هل يكون "سيف العدل" زعيما جديدا للقاعدة بدلا من الظواهري؟
الثلاثاء 02/أغسطس/2022 - 01:20 ص
طباعة

بعد أن نقلت العديد من وكالات الأنباء العالمية والعربية في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء 2 أغسطس 2022، عن مسؤول أميركي وصفته بالكبير، ملابسات مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، الذي لقي حتفه في غارة بأفغانستان، نهاية الأسبوع الماضي.
تساءل الكثيرون عن ماهية "زعيم" القاعدة الجديد والذي من المفترض أن يخلف الظواهري، وعن تاريخه في العمل الإرهابي وبهذا الخصوص يرجح عدد كبير من خبراء الحركات الاسلامية وباحثين في مجال الاسلام السياسي شخصية محمد صلاح الدين زيدان، المعروف باسم "سيف العدل المصري" والذي ولد عام 1960 بمحافظة المنوفية، وبدأت توجهاته للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عقب مشاركته في محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق حسن أبو باشا، واعتباره مطلوب أمنيًا في قضية اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، واتهامه في قضية إعادة إحياء تنظيم الجهاد.
وعقب إخلاء سبيله، لعدم وجود أدلة كافية ضده، تمكن من الهروب إلى السعودية عام 1989، قبل أن يرافق مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إلى السودان عام 1992.
وكانت قد ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية" يوم الخميس 25 فبراير 2021، أن "الجنرال المصري السابق سيف العدل مختبئ في إيران، وأنه تولى زمام الأمور من زعيمها السابق أيمن الظواهري". وقال تنظيم القاعدة في بيان له حسب "ديلي ميل" إنه "من المقرر أن يجعل الجماعة خطيرة كما كانت في عهد مؤسسها أسامة بن لادن".
يعد سيف العدل، من أخطر العناصر الإرهابية الطوافة حول العالم، إذا رصدت الولايات المتحدة الأمريكية لمن يدل عليه مكافأة بقيمة 25 مليون دولار عام 2004.
وقال عنه آري ويسفيوز، الباحث فى مركز الأمريكي لمُكافحة الإرهاب، إنه أحد أكثر أعضاء القاعدة فاعلية وواحد من عدد قليل من القادة المُتبقين من مرحلة ما قبل أحداث 11 سبتمبر والمرشح لخلافة أيمن الظواهري فى زعامة تنظيم القاعدة الإرهابي.
وُلد "سيف العدل"، في المنوفية عام 1960 أو 1963، والتحق محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان بالقوات الخاصة في الجيش المصري، وارتباط بتنظيم "الجهاد المصري" وقتها، وفقا للمعلومات التي ذكرها برنامج مكافحة الاٍرهاب الأمريكي.
في السادس من مايو 1987، أُلقى القبض عليه في القضية المعروفة إعلاميا بـ "إعادة احياء تنظيم الجهاد"، والتورط في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري حسن أبو باشا، قبل أن يُطلق سراحه لعدم كفاية الادلة، ليهرب إلى السعودية، ومنها إلى السودان، ثم إلى افغانستان عام 1989، ليقرر الانضمام إلى تنظيم "القاعدة".
رغم أن "سيف العدل" لم يكم من المؤسسين الأوائل لتنظيم "القاعدة"، لكنه لعب دورا أساسيا في بناء القُدرات العسكرية والتأهيلية لتنظيم "القاعدة"، بفضل خبراته العسكرية التي تكونت خلال مرحلة التحاقه بالجيش المصري.
وضع سيف العدل، الكثير من الأسس والخبرات والتجارب للموسوعة العسكرية، التي تعلم منها عناصر تنظيم "القاعدة"، وغيرهم من عناصر التنظيمات الجهادية المسلحة، مثل المداهمات الأمنية، وطرق وتنفيذ عمليات الخطف والاغتيالات، والرصد والمتابعات، وطرق جمع المعلومات العسكرية والاستخباراتية، وكيفية استهداف العناصر المراد اغتيالها، وغيرها من القُدرات التأهيلية التي عززت من قوة تنظيم" القاعدة".
ووفقا للكثير من المعلومات أكدت اطلاق صراح "سيف العدل"، المقيد تحت الاقامة الجبرية بإيران، بضغوط من المخابرات الأمريكية، التي وجهت اتهامات لـ"سيف العدل" بتدريب المُسلحين، الذين قتلوا 18 مُجندا أمريكيّا، في مقديشو عام 1993، والتخطيط لـ "غزوة مانهاتن"، في 11 سبتمبر 2001.
وفي 19 سبتمبر 2015، كشفت تقارير استخباراتية امريكية، أن طهران، أبرمت صفقة سرية مع تنظيم "القاعدة"، أقدم النظام الإيراني بموجبها على إطلاق سراح 5 من أبرز قياديي التنظيم، الذين كانوا محتجزين لديه، مقابل تحرير دبلوماسي إيراني كان مختطفاً في اليمن.
وحسب التقرير الاستخباراتي، فإن عملية "تبادل الأسرى" نفذت في مارس 2015 ، بالتنسيق مع فرع تنظيم "القاعدة" في اليمن، وهو الجماعة التي كانت تحتجز الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكبخت، الذي كان اختطف من العاصمة اليمنية صنعاء في يوليو2013.
وأسفرت الصفقة عن إطلاق 5 من أبرز قيادات "القاعدة" بينهم سيف العدل، عضو مجلس شورى التنظيم، والمسؤول العسكري، وأشرف على عمليات "القاعدة" بعد مقتل زعيمها السابق أسامة بن لادن.
في منتصف التسعينات، ترأس سيف العدل، اللجنة "الأمنية" لتنظيم "القاعدة"، وقبل ذلك، في عام 1993، سافر إلى الصومال لإقامة مُعسكرات تدريبية للمُسلحين، لاستهداف قوات حفظ السلام هناك وبالأخص الأمريكيين منهم، وحينها وجهت الولايات المتحدة الامريكية، اتهامات لسيف العدل، بتدريب المُسلحين، الذين قتلوا 18 مُجندا أمريكيّا، في مقديشو عام 1993.
وقد عرضت الولايات المتحدة الامريكية، مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله وتم وضع اسمه على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (آف بي آي) لأبرز الإرهابيين المطلوبين.
كان سيف العدل سببا رئيسيا في تنسيق العلاقات بين بن لادن والزرقاوي، إذ إنّه في عام 1999 التقى بالزرقاوي، بعد وصول الأخير لقندهار ، وأسفر اللقاء عن إقناع العدل لبن لادن بالاستثمار في تنظيم "التوحيد والجهاد" التابع للزرقاوي، ومن خلال توفير رأس المال المبدئي أصبح الزرقاوي قادرا على إنشاء مُعسكر "حيرات" على الحدود الأفغانية-الإيرانية.
تزوج سيف العدل، من ابنة الجهادي المصري، الشيخ مصطفى حامد الشهير بـ"أبو الوليد المصري"، والذي تعتبره التنظيمات الجهادية المسلحة، "شيخ المجاهدين العرب في أفغانستان"، التي وصلها في عام 1979، ويخضع للإقامة الجبرية في إيران.
ويشير المسؤول العسكري لتنظيم "القاعدة" في أحد أبحاثه تحت عنوان، "الأمن والاستخبارات"، إلى أنّه "عندما يستمر عدو لإلحاق خسائر فادحة في منظمة جهادية، فمن الضروري لحركة الشباب الامتناع عن العمل وإعادة تنظيم صفوفهم".
عقب وصول سيف العدل، إلى إيران، أعاد اتصالاته مع القيادة العليا لـ"القاعدة" في منطقة أفغانستان وباكستان وأرسل عناصر إلى أفغانستان لتنفيذ عمليات، ومن ثم يشار إلى أنه لعب دورا في تفجيرات الرياض في مايو 2003، مما دفع السعودية والولايات المتحدة للضغط على طهران لسجنه، وبالفعل وضع تحت الإقامة الجبرية في إيران.
الكثير من التقارير الصحفية وقعت في خلط متعمد بين شخصية سيف العدل، المسؤول العسكري لتنظيم "القاعدة"، وبين شخصية محمد إبراهيم مكاوي المكنى بأبي المنذر، الذي كان ضابطا في سلاح الصاعقة المصري في ثمانينات القرن الماضي، وقد سافر من مصر إلى أفغانستان عام 1987 ، وكان قد تم اعتقاله قبل ذلك، وكان منتميا لخلية جهادية في مصر يتزعمها القياديان عصام القمري، الرائد بسلاح المدرعات المصري، وعبدالعزيز الجمل، وهو متزوج من حفيدة مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان ومقيم بباكستان، وقد عاد مكاوي طواعية إلى مصر بعد عام من ثورة 25 يناير.
أدرج اسم محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان في القائمة في 25 يناير 2001، عملا بالفقرة 8 (ج) من القرار 1333 (2000) باعتباره من الأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة أو أسامة بن لادن، أو حركة طالبان، بسبب ”المشاركة في تمويل أعمال أو أنشطة يقوم بها“ تنظيم القاعدة أو الجهاد الإسلامي المصري أو ”معهما أو باسمهما أو بالنيابة عنهما أو دعما لهما، أو في التخطيط لها أو تيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها“، أو ”توريد أو بيع أو نقل الأسلحة والمعدات ذات الصلة“ إليهما، أو ”دعم هذه الأعمال أو الأنشطة على نحو آخر“.
لا يصلح للقيادة
يمكن القول إن سيف العدل، الذي يصوره تنظيم القاعدة كقائد كاريزمي، لا يبدو أنه يتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة التنظيم بالفعل، إذ يرى أصدقاءه وخصومه أنه لا يمتلك الذكاء الكافي لأداء مهامه، كما أنه يتصف بالبراجماتية والتي تضاف إلى قائمة طويلة من الصفات غير الحميدة التي يُوصف بها الرجل الثاني في القاعدة من قبل خصومه، فضلًا عن أنه لم يكن يومًا قائدًا عسكريًا مخضرمًا ففي الحقيقة خدم كضابط احتياط فقط في سلاح المظلات، في الثمانينيات، وهو ما يعني أنه لم يتجاوز رتبة الملازم أول (أعلى مرتبة قيادية يتولاها الملازم أول في الجيش، هي "قائد سرية" بمعنى أنه يقود مجموعة محدودة من الجنود فقط)، وذلك بعكس ما ادعاه بعض قيادات القاعدة ورفاق سيف العدل- منهم مصطفى حامد نفسه- ونشر في المقال المفبرك الشهير: "السيرة الذاتية للقائد الذباح أبو مصعب الزرقاوي" بأن سيف العدل كان مقدمًا بالقوات الخاصة المصرية وتدرب في وحدات مكافحة الإرهاب قبل أن يلتحق بالقاعدة، وهو ما نفاه أسامة بن لادن نفسه كما بينا في مقالنا السابق المعنون بـ: "سيف العدل في وثائق آبوت آباد: براجماتي ومتمرد وغير صالح لقيادة القاعدة".
ومن الملاحظ أن أصدقاء سيف العدل قبل خصومه، يدركون أنه شخصية عنيدة ومثيرة للجدل وتسبب ذلك في مشكلات عديدة داخل تنظيم القاعدة، لا سيما في السنوات الأخيرة، فمع اختفاء وغياب أيمن الظواهري عن المشهد، اكتسب سيف العدل استقلالية أكبر وأصبح له سلطة أكبر للتصرف داخل تنظيم القاعدة، لكن تصرفاته سببت مشكلات عدة داخل التنظيم، في ظل رواج شكوك واتهامات وشواهد قوية بأن نائب أيمن الظواهري (سيف العدل) أصبح مصابًا بـ"متلازمة طهران"، التي يقيم بها، وهو ما يجعله يخدم مصالح إيران، بينما يتراجع تنظيم القاعدة ويواجه تحديات وجودية ويواصل الانزواء والتقهقر.
وعلاوة على ذلك، يُتهم سيف العدل بأنه سبب في انقسام القاعدة واندلاع الصراع الجهادي مع هيئة تحرير الشام، وهو ما يثير شكوك حول قدراته على احتواء أفرع القاعدة الخارجية التي تبتعد عن القيادة المركزية (قاعدة خراسان) شيئًا فشيئا وتركز على مشاريعها الخاصة دون الالتفات إلى أيمن الظواهري أو نائبه سيف العدل، بما يهدد وجود واستمرار التنظيم من الأساس.