طالبان وإشكاليات مواجهة داعش

الأحد 17/أكتوبر/2021 - 04:38 م
طباعة طالبان وإشكاليات حسام الحداد
 
أعلن وزير الخارجية في حكومة طالبان في افغانستان أمير خان متقي عن موقف حكومته من جماعة داعش الارهابية.
وقال متقي في مقابلة مع وكالة "الأناضول" على هامش زيارة رسمية بدأها الخميس إلى العاصمة التركية أنقرة، على رأس وفد من "طالبان"، بدعوة من وزارة الخارجية التركية، لإجراء محادثات مع مسؤولين أتراك، قال إن "حكومة بلاده تريد من إدارة واشنطن أن تلعب دورا نشطا في تنمية أفغانستان".
وتابع: "بالطبع لا نريد أن يكون لديهم قوات عسكرية في بلادنا ولا نريد جعل استقلال أفغانستان موضع تساؤل والاتفاقية التي تم التوصل إليها في الدوحة، تخول الولايات المتحدة المساهمة في تنمية أفغانستان".
وفيما يتعلق بتهديدات جماعة "داعش" على "طالبان" والتي ارتفعت وتيرتها مؤخرا، يرى متقي أن "حكومة "طالبان" تمكنت من السيطرة على الأمن في البلاد".
وقال في هذا السياق: "ضمان سلامة المساجد والشوارع المستهدفة من تنظيم "داعش" ليس بالمهمة السهلة، وهذا الوضع يزيد من حجم الضغط الدولي على الحكومة، إضافة إلى أن عدم الاعتراف الدولي يصب في مصلحة البروباجندا التي يقوم بها التنظيم".
وأشار إلى أن حكومة بلاده "ملتزمة باتخاذ نفس الإجراءات الأمنية المتخذة في مساجد السنة والشيعة على حد سواء، وذلك للحد من الهجمات التي تستهدف الشيعة في أفغانستان".
وأضاف: "الحكومة مسؤولة عن ضمان سلامة كل شخص يعيش في أفغانستان، نحن نبذل قصارى جهدنا لضمان سلامة الجميع"، مشددا على أن الحكومة "تبذل جهودا خاصة واستثنائية لضمان سلامة المساجد".
ولفت متقي إلى أن أفغانستان "لا تواجه مشكلة أمنية مزمنة كما كان عليه الوضع في الماضي وأن الحكومة أعلنت عفوا عن المنشقين مثل الجنود ورجال الشرطة الذين يواصلون اليوم حياتهم بشكل طبيعي في أفغانستان".
ولا شك أن التركيز على استهداف مساجد للأقلية الشيعية، قد يكون بادرة لإشعال شرارة حرب طائفية قد تنزلق معها أفغانستان نحو مزيد من الفوضى، وبالتالي ينجح “داعش” في إظهار عجز حكومة “طالبان” عن توفير الأمن للأقليات ولكافة أطياف الشعب الأفغاني.
هذا بجانب أن استهداف تنظيم “داعش-خراسان” ولاية قندوز شمال البلاد، وولاية قندهار في الجنوب يشي بأن التنظيم يرغب في إيجاد موطئ قدم له في منطقتين ذات أهمية استراتيجية كبيرة عسكرياً واقتصادياً. فمن ناحية تتمتع ولاية قندوز بموقع جغرافي جعلها ممرا تجاريا مهما في منطقة وسط آسيا، كما تُشكل منفذاً إلى المقاطعات الأفغانية الشمالية الغنية بالمعادن، وهو ما قد يستفيد منه التنظيم لتعزيز وجوده في أفغانستان. ومن ناحية أخرى تمتلك ولاية قندهار الجنوبية أهمية استراتيجية كمركز تجاري؛ حيثُ تُسيطر على الطريق التجاري الرئيسي الذي يربط شبة القارة الهندية بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى. كما أن الولاية لها أهمية رمزية كبيرة لدى طالبان؛ إذ تُعد مسقط رأس الحركة، وبالتالي قيام فرع تنظيم “داعش” في أفغانستان بشن هجماته في هذه الولاية يرسل برسالة إلى “طالبان” بأنه قادر على ضربها في عقر دارها.
وفي النهاية يمكن ارجاع عدم قدرة حركة طالبان على مواجهة “داعش” في الوقت الراهن إلى مجموعة من الأسباب أهمها، أن الحركة لا تمتلك منظومة أمنية قوية ومتناغمة من جيش وشرطة واستخبارات وغيرها، يمكنها تتبع تحركات التنظيم، والحيلولة دون تنفيذ هجماته قبل وقوعها.   كما أن طالبان ليست مُتفرغه حالياً لمواجهة التحديات الأمنية فقط؛ فثمة تحديات أخرى تُؤرق الحركة وتضع حكومتها أمام اختبار حقيقي حول قدرتها على إدارة الدولة الأفغانية، أبرزها: مواجهة الانهيار الاقتصادي، ومحاولة كسب ثقة الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي والحيلولة دون سقوط البلاد في براثن حرب أهلية. وأخيرا أن الحركة لا تمتلك حتى الآن استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن افتقارها للموارد المادية اللازمة لإنشاء منظومة أمنية متكاملة. وقد أشرنا من قبل في مقالة بعنوان “عقبات قائمة .. ماهي التحديات التي تواجه حكومة طالبان الجديدة؟” إلى أن ما تمتلكه طالبان من موارد مادية يكفي فقط لبقائها كحركة مسلحة على الساحة الأفغانية، لكنها لا تكفي بالتأكيد لتمويل إنشاء جيش وأجهزة امنية نظامية قادرة على إرساء الأمن والاستقرار في البلاد.

شارك