخلافة كان يعد عظيما لدى أبناء تلك العصور، ولا يجري دون أن يحضره الفقهاء والعلماء والعظماء وقواد الجند ويتم الإشهاد عليه في محاضر مختومة ممضاة موقعة، فضلا عن أن تنازل الخليفة العباسي عن الخلافة لغير قرشي – وغير عربي أيضا – من الأمور المستبعدة بعد أن استقرت عبر القرون قاعدة أن الخليفة من قريش كقاعدة دينية يحرم المساس بها. 
من قبيل الكذبات أيضا الحديث عن أن الغزو العثماني للشام ومصر جرى عقب "استغاثة" أهل الشام ومصر بالسلطان سليم الأول ليرفع عنهم ظلم المماليك، وهو ما تكذبه أحداث المقاومة الشعبية للغزو العثماني سواء عن طريق قبائل العربان أو أهل المدن الذين روعتهم مظالم العثمانيين الغزاة ويذكر منها الكثير المؤرخ المصري "ابن إياس"، ولو كان غزو العثمانيين لمصر جرى باستغاثة أهلها ما أبيحت القاهرة للنهب والهجم والقتل والخطف ثلاثة أيام بمجرد دخول عسكر العثمانيين والانكشارية إليها.
من أكاذيب المؤرخين العثمانيين القدماء والجدد كذلك عزوهم غزو "سليم الأول" لسلطنة المماليك في مصر والشام إلى أن المماليك تعاونوا مع الدولة الشيعية في فارس بقيادة "اسماعيل الصفوي" والذي كان في حرب ونزاع مستمرين مع العثمانيين. وهو الأمر الذي تستبعده العلاقات الحسنة بين سلطنة العثمانيين وسلطنة المماليك باستثناء بعض النزاعات المحدودة على حدود المملكتين، وهي نزاعات لم تمنع السلطنتين من التفكير في تجييش حملة عسكرية مشتركة لإغاثة مسلمي الأندلس، وكانت هذه الحملة لتتم لولا النزاع الذي نشب بين أولاد السلطان بايزيد (1447-1512م) فأشغلت العثمانيين عنها. كما تستبعده الكتابات المتبادلة بين السلطانين "قنصوه الغوري" (1441-1516م) و"سليم الأول" وقت غزو العثمانيين لمصر. وتستبعده بالطبع تلك الأسئلة الثلاثة التي وجهها "سليم" إلى مفتيه "علي أفندي الزنبيلي" (1445-1526)  ليحصل عبر الإجابة عنها على فتوى بتكفير المماليك وتكفير أهل مصر والشام قاطبة، ومنها سؤال حول قتال الذين يصكون الشهادتين على العملة وهم يعرفون أن هذه النقود تقع في أيدي النصارى واليهود وأهل الفرق وتحمل في دورات المياه فهل يجوز قتالهم؟!! وكانت الإجابة كما هو معروف: يجوز قتالهم!!.

التخلي عن قيم الفروسية
لا تتسع مساحة المقال لتفنيد مفصل للأكاذيب العثمانية المتنوعة وإنما يحاول الإجابة عن سؤال عن مصدر هذه الأكاذيب التي ترتبط بتاريخ وحاضر العثمانيين وسبب غزارتها على هذا النحو الذي لا نجده عند الغزاة الآخرين في نفس الفترة. والنتيجة التي يمكن الوصول إليها عبر المراجعة التاريخية أن هذه الأكاذيب من نسيج الاحتلال العثماني نفسه وناتجة عن تحالف عوامل وسمات متجذرة في طبيعته ذاتها. وهي طبيعة تجعل من التزييف والتدليس والخداع استراتيجية لاكتساب القوة وسحق الخصوم. ليس بالمعنى الذي يتعلق باستراتيجيات وخطط العسكرية كما في العبارة المأثورة "الحرب خدعة"، ولكن بمعنى التخلى عن كل خلق للحرب والسلم والجوار، والاستهتار بكل قيمة مهما كان شأنها في سبيل تحقيق الأطماع المادية عبر الخداع والخيانة والدهاء، وهو ما يجعل من الكذب مرتكزا رئيسيا من مرتكزات الحرب والاحتلال العثمانيين. كما كان أحد الأسباب الرئيسية للهزيمة القاسية التي نالها المماليك في مصر والشام على أيدي العثمانيين.  كان المماليك لايزالون يحملون أخلاقيات الحرب وقيم الفروسية التي امتازت بها نخب الفرسان والملوك والنبلاء في العصور الوسطى الإسلامية، وهو ما نقله الفرسان الصليبيون خلال حروب الفرنجة في الشرق وانتشرت فيما بعد في أوربا الإقطاعية. تجرد العثمانيون من قيم وأخلاقيات الحرب معا منذ وقت مبكر في تاريخهم القتالي مما كان مفاجئا ومدهشا ومرعبا حتى بمقاييس تلك العصور. 

لا أخلاقية الحرب
سأل "الحباب بن المنذر" النبي في موقعة بدر إن كان موقع المسلمين بتوجيه من الله أم أنها الحرب والمكيدة، قال له النبي إنها الحرب والمكيدة، فكانت المكيدة النزول أسفل الماء وليس أعلاه ليشرب المسلمون ويحرم من ذلك الجيش المهاجم، وأشار "سلمان الفارسي" في موقعة الأحزاب ببناء خندق يحمي المدينة من عصف الجيوش المجتمعة عليها، وهاتان الواقعتان معا تحددان مفهوم المكيدة العسكرية بوصفها أمرا يتعلق بالخطط والاستراتيجيات القتالية والوضع في الميدان، لكنها لا تمس أخلاقيات المحاربين وإلا صارت الحرب نزاعا لا أخلاقيا يستوي فيه الحق والباطل. هذا المفهوم الأخلاقي للحرب كان طبقا لكتابات المؤرخين العنصر الأبرز الذي يخلو منه مجمل السلوك الحربي والعسكري لـ"ابن عثمان"، بحسب تعبير المؤرخ المصري "ابن إياس" وكان شاهد عيان على الغزو العثماني لمصر والشام. 
في يوميات ربيع الآخر سنة 922هـ من مدونة "بدائع الزهور في وقائع الدهور" يذكر "ابن إياس" فحوى مكاتبات وصلت من "سليم الأول" إلى السلطان "قنصوة الغوري" قال فيها: "أنت والدي وأسألك الدعاء وإني ما زحفت إلا بإذنك (يقصد الخلافات الحدودية بين الدولتين المملوكية والعثمانية).. وأما التجار الذين يجلبون المماليك الجراكسة فإني ما منعتهم إنما هم تضرروا من معاملتكم في الذهب والفضة فامتنعوا من جلب المماليك إليكم، وإن البلاد التي أخذتها أعيدها إليكم وجميع ما يرومه السلطان فعلناه"!!. وفي يوميات رجب سنة 922هـ يروي حادثة "قصّاد من عند سليم شاه" كان أحدهم قاضي عسكر "سليم الأول" وحملوا له رسالة شفوية تقول: "نحن فوض لنا أستاذنا الأمر وقال مهما اختاره السلطان – يقصد "الغوري" – افعلوه ولا تشاوروني". ويتابع المؤرخ: "وكل هذا حيل وخداع حتى يبطل همة السلطان عن القتال ويثني عزمه عن ذلك وقد ظهر ذلك فيما بعد".
ويقول في يوميات نفس الشهر: "ومن جملة مخادعة ابن عثمان إلى السلطان أنه أرسل يطلب منه سكر وحلوى فأرسل إليه السلطان مائة قنطار سكرا وحلوى في علب كبار. وكل ذلك حيل منه. ثم أن قاضي ابن عثمان أحضر فتاوى من علماء بلادهم وقد أفتوا بقتل شاه اسماعيل الصفوي وأن قتاله جائز في الشرع"!!. وبالطبع كان في جعبة "سليم" فتاوى مخفية بتكفير المماليك وأهل مصر والشام وجواز قتالهم في الشرع..!!. ويكمل"سليم": "السلطان والدي وأسأله الدعاء لكن لا يدخل بيني وبين اسماعيل الصفوي (شاه إيران فيما بعد) فإني ما أرجع عنه حتى أقطع جادرته من على وجه الأرض فلا تدخل بيننا بشيء من أمر الصلح"..!!. وبالطبع لم يكن "الغوري" مهتما بعقد صلح بين "سليم" و"اسماعيل" لكنه كان مهتما باستطلاع وجهة الجيش العثماني الذي خادعه "سليم" عنها.
الأشنع من ذلك ما ارتكبه "سليم الأول" ضد رسل السلام الذين أرسلهم إليهم "قنصوة الغوري"، بعد أن أخلع الأخير على رسله الخلع السنية وصرفهم مكرمين. يروي "ابن إياس": "ثم وردت الأخبار بأن سليم شاه ابن عثمان قبض على قاصد السلطان الذي جهزه إلى ابن عثمان ووضعه في الحديد. وكان السلطان أخلع على قاضي عسكر ابن عثمان ووزيره خلعا سنية وأذن لهم بالعودة إلى بلادهم، وكان هذا عين الغلط من السلطان الذي أطلق قصاد ابن عثمان قبل أن يحضر قاصده ويظهر له من أمر ابن عثمان ما يعتمد عليه"!!. حتى بمعايير حروب تلك الأزمنة كان انحطاط الأخلاقيات العسكرية التي أظهرها العثمانيون مربكا.

انتصار مرهون بالخيانة
في بداية موقعة "مرج دابق" انتصر الجيش المصري انتصارا ساحقا يعبر عنه "ابن إياس" بقوله: "فقاتلوا قتالا شديدا فهزموا عسكر ابن عثمان وكسروهم كسرة مهولة وأخذوا منهم سبعة سناجق (رايات)، فهم ابن عثمان بالهرب أو بطلب الأمان، وقد قتل من عسكره فوق العشرة آلاف إنسان، وكانت النصرة لعسكر مصر أولا". لكن هزيمة جيش "الغوري" أتت على يد نائب حلب "خاير بك" الذي اعتاد "سليم" على مناداته فيما بعد بلقب "خاين بك"!. كان "خاير" بتعبير المؤرخ المصري "موالسا على السلطان في الباطن" فأصدر أمره بتراجع ميسرة الجيش في ذروة القتال وأخذ يلقي بالمنافرة بين كتائبه حتى تم انكساره. ويقول المؤرخ أن السلطان "الغوري" لما تحقق هزيمته بهذه الطريقة: "نزل عليه في الحال خلط فالج أبطل شقته وأرخى حنكه فطلب ماء فأتوه بماء في طاسة ذهب، فشرب منه قليلا، وألفت فرسه على أنه يهرب، فمشى خطوتين وانقلب من على الفرس إلى الأرض، ومات من شدة قهره".
ولما دخل "سليم الأول" حلب منتصرا زين له "خاير بك" المدينة لكن رموزا أخرى للخيانة أسفرت: "ألتف عليه الخواجا إبراهيم السمرقندي والخواجا يونس العادلي والعجمي الشتقشي، وكانوا هؤلاء من أخصاء الغوري (!!)، وكانوا مع ابن عثمان في الباطن ويكاتبونه بأحوال السلطان وما يقع من أخبار المملكة، فلما فقد السلطان أظهروا عين المحبة لابن عثمان، وصاروا يحطون على الغوري ويذكرون أفعاله الشنيعة إلى ابن عثمان، وصاروا من جماعته ونسيوا إحسان الغوري إليهم".

سلاح الجواسيس
يعد هذا السلاح هو الأهم بين أسلحة الجيش العثماني ولولاه ما نجح في اجتياح جيش "الغوري" في "مرج دابق" ولا من احتلال مصر فيما بعد، والفاصل بين الموقعتين كان في الكثير منه حرب سلاح الجواسيس. فمنذ شوال 922هـ يورد "ابن إياس" الأنباء الكاذبة التي كان يرسلها العثمانيون باستمرار إلى مصر بعد أن قاد مقاومتها القائد البطل "طومان باي". عشرات الجواسيس يدخلون مصر في هيئة الفارين من الأسر ليخبروا بأن: "ابن عثمان منذ دخل الشام تلاشى أمره، ووقع الوخم في عسكره فصار يموت كل يوم منهم جماعة، وعز عندهم وجود الأقوات من الغلال والعلف" و"أن عسكر ابن عثمان مختلف عليه وقد وقع بينه وبين خاير بك نائب حلب وربما اشاعوا قتله".
وفي خبر دال على مدى تعويل العثمانيين على سلاح الجواسيس في حروبهم يذكر "ابن إياس" واقعة إرسال خمسة عشر قاصدا تمكنوا عبر رشوة العربان من سلوك طرق صحراوية مجهولة: "فما شعر بهم أهل مصر إلا وهم في وسط المدينة، فلما صدفوهم قبضوا عليهم. فبينما هم على ذلك فرأوا ثلاثة أنفار من الأروام الذين في خان الخليلي قد أتوا إليهم وسلموا عليهم وباسوا أيديهم، فقبض عليهم المماليك وقالوا لهم: من أين علمتوا أن هذا القاصد يجي اليوم حتى أتيتوا إليه ما انتوا إلا جواسيس من عند ابن عثمان"!.
وفي يوميات ذي القعدة سنة 922هـ يروي المؤرخ أن "عبدالبر ابن محاسن" أحد جواسيس العثمانيين عندما قبض عليه ومثل بين يدي "طومان باي": "شرع يطنب في أوصاف ابن عثمان وفي تزايد عظمته، فمن جملة ما حكى أنه لما دخل إلى حلب قطع في يوم واحد ثمانمائة رأس من جماعة أهل مصر، من جملتهم خليفة سيدي أحمد البدوي وآخرون من الأعيان ممن تخلفوا بحلب، وأخبر أن عسكر ابن عثمان فوق ستين ألف مقاتل، وأنه خطب باسمه من بغداد إلى الشام على المنابر" و"أخبر ابن عثمان ينحجب عن عسكره أياما لا يظهر فيها، ففي هذه المدة يفتك عسكره في المدينة ويتجاهرون بأنواع المعاصي والفسوق، وأنهم لا يصومون في شهر رمضان ويشربون فيه الخمر والبوزة، ويستعملون فيه الحشيش والشخيب، ويفعلون الفاحشة بالصبيان المرد، وان ابن عثمان لا يصلي صلاة الجمعة إلا قليلا". تلك الصورة التي قصد بها أن تفت في ثبات المصريين كانت الصورة التى انكشفت واقعيتها بعد الهزيمة.

شارك