الاخوان ومحاولات إعادة انتاج العشرية السوداء في الجزائر

الإثنين 14/يونيو/2021 - 03:06 م
طباعة الاخوان ومحاولات حسام الحداد
 
أطلق تنظيم الإخوان في الجزائر، الأحد 13 يونيو 2021، مناورة مشبوهة لـ"الانقلاب" على نتائج الانتخابات التشريعية، بحسب مراقبين وأحزاب جزائرية.
وكان "التكتيك" الإخواني المباغت أطلت به، ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" فرع التنظيم العالمي للإخوان بالجزائر بمزاعم تصدر نتائج الانتخابات النيابية والحصول على أغلبية مقاعد البرلمان الجزائري.
وأصدر الإخواني عبدالرزاق مقري بياناً زعم فيه "تصدر" فصيله الإخواني نتائج الانتخابات التشريعية في جميع الولايات والجالية الجزائربة بالخارج والتي جرت السبت.
هذه اللعبة السياسية ليست جديدة على الجماعة الإرهابية وقد مارستها في معظم الدول العربية وفي معظم الانتخابات التي شاركت فيها وهي لعبة مفضوحة لإثارة الرأي العام والتشكيك في النتائج التي ستعلن عنها سلطة الانتخابات، دس الإخواني مقري "سم الفتنة" من خلال مزاعم أخرى لوّنها بـ"تنبيه لسلطات البلاد عن وجود محاولات واسعة لتغيير النتائج وفق السلوكيات السابقة"، مطالبا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بما أسماه "حماية الإرادة الشعبية المعبر عنها فعلياً وفق ما وعد به".
وحمل بيان رأس جماعة الإخوان "تهديدا مباشرا" للسلطات الجزائرية عندما حذر في بيانه من "العواقب السيئة على مستقبل البلاد ومستقبل العملية السياسية والانتخابية".
وفضحت السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر مناورات ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" للـ"الانقلاب" على نتائج الانتخابات التشريعية بالجزائر بمزاعم مكشوفة أكدت بأنها "ممارسات ألفتها بعض الجهات لا أساس لها من الصحة".
وبحسب بيان عن هيئة الانتخابات الجزائرية، فقد اعتبرت أن التصريحات والبيانات التي تصدر عن بعض الجهات "التي ألفت إلى مثل هذه الممارسات التي لا أساس لها من صدق ومصداقية"، دون أن تذكر الحركة الإخوانية بالاسم.
فيما أشار مراقبون إلى أن تيار الإخواني مقري هو المقصود ببيان التكذيب الرسمي الصادر عن هيئة الانتخابات، كونه التيار الوحيد الذي أصدر بياناً، الأحد، شكك فيه بنزاهة الانتخابات التي جرت السبت.
وشدد البيان على أن تلك التصريحات والبيانات "تمس بالتزام السلطة المستقلة ونزاهتها التي يشهد لها بالداخل والخارج، بالتصريح على أنها غير قادرة على صيانة وحماية أصوات الناخبين، وتدعو السيد رئيس الجمهورية لتحمل مسؤوليته بتعبير يحمل التهديد والوعيد".
وأكدت سلطة الانتخابات على أن "هذا يمس بأخلاق الدولة وصون بناء الجمهورية الجديدة ودعوة مبطنة إلى زرع الفوضى والتشكيك".
مضيفة أنه "في هذا الإطار وأمام كل القوائم نجدد على عمل مسؤوليتنا بأننا أهل أمانة وقادرون عليها أمام الله والشهداء والوطن والتاريخ، وبكل شفافية تعرضها أمام الشعب ليتبين الصادق عن المفتري".
وسارعت كثير من الأحزاب السياسية الجزائرية إلى تكذيب مزاعم الإخواني عبدالرزاق مقري، وفضحته بـ"عدم تقديمه أي أدلة ملموسة عن مزاعم تصدر نتائج الانتخابات".
وعبر مختلف وسائل الإعلام المحلية خرج قياديون في كثير من الأحزاب السياسية لتفنيد "الرواية الإخوانية"، مؤكدين "عدم تمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية".
وجاء النفي حتى من "أشقاء" الحركة الإخوانية نفسها، إذ نفى القيادي الإخواني لخضر بن خلاف رئيس ما يسمى "جبهة العدالة والتنمية"، تلك المزاعم.
وأكد "عدم حصول الأحزاب على جميع محاضر الفرز النهائية"، وأنها "حصلت فقط على المحاضر الولائية ولا تزال تنتظر المحاضر المحلية في البلديات".
وفي سياق تفنيده لأكاذيب "حركة السلم" قال "بن خلاف" إن نسبة المشاركة المعلن عنها "لا يمكن من خلالها حصول أي حزب أو تيار على الأغلبية"، وهو ما أكده أيضا خبراء قانون.
الإخواني بن خلاف اعترف بـ"النكسة" التي ضربت جماعة الإخوان في الجزائر، وأقر بـ"تبعثر أصوات الناخبين بين الكثير من القوائم والمرشحين" التي فاق عددها 1480 قائمة.
أما معظم الأحزاب الجزائرية فشددت على عدم امتلاك أي حزب المعطيات النهائية لنتائج الانتخابات، وأن حسم النتائج بيد "هيئة الانتخابات" بعد تطبيق بند الـ5% على القوائم المتقدمة والتي لم تتمكن من الحصول عليها.
ونفى عيسى بلهادي، رئيس حزب "جبهة الحكم الراشد" المعارض، حصول أي حزب على الأغلبية في الانتخابات النيابية.
وأكد بلمهدي، خلال تصريحات تلفزيونية على "الدور الذي قامت به سلطة الانتخابات لحماية الاستحقاق الانتخابي من التجاوزات"، معتبرا أنها "بعيدة كل البعد عن أن أي شبهة فساد" في رد على مزاعم مقري عن "وجود محاولات لتغيير النتائج". 
ونفى أيضا قياديون من حزبي "جبهة التحرير" و"التجمع الديمقراطي" لوسائل الإعلام المحلية حصول الحركة الإخوانية على أغلبية مقاعد البرلمان الجزائري، مشيرين إلى عدم حصول جميع الأحزاب على محاضر الفرز النهائية.
كما كشفت "جبهة التحرير" عن تصدرها نتائج الانتخابات في بعض المحافظات بينها بجاية بـ8 مقاعد.
ووصل الغضب من إعلان الإخوان الشارع الجزائري، إذ جاءت ردود الفعل سريعة، وفضحت في معظمها نوايا الفصيل الإخواني.
وأكدت تلك الردود أن الحركة الإخوانية "تحاول المناورة باستباق إعلان النتائج الرسمية لإدخال البلاد في حالة من الشك"، وشددت على أن التيار الإخواني "يحاول الاصطياد في المياه العكرة من خلال استثمار الـ70% التي لم تصوت والانتقام من الإرادة الشعبية بإدخال البلاد في نفق سياسي جديد".
وأجمعت كثير من التعليقات المتواترة عبر مواقع التواصل على "محاولة الحركة الإخوانية الانقلاب على نتائج الانتخابات"، وأكدت أخرى "وجود نية مبيتة من جماعة مقري منذ الحملة الانتخابية للانقضاض على نتائج الاستحقاق الانتخابي". مما يدخل البلاد مرة أخرى إلى حالة العشرية السوداء والتي تسعى الجماعة إليها لمحاولة اقتناص السلطة.
كما شبه الناشط "محمد تريكي" إعلان الحركة الإخوانية بما قامت "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية سنوات التسعينيات بقول: "حمس أو الفيس وجهان لعملة واحدة، ربي يحمي الجزائر من كل مكروه".
أما "نواري بوقبال" قال في تعليق عبر "فايسبوك": "تستبقون الأحداث لتبرير الخيبة، عليك أن تعترف أمكن ثلة قليلة ولا تمثلون إلا نسبة ضيئلة من الشعب".
جزائريون آخرون ردوا على مزاعم الحركة الإخوانية بـ"أدلة ملموسة" على "بهتان رواية الإخواني مقري"، ونشروا محاضر فرز من مختلف مكاتب التصويت في البلاد أظهرت نتائج متفاوتة للأحزاب والمستقلين وتوزعها بـشكل شبه متساو" بين جميع الصناديق.
وقال أحد النشطاء في تعليق له: "من شيم الأحزاب الدينية الكذب والتلفيق والبهتان، والشعب فاق بكم من زمان ولا ينتخبكم أبدا، أخطأنا في التسعينيات ولن نعيدها".
بينما أكد "إسلام نينو" في تعليق آخر أن بيان الحركة الإخوانية ليس إلا ممارسة الضغط على السلطة من أجل الفوز بمقاعد أكثر، من أعطاه الصندوق فله ذلك".
وحذر رواد مواقع التواصل من محاولة الحركة الإخوانية تكرار سيناريو التسعينيات عندما انقلبت "جبهة الإنقاذ الإرهابية" على سلطات البلاد بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ديسمبر 1991.
وخلال تلك الفترة، سارع الإخوان إلى "احتلال الساحات العمومية" وإعلان "عصيان مدني" تمهيدا لـ"الانقلاب على الحكم".
 وتلك التطورات أجبرت الجيش الجزائري حينذاك على التدخل، لوقف المسار الانتخابي وحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ، واعتقال قادة الجبهة الإخوانية.
وأشار ناشطون عبر منصات التواصل إلى "مخطط جماعة مقري المشبوه" الذي باشرته منذ صباح الأحد "عبر مواقع التواصل".
وكثفت الحركة الإخوانية بشكل غير مسبوق عبر ذبابها الإلكتروني وعناصرها من "مزاعم تصدر تيارها لنتائج الانتخابات في عدد من المناطق"، في محاولة لـ"تهيئة الرأي العام لتقبل وصول الإخوان إلى الحكم" بحسب ما ورد في التعليقات.
وأكد مراقبون على وجود "مؤشرات غير مطمئنة من الإخواني عبدالرزاق مقري وعناصر فصيله منذ بدء الحملة الانتخابية"، من خلال "التمايل بين توسل الناخبين بوعود لا علاقة لها بانتخابات البرلمان، والتملق لرئيس البلاد".
واعتبروا أن حركة مقري "استشعرت أمرين خطرين على بقائها في الساحة السياسية"، وهما "حالة العزوف الشعبي مقابل تصاعد الرفض الشعبي لحركة مقري، وأيضا وجود تيارات إخوانية أخرى باتت قادرة على إزاحة حركة مجتمع السلم، ما يدفع بالإخوان للدخول كأقلية في البرلمان المقبل".

شارك