هجمات حركة الشباب في الصومال: محاولة لتطويق العاصمة واستعادة الأراضي

الإثنين 07/أبريل/2025 - 02:30 م
طباعة هجمات حركة الشباب علي رجب
 
تشهد محافظة هيران وسط الصومال تصعيدا عسكريا غير مسبوق مع تعزيز حركة الشباب وجودها في منطقة بيرو يابال، ووصول تعزيزات عسكرية إلى مواقع استراتيجية. كشفت مصادر محلية ليل الإثنين 7 أبريل 2025 عن تقدم مقاتلي الحركة نحو مستوطنة أبوري، في تطور يهدد بزعزعة الاستقرار بالمنطقة ويستدعي تحركا دوليا عاجلا.
وبدأت حركة الشباب منذ أوائل أبريل 2025 بنقل تعزيزات عسكرية مكثفة إلى منطقة بيرو يابال الواقعة على ضفاف نهر شبيلي، حيث أقامت نقاط تفتيش متقدمة وحفرت خنادق دفاعية. وتشير تقارير ميدانية إلى وصول شاحنات محملة بالأسلحة الثقيلة والذخائر إلى المنطقة، بالتزامن مع انتشار كثيف للمقاتلين المدربين، وفقا لـ المنشر الاخباري.
السيطرة على أبوري وتداعياتها
في تطور مفاجئ، تمكنت وحدات كوماندوز تابعة للحركة من اختراق الدفاعات الحكومية حول أبوري مساء 6 أبريل، حيث سيطرت على مركز الشرطة المحلية ومستودع ذخيرة رئيسي. وأفاد شهود عيان بسماع اشتباكات عنيفة استمرت حتى ساعات الفجر، مع انسحاب القوات الحكومية نحو بلدة بولوبردي المجاورة.
تكتسب منطقة هيران أهمية استراتيجية كونها تشكل بوابة الربط بين شمال الصومال وجنوبه، إضافة إلى سيطرتها على 40% من الأراضي الزراعية الخصبة بالبلاد. كما تعتبر بيرو يابال نقطة عبور حيوية لطرق تهريب الأسلحة القادمة من السواحل الشمالية.
وتشير التقارير إلى أن عناصر من حركة الشباب شنت فجر 25 فبراير 2025 هجوما على قواعد عسكرية للقوات المتحالفة في منطقة تابعة لمدينة بولوبردي في إقليم هيران بوسط الصومال. واندلعت معارك عنيفة بين القوات الصومالية والمليشيات القبلية من جهة، ومسلحي الحركة من جهة أخرى، ما أسفر عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف الطرفين.
وتأتي هذه الهجمات في إطار تصعيد واضح لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة ضد القوات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
المعارك في أبوري وبريابال
وأعلن الجيش الوطني الصومالي بالتعاون مع مقاتلي منطقة هيران نجاحهم في صد هجوم حركة الشباب على مناطق بريابال وأبوري التابعة لمديرية بولوبوردي بمحافظة هيران.
 وعرض الجيش بعض جثث المقاتلين مع أسلحتهم، بالإضافة إلى آليات عسكرية تم الاستيلاء عليها من عناصر الحركة، مؤكدا استمرار مطاردة فلول المسلحين في منطقة الغابات الواقعة على ضفاف نهر شبيلي.
وأفادت مصادر محلية أن حركة الشباب تكبدت خسائر كبيرة في المعارك التي اندلعت في منطقة أبوري، حيث قتل نحو 8 من عناصرها إثر مهاجمتهم المنطقة وعبورهم نهر شبيلي الذي يقسم شرق المحافظة من غربها3. وجاءت هذه المواجهات في إطار الجهود العسكرية المكثفة التي تبذلها القوات الحكومية والسكان المحليون لمكافحة نفوذ الحركة في المنطقة.
ونقلت الحكومة الصومالية قوات إضافية من الشرطة الصومالية الخاصة إلى الخطوط الأمامية في إقليم شبيلي الوسطى، الذي شهد أخيرا زيادة في نشاطات عناصر حركة الشباب في مناطق مختلفة5. كما تجري في إقليم هيران استعدادات لعملية عسكرية كبيرة ضد مسلحي الحركة المتمركزين في الجزء الغربي من الإقليم، يشرف عليها مسؤولون محليون.
وفي إطار تكثيف الجهود، استعادت قوات الحكومة الصومالية والميليشيات المحلية المتحالفة معها السيطرة على بلدتي "عيل برف" و"ميرتقوى" الاستراتيجيتين في إقليم شبيلي الوسطى، بعد استيلاء حركة الشباب عليهما لفترة وجيزة.
 كما تمكنت المليشيات المحلية المعروفة بـ"معوسلي" من السيطرة على ستة مواقع استراتيجية من الحركة في منطقة "هلغن" في إقليم هيران، مستهدفة مخابئ رئيسية أنشأتها الحركة.
إطار زمني للقضاء على حركة الشباب

أوضح سفير الصومال لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي أن بلاده "وضعت إطارا زمنيا للقضاء على حركة الشباب الإرهابية واستكملت الأعمال العسكرية التي انطلقت عام 2022 التي تمت خلالها استعادة العشرات من القرى والمدن بولاية هيرشبيلي".
 وأضاف أن القوات الحكومية "تحركت الأيام الماضية عسكريا ضد تلك الحركة الإرهابية بمناطق بينها شبيلي الوسطى بهدف طردهم من البلاد".
التداعيات والتحديات المستقبلية

تشكل الهجمات الأخيرة لحركة الشباب جزءا من تصعيد أوسع نطاقا في الصومال، حيث تحاول الحركة استغلال الثغرات الأمنية الناجمة عن الانتقال من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي إلى قوات الاتحاد الإفريقي في الصومال. ويشير المحللون إلى أن توقيت الهجمات قد يكون مرتبطا بشهر رمضان والعوامل الموسمية التي تؤثر على العمليات المسلحة.
وتسعى حركة الشباب من خلال هجماتها المتصاعدة إلى تطويق العاصمة مقديشو، واستعادة الأراضي التي فقدتها في الهجوم الذي شنته الحكومة الصومالية والاتحاد الإفريقي عام 2022، وخاصة المدن الاستراتيجية وطرق الإمداد1. وتواجه الحكومة الصومالية تحديا كبيرا في الاستمرار بدحر الحركة وتأمين المناطق المحررة، في ظل محدودية الموارد والتحديات اللوجستية.
تواصل الحكومة الصومالية جهودها لصد هجمات حركة الشباب في المناطق الوسطى من البلاد، مدعومة بالتعاون العسكري الإقليمي والدولي. ورغم النجاحات المتحققة في صد العديد من الهجمات واستعادة بعض المناطق، إلا أن الوضع الأمني لا يزال هشا ويتطلب المزيد من الجهود المتواصلة على المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية للقضاء على جذور الإرهاب في المنطقة. ومع استمرار "عملية رمضان"، تبرز الحاجة إلى استراتيجية شاملة تتجاوز الحلول العسكرية لتحقيق استقرار مستدام في الصومال.

شارك