عبد الرحيم علي لـ«المجلة» في طبعتها الفرنسية: نجاح بايدن في الشرق الأوسط مرهون بالعمل مع :السيسي قاهر الجماعات الإرهابية والحكيم محمد بن زايد الرجل القوي في الخليج ومحمد بن سلمان محدث الأمة السعودية

السبت 12/ديسمبر/2020 - 11:23 ص
طباعة عبد الرحيم علي لـ«المجلة»
 
-أردوغان يكذب أكثر مما يتنفس.. والسيسي منقذ مصر
-«الإخوان» الإرهابية لا تؤمن بالديمقراطية وتشوه عقائد الآخرين
-رئيس تركيا جعل إسطنبول عاصمة لتنظيم الإخوان بعد ترك السلطة في مصر
ـ تنظيم الإخوان الدولي أنشأ القاعدة وداعش وأسس للإهاب ونشر عملياته الإجرامية في العالم 
ـ سياسة تركيا الخارجية عواقبها وخيمة على أوروبا 
ـ لا خطر في وصول الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن إلى السلطة وجماعة الإخوان الإرهابية ستفشل في استغلاله وإثارة قضية حقوق الإنسان في مصر
ـ بايدن على دراية كاملة بالأخطاء التي ارتكبتها رئاسة أوباما والنتائج الكارثية لهذه السياسة في الشرق الأوسط بربيعها العربي وتداعياتها الحالية على الأرض.
ـ مصر انتصرت على داعش في سيناء وبصرامة وقوة منذ وصول المشير عبد الفتاح السيسي للسلطة 
ـ إجمالي المرتزقة السوريين الذين وصلوا إلى غرب ليبيا بلغ 12 ألفًا، بينهم 400 طفل دون سن 18 عامًا براتب 2000 دولار، وتعويضات قدرها 50 ألف دولار للجرحى و100 ألف دولار لأسرة الميت
ـ أردوغان نشر نظام دفاع جوي من طراز هوك في قاعدة الواطية في غرب ليبيا وباع أكثر من مائة طائرة بدون طيار لميليشيات الكارتل الحكومية
ـ الأمم المتحدة لم تفشل في ليبيا وآن الأوان الكشف عن جهودها لحل الأزمة الليبية التي تعيقها تركيا وحكومة التفاهم وميليشياتها الإرهابية
- العلاقة بين إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان وصلت إلى نقطة جديدة من اللا عودة في السنوات الأخيرة 
ـ الإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية ويشوهون عقائد الآخرين ويمولون أكثر من 250 جمعية في منطقة باريس وحدها، بدعم من قطر وتركيا
ـ المدارس الإسلامية الخاصة في فرنسا تقدم دورات في الجهاد وتدرس خطط الإرهاب والعنف 
ـ لا بديل لـ" ماكرون" في حظر الإخوان سوى طردهم وتطبيق القوانين التي تحظر الأفكار والمذاهب السياسية البغيضة والعنيفة التي لا تحترم الدستور الجمهوري

أجرت مجلة "المجلة السعودية" أحد إصدارات مؤسسة الشرق الأوسط واسعة الانتشار حوارا في عددها الشهري باللغة الفرنسية مع الدكتور عبد الرحيم على، وصفته بـ"السياسي والكاتب المصري، الاستثنائي"، وأضافت له مسيرة مهنية مبهرة، فهو عضو في البرلمان المصري معروف بشجاعته وصراحته مؤسس ورئيس لمركز دراسات الشرق الأوسط (CEMO) بباريس وهو مركز فكري محترم. وهو أيضًا رئيس المركز العربي للأبحاث والدراسات بالقاهرة ورئيس تحرير صحيفة "البوابة" اليومية المصرية، كان أحد الفاعلين الرئيسيين في ثورة 3 يونيو 2013 المصرية، والتي أدت إلى سقوط نظام الإخوان المسلمين، يحظى بشعبية لدى الشعوب العربية المتعطشة للإسلام الحديث، وهو خبير في الشئون الإسلامية والإرهاب الدولي. نص الحوار المهم الذي تصدر غلاف المجلة: 

المجلة: هل تعتقد أن وصول الرئيس جو بايدن سيغير من قواعد اللعبة ويستعد لعودة الإسلام السياسي الذي هاجمته بشدة طوال حياتك؟
عبد الرحيم على: لا أعتقد ذلك، لا أرى أي خطر في وصول الرئيس الأمريكي المنتخب جوزيف روبينيت بايدن جونيور وحزبه الديمقراطي إلى السلطة، فكما يقول جو بايدن، الذي سيتولى منصب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة يوم 20 يناير21.
أعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية ستفشل دائمًا ولن تستغل وصول بايدن إلى السلطة للحديث عن المعتقلين وإثارة قضية حقوق الإنسان في مصر؛ منذ أن أثار الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه القضية كثيرًا في عدة أماكن، بما في ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي مناسبة أخرى مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القاهرة وفي باريس، وأكد في ذلك الوقت كان لمصر برنامجا خاصا في حقوق الإنسان والتعليم وحقوق الإسكان، نحن في منطقة شديدة الاضطراب كذلك أحسن الرد على سائليه في قصر الإليزيه بأنه لا يتحرج من شيء فهو يحمي أمة مصرية تجاهد من أحل بناء مستقبل شعبنا وقال الرئيس: "أنا مطالب بحماية 100 مليون مصري" كان ينتظر أن يسألوه ما هي أخبار ليبيا والعراق وسورية واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان؟ إحنا ماعندناش حاجة نخاف منها أو نحرج منها، نحن أمة نجاهد من أجل بناء مستقبل لشعبها في ظروف شديدة القسوة.

المجلة: إذن لا ترون خطرا في قدوم بايدن؟
- أعتقد أنه رجل دولة أمريكي لديه خبرة مهمة حيث شغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة من عام 2009 إلى عام 2017. وكان عضوا في مجلس الشيوخ الفيدرالي عن ولاية ديلاوير من عام 1973 إلى عام 2009، وهو يعتبر من الجناح اليميني للحزب الديمقراطي وترأس اللجنة القضائية والجنائية في مجلس الشيوخ بالكونجرس من 1987 إلى 1995، كما شغل مرتين منصب رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ بين عامي 2001 و2009. وبالتالي على دراية كاملة بالأخطاء التي ارتكبتها رئاسة أوباما والنتائج الكارثية لهذه السياسة في الشرق الأوسط بربيعها العربي وتداعياتها الحالية على الأرض، ولإحلال السلام وإعادة الاستقرار والازدهار إلى الشرق الأوسط، يجب على بيدان بالتأكيد العمل مع رجال الشرق الأقوياء وهم الرئيس عبد الفتاح السيسي الرجل الذي أنقذ مصر من الإرهابيين، وأن يعمل أيضًا مع الرجل القوي في دول الخليج الحكيم محمد بن زايد، ولي العهد الإمارات العربية المتحدة الذي لديه استبصار واستفاف المستقبل برؤية واضحة فقد رأى بشكل صحيح خطأ إدارة أوباما منذ البداية، وأخيرًا وليس آخرًا، يجب عليه التعاون مع ولي عهد المملكة العربية السعودية المصلح محمد بن سلمان الذي منح لمسة من الحداثة للبلاد والذي حرر الشعب السعودي وخاصة النساء من الأيدي الحازمة لبعض الوهابيين وفتح شبه الجزيرة العربية على العالم وفقًا للعصر الحديث، مع هؤلاء القادة العرب الثلاثة العظماء الذين يمكن لبايدن صناعة الضوء في الشرق الأوسط وتصحيح كارثة أوباما.

ـ تركة مثقلة لـ"بايدن": 
المجلة: ما الذي يجعلك مطمئنا وغير متشائم؟
الدكتور عبد الرحيم على: في الواقع لدينا بالفعل علامة جيدة، حيث وعد بأن يكون "رئيسًا يوحد وليس من يفرق"، أو حتى الدعوة التي وجهت إلى مواطنيه بعدم معاملة "خصومهم كأعداء، لقد وعد" بعلاج "أمريكا لإصلاح الضرر، رفض أن يكون عهده بمثابة "ولاية ثالثة لأوباما"، فقد تخوف البعض بعد أن عين أول أعضاء إدارته، وكان بعضهم في المنصب أثناء رئاسة باراك أوباما. وبدوري أؤكد لكم لن تكون ولايته امتدادا لولايتي أوباما، لأنه يواجه عالمًا مختلفًا تمامًا عن ذلك الذي عاشته إدارة أوباما وبايدن كما أنه رأى الواقع الذي وصلنا إليه بسببها.
المجلة: هل انتصرت مصر على داعش في سيناء؟
الدكتور عبد الرحيم على: نعم، طبعا وبصرامة وقوة، وذلك منذ وصول المشير عبد الفتاح السيسي فضلا عن عملية مكافحة الإرهاب المسماة "سيناء 2018" والتي هدفت لثني كل من ينوي مهاجمة مصر عن طريق في البر أو الجو أو البحر أو إبطاء تطورها. هزم الجيش المصري إرهابيي الدولة الإسلامية (داعش) على الأرض وسحقهم سحقا، ليس لدى داعش قدرة سوى سلاح الخوف لتفزع المواطنين.

ـ خطاب ماكرون: 
المجلة: كيف تقيمون خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الإسلام السياسي؟
الدكتور عبد الرحيم على: لقد هنأت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد إعلانه عن إستراتيجية حكومته لمواجهة الإسلام السياسي، وتأكيده على أنه لا يجوز قبول قوانين أخرى دخيلة على قوانين الجمهورية، وأن النزعة الانفصالية الإسلامية، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي، تعارض مبادئ الحرية والمساواة، وكذلك عدم قابلية الجمهورية للتجزئة، والوحدة الضرورية للأمة، كانت رؤية ماكرون واضحة وحاسمة، وتضمنت تلميحات لا يمكن تجاهلها بشأن مخاطر التمويل من قطر والدول الأخرى الداعمة للجماعات الإرهابية، أعبر هنا عن تقديري لجميع المسؤولين وأعضاء مركز دراسات الشرق الأوسط C.E.M.O للندوات والمؤتمرات والدراسات التي أجروها والتي كانت موجهة إلى المؤسسات وصناع القرار في مختلف الدول الأوروبية، وسمحوا لفضح الأهداف المشبوهة للتيارات والجماعات الإرهابية والتكفيرية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، كان لبرامج واستراتيجيات مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس تأثير إيجابي على الرأي العام الأوروبي، ويشيد مركز "سيمو" بالموقف الفرنسي الداعي إلى مواجهة الجماعات الإرهابية.

ـ حيثيات مهاجمة أردوغان 
المجلة: لماذا كثيرا ما تهاجم وتركيا وتحديدا أردوغان؟ 
عبد الرحيم على: لأنه عدو، أردوغان يكذب أكثر ما يتنفس، هو حجر عثرة في طريق التسوية في ليبيا، كان يدفع المنطقة إلى حالة من الصدمات، عرقلت تركيا التسوية السياسية والاستقرار في ليبيا، عبر مرتزقتها وتنظيماتها الإرهابية، لم يتردد الإخوان ممثلو حكومة التفاهم في تفضيل الوجود التركي في ليبيا. بالنسبة لتركيا والحكومة الليبية المتعاطفة تضغطان من أجل هدف الإخوان للسيطرة على معظم ليبيا. ومن الأمثلة على ذلك حزب الله اللبناني، الذي تمثله الآن ميليشيات إرهابية ومرتزقة في ليبيا، مما يؤدي إلى تهديد السلام العالمي. وهذا سيؤدي إلى انفجار في المنطقة، ومصر لم تتفق مع الوجود التركي في ليبيا، وتعتبره استعمارًا. لقد كان الحل الوحيد هو الضغط الدولي على أردوغان وميليشياته في ليبيا عبر الأمم المتحدة والدول الأوروبية، ليتمكن الليبيون من إجراء حوار ونقاش لاستعادة وطنهم وإجراء انتخابات بنزاهة ووضع دولتهم على طريق الاستقرار، يحتاج العالم إلى معرفة ما هو التدخل التركي في الشرق الأوسط وأثره على السلام العالمي ومسألة المهاجرين والابتزاز التركي لأوروبا، يرى أردوغان نفسه سلطانًا جديدًا ولكن هل لديه القدرة على تحقيق طموحاته؟ هذه العثمانية الجديدة هي خطر الإخوان الأتراك في البحر الأبيض المتوسط.
هل تعلمون أن إجمالي المرتزقة السوريين الذين وصلوا إلى غرب ليبيا بلغ 12 ألفًا، بينهم 400 طفل دون سن 18 عامًا براتب 2000 دولار، وتعويضات قدرها 50 ألف دولار للجرحى و100 ألف دولار لأسرة الميت. لقد نشر أردوغان نظام دفاع جوي من طراز هوك في قاعدة الواطية في غرب ليبيا. وباع أكثر من مائة طائرة بدون طيار لميليشيات الكارتل الحكومية.

المجلة: هل فشلت الأمم المتحدة في ليبيا؟
الدكتور عبد الرحيم علي: لا لم تفشل، يجب الكشف عن جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية التي تعيقها تركيا وحكومة التفاهم وميليشياتها الإرهابية. وكانت الأمم المتحدة قد أعدت مؤتمرا في 15 أكتوبر عقد في ثلاث مدن (مالطا - جنيف - جربة) وحضره 70 شخصية ليبية، يمثلون الجهات الفاعلة في الصراع. الغرض من الاجتماع كما قال ترامب هو اختيار مجلس رئاسي يتألف من رئيس ونائبين (الرئيس من الشرق وواحد من الغرب والآخر من الجنوب)، بحيث يمثل المجلس كل المناطق الليبية التاريخية، ثم تم تشكيل حكومة وحدة وطنية من رئيس وشخصين، ومقرها مدينة سرت العاصمة المؤقتة خلال الفترة الانتقالية، والتي ستكون لها صلاحيات إدارية ولن تكون معتمدة على طرفي النزاع، بل مستقلة، لتمثل المناطق الليبية التاريخية الثلاث: الشرق، الغرب، الجنوب. ويتكون أعضاء الحكومة من شخصية من الغرب، ثم يكون هناك مجلس تشريعي مكون من البرلمان الحالي في الشرق، والمجلس الأعلى للدولة في الغرب برئاسة شخصية من الجنوب، ولمدة 18 شهرًا، وهي فترة انتقالية قبل إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية. لكن كل شيء لا يزال مجمدًا بسبب أردوغان.

ـ موقف أوروبي شجاع: 
المجلة: كيف تقيم رد أوروبا على أردوغان؟ 
الدكتور عبد الرحيم علي: ردت بقوة، لقد رحبت بالموقف الواضح والحاسم لأوروبا وفرنسا بشكل خاص حول نوايا تركيا في ليبيا والقيام بأعمال تنقيب في بحر قبرص استخفافًا بحقوق الآخرين. أحترم موقف وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، التي أعربت في ذلك الوقت عن قلقها العميق بعد إعلان تركيا عزمها القيام بأنشطة استكشاف الغاز في العراق وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. وهذا موقف ثابت فقبل عامين، في مارس 2018، أدان المجلس الأوروبي بشدة أنشطة تركيا غير القانونية في شرق البحر الأبيض المتوسط ودعا تركيا إلى ممارسة ضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة، وبالامتناع عن أي عمل غير قانوني، بدعوى أن الاتحاد الأوروبي سيتصرف بشكل مناسب ومتضامن مع قبرص.

المجلة: لماذا هذا الاتحاد المقدس بين تركيا والإخوان؟
- عندما وصل الإخوان إلى السلطة في مصر بعد أحداث يناير 2011، غادر العديد من أعضاء البرلمان والمسؤولين الحكوميين من الإخوان إلى تركيا للتدريب، كما أعطى "الربيع العربي" لأردوغان الأمل في أن تلعب تركيا دورًا مهمًا في الشرق الأوسط، ثم بدأ في جعل إسطنبول منارة التنظيم الدولي في مختلف دول العالم. ثم أسس عددًا من المؤسسات التابعة للمنظمة الدولية، بما في ذلك المركز الأوروبي للإفتاء والبحوث، والاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا. أعطت هذه الاجتماعات التي عقدت في إسطنبول المنظمة الدولية للإخوان حرية كبيرة للتعبير عن أفكارهم، بينما كانت مثل هذه الاجتماعات في أوروبا تخضع لرقابة الحكومة، وبالتالي لم يُجبروا على اللجوء إلى الحديث المزدوج الذي اعتادوا عليه في أوروبا.

ـ صدام ماكرون وأردوغان: 
*هل تتابع المواجهة بين إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان التي اشتدت في السنوات الأخيرة؟ الرئيس التركي يهين الرئيس الفرنسي ويدعو إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية
- تلك إشارة أخرى على تفاقم التوترات بين البلدين.. ويبدو أن العلاقات بين إيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان قد وصلت إلى نقطة جديدة من اللا عودة في السنوات الأخيرة، شكك الرئيس التركي في "الصحة العقلية" " لنظيره الفرنسي بسبب تصريحاته حول الرسوم المسيئة للإسلام. وأضأف أوردغان، الاثنين 26 أكتوبر، طبقة جديدة من الكراهية تدعو "الأمة" إلى "عدم الاهتمام بالعلامات التجارية الفرنسية بشكل خاص"، خلاف آخر بين الرجلين، اللذين لم ولن يتمكنا من إيجاد أرضية مشتركة. وهذا منذ عام 2017، فعندما تولى إيمانويل ماكرون مقاليد الإليزيه، كان ملف تركيا شائكًا بالفعل. طرح موضوع للنقاش أزعج أنقرة ألا وهو: الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن عام 2001، ورفض دمج تركيا في الاتحاد الأوروبي. وبعد أشهر من التوترات، أخذ الصراع منعطفًا آخر في عام 2019 عندما استنكر ماكرون حالة "الموت الدماغي" لحلف شمال الأطلسي. وفي المقابل، دعاه أردوغان إلى "فحص موته الدماغي"، ولم ينزل الرئيس الفرنسي إلى مستواه المتدني، بالإضافة إلى التوتر على صعيد الدوائر الدبلوماسية، نجد المشاحنات أيضا في المجال العسكري، حيث يواجه المعسكران بعضهما البعض بالفعل وبشكل متصاعد في سوريا، عندما غصبت باريس حينما رأت الجيش التركي يفتح النار على القوات الكردية - حلفاء الغرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية – في الشريط الحدودي البالغ طوله 120 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، ولكن أيضًا وقبل كل شيء على جانب البحر الأبيض المتوسط: في ليبيا، تحالف الرئيس أردوغان عسكريًا جنبًا إلى جنب مع حكومة الوحدة الوطنية لفايز السراج، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، في مواجهة السلطات الشرقية للجنرال خليفة حفتر، بعد اتهام فرنسا أحيانًا بدعم حفتر، تندد باريس اليوم بكل أنواع التدخلات الأجنبية، وترفض السماح لتركيا بالحصول على موطئ قدم في ليبيا، حيث ستسيطر على نقطة ثانية كمحطة للوصول بالمهاجرين إلى أوروبا.
وفي شرق البحر الأبيض المتوسط، يحترق هذا الفضاء أيضًا بين نيران القوتين، تستند تركيا في الواقع إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة مع السراج للمطالبة بامتداد الجرف القاري إلى حد كبير، حيث تجري أبحاثًا عن الغاز تثير استياء اليونان وقبرص. مع اقتراب صيف 2020، تشتعل الأجواء مرة أخرى قبالة سواحل ليبيا، وتتهم باريس أنقرة باستهداف إحدى فرقاطاتها أثناء السيطرة على سفن يشتبه في انتهاكها حظر الأسلحة المتجه إلى الساحل الليبي.
وفي الجبهة الأخيرة، القوقاز، حيث تدعم تركيا أذربيجان في صراعها مع أرمينيا حول ناغورنو كاراباخ. وندد الرئيس ماكرون في هذا الصدد بإرسال تركيا لمرتزقة سوريين إلى الجبهة.
ـ الإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية
* باعتبارك خبير في هذا الشأن، هل الإخوان المسلمون مع الحرية الدينية؟ مع حق غير المسلمين في إقامة شعائرهم وبناء دور عبادتهم؟ كيف يتعاملون مع المفهوم القرآني "لا إكراه في الدين" وأخيرًا كيف يشوهون عقائد الآخرين؟
- يمكن الاطلاع على إجابات جميع أسئلتك في تصريحات قيادات الإخوان المؤسسون، كثيرا منها متناقضا ومرتبكا وغير مقنع تمامًا. لأنها ثمرة مزيج من السياسي والديني وتشتمل على جزء من التوازن المحسوب، على الرغم من وجود الجماعة الإرهابية للإخوان المسلمين في أوروبا منذ سنوات عديدة، لم يصل أي منها إلى منصب في البرلمان أو مجلس العموم أو حتى في هيئة دولية رسمية، لأن جماعة الإخوان الإرهابية لا مصداقية لها ولا تؤمن بالديمقراطية، ولا تؤمن بالآخر، سواء أكان مسلمًا ولكن ليس من نفس تعليمهم، أو بدون عقيدة أو دين. لقد أنشأ الإخوان شركات خاصة في أوروبا لبناء المساجد وتجهيزها، ويستند نشاط الإخوان في بريطانيا العظمى إلى مجموعة من الهياكل والمنظمات الموازية التي يديرها مسئولون تنفيذيون من مجموعة الإخوان ذوي الانتماءات المختلفة ولكن لديهم من المشترك أن تأتي من دول تحت النفوذ البريطاني، لقد كشف مركزنا منذ إنشائه في باريس لمدة 5 سنوات للمواطنين الأوروبيين الوجه الحقيقي للإخوان المسلمين وأيديولوجيتهم. زعم الإخوان أن العديد من قادتهم قد اختفوا أو قُتلوا على يد السلطات المصرية خارج نطاق القانون، ثم قدم داعش مقاطع فيديو تظهر انضمام هؤلاء القادة إلى داعش وماتوا في القتال بين صفوفهم. فمنذ تأسيس جماعة الإخوان، حتى المسؤولين عن شئون المرأة في منظمتهم ظلوا رجالًا، مما يدل على ازدرائهم للمرأة، في الواقع، لم يكن مؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا راضيًا عن فكرة الخلافة، لكنه أيضًا ابتكر فكرة جديدة لفرض سيطرة الإخوان المسلمين على العالم كله. من خلال أيديولوجيتهم.

ـ الإخوان أساس المحن: 
* لكن لا علاقة لـ«داعش» بأيديولوجية الإخوان المسلمون في أوروبا
- على العكس من ذلك، فهم أساس كل المحن، الإخوان المسلمون هم أصل إنشاء القاعدة ثم داعش، لقد أصررت في مؤتمري في أوروبا وباريس وجنيف وبروكسل وحتى في البرلمان الفرنسي والأوروبي على الصلات بين الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية للقاعدة وداعش. حتى أنني حذرت أوروبا من الأهداف التوسعية لهذه المنظمة الإسلامية التي أسسها حسن البنا عام 1928 بالإسماعيلية على ضفاف قناة السويس.

المجلة: لماذا استفزيت حفيد الإخوان خلال مؤتمرك الصحفي في قصر الأمم بجنيف؟
د. عبد الرحيم علي: قلت بصوت عالٍ وواضح أن الإخوان المسلمين يمولون أكثر من 250 جمعية في منطقة باريس وحدها، بدعم من قطر وتركيا. هل تعلمون أن المدارس الإسلامية الخاصة في فرنسا تقدم دورات في الجهاد؟ كان هذا كافيا لإشعال غضبه، مؤتمري كان على مقربة من قصر الأمم. فجاء بدعوة من هاني رمضان، مدير المركز الإسلامي في جنيف، وحفيد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، متشددون إسلاميون، ليحضروا ويناقضوا ما أقوله. ثم اتهموني بانني "نائب الجيش"، واحتج الإخوان المسلمون على وقوفهم قائلين "من المخزي أن نتمكن من دعوة مثل هذا الشخص"، وربما بدت زيارتي لهم بمثابة استفزاز، في الواقع، جاء إلى هنا سعيد رمضان، صهر حسن البنا، ووالد هاني وطارق رمضان في جنيف عام 1958، قادمًا من سوريا (غادر مصر هربًا من السجن)، كانت مهمة سعيد رمضان هي توسيع دائرة الإسلام في أوروبا من خلال إنشاء شبكة من المساجد والمؤسسات الخيرية، المراكز الدينية. أثناء البحث، في نوفمبر 2001، على ضفاف بحيرة سويسرية، في فيلا مصرفي إسلامي يشتبه في علاقته بالقاعدة، اكتشفت الشرطة وثيقة بعنوان "المشروع". ومن الواضح أنه يستحضر غزو أوروبا، ثم الولايات المتحدة، من قبل جماعة الإخوان المسلمين "من أجل وضع حد لهيمنة الحضارة الغربية".

ـ أحب فرنسا وأعشق تاريخها: 
* تدخل بحوثك وخبراتك في مساعدة فرنسا في محنتها.. ممكن تعليق؟ 
- أحب فرنسا وثقافتها وتاريخها كثيرًا، وأعرف الإستراتيجية السرية للإسلاميين والإخوان المسلمين جيدًا، فهم يحاولون إقناع الغرب بشكل أفضل بموقفهم المعتدل الجديد. اختاروا فرنسا، حيث تمكن ممثلوهم من إقامة روابط في الدوائر السياسية والثقافية والجمعوية، ويمكن للإخوان نقل مقرها الرئيسي من لندن إلى باريس، أعتقد بان الأخوين هاني وطارق رمضان "شخصيتان مهمتان في التنظيم الدولي"، هاني مسئول عن سويسرا الناطقة بالفرنسية، وشرق فرنسا، ولا سيما ليون. أما طارق، فقد لعب لفترة طويلة دورًا مهمًا في تحول إسلام الأجيال الشابة في أوروبا من خلال خطاب التشجيع على الاندماج الاجتماعي.

المجلة: أنت تعمل منذ عقود كباحث وكاتب ومفكر ورئيس مؤسسة بحثية وصحفي ونائب في مجلس النواب المصري، حول مخاطر الفكر الشمولي للإخوان المسلمين والتي حسب رأيك، هم قلبهم والمصدر الرئيسي للإسلاموية؟ 
د. عبد الرحيم على: نعم، تسعى جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات القاعدة وداعش (أو الدولة الإسلامية) إلى نفس الهدف تمامًا: بناء خلافة إسلامية عالمية، عن طيب خاطر أو بالقوة وبأي ثمن. لم يخترع تنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة هذا المشروع أو حتى أطلقوه، لقد كان أساس عقيدة الإخوان المسلمين منذ عقود ماضية عام 1928، في الواقع، قام مؤسسها، حسن البنا، جد طارق وهاني رمضان، بتطوير هذا المشروع الشمولي للخليفة الجديد الذي يهدف إلى غزو العالم. الفكرة هي بناء دولة إسلامية عالمية مصيرها الحكم وبالتالي السيطرة على العالم بأسره. هذا المشروع لا يزال ساري المفعول، ولم يعلن الإخوان المسلمون عن إلغائه. لقد ألهم هذا الهدف الشمولي (أعني) جميع مفكري الإخوان، دون استثناء، منذ إنشائها، وهو دائمًا ما يلهم أعضائه، على الرغم من أنهم غالبًا ما يحاولون إخفاء ذلك من الناحية التكتيكية. تتحدث كتابات ومراجع الإخوان عن ذلك بوضوح. أريد أن أوضح أنه من وجهة نظر المسلم المعتدل أو المستنير، إن فكرة الدولة الإسلامية في حد ذاتها غير صحيحة، لأن الإسلام في البداية لم يأت لتأسيس دولة بل بالأحرى. أمة روحية وتوجيه الناس نحو الحقيقة والخير والمحبة والعدل والمساواة والإنسانية. على طرفي نقيض من ذلك، فإن مفهوم الدولة الإسلامية الشريعة للإسلاميين هو مفهوم شمولي وغريب عن مبادئ الإسلام كدين خاص، من ناحية، وهو بالطبع معارض تمامًا لمبدأ الدولة القومية التي سادت في الشرق بعد أن ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة في عام 1924. كمسلم، أنا أعارض تمامًا مثل هذه الدولة الخلافة التي من شأنها أن تدمر خصوصيات الدول القومية، وأناشد بدلًا من ذلك لصالح دولة علمانية حيث يمكن للمسلمين والمسيحيين واليهود وحتى الملحدين التعايش في وئام وفقًا لدستور يحدد حقوق وواجبات كل شخص، حتى لو كانت الأغلبية مسلمة.

ـ طرد الإخوان من فرنسا: 
*كيف يمكن لماكرون حظر الإخوان، إذا كان أعضاؤهم يمارسون الكلام المزدوج وينكرون عضويتهم للتنظيم في كثير من الأحيان؟
- بطردهم، أعتقد أنه يجب أولًا تطبيق القوانين التي تحظر الأفكار والمذاهب السياسية البغيضة والعنيفة أو تلك التي لا تحترم الدستور الجمهوري، ثم تجفيف الأموال التي تغذيها والتي تأتي من المن وتبرعات حلال وخارجية (تركيا.. قطر. الخ). إذا سيطرنا على المساجد حتى لا يتم تدريس أيديولوجية الإخوان هناك إذا قمنا بمراقبة المدارس عن كثب لمنع تدريس أفكارهم، وإذا قمنا بتدريب الأئمة بشكل أفضل في فرنسا من خلال تعليمهم تاريخ وعادات وتقاليد الدولة الفرنسية وقوانينها وقيمها، يمكننا كسب هذه المعركة لاستعادة النفوس وتحرير "الأراضي المفقودة". أود أن أضيف أنه يمكننا مساعدة سكان الضواحي من خلال مركزنا الفكري CEMO على الاندماج بشكل أفضل وحمايتهم من تأثير المتعصبين. يجب أن نقود ثورة ثقافية حقيقية لتصحيح كل ما يقال في فكر الإخوان وبالتالي حماية الضواحي من الإسلاميين. اقترحنا في سيمو مشروعًا كبيرًا لإحياء الفكر الإسلامي الإصلاحي (من محمد عبده حتى الآن) والذي كان رد فعل لاهوتي وعقائدي بناء على الإسلام السياسي للإخوان. يمكننا بالفعل إثبات أن الإسلام الحديث ممكن. واطلقنا في أبريل 2020 أول إصدار باللغة العربية وفي يونيو باللغة الفرنسية. العدد الأول من مراجعتنا بعنوان "عدم التعارض بين العلمانية والإسلام". لأن هذا هو مركز الصراع العقائدي والديني ضد الإخوان الذين يحاولون إثبات عكس ذلك ضد المسلمين وغير المسلمين.
مهمتنا هي أيضًا الحوار مع الغرب. لننقل للسلطات الغربية تجربتنا حول خطورة هذه الإخوان. إن ثمار سنوات طويلة من الدراسات وتوصياتنا ومعلوماتنا وأبحاثنا المعمقة والموثقة تهدف إلى تحذير القادة الأوروبيين من أنهم إذا استمروا في التراخي تجاه الإسلاميين المتطرفين، فإنهم سيدفعون الثمن.. يجب أن يهتموا بالاستماع إلى المسلمين المستنيرين الذين يعرفون تاريخ وتقنيات الدخول للإسلاماوية والدعاية للإخوان. يرجى الاستماع إلى تجربتنا قبل فوات الأوان، حيث انغمس العالم العربي في حمام دم نتيجة تطور الفيروس الإسلاماوي لجماعة الإخوان المسلمين. لا تصدقوا خطابهم عندما يزعمون أنهم أصبحوا "معتدلين" أو يمثلون "الإسلام الحقيقي" فالإسلاماوية ليست الإسلام.

سألت المجلة.. لماذا تكره أردوغان؟.. ورد د. عبد الرحيم على
أردوغان عدو، حجر عثرة في طريق التسوية في ليبيا، كان يدفع المنطقة إلى حالة من الصدمات، عرقلت تركيا التسوية السياسية والاستقرار في ليبيا، عبر مرتزقتها وتنظيماتها الإرهابية، لم يتردد الإخوان ممثلو حكومة التفاهم في تفضيل الوجود التركي في ليبيا. بالنسبة لتركيا والحكومة الليبية المتعاطفة تضغطان من أجل هدف الإخوان للسيطرة على معظم ليبيا. ومن الأمثلة على ذلك حزب الله اللبناني، الذي تمثله الآن ميليشيات إرهابية ومرتزقة في ليبيا، مما يؤدي إلى تهديد السلام العالمي، وهذا سيؤدي إلى انفجار في المنطقة، ومصر لم تتفق مع الوجود التركي في ليبيا، وتعتبره استعمارًا، لقد كان الحل الوحيد هو الضغط الدولي على أردوغان وميليشياته في ليبيا عبر الأمم المتحدة والدول الأوروبية، ليتمكن الليبيون من إجراء حوار ونقاش لاستعادة وطنهم وإجراء انتخابات بنزاهة ووضع دولتهم
على طريق الاستقرار، يحتاج العالم إلى معرفة ما هو التدخل التركي في الشرق الأوسط وأثره على السلام العالمي ومسألة المهاجرين والابتزاز التركي لأوروبا، يرى أردوغان نفسه سلطانًا جديدًا ولكن هل لديه القدرة على تحقيق طموحاته؟ هذه العثمانية الجديدة هي خطر الإخوان الأتراك في البحر الأبيض المتوسط.
نسخة عدد المجلة اضغط > هنا

شارك