تحذيرات أمنية.. طالبان باكستان تحصل على صواريخ أمريكية وتفاقم التهديدات الإرهابية
الأربعاء 09/أبريل/2025 - 09:09 ص
طباعة

في تطور جديد يهدد استقرار باكستان ويعزز من قدرات الجماعات المسلحة، كشفت تقارير إعلامية وأمنية عن حصول حركة طالبان باكستان المحظورة على صواريخ أمريكية متطورة مضادة للدروع من طراز FGM-148 "جافلين"، وهي من بين أخطر الأسلحة الفردية التي طورتها الولايات المتحدة. الأمر الذي أثار موجة من القلق داخل الأوساط الأمنية الباكستانية والدولية على حد سواء، في ظل التصاعد المستمر للأنشطة الإرهابية في البلاد، وخصوصًا على طول الشريط الحدودي مع أفغانستان.
وأظهر مقطع فيديو نشرته جماعة مرتبطة بطالبان باكستان مسلحين يتلقون تدريبات على استخدام هذا السلاح، حيث يتجه تلقائيًا نحو هدفه باستخدام نظام توجيه بالأشعة تحت الحمراء، دون الحاجة إلى متابعة من المُطلق. هذه التقنية تعني أن المقاتل يمكنه إطلاق الصاروخ ثم الانسحاب بسرعة إلى موقع آمن، ما يزيد من فعالية الهجمات ويقلل من فرص التصدي لها.
ورغم أن مصادر أمنية باكستانية أشارت إلى عدم وجود دليل مؤكد على انتشار فعلي لهذه الصواريخ داخل الأراضي الباكستانية، فإن القلق يتمحور حول "الإمكانية" المخيفة لاستخدامها في عمليات إرهابية داخل البلاد، سواء ضد مواقع عسكرية أو منشآت حيوية أو حتى نقاط الحدود المحصنة.
وقال مسؤول أمني باكستاني لصحيفة "ذا نيوز":"حتى الآن، لا يوجد دليل مادي على وجود هذه الصواريخ داخل باكستان، لكن القلق الحقيقي هو أن الإرهابيين أصبحوا يمتلكون هذه القدرة، التي يمكنهم نشرها في أي وقت وفي أي مكان داخل البلاد".
سلاح أمريكي بيد الإرهابيين
تشير تقارر باكستانية إلى أن هذه الأسلحة تعود إلى مخلفات انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في أغسطس 2021، حيث تركت واشنطن معدات عسكرية تقدر قيمتها بحوالي 7 مليارات دولار، بحسب تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية عام 2022. ورغم محاولات الجيش الأمريكي تدمير أو تعطيل جزء كبير من هذه المعدات قبل الانسحاب، فإن كميات ضخمة منها وقعت في قبضة طالبان الأفغانية.
وقد أفادت التقارير أن طالبان الأفغانية رفضت إعادة أي من المعدات العسكرية التي استولت عليها، بل طلبت من الولايات المتحدة تزويدها بأسلحة أكثر تطوراً لمحاربة تنظيم "داعش"، بحسب ما أوردته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية نقلاً عن مصادر في الكونغرس. وتقول وزارة الدفاع الأمريكية في تقريرها:
و"تم اتخاذ خطوات لتقليل خطر استخدام هذه المعدات من قبل أطراف معادية، لكن بعض الآليات والأسلحة لم يكن بالإمكان تدميرها أثناء عملية الانسحاب بسبب ضيق الوقت"، وفي الوقت الذي تُركت فيه هذه الترسانة، ظهرت تقارير ميدانية، كان أبرزها تقرير منظمة "مسح الأسلحة الصغيرة" في جنيف، تؤكد استمرار تداول الأسلحة المتطورة في الأسواق غير الرسمية في أفغانستان، وخصوصًا في المقاطعات الشرقية.
الحدود الهشة ومخاوف المستقبل
تُعد الحدود الممتدة بين باكستان وأفغانستان، التي تزيد عن 2600 كيلومتر، واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا أمنيًا في العالم، وتشكّل تحديًا متجددًا للسلطات الباكستانية، خاصة بعد أن تحولت هذه الحدود إلى مسرح مفتوح لتحركات الجماعات المسلحة وتجارة الأسلحة غير المشروعة، ومنها الأسلحة التي خلفها الجيش الأمريكي في أفغانستان.
ويزداد هذا التحدي مع صعوبة السيطرة على الطبيعة الجغرافية الوعرة للمنطقة، وتداخل القبائل والعلاقات المجتمعية عبر الحدود، ما يوفّر بيئة خصبة لتسلل المسلحين وتهريب المعدات العسكرية، ومنها أسلحة حديثة مثل صواريخ "جافلين". في ظل هذا الوضع، تجد السلطات الباكستانية نفسها في مواجهة تحديات كبيرة لتأمين الحدود بشكل فعال.
وتؤكد تقارير أمنية باكستانية أن غالبية الهجمات التي تنفذها حركة طالبان باكستان تنطلق من ملاذات آمنة داخل أفغانستان، وبالتحديد من مقاطعات مثل كونار وننغرهار، حيث تنشط جماعات مسلحة مرتبطة بأجندات إقليمية تتعدى حدود البلدين.
وقال مسؤول أمني باكستاني لم يكشف عن اسمه: "الحدود بين البلدين لم تعد مجرد خط يفصل بين أراضٍ، بل أصبحت نقطة ضعف استراتيجية تستغلها الجماعات المسلحة لاختراق عمق الأراضي الباكستانية، ونقل الأسلحة والأفراد بسهولة مخيفة".
ومع امتلاك هذه الجماعات أسلحة متطورة، مثل صواريخ "جافلين"، تصبح أي محاولة لبسط السيطرة الحدودية أكثر صعوبة، خاصة وأن هذه الصواريخ قادرة على تدمير النقاط الحدودية والتحصينات البسيطة، مما يضع الجيش الباكستاني أمام تهديد نوعي مباشر. في هذا الصدد، يرى الخبراء العسكريون ضرورة **تحديث البنية الدفاعية** على الحدود بحيث تصبح قادرة على مقاومة التهديدات غير التقليدية.
وبدأت باكستان منذ عام 2017 بناء سياج حدودي مزود بكاميرات حرارية وأنظمة مراقبة على طول الحدود مع أفغانستان، ضمن مشروع يهدف إلى تقليل التسلل ومنع التهريب. ومع ذلك، فإن قدرة الجماعات المسلحة على استهداف هذا السياج بأسلحة حديثة تضعف فعاليته وتزيد من احتمالية اختراقه.
و تبدو باكستان بحاجة إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها الأمنية، بما في ذلك تعزيز التعاون الاستخباراتي مع الدول الحليفة لتتبع مصادر الأسلحة المهربة ورصد تحركات الجماعات المسلحة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، علاوة على ذلك، هناك حاجة لتفعيل برامج أمنية تنموية تشارك فيها المجتمعات المحلية للحد من التواطؤ مع المهربين أو الجماعات المسلحة.
وتختتم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، "ممتاز زهرة بلوش"، تصريحها بالقول: "نحن لا نطلب فقط دعماً أمنياً، بل نطالب بمساءلة سياسية واضحة لكل من ترك هذه الأسلحة دون رقابة، وجعل باكستان تدفع ثمن أخطاء لم ترتكبها، من غير المقبول أن تبقى المنطقة رهينة لفوضى خلفها انسحاب غير مسؤول".