صحيفة ألمانية تفتح نقاشا حول العنصرية ومعركة الهويات

الجمعة 23/أبريل/2021 - 12:32 م
طباعة صحيفة ألمانية تفتح هاني دانيال
 

برلين- هانى دانيال

حول كتابه الجديد تحت عنوان " معركة الهويات.. دراسة حول العنصرية"، التقت صحيفة "دى فيلت الألمانية واسعة الانتشار   مع مؤلف الكتاب المحلل السياسي المصري حامد عبد الصمد ، والذى من المنتظر طرحه فى الأسواق خلال الأسبوع الجاري.

يروي عبد الصمد تجربته حينما جاء إلى ألمانيا منذ 24عاما وسط مخاوفه من كراهية الألمان للأجانب والمهاجرين، حيث حكى حينما جاء إلى ألمانيا وخلال وجوده بالقطار  اقترب منه رجل وصرخ: "أيها الأجانب!"

ركز عبد الصمد على تجاربه الشخصية مع العنصرية ، مع التركيز على الصورة الذاتية وصورة ألمانيا التي كانت لديه في ذلك الوقت، خاصة وأن  العاملين كانا حاسمين ، ففي سنواته الأولى في ألمانيا كان غير آمن للغاية وغير راضٍ عن حياته وخائفًا جدًا من الفشل، خاصة وأن والده  قبل مغادرته ، تنبأ والده بالفشل في ألمانيا والعودة إلى مصر محطما معنويا.

روي أيضا مشاهدة والدته مؤخرا صوراً للنازيين الجدد وحرق منازل طالبي اللجوء على شاشات التلفزيون وكانت تخشى أن يقتله مثل هؤلاء، وحذرته كثيرا على وجه السرعة من الخروج من المنزل وحده في الليل، لذلك كان يضع نصبع أعينه مثل هذه الأحداث دوما

شدد على ان تجربته الأولى فى ميونخ حينما صرخ فى وجهه: "اللعنة على الأجانب! لماذا لا تذهب الى المنزل؟ ما الذي تفعله هنا؟ "من الواضح أن الرجل كان مخمورًا وكانت نبرته عدوانية للغاية، نظر الركاب الآخرون بعيدًا وكأنهم لم يسمعوا شيئًا، في تلك اللحظة بدا أن مخاوف أسرته تحققت،  وهى المرة المرة الأولى التي شعر فيها بالخوف حقًا في ألمانيا، والمرة الأولى التي بدأ فيها الاعتقاد بأنه هاجر بالفعل إلى البلد الخطأ.

 

نوه عبد الصمد فى حوار مفتوح مع الصحيفة ومع القراء، شدد على أنه فى ثقافته المصرية كانت جدته تقول عن الغرباء: "لا يوجد غرباء ، فقط أشخاص لم نتحدث معهم بعد، عندما تخاف من شخص ما ، اسأله عن اسمه،  إنها بداية جيدة لمحادثة، لذلك بدأ عبد الصمد النظر إلى الرجل الذي كان لا يزال يقف أمامه مهددًا ولاحظ أنه كان يرتدي وشاحًا من نادي كرة القدم في ميونيخ عام 1860، وقال" جئت لأاننى من محبي ميونخ"، فبادره الرجل بسؤال: من أين أنت؟، أجبه عبد الصمد "من مصر." "كيف الآن؟ هل يعرفون الستينات في مصر؟ ، حتى ابتسم الرجل بابتسامة عريضة وسقط في المقعد المجاور لي، وبدأ عبد الصمد فى الحديث"بالمناسبة اسمي حامد، هذا يعني "الامتنان" باللغة العربية "، ، فرد الألمانى "الشخص الممتن؟ جيد ، جيد، اسمي جوناس، لكنني لا أعتقد أن هذا يعني أي شيء. "

أجاب عبد الصمد "لكن! كل اسم له معنى. يوناس يعني" حمامة "، أعرف قصة النبي جوناس "يونان" من الكتاب المقدس والقرآن."

استطرد بقوله : حكيت له قصة يونان الذي أراد أن يتجنب أمر الله ووجد نفسه أخيرًا في بطن حوت،  بعد ثلاثة أيام وليالي من الصلاة ، بصق الحوت يونان مرة أخرى، هذه المرة كان يقوم بتكليف الله، ولكن بعد ذلك لم يعد جوناس يستمع إلي بعد الآن. كان يكفي أن يكون لاسمه معنى. عندما خرجت ، ربّت على كتفي ولوح وداعًا.

أضاف عبد الصمد بقوله "بعد هذه الحادثة ، كان بإمكاني العودة إلى المنزل والشكوى لساعات من الألمان الذين كانوا إما عنصريين أو يعانون من نقص الشجاعة الأخلاقية بدلاً من ذلك ، فكرت لفترة طويلة - ليس فقط في سلوك هذا الرجل ، ولكن أيضًا في نفسي ومخاوفي وصورتي الذاتية، ما هذا الرجل عنصري؟ على الاغلب لا، لا يمكن للأجنبي أن يغير بسهولة العنصري المتشدد بمحادثة لطيفة. ماذا عرفت عن الحقائب التي كان عليه أن يحملها معه وأي شكوك كانت تحدد حياته. كان الأمر متروكًا لي لمعرفة الدوافع التي استسلمتها ، وكيف صنفت الموقف، لذلك  تصارعت مخاوف والديّ مع الثقة الخيرية بالنفس لجدتي. وفي النهاية انتصرت البشرية. استطعت أن أرى في هذا الرجل شخصًا لديه نقاط ضعف ومخاوف. فرد ، وليس ممثل مجموعة مثل "الألمان" ، وجميعهم لديهم مشكلة مع الأجانب. قوبل اختزالي الخاص بأصلي بالإسناد الخارجي "للأجانب القرفين" ، وهو تحالف غير مقدس.

أضاف بقوله : غالبًا ما تعيش العنصرية من الافتقار إلى التواصل ومن المواجهات غير المتكافئة ، حيث يشعر أحد الطرفين بالفعل بأنه متفوق منذ البداية والآخر أدنى منه، أو بإسناد هذا الدور إلى الجانب الآخر، غالبًا ما نرى فقط في إخواننا من البشر ما نريد رؤيته أو ما نخشاه، كل ما نخشاه له علاقة بمخاوفنا البدائية، فلم يكن جوناس شخصًا مختلفًا إلا بعد أن وجدت شيئًا يربطه بي،  لقد كان لا يزال هو نفس الشخص ، لكن كان بإمكاني أن أرى فيه هوية مختلفة ، أكبر من هوية المعتدي. وكان بإمكاني أن أرى في نفسي هوية مختلفة أكبر من هوية الشخص المصاب. هكذا تبدأ المصالحة مع النفس ومع الآخرين.

وردا على سؤال هل مررت بتجارب سيئة في السابق وتحولها الآن إلى كل من يُدعى حامد أو محمد أو عبد؟ وماذا عن صاحب العمل الذي يتعامل مع المتقدمين المسلمين بالتحفظات؟

أضاف بقوله : أنا نفسي أواجه باستمرار أسئلة مثل: "متى ستعود بالفعل إلى مصر؟" في الماضي ، كنت سأفهم ذلك كدليل واضح على أنهم لا يريدونني هنا. بعد نشر كتابي "من اجل حب ألمانيا" تلقيت الكثير من الرسائل ذات المضمون: "ليس لديك فكرة عن ألمانيا ، من الأفضل أن تتمسك بموضوع الإسلام" أو "أنت تحمل جواز سفر ألماني"، لكن م لم أعد أعتبر مثل هذه التصريحات تحت عنوان العنصرية. يمكنني الدفاع عن نفسي من حيث المحتوى ، وأنا أعلم أنني لست بحاجة إلى موافقة الثمانين مليون ألماني لأرى وأشعر بأني ألماني، كانت الخطوة الأولى والأكثر أهمية على هذا الطريق نحو التمكين الذاتي هي أن أكون قادرًا على فهم نفسي كفرد له جوانب لا حصر لها بدلاً من اختزال نفسي في وجه واحد.

شارك